البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

May / 4 / 2017  |  1369سماسرة الأفكار وصناعة الترامبية

د. قيس ناصر راهي المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية
سماسرة الأفكار وصناعة الترامبية

لا أحد يعلم الكثير عن سياسته الخارجية, لذا فإن الجميع سيبدأ الدراسة

هذا ما قاله كيسنجر في اول لقاء صحفي له بعد فوز ترامب

تُجرى عملية صناعة لحركة لا تمتلك منظرين فكريين بقدر ما تعتمد على انفعال الجمهور, فضلاً عن وجود بعض الشخصيات المؤيدة والداعمة لها, ومن هؤلاء بعض المستشارين مثل مايكل انطون الذي يمكن أن يطلق عليه سمسار أفكار, وستيف بانون(الذي أُقيل من عمله في مجلس الامن القومي يوم 4-4-2017 ), فضلاً عن آخرين. وعلى وفق ما ذكر, يحاول هذا المقال الاجابة عن مجموعة من الأسئلة منها: ماهي الترامبية؟ وهل هي حركة جماهيرية فحسب, أم هناك أفكار تسعى لتحقيقها؟ وإن كانت حركة فكرية فماهي مرتكزاتها ؟ وما هي أبرز مواقفها, ولاسيما موقفها من الاسلام؟ فضلاً عن أسئلة أخرى .

تعد الأفكار أدوات سياسية قوية, فالجماهير يمكن تحريكها وتضليلها أو حشدها بواسطة الافكار, ويمكن للقادة استعمال الافكار لتحقيق ما ذُكر. ويقصد بسماسرة الأفكار هنا المستشار الذي يعمل مع السلطة بشكل رسمي, أو بشكل غير رسمي من خلال مراكز البحث. أما عن الترامبية فقد ورد تعريفها في القاموس الأوربي بأنها : حركة اجتماعية - سياسية تقوم على عناصر : (أ)العنصرية (ب) التعصب الديني (ج) المواقف المهينة تجاه المرأة (د) محاولات تخويف الصحافة (ه) عدم اليقين الاقتصادي (و) رفض النتائج العلمية (ز) صناعة الكراهية. وكثيرا ما تُعرف ببيانات كاذبة تماماً لا أساس لها من الصحة .

ولعل ابرز قضايا الترامبية هي الآتي:

أ-اميركا أولاً

ب- التنوع مصدر ضعف وتوتر وانشقاق بل أنه واحد من "الأكاذيب السخيفة" التي تم حشدها على أمريكا من أتباعها الليبراليين .

ج- الإسلام ليس دين السلام إنه إيمان مسلح عن طريق السيف وملهم لالاف من أعمال الإرهاب، والملايين أكثر لدعم الإرهاب والتعاطف معه .

د- الحد من الهجرة ولاسيما المسلمين لأن الإسلام "غير متوافق مع الغرب الحديث"، والدعوة إلى منع المهاجرين من الشرق الأوسط .

ومن ابرز سماسرة الافكار الذين يسعون لتأسيس الترامبية هو مايكل انطوان الذي هو أحد ابرز الأكاديميين والكتاب من جامعة كلاريمونت الذين بذلوا جهودا لخلط القومية الترامبية العدوانية مع تيار المحافظين. ونشر سلسلة من المقالات تحت اسم مستعار بوبليوس ديسيوس موس خلال الحملة الرئاسية, وحتى قبل أن تعرف هويته، جعلته يبرز بوصفه واحدا من المؤلفين القلائل الذين يقدمون اساساً فكرياً لترامب, البعض يعتبره المؤسس الرئيس لأيديولوجية ترامب الناشئة, حتى أنه يطالب بالاعتماد على صياغة مصطلح "الترامبية"  وبناء اطار فكري لها .

ولعل من اشهر المقالات التي روجت لانتخاب ترامب ( انتخابات 2016 الرحلة 93 ) اعطي صوتك أو تموت, وهنا استثمار لاحداث ايلول,
وقد أثار هذا المقال انتقادً شديدا من المحافظين أنفسهم, فضلاً عن أميركا أولاً .

بالنسبة إلى أنطون، فإن صراع "الإسلام السلفي أو السياسي" مع قيم المجتمع الغربي هو أمر واقع. ويؤكد أنه (من الناحية التاريخية) لا يعترف الإسلام بأي تمييز بين القانون المدني والقانون الديني، أو كما هو معروف بالفصل بين الكنيسة والدولة. وهذا لا يتفق مع الحداثة الغربية،  وهنا لا يعني أن أي مسلم لا يقبل التمييز بين القانون المدني والديني, إنما الاسلام نفسه لا يقبل هذه الحقيقة. فضلاً عن تركيزه على محاربة ايران ويحاول أن يكون بن رودس الجديد - احد مستشاري اوباما وقد ساهم بالاتفاق مع ايران حول الملف النووي- والترويج للاسلام فوبيا
من منطلق المكارثية .

وهنا يتفق مع رؤية ترامب لأن ترامب ذكي بما فيه الكفاية لأن يسلم مواقفه لرؤية المستشارين فهو بالنهاية رجل اعمال يركز على البعد العملي, إذ أنه ينظر الى ادارته بأنها اشبه بادارة شركة من واجبها خدمة زبائنها, وهذا ما حدث عندما ابعد ستيفن بانون من مستشاريه, حين نافسه بالظهور الاعلامي, فضلا عن اثارته لمشكلات عدة في الداخل الاميركي .

هناك عدة افكار تحاول الترامبية توظيفها, مثل:

أ-الشتراوسية وصناعة الكذب, إذ شُكلت وجهات نظر انطون في ولاية كاليفورنيا، في جامعة كلاريمونت الدراسات العليا, ومعهد كليرمونت يُعرف بأنه بؤرة الأكاذيب الأكاديمية. وهناك درس الاسلوب والمُثل الشتراوسية التي تتضمن قراءة وثيقة للنصوص التاريخية في الفلسفة السياسية وإيمان قوي بالاعتزاز الوطني والاستثنائي لأميركا .

ومن تعاليم شتراوس لتلامذته: عدم كشف الحقائق للجميع فشتراوس كان غارقا في الباطنية لأنه كان مقتنعا بأن الحقيقة قاسية ولا يتحملها المجتمع, وبأن حاملي الحقيقة مضطهدون من المجتمع, ولاسيما المجتمع الليبرالي, لأن الديمقراطية الليبرالية, بحسب شتراوس, تبعد الفرد عن الاحتكاك بالحقائق, وإن الحقائق ليست موجهة للجماهير بل هي خطرة جدا على المجتمع .

فبناءً على المنطق الذي حرص ليو شتراوس على قراءة كتبه بعناية ونصح تلامذته بذلك فإن ((الجمهور المنحط لا يتحمل لا الحقيقة ولا الحرية)), بناءً عليه يؤمن اتباع شتراوس بأن المجتمع يحتاج نخبة من الفلاسفة والمفكرين تنتج الكذب للاستهلاك الجماهيري وعن أحد الباحثين فأن المشكلة مع اتباع شتراوس هي التزامهم بالكذب. والكذب أحد سمات الترامبية كما ورد سابقاً.

ب- كارل شميث وصناعة الشعبوية والقائد الاستثنائي, كان كارل شميث مفكر كبير في المانيا وقد انضم إلى الحزب النازي في عام 1933 وأصبح مؤيدا بارزا ومتحمساً لأسوأ القوانين, وقد أشار إليه منتقدوه على أنه (مُشرع قانون هتلر) .

لقد قام شميت باستخفاف الليبرالية، وقدم حجة فلسفية لنوع من الشعبوية يقودها زعيم كاريزمي ينقذ الشعب من الخطر عن طريق التصرف بحسم خارج القانون إذا لزم الأمر. ويشار إلى هذا أحيانا باسم القرار الذي تستمد فيه السلطة من اتخاذ إجراءات، عمل قوي من دون الحاجة بالضرورة لوجود خطة أو الحاجة إلى إظهار نتائج إيجابية أو اتباع القانون,  توصف وجهة نظر شميت للعالم السياسي بهذه الطريقة )  الاستثناء هو القاعدة,  حالة الطوارئ هي القاعدة,  الأمة على وشك الانهيار, وتهديد الأعداء من الخارج والداخل ) .

ج- المكارثية (جوزيف مكارثي) وصياغة الاتهامات من دون أية أدلة .

وكل ما ذكر ينطبق على الترامبية من خلال الترويج لترامب, أو من خلال الاشتغال على اللا توقع, وخلاصة القول, تعدّ الترامبية تمثيل لظاهرة جماهيرية موجودة في الغرب ولاسيما في اميركا, حاول ترامب استثمار هذه الظاهرة القائمة على الانفعال اكثر من العقلانية, وقد ساهم سماسرة الافكار بالترويج والتأسيس لها.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف