البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

July / 19 / 2017  |  1183داعش، صنيعة الغرب

بيب إسكوبار - PePe Escobar إنفورمايشن كليرينغ هاوس - Information Clearing House 27 آذار 2017 - 27 March 2017
داعش، صنيعة الغرب

التحرير: تؤكد هذه المقالة ما أصبح حقيقة وهو أن داعش صنيعة أميركا، ولكنها تتميز بملاحظة دقيقة، وهي أن داعش تمكن خلال 24 ساعة من دمج ترسانته العسكرية مع أسلحة الجيش العراقي لأنه كان قد تدرب عليها على يد الأميركيين في الأنبار من قبل.


مؤخراً، ألقى جايمس شيا، نائب السكرتير المساعد للتهديدات الصاعدة في حلف شمال الأطلسي، كلمةً في نادٍ خاصٍ في لندن حول داعش. وشيا، حسبما يتذكر الكثيرون، كسب شهرته حينما كان المتحدث الرسمي باسم حلف شمال الأطلسي في حرب يوغوسلافيا في عام 1999.

بعد حديثه دخل شيا في نقاش مع مصدر أعدُّه كنزاً. وهذا المصدر سرّب لي المعلومات التي أنا في صدد الكشف عنها.

وفقاً للاستخبارات السعودية، داعش صنيعة الحكومة الأميركية ـ في سجن بوكا، قرب الحدود الكويتية، وهذا معروف للجميع ـ بهدف إسقاط حكومة الأغلبية الشيعية بقيادة نوري المالكي في بغداد.

 لكن بالطبع لم تجر الرياح بما تشتهي السفن. فبعد سنوات، في صيف عام 2014، هاجم داعش الجيش العراقي أثناء زحفه لاحتلال الموصل. ففرّ الجيش العراقي وحصل أفراد داعش على أسلحة متطورة للغاية استغرق المدربون الأميركيون بين ستة أشهر واثنى عشر شهراً لتدريب العراقيين على تلك الأسلحة. والأدهى من ذلك أن داعش دمج الأسلحة مع عتاده العسكري في غضون 24 ساعة.

في النهاية، اعترف شيا للمصدر بصراحة بأنّ الجنرال ديفيد بترايوس، قائد العملية الجراحية التي حصلت على الثناء الكبير عام 2007، درب أولئك السنة الذين ينضوون تحت لواء داعش في محافظة الأنبار في العراق.

لا تزال الاستخبارات السعودية تصرّ على أن أولئك العراقيين السنة لم يُدربهم الأميركيون ـ كما يؤكّد شيا ـ لأن الشيعة الذين في السلطة في بغداد لم يسمحوا بذلك. وهذا عار من الصحة. في الحقيقة، الكتلة الأساسية من داعش وهم عبارة عن ضباط وجنود سابقين في جيش صدام حسين ليسوا إلا مليشيا دربتها الولايات المتحدة.

وكما هو مُتوقّع، في نهاية النقاش، ألقى شيا اللوم على روسيا في كل ما يحدث اليوم ـ بما في ذلك إرهاب داعش.

لنرجع الآن في الزمن إلى إعلان داعش عن قيام الخلافة في 29 حزيران 2014. صُوّر ذلك على أنه إلغاء لحدود سايكس ـ بيكو التي قسّمت الشرق الأوسط قبل قرن من الزمن. في الوقت عينه، عند التخلي عن خيار الاندفاع العسكري للسيطرة على بغداد، اختار داعش إضفاء الطابع الإقليمي والدولي على القتال، فأسسوا دولتهم العابرة للحدود ووصفوا الدول الإقليمية بأنها «دجالة». كل ذلك ترافق مع استغلال أي استراتيجيا فوضوية من أجل إرعاب الرأي العام الغربي.

وعند شريحة واسعة من الجمهور العربي السني، كان ذلك بمثابة الزخم القوي. فأعلن أفراد داعش عن أنفسهم أنهم الوريث الحقيقي الوحيد للربيع العربي بمختلف تجلياته، برغم أن ذلك كله تشويه. فهم يعدون أنفسهم الحركة الإقليمية الوحيدة المستقلة عموماً، التي تعتمد حصرياً على قاعدتها المحلية المؤلفة من عدد من القبائل البدوية.

إذا عدنا إلى الماضي مجدداً، لكن هذه المرة إلى تسعينيات القرن الماضي، خلال فترة حكم كلينتون، كان المنطق الاستراتيجي وقتذاك توضيح آلية تطبيق قرارات الأمم المتحدة ـ مع سيطرة واشنطن الفعلية على نفط العراق والتلاعب بالأسعار كوسيلة للضغط على المنافسين التجاريين الذين يعتمدون كثيراً على النفط العراقي كالصين واليابان ودول أوروبية مختارة.

أدت أحداث 11 أيلول إلى قلب هذا الوضع رأساً على عقب ـ مُسببة غباءً أيديولوجياً عند المحافظين الجدد وهواية لاحقةً باحتلال العراق في تجاهل تام للتاريخ والديناميكيات المعقدة للغاية بين الدولة العراقية والمجتمع. وكان صدام حسين آخر صورة فعلية رمزية للترتيب السياسي الذي أنتجته بريطانيا الاستعمارية في عام 1920. في أعقاب الاجتياح والاحتلال، انهارت الدولة العراقية ولم يكن لدى نظام تشيني (ديك تشيني) أي فكرة عما يجب القيام به.

فلم يكن هناك أي بديل سني. لذا، قضت الخطة رقم 2، تحت ضغط كبير من قبل الشيعة والأكراد، منح دفة الحكم للأغلبية. لكن المشكلة أن الأطراف السياسية انتهى بها المطاف بأن تصبح أحزاباً دينية وعرقية. ولم يكن تقسيم السلطة، على النموذج اللبناني ـ بين شيعة وسنة وأكراد ـ إلا كابوساً عمّه الخلل.

بين عامي 2005 و2008، هذه المحاولة الأميركية لإعادة بناء الدولة العراقية أنتجت حرباً أهلية طائفية مروّعة بين السنة والشيعة. فخسر السنة وذلك يُفسر إلى حدّ كبير النجاح اللاحق الذي حقّقه داعش لناحية إنشاء «سُنّيلاند».

فلنعد الآن إلى النسخة السورية عن الربيع العربي في شباط/آذار 2011. كانت المظاهرات الأولية ضد حكم الأسد الحديدي سلمية- شاركت فيها شرائح من مختلف الطوائف والمذاهب. لكن ما لبثت الضغينة المعادية للعلويين أن بدأت بدفع جزء كبير من الأغلبية السنية نحو التطرف.

وكما يُشير المؤرخ بيير جون لويزار، المتخصص في شؤون العراق وسوريا ولبنان، فإن سوريا كانت الأرض المفضلة للحنبلية- الفرع الأكثر تحفظاً في الإسلام السني والذي كان له دور كبير في ولادة الوهابية في شبه الجزيرة العربية. وهذا يعني عداءً مقيتاً للتشيع. وبذلك أصبحت المعارضة المسلحة تضم جماعات جهادية سلفية عدة، على رأسها جبهة النصرة التي تُعد فرع القاعدة في سوريا.

في الوقت عينه، كانت رسالة الأسد الدقيقة للغرب والطبقة البرجوازية السنية الخاصة واضحة وهي إما التحالف وإمّا الانقسام: أنا أو الفوضى. على أيّ حال، سادت الفوضى وانتشر العنف البنيوي الرهيب ووهنت جميع المؤسسات وعاشت المناطق حالة من التفتت والتفكك.

لذا يمكن أن نقول إنّ الاحتلال الأميركيّ والربيع العربي السوري على حدٍّ سواء أنتجا المحصّلة نفسها، مع بعض الاختلافات. في العراق، يحظى داعش بدعم (صامت) من أغلبية العرب السنة. في سوريا، السنة منقسمون. يسيطر داعش على الصحراء ـ الثقافة البدوية ـ لكن جبهة النصرة تحظى بدعم سني كبير في المراكز الحضرية الكبيرة مثل حلب. في العراق، الحدود بين الطوائف الكبيرة الثلاث ـ السنة والشيعة والأكراد ـ مُجمدة نوعاً ما. والوضع في سوريا عبارة عن لعبة تركيب القطع دون أيّ نهاية.

الآتي من الأحداث يلفّه الغموض. والاستقلال الفعلي لكردستان العراق قد يصبح واقعاً. وبازدياد قد تمثل الحكومة في بغداد الشيعة فحسب. لكن من الصعب رؤية داعش يحكم سيطرته على العراق السني ـ لا مع استمرار المعركة في الموصل.

من السهل رفض داعش باعتباره ذروة الخصوصيات الثقافية البربرية. حتى إن كان مجبولاً بالشناعة، داعش قادر على بسط بُعدٍ شمولي ما بعد قاعدته شرق الأوسطية العربية السنية. هو منخرط في ما يُشبه صراع الحضارات لكن الاشتباك ليس بين الشرق والغرب، أو بين العالم العربي والهيمنة الأطلسية، بل في الأغلب بين مفهوم (مُشوّه) مُعيّن للإسلام والكفّار حسب تصنيفهم. فـ«يرحّب» داعش بالجميع حتى بالأوروبيين الكاثوليك بينما يضطهد الكفّار العرب والمسلمين السيئين.

لا عجب في أن الخلافة ـ طوبيا ملموسة على الأرض ـ تجد صدى بين شباب (على حالة الذئب الوحيد) يعيشون وحدهم في الغرب. ولأن داعش يُصرّ على أنّ التاريخ الفرنسي ـ البريطاني الاستعماري (ومن ثم الأميركي الاستعماري المتجدد) للمسلمين يدوسه غرب كافر مُهيمن، يستطيع استغلال الشعور بالظلم الموجود عند الشباب.

الجميع، أي الولايات المتحدة فرنسا وبريطانيا وروسيا وإيران، الآن في حالة حرب مع داعش. أما تركيا وآل سعود وعصابات البترودولار في مجلس التعاون الخليجي فيتعاطون بفتور مع هذه القضية باعتبارها ليست أولوية.

لكنها حرب بدون وجهة نظر سياسية جدية على المدى الطويل. لا أحد يناقش وضع العرب السنة في عراق تهيمن عليه أغلبية شيعية؛ أو كيف يمكن إعادة الدولة السورية إلى ما كانت عليه؛ أو هل يمكن للمتبرعين بالأموال لداعش في الكويت وقطر والسعودية الإمارات العربية المتحدة أن يختفوا ببساطة.

إن محاصرة الرقة وإرجاع الموصل بالتأكيد لا يعنيان شيئاً إذا لم تُعالَج الأسباب التي أدّت إلى النجاح الأولي لداعش. هذه الأسباب تبدأ مع مهمة التمدّن باعتبارها الحجة الأساسية لهيمنة استعمارية غير محدودة ثم تشمل الحركة الممنهجة والبطيئة الثابتة لتدمير العراق على يد أميركا. وستستمر النكسة في تحكمها بصورة غريبة ومربكة؛ الهجوم، الذي وقع بالقرب من البرلمان اللبريطاني على يد شاب يحمل سكيناً وهو عبارة عن ذئب وحيد بصورة «جندي يُلبي نداء الواجب»، يُضخم ويجري التغاضي عن قصف الطائرات الأميركية لمدرسة قرب الرقة والذي يودي بحياة 33 مدنياً.

قد يكون بترايوس درب أولئك الأشخاص في صحارى الأنبار. لكن معظم أولئك الوحوش، الذين وُلدوا في سجن بوكا، مصبوغ بلمسة العقل الغربي.

-----------------------------------

بيب إسكوبار : صحفي بارز له مقالات تحليلية تُنشر في آسيا تايمز أون لاين وسبوتنيك نيوز ويغطي الأحداث في الشرق الأوسط وأسيا الوسطى

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف