البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

November / 22 / 2017  |  1355لماذا اتحدت العربية السعودية وإسرائيل ضد الجزيرة؟

روبرت فسك - Robert Fisk الإندبندنت - independent 10 آب 2017 - August 10, 2017
لماذا اتحدت العربية السعودية وإسرائيل ضد الجزيرة؟

التحرير: بأسلوب ساخر ملؤه المرارة، يكشف الكاتب المخضرم روبرت فسك حقيقة التحالف السعوديّ _ الإسرائيليّ، وأسرار الدعم الأميركيّ الغربيّ لهذا الحلف الممول والداعم للإرهاب بأبشع أشكاله. نصّ من أروع ما كتب في الموضوع....


عندما يطالب السعوديّين والإسرائيليّين بإقفال القمر الصناعيّ القطريّ، فلا شكّ في أنّهم يفعلون أمرًا صائِبًا. في نهاية الأمر، يا له من إنجاز أن يدْخل قاطعوا الرؤوس السعوديّون والمحتلّون الإسرائيليّون معًا في تحالفٍ. ولكن لا تكنْ رومنسياً أكثر من اللازم حول هذا الأمر. عندما يمرض أثرى الأثرياء السعوديّين،  معروف بأنّهم يسافرون إلى تل أبيب على متن طائراتهم الخاصّة للعلاج في أرقى مستشفيات إسرائيل. وعندما تقلع قاذفات القنابل السعوديّة والإسرائيليّة، يمكنك أن تكون متيقّناً أنّهم ذاهبون لقصف الشيعة ـ في اليمن أو سوريا على التوالي ـ بدلاً من السنّة.

وعندما يشير الملك سلمان ـ أو وليّ العهد الحاذق محمد ـ بالبنان إلى إيران كأعظم تهديدٍ لأمن الخليج، يمكنك أن تكون متيقّناً أن بيبي نتنياهو سيفعل الشيء نفسه تماماً، مبدّلاً «أمن الخليج»، بالطبع، بـ«أمن إسرائيل».  ولكنّه عمل عجيب عندما يُحدِّد السعوديّون نهج إسكات الإعلام فقط لكي يجري دعمهم ببوق الحريّة والديمقراطيّة، وحقوق الإنسان والحريّة المسمّى في الأغنية والأسطورة بإسرائيل، أو كما يعبّر عنه بيبي ورفاقه في مجلس وزرائه ، دولة إسرائيل اليهوديّة.

لذا دعونا نراجع باقتضاب الدليل على تسامُح إسرائيل تُجاه حريّة التعبير التي ندعمها جميعًا ونغذّيها، ونحبّها، ونعشقها ونعتبرها الحجر الأساس لديمقراطيّتنا وإلى آخره.... لأنّ أيوب قارا وزير الاتّصالات الإسرائيليّ، كشف هذا الأسبوع  عن خططٍ لسحب اعتمادات صحافيّي الجزيرة المقيمين في إسرائيل، وإقفال مكتب القدس ورفع إرسال المحطّة عن البثّ من الكابلات المحليّة، ومقدّمي خدمات الأقمار الصناعيّة.

وأعلن أيوب قارا ـ وهو درزيّ إسرائيليّ (بمعنى أنّه وزير عربيّ من الليكود) وهو داعم دائم لاستعمار اليهود للأرض العربيّة المستعمرة من قبل اليهود في الضفة الغربيّة ـ أنّ هذا الإجراء سوف «يُحقّق موقفًا حيث القنوات القائمة في إسرائيل سوف تنقل الأخبار بشكلٍ متجرّد». بكلام آخر هدّدهم وأدخلْهم في خطّ الاصطفاف.

منذ وقتٍ طويلٍ اتّهم بيبي نيتنياهو الجزيرة باستثارة العنف في القدس ـ ولاسيّما في نقلها أخبار القتل مؤخرًا فيها ـ ولكن بما أنّ كلّ صحافيّ أجنبيّ في داخل إسرائيل أو خارجها تجرّأ على أن يكون منتقدًا للدولة، جرى اتهامه في وقتٍ من الأوقات بمعاداة الساميّة وأكاذيب أخرى، فإنّ هذه الحال عاديّة تمامًا كما هو متوقّع. شخصيًّا، حتّى الآن وجدت نقل الجزيرة للأخبار من إسرائيل مُقزّزاً جدّاً للنفس، واحترامها المتملِّق للدولة كلّه تمظهر بشكلٍ مؤلمٍ عندما عبّرت مراسلة قطر لمتحدّثٍ باسم الحكومة الإسرائيليّة على الهواء مباشرةً عن تعازي قناتها وقت وفاة أرييل شارون، وزير الدفاع الإسرائيليّ المتوحّش الذي اعتُبِر مسؤولاً عن مجزرة بحقّ 1700 فلسطينيّ في مذابح مخيّم صبرا وشاتيلا في عام 1982. على أيّ حال أخذ أيوب قارا بالفعل إشارة البدء من أقرانه العرب. وهو يعترف بذلك. وقال إنّه كان على إسرائيل أخذ خطوات ضدّ «الإعلام الذي تصنّفه جميع الدول العربيّة تقريبًا كداعم للإرهاب. وهكذا يبدو أنّ الإسرائيليّين يتلقّون دروسًا عن حريّات الإعلام من «الدول العربيّة». طبعًا ليس من السعوديّين وحدهم، ولكن «من جميع الدول العربيّة تقريباً» التي يعتقد المرء أنّ وسائل إعلامها حرّة لا يعوّقها عائق، وأن» كلّ الإعلام في الخليج «تقريباً» إنّما هو حصون إخبار الحقيقة وخصم قويّ للأنظمة الشموليّة، كما يتمتّع بالحماية الدستوريّة من أيّ سوء معاملة دكتاتوريّة. سامحوني للضحك المصطنع. ولكن هل هذه هي الطريقة التي تريد إسرائيل أن تعرِّف عن نفسها بها؟... حسنًا، نعم هو كذلك، كما أعتقد. لأنّه في حال أنّ تحالفًا غير مكتوب ولكنّه موجود واقعاً بين العربيّة السعوديّة وإسرائيل، عندها كلّ الخيارات مطروحة على الطاولة ـ كما كان الرؤساء الأميركيّون ووزيرة الخارجيّة هيلاري كلينتون يقولون.

السجن بدون محاكمة، وتنفيذ حكم الإعدام خارج سلطة القضاء، والإساءة لحقوق الإنسان، والفساد، والحكم العسكريّ لنقلها مرّة واحدة: جميع هذه الصفات تعود «تقريبًا لجميع» الشعوب العربيّة المسلمة السنيّة من جهة ولإسرائيل في الأراضي التي تحتلّها من جهة أخرى.

أمّا عن تهمة  «دعم الإرهاب»  ـ أقتبس من كلام الوزير قارا مرّة ثانية_ فيجب على المرء أوّلاً أن يسأل: لماذا قام عرب الخليج السنّة بتصدير مقاتليهم  وأموالهم  إلى الإسلاميّين السنّة الأكثر وحشيّة في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه على المرء أن يسأل مّرة ثانية: لماذا لم تقصف إسرائيل تلك المخلوقات الوغْدة ـ بالفعل؟ بل لماذا قدّمت إسرائيل علاجاً في مستشفياتها للجرحى من النصرة السنيّة ـ الذين هم بــكلام آخــر، تنظيم القاعــدة المسؤول عن أحداث 11 أيلول؟ وبالمقابل كانت تهاجم حزب الله الشيعيّ، وسوريا والقيادة العلويّة (الشيعيّة)، وهدّدت بقصف إيران الشيعيّة  وهو المشروع  ـ الذي أضيف ـ أنّ قارا نفسه كان يؤيّده تماماً.

علينا أن لا ننسى أنّ رئيس أميركا المعتوه ونظامه الشاذّ هو كذلك جزء من الاتّحاد السعوديّ ـ الإسرائيليّ المعادي للشيعة. إنّ صفقة مبيعات الأسلحة القذرة بمبلغ 350 بليون دولار للسعوديّين، والتحرّش بإيران وكراهيته لصحافة العالم وقنوات التلفزة يجعله جزءاً وثيقًا من التحالف نفسه. فعلاً، عندما تنظر إلى واحد من أسلاف ترامب الأكثر عقلانيّة ـ جورج دبليو. بوش، الذي كان يكره إيران، تجده أيضاً قد تملّق للسعوديّين وبالواقع تكلّم مع طوني بلير حول قصف المركز الرئيسيّ للجزيرة في قطر، وهو الذي ضَمِنَ سفر عائلة الثري بن لادن خارج الولايات المتّحدة بعد 11 أيلول ـ هذا الميثاق الأميركيّ ـ السعوديّ ـ الإسرائيليّ له تاريخ طويل بالمقارنة.

ولكوني متفائلاً غير عقلانيّ، هناك جانب بريء في خبيئتي الصحفيّة الملطّخة ما زال يؤمن بالتعليم والحكمة والرأفة. ما زال هناك إسرائيليّون شرفاء ممّن يطالبون بدولة للفلسطينيّين؛ كما هناك سعوديّون متعلّمون، ممّن يعترض على الوهابيّة المعتوهة التي بُنيت مملكتهم عليها؛ وهناك ملايين الأميركيّين من المحيط إلى المحيط ممّن يعتقدون أنّ إيران ليست عدوّتهم، كما أنّ العربيّة السعوديّة ليست صديقتهم. ولكنّ المشكلة اليوم في كلٍّ من الشرق والغرب هو أنّ حكوماتنا ليست صديقة لنا. إنّهم مضطهدوننا أو أسيادنا، مكمّمو أفواه الحقيقة وحلفاء الظالمين.

نيتنياهو يريد أن يغلق مكتب الجزيرة في القدس. ولي العهد الأمير محمد يريد أن يغلق مكتب الجزيرة في قطر. بوش كان قد قصف مكاتب الجزيرة فعلاً في كابول وبغداد. تيريزا ماي قرّرت أن تخبِّىء تقريرًا حكوميًّا حول تمويل «الإرهاب»، لئلاّ تُغْضِب السعوديّين ـ التقرير هو بالضبط السبب عينه الذي جعل بلير يغلق تحقيقًا للشرطة البريطانيّة حول رشوة شركة هندسة الطيران البريطانيّة ـ سعوديّة قبل 10 سنوات.

ونحن نرتاب في سبب ذهابنا إلى حربٍ في الشرق الأوسط. كما نرتاب لماذا هناك داعش، لا تقصفها إسرائيل، وتموّل من قبل عرب الخليج السنّة، ويلاطف رؤساؤنا ورؤساء وزراؤنا الأشقياء أصحابها من السلفيّين السنّة. أعتقد أنّه من الأفضل لنا أن نحرص على الجزيرة ـ  بينما هي لا تزال حولنا.

-----------------------------

الإندبندنت : صحيفة رقمية أُسّست عام 1986 ومركزها في لندن.

روبرت فسك : كاتب وصحافي إنكليزي يعنى في الشرق الأوسط منذ عام 1976 وهو مراسل إعلاميّ للإنديبندنت منذ 1989 ويقيم في بيروت.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف