البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

December / 19 / 2016  |  1370في الشأن السوري : الولايات المتحدة الأمريكية تقف مكتوفة الأيدي تراقب ما تفعله القوى الأخرى

آرون دايفيد ميلير - Aaron David Miller ول ستريت جورنال - Wall Street Journal 31 آب 2016 - 31 August 2016
في الشأن السوري : الولايات المتحدة الأمريكية تقف مكتوفة الأيدي تراقب ما تفعله القوى الأخرى

التحرير: أفلح الثلاثي الروسي الإيراني التركي، في التخفيف من زخم النفوذ الأميركي في الأزمة السورية، وأصبحت الولايات المتحدة مجرد دخيل، وعلى الأرجح ستبقى كذلك.


على الرغم من جميع الجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية في ظل باراك أوباما من أجل قولبة المشهد في سوريا، يبقى أن ثمة ثلاث قوى أخرى متمثلة في إيران وروسيا وتركيا، هي صاحبة الكلمة الفصل في تحديد المصير السوري. إشارةً إلى أن ما تقوم به السلطات التركية من تدخلات عسكرية في مواجهة كل من الدولة الإسلامية والأكراد في الشمال من سوريا إلى جانب ما مني به كل من الروس والأمريكيين من فشل مؤخرًا في جهدهما للوصول إلى اتفاق مشترك بينهما حول الشأن السوري، كلها أمور تعزّر الفرضية القائلة بأن الولايات المتحدة لا تشكل واحدة من القوى الفاعلة والجدية في هذا المشهد.

ومن جانبها، فإن الولايات المتحدة سعت بكل ما تملك من قوة إلى أن تحصل لنفسها على أهمية ولو محدودة: وذلك من خلال محاولة القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. أما الأهداف الأوسع والأشمل ـ على سبيل إيقاف الحرب الدائرة في سوريا وإطاحة بشار الأسد و/أو رسم معالم وضع سياسي انتقالي ـ فهي تكاد تعتمد بصورة شاملة على التعاون في ما بين تلك الدول الثلاث التي تتعارض أجنداتها المتنوعة مع أجندة واشنطن على نحو كبير.

منذ بداية المجريات تمكنت روسيا  من أن تقود هي لعبة الديبلوماسية، حيث تسمح العباءة الدبلوماسية لفلاديمير بوتين بأن يدعي بأنه يسعى جاهدًا وراء الحل السياسي في حين أن قواته لا تزال على موقفها المساند لنظام الأسد. إضافةً إلى أن بوتين كان قد شدّد على أنه بمقدور روسيا أن تقف في وجه أي مسعى من الجانب الأمريكي يهدف إلى الخروج بحلٍ يحرم موسكو من الدور الفاعل والقوي في سوريا. وبالتالي فإن هذه التصريحات تبين سبب الحملة العسكرية القوية، وبصورة أشمل، تحمي المساندة الإستراتيجية والسياسية التي ظلت تقدمها موسكو لسوريا على مدى أربعين عامًا. ربما لا يكون الروس ملتزمين بما لا يقبل التراجع تجاه نظام الأسد ولكن يبقى أنهم ملتزمون تمام الالتزام في الحؤول دون أن تغيّر الولايات المتحدة دولة شرق أوسطية جديدة (بعد العراق وليبيا) وتبعدها عن المقلب الروسي.

إشارة إلى أن كل من وزير خارجية الولايات المتحدة، جون كيري، وروسيا سيرغي لافروف، خاضا المفاوضات في خلال الأسبوع الماضي من أجل النظر في ما يمكن لكلٍ من البلدين أن يمنح الآخر: وقد تناول البحث الجهود المشتركة في وجه الجماعات الإسلامية المتشددة، وهو ما تسعى روسيا وراءه، وهو ما يمكّن موسكو ظاهريًا في المقابل من أن تسعى إلى الحدّ من الهجمات التي يقودها نظام الأسد ضد الجماعات السورية الكبيرة، وهو الأمر الذي تسعى الولايات المتحدة وراءه. في حين أن فريق كل من هذين البلدين في جنيف يسعيان بقوة إلى الوصول إلى ما يشبه الإتفاق، و لو وصلوا إلى أي اتفاق فما من ضمان يؤكد أنّ موسكو سوف تحترم التزماتها، فقد شهدت الأعوام الماضية بأن روسيا لا تحافظ على الإتفاقات، على سبيل المثال، الاتفاق الذي جرى في شهر شباط والقاضي بـ «وقف الأعمال العدائية».

وهنا لا بدّ من القول بأن كل من روسيا وإيران وتركيا ترى أنّ مصالحها في سوريا أمر حيوي لا غنى عنه ـ ولكن الأمر مخالف مع الولايات المتحدة، فعلى الرغم من جميع ما سمعناه في السابق من أصوات منادية بضرورة رحيل الأسد والحل الإنتقالي السياسي وقيام سوريا الجديدة العلمانية والجامعة، فإن إدارة الرئيس أوباما لم تكن يومًا مستعدة لتخصيص القوة العسكرية والسياسية الطويلة الأمد واللازمة فعليًا من أجل تغيير مسار أرض المعركة في سوريا. وبالتالي الحصول على النفوذ الذي يمكنها من الوقوف في وجه تلك القوى الثلاث الأخرى.

حتى إنّ الإتفاق النووي الذي وقّع مع إيران، ساهم أكثر فأكثر في الحد من رغبة واشنطن في الانخراط في أي حربٍ بالوكالة في سوريا.

إن إدارة الرئيس أوباما لم تكن أصلاً تنوي أن تستخدم القوة مع تركيا بشأن حدودها مع سوريا، التي يستخدمها المجندون من أجل العبور والانضمام إلى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، ومن ثم للخروج مجددًا والانطلاق إلى أوروبا.

مع العلم أن الهجمات التركية على داعش قد فتحت أفقًا أمام صراع جديد بالنسبة لواشنطن: فأنقره تقدم الدعم للجماعات السورية التي تحصل على السلاح والعتاد والتدريب من الجانب الأمريكي في وجه العدو اللدود والتاريخي للحكومة التركية، المتمثل في أكراد سوريا الذين كانوا  بدورهم أيضًا حلفاء للولايات المتحدة.

لقد نجحت كل من القوى الثلاث الأخرى من أن تضيّق الخناق على الولايات المتحدة وتجبرها على التعاون معها: إذ لا ننسى أن واشنطن عرضت على روسيا وإيران ـ الداعمين الأكبرين لنظام الأسد  ـ الدور الفاعل في محادثات جنيف. ومن المرجح أن تقوم في نهاية المطاف بتقديم المساندة لتركيا، حتى وإن كانت الجهود العسكرية التي تضطلع بها حكومة أردوغان في سوريا تسعى هي الأخرى بكل وضوح إلى الحؤول دون أن يعلن أكراد سوريا قيام كيانهم السياسي المستقل على محاذاة الحدود التركية. ومن جانبهما فإن إيران وروسيا لا مانع لديهما من الاستمرار في تقديم القوات والتضحية بهم، وهو ما حذت تركيا حذوهما به. إشارةً إلى أنه ما من بديل يمكن الاستعاضة به عن الحلفاء المحليين الذين يناصرون إيران وروسيا في الداخل السوري، حتى للجوار التركي.

وما من شكٍ في أن كل من هذه الدول الأربع لديها المصالح المتداخلة فيما بينها: إذ إنّ أي منها لا يريد تقطيع أوصال سوريا، ويريد القضاء نهائيًا على تنظيم داعش، ومع ذلك فهي تبقى بعيدة كل البعد عن التعاون في الشأن السوري. أما روسيا وإيران وتركيا فإنها لن تتوانى عن التصارع من أجل أن تحمي كل منها مصالحها بغض النظر عن الاعتراضات الأمريكية. ومن جانبها فإن إيران ملتزمة تمامًا بالإبقاء على بشار الأسد في سدة الحكم، أما الالتزام التركي فمنصب على القضاء على الآمال الوطنية للأكراد في سوريا، وأخيرًا فإن روسيا مصممة، بوجود الأسد أو من دونه، على الإبقاء على الدولة السورية القوية القادرة على الوقوف حجر عثرة في وجه التيار الرديكالي الإسلامي، على أن تكون مطواعة لمصالح موسكو في وجه مصالح واشنطن. لذا فإن الولايات المتحدة تشكل الدخيل على هذه الحلقة، ومن المرجح أن تظل كذلك.

------------------------------

آرون دايفيد ميلير : نائب رئيس مركز وودرو ويلسون للدراسات.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف