البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

تحقيق حول كتاب حديث الشورى، أحد مصادر الغدير

الباحث :  السيد محمد جواد الشبيري
اسم المجلة :  تراثنا
العدد :  21
السنة :  السنة الخامسة / شوّال سنة 1410 هـ
تاريخ إضافة البحث :  January / 3 / 2015
عدد زيارات البحث :  1417
المناشدة أحد الأساليب القديمة لاحقاق الحق وإتمام الحجة ، وقد استعمل أئمة الهدى هذا الأسلوب في مواطن منها يوم الشورى ، فقد ناشد أمير المؤمنين علي عليه السلام أصحاب الشورى بما كانت له من الفضائل ، مثل ما نص به النبي إمامته يوم الغدير . هذا ، وقد نسب الشيخ - قدس سره - إلى عمرو بن ميمون كتاب حديث الشورى ، وفي الكتاب ومؤلفه أكثر من مبحث سنتعرض لها بعد نقل كلام الشيخ في ذلك . قال - قدس سره - في " الفهرست " : " عمرو بن ميمون ، وكنية ميمون أبو المقدام ، له كتاب حديث الشورى ، يرويه عن جابر الجعفي ، عن الباقر عليه السلام ، أخبرنا به أحمد بن محمد بن موسى ، عن أحمد بن محمد ابن سعيد ، عن جعفر وإسحاق ابني محمد بن مروان ، قالا : حدثنا أبونا ، قال :
حدثنا عبيد الله المسعودي ، عن عمرو بن ميمون ، عن جابر ، عن الباقر عليه السلام . وله كتاب المسائل التي أخبر بها أمير المؤمنين اليهودي ، أخبرنا بها أحمد بن عبدون ، عن أبي بكر الدوري ، عن محمد بن جعفر العلوي الحسني ، قال : حدثنا علي بن عبدك ، قال : حدثنا طريف مولى محمد بن إسماعيل ، عن موسى وعبيد الله ابني يسار

(الصفحة 349)


(بشار / خ ، ل) ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث الهمداني ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وذكر الكتاب " (1) . إنتهى كلام الشيخ حول الموضوع ، وأما تعليقنا على ذلك فيندرج في مباحث :
المبحث الأول : في تحقيق ما أفيد في " معجم رجال الحديث " من كون الكتابين المذكورين في فهرست الشيخ لعمرو بن أبي المقدام ثابت بن هرمز .
المبحث الثاني : في تحقيق وجود رجل باسم عمرو بن ميمون في كتب أحاديثنا غير عمرو بن ثابت .
المبحث الثالث : فيما أفاده صاحب " قاموس الرجال " من نخيل الشيخ اتحاد عمرو بن ميمون وعمرو بن أبي المقدام ثابت .
المبحث الرابع : فيما أفاده - دام ظله - أيضا من كون كتاب حديث الشورى لعمرو بن ميمون الأودي .
المبحث الخامس : في القول المختار في مؤلف كتاب حديث الشورى وكتاب مسائل اليهودي .
-------------------------------------
(1) فهرست الشيخ : الرقم 481 .

(الصفحة 350)


المبحث الأول :
في نسبة الكتابين إلى عمرو بن ثابت . قال آية الله العظمى السيد الخوئي في معجم رجال الحديث :
إن الشيخ لم يتعرض في " الفهرست " لترجمة عمرو بن أبي المقدام ثابت بن هرمز ، وإنما تعرض لذكره في " الرجال " وذكر في " الفهرست " عمرو بن ميمون وقال : وكنية ميمون أبو المقدام ثم ذكر له كتابا ، وذكر طريقه إليه ، ثم ذكر أن له مسائل ، وذكر طريقه إليه بعنوان عمرو بن أبي المقدام ، وبما أن الروايات عن عمرو بن أبي المقدام كثيرة وفي جملة منها صرح باسم أبي المقدام ، وهو ثابت ، فمن البعيد جدا أن يتعرض الشيخ في رجاله لغير من تعرض له في الفهرست ، كما أن من البعيد أن لا يتعرض النجاشي لمن تعرض له الشيخ ، مع أن الفهرست كان بمرأى منه ، فمن جميع ذلك يطمئن الإنسان بأن كلمة (ميمون) سهو من قلم الشيخ والصحيح : (ثابت) ، أو أن عمرو بن أبي المقدام كان يقال له : عمرو بن ميمون أيضا . والحاصل : أن عمرو بن أبي المقدام رجل معروف ، له روايات كثيرة ، واسم أبي المقدام : ثابت ، على ما ذكره الشيخ بنفسه وذكره البرقي والنجاشي ، ويأتي عن المشيخة ، وورد التصريح بها في عدة من الروايات ، فإن ثبت أن أبا المقدام يطلق عليه ميمون أيضا فهو ، وإلا كان ذلك من سهو قلم الشيخ ، والله العالم (2) . فإن قلت : إن هذين الكتابين لو كانا لعمرو بن أبي المقدام ثابت أيضا لورد نظير هذا الإشكال ، إذ لم يذكر النجاشي في ترجمته عمرو بن أبي المقدام ثابت سوى إن له كتابا لطيفا ، ثم ذكر طريقه إليه ، وفيه : (عن عباد بن يعقوب ، عن عمرو بن ثابت به) فلو كان الكتابين المشار إليهما لعمرو بن أبي المقدام بنظر النجاشي ، فلم لم يذكرهما مع أن الفهرست كان بمرأى منه ؟ ! خصوصا مع لفت النظر إلى أن الطريقين
------------------------------------
(2) معجم رجال الحديث 2 / 74 .

(الصفحة 351)


المذكورين في " الفهرست " إنما هما من ابن الصلت الأهوازي وأحمد بن عبدون ، وهما من مشايخ النجاشي أيضا .
قلت : لعل النجاشي كان يعتقد بكون الكتابين المذكورين جزءين من ذاك الكتاب اللطيف ، فلا يجب عليه أن يذكر فصول الكتب أيضا . هذا غاية ما أمكنني تبيينه من كلام معجم رجال الحديث ، لكن مع ذلك لو التزمنا بتخطئة الشيخ فإنا لا يمكننا الحكم بكون الكتابين لعمرو بن ثابت أيضا ، إذ توجد هنا احتمالات أخرى تأتي ضمن كلام المحقق التستري ، وفي بيان القول المختار بل من المحتمل كون كتاب حديث الشورى لعمرو بن ميمون وإن أخطأ الشيخ في تكنيته بأبي المقدام بتخيل اتحاده مع عمرو بن ثابت . وأما عدم ذكر النجاشي له فلعل وجهه أنه بعد خطأ الشيخ في تكنية ميمون بأبي المقدام لم يكن للنجاشي الجزم بعدم خطئه في إثبات كتاب حديث الشورى له أيضا ، فكان مؤلف هذا الكتاب مجهولا عند النجاشي ، فلم يذكره لا في ترجمة عمرو ابن ميمون ولا في ترجمة عمرو بن أبي المقدام.
المبحث الثاني :
في وجود رجل باسم عمرو بن ميمون غير عمرو بن ثابت أبي المقدام . ورد في بعض الروايات اسم عمرو بن ميمون . منها : رواية مروية في عدة كتب : أ - الكافي 1 / 438 ح 2 ، بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن عمرو بن ميمون ، عن عمار بن مروان ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام . ب - الاختصاص : 278 ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن عمرو بن ميمون عن عمار بن مروان ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه السلام . ورواه في البحار 26 / 127 بدون " عن جابر بن يزيد " .

(الصفحة 352)


ج - البصائر : 288 بسندين ، الأول : عن أحمد بن الحسين ، عن عمر (عمرو / خ . ل) بن تميم (ميمون / خ . ل) ، عن عمار بن مروان (هارون / خ . ل) ، عن أبي جعفر عليه السلام . الثاني : الرقم 3 من نفس الصفحة : عن أحمد بن الحسين ، عن الحسين بن سعيد ، عن عمرو بن ميمون ، عن عمار بن مروان (3) ، عن أبي جعفر عليه السلام . وفي البحار : عمر بن ميمون . وقد كتب سيدنا الوالد في هامش الحديث الأول في ذيل ترجمة عمر بن تميم : لم أجد عمرو بن تميم ولا عمر بن تميم في مورد ، والظاهر أن عمرو بن تميم محرف عمرو ابن ميمون ، فعليه يتحد مع الخبر 3 ، متنا وسندا ، ومثله غير عزيز في الكتاب . إنتهى . وفي بعض النسخ لم يرد الخبر رقم 3 كما حكاه دام ظله ، فلا إشكال . ومنها : ما رواه في البصائر : 119 ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن عمرو بن ميمون عن (عمار بن) هارون (مروان / خ . ل) ، عن أبي - جعفر عليه السلام . ورواه عنه في البحار 26 / 249 وفيه : عمرو بن ميمون ، عن عمار بن هارون
-----------------------------------------
(3) قد تقدم في نقل الكافي ومطبوعة الاختصاص زيادة " عن جابر " هنا ، فيحتمل كون الصواب ما في البصائر بأن يكون " عن جابر " في طريق الكافي زائدة منشأها تكرر رواية عمار بن مروان عن جابر ، فقد يسبق إلى الذهن هذه الكلمة بعد " عمار بن مروان " فيزاد سهوا . ويحتمل كون " عن جابر " في طريق الكافي تصحيف " وجابر " ويؤيد ه ما تقدم عن فهرست الشيخ من رواية عمرو بن ميمون ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام . ويحتمل سقوط " عن جابر " من طريق البصائر . وأما رواية عمار بن مروان تارة مباشرة عن أبي جعفر عليه السلام ، وأخرى مع الواسطة ، فهذه وإن كانت في نفسها ممكنة ولا ضير في الرواية مع الواسطة مع وجود الرواية بلا واسطة - كما نبه عليه صاحب المعالم في مقدمة المنتقى 1 / 11 - لكنها في خصوص المقام بعيده ، بعد أن كان الراوي عنه في كلا الطريقين : الحسين بن سعيد . وعلي أي حال ، فأقرب الاحتمالات هو الاحتمال الثالث ، أعني سقوط " عن جابر " من طريق البصائر ، وذلك لعدم ثبوت رواية عمار بن مروان عن أبي جعفر عليه السلام ، وتفصيل الكلام مذكور في مقال مستقل حول عمار بن مروان لم يطبع بعد .

(الصفحة 353)


(مروان / خ . ل) .
أقول : لم أجد مسمى لعمار بن هارون في ما بأيدينا من كتب الرجال والحديث ، فلا يبعد كون (هارون) تصحيف (مروان) وتصحيف الكلمتين غير غريب خصوصا مع ما تعارف من إسقاط الألف من (هارون) فيكون شبيها ب‍ (مروان) فيصحف أحدهما بالآخر . ثم إن الظاهر سقوط الواسطة بين عمار بن مروان وأبي جعفر عليه السلام في هذا السند أيضا . وكيف كان ، فالراوي عن عمرو بن ميمون في الموارد المتقدمة هو الحسين بن سعيد ، والحسين بن سعيد مذكور في أصحاب الرضا عليه السلام ولم يعدوه في أصحاب الكاظم عليه السلام ، ومشايخ الحسين بن سعيد هم من الرجال الذين بقوا إلى أوائل القرن الثالث أيضا كحماد بن عيسى (م 209) وصفوان بن يحيى (م 210) وابن أبي عمير (م 217) والبزنطي (م 221) . هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن عمرو بن أبي المقدام ثابت ، معدود من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام (4) ، بل قد يعد من أصحاب السجاد عليه السلام أيضا (5) ، وهو رجل معروف مترجم له في كتب العامة ، وقد أرخوا وفاته بسنة 172 أو 170 (6) ، فوفاة عمرو بن أبي المقدام كانت قبل استشهاد الكاظم عليه السلام بأكثر من عشر سنين ، وقبل سجنه . فيستبعد - من جهة الطبقة - اتحاد عمرو بن ميمون الذي يروي عنه الحسين ابن سعيد ، وعمرو بن ثابت أبي المقدام ، ولو أدرك الحسين بن سعيد عمرو بن أبي المقدام لكان راويا عن الكاظم عليه السلام بطبيعة الحال ، وكان من أصحابه ، وقد كان هو من موالي علي بن الحسين عليه السلام ، فليس من الرجال البعيدين عن أهل
------------------------------------
(4) رجال الشيخ : 130 / رقم 43 وص 247 رقم 380 ، رجال البرقي : 11 و 16
(5) رجال النجاشي : الرقم 777 .
(6) تهذيب التهذيب 8 / 10 ، المجروحون - لابن حبان - 2 / 76 .

(الصفحة 354)


البيت حتى يحتمل دركه لزمن الكاظم عليه السلام وعدم روايته عنه ، فتدبر . مضافا إلى أنه لم نجد أحدا ذكر أن والد عمرو بن ثابت كان يسمى بميمون أيضا ، أو كان في سلسلة نسبة من يسمى بميمون ، وإلى عدم وجود ما يشهد بالاتحاد من اتحاد الراوي والمروي عنه أو اسم الأب أو غير ذلك . فالظاهر وجود رجل باسم عمرو بن ميمون وهو غير عمرو بن أبي المقدام ثابت ومتأخر عنه طبقة . لكن ، مع هذا كله لا يمكن تخطئة الشيخ بمجرد ذلك ، إذ لا دليل على انحصار التكنية بأبي المقدام في والد عمرو بن ثابت ، فلعل عمرو بن ميمون أيضا هو عمرو ابن أبي المقدام . فهل هذا الاحتمال يكون صحيحا أم لا ؟ الجواب تجده ضمن المباحث الأخرى .
المبحث الثالث :
في اعتقاد الشيخ اتحاد عمرو بن ميمون مع عمرو بن أبي المقدام ثابت . قال في " قاموس الرجال " : " التحقيق : خلط الفهرست بين رجلين (عمرو بن ميمون) وقد ورد في الكافي ، في باب معرفتهم عليهم السلام أولياءهم ، ففيه (الحسين ابن سعيد ، عن عمرو بن ميمون ، عن عمار بن مروان ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام) ولم يعلم لأبيه كنية ، و (عمرو بن أبي المقدام) واسم أبيه ثابت ، ومر عن رجال الشيخ والنجاشي والمشيخة والبرقي والكشي فجعلهما رجلا واحدا وطريقاه اللذان نقلهما في الكتابين اللذين ذكرهما له لا يدلان على مدعاه ، فالطريق الأول (عن عمرو ابن ميمون) ، والثاني (عن عمرو بن أبي المقدام) ولم يجمعا في طريق من الراوي حتى يكون شاهدا له ، ولعل منشأ خلطه أنه رأى (عمرو بن ميمون ، عن جابر ، عن الباقر عليه السلام) كما ذكر في طريق كتاب حديث الشورى ، ورأى (عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر ، عن الباقر عليه السلام) كما في صلة رحم الكافي ، فتوهم اتحادهما لعدم التنافي بين الكنية والاسم .

(الصفحة 355)


لكن عرفت الاتفاق على كون عمرو بن أبي المقدام هو عمرو بن ثابت ، وحينئذ فكتابه الثاني - وهو كتاب المسائل - ليس لهذا لأن طريقه جعله لعمرو بن أبي المقدام ، وعمرو بن أبي المقدام غير هذا " (7) إنتهى ما أردنا نقله هنا .
أقول : لا ريب في كون ثابت والد عمرو مكنى بأبي المقدام ، وكذا لا إشكال في انصراف عمرو بن أبي المقدام إلى عمرو بن ثابت ، لكن ذلك لا يثبت انحصار المسمى بعمرو بن أبي المقدام فيه بتاتا كما أشرنا إليه آنفا ، ولم يظهر أن مدرك الشيخ في الحكم بتكنية ميمون بأبي المقدام هو الطريقان المذكوران حتى يرد عليه عدم دلالتهما على مدعاه . وحكم الشيخ باتحاد عمرو بن ميمون مع عمرو بن أبي المقدام - بمجرد روايتهما عن جابر الجعفي - بعيد ، نعم ، يأتي عند ذكر القول المختار ما يتمم هذا التقريب كي يكون وجها معقولا لوقوع الشيخ في الخطأ .
المبحث الرابع :
في نسبة كتاب حديث الشورى إلى عمرو بن ميمون الأودي . اختار صاحب " قاموس الرجال " أن كتاب حديث الشورى لعمرو بن ميمون الأودي ، وقد أشار إلى ذلك في ترجمة عمرو بن ميمون ، وقال بعده في ترجمة عمرو بن ميمون الأودي : " عنونه حلية أبي نعيم وروى بإسناده ، عنه ، عن ابن عباس ، قال : أمر النبي بسد الأبواب إلا باب علي عليه السلام (8) . وروى الشيخ في أوائل أماليه مسندا عن شريك القاضي ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون الأودي أنه ذكر عنده علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقال : إن قوما ينالون منه ، أولئك هم وقود النار ، ولقد سمعت عدة من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم منهم حذيفة بن اليمان ،
-------------------------------------
(7) قاموس الرجال ج 7 / 169 .
(8) حليه الأولياء 4 / 153 .

(الصفحة 356)


وكعب بن عجرة يقول كل رجل منهم : لقد أعطي علي ما لم يعطه بشر (9) - الخبر - وفي معارف ابن قتيبة : أدرك النبي ومات سنة 74 (10) .
وروى في الحلية عنه قال : " شهدت عمر غداة طعن ، فكنت في الصف الثاني ، وما منعني أن أكون في الصف الأول إلا هيبته ، كان يستقبل الصف الأول إذا أقيمت الصلاة ، فإن رأى إنسانا متقدما أو متأخرا أصابه بالدرة - إلى أن قال بعد ذكره أن الطبيب قال لعمر : ما أرى أن تمسي ، وبعد ذكره محو عمر فريضة الجد من الكتب بيده - فقال عمر : ادعوا لي عليا وعثمان - إلى أن قال : - فلما خرجوا قال : إن ولوها الأجلح سلك بهم الطريق ، فقال له عبد الله بن عمر : ما يمنعك منه ؟ ! قال : أكره أن أتحملها حيا وميتا " (11) .
ورواه ابن قتيبة مرفوعا عنه (12) .
وقلنا في السابقة أن كتاب حديث الشورى لهذا كما عرفته من هذا الخبر ، لا لذاك كما قاله الفهرست ، ولا يمكن اتحادهما ، لأن ذاك روى بواسطتين عن الباقر عليه السلام كما عرفته من خبر الكافي - وجعل الفهرست الواسطة واحدة فيه سقط - وهذا كان أيام عمر رجلا يشهد صلواته " (13) إنتهى .
أقول : الأولى أن يستدل في عدم اتحاد عمرو بن ميمون الوارد في فهرست الشيخ ، وعمرو بن ميمون الأودي بتأريخ وفاته ، وأما مجرد شهوده الأودي لصلاة عمر فلا يكون مبررا لعدم إمكان اتحاده مع عمرو بن ميمون الراوي عن الباقر عليه السلام بواسطتين ، لاحتمال كونه من المعمرين ، ورواية الشيوخ عن الشباب - خصوصا إذا كان المروي عنه مثل الباقر عليه السلام الذي هو من الدوحة النبوية -
---------------------------------------
(9) أمالي الشيخ 2 / 170 .
(10) المعارف : 426 .
(11) حليه الأولياء 4 / 151 .
(12) الإمامة والسياسة : 21 .
(13) أنظر قاموس الرجال 7 / 170 .

(الصفحة 357)


ليست بمستبعدة .
لكن بعد أن لاحظنا وفاة عمرو بن ميمون الأودي في سنة 74 أو 75 (14) ، أي قبل إمامة الباقر عليه السلام بإحدى عشر أو عشر سنين ، ولاحظنا أنه أدرك الجاهلية وكان قد أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، بل يقال : إنه أدى صدقته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم (15) ، وظاهرة بلوغه عند إدراك النبي صلى الله عليه وآله ، فحينئذ يستبعد جدا روايته عن الباقر بواسطتين بل بواسطة واحدة ، خصوصا إذا كان الواسطة جابر بن يزيد الجعفي ، المتوفى سنة 127 أو 132 ه‍ . ثم إن حكمه - دام ظله - بوجود السقط في طريق الفهرست لا وجه له ، لعدم التنافي بين الرواية مباشرة والرواية مع الواسطة في رواية واحدة ، كما نبه عليه في مقدمات المنتقى ، فضلا عن المقام حيث اختلفت الروايتان . وكيف كان ، فالمهم تحقيق نسبة كتاب حديث الشورى إلى عمرو بن ميمون الأودي ، فإن ما حكاه - دام ظله - غير واف بإثبات ذلك لعدم اشتماله على ذكر حديث الشورى فنقول : روى العامة - كالبخاري في باب مناقب المهاجرين وفضلهم ، باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان - هذا الخبر عن عمرو بن ميمون . وقد ذكر ابن حجر في شرحه : هو الأزدي (16) قال : رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف . . . ثم ذكر حديث قتله ، وفي آخره حديث الشورى . وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : روى عمرو بن ميمون ، قال : سمعت عمر وهو يقول : - وقد أشار إلى الستة ولا يكلم أحدا منهم إلا علي بن أبي طالب وعثمان . . . (17) .
------------------------------------------
(14) الإصابة 13 / 118 ، أسد الغابة 4 / 134 ، الإستيعاب 2 / 542 (هامش الإصابة) ، تهذيب التهذيب 8 / 109 ، المعارف : 426 .
(15) أسد الغابة 4 / 134 .
(16) فتح الباري 7 / 48 .
(17) شرح ابن أبي الحديد 12 / 108 ، ثم إن في ص 191 من هذا المجلد : روى عمرو بن ميمون ، قال : لما طعن عمر دخل عليه كعب الأحبار فقال : الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ، قد أنبأتك أنك شهيد (! ؟) قال : من أين لي الشهادة وأنا بجزيرة العرب ؟ ! والقطعتان غير موجودتين في صحيح البخاري وكأنه وقع فيه اختصار .

(الصفحة 358)


فهذا يدل على رواية عمرو بن ميمون الأودي لحديث الشورى ، لكنه لا يتنافى ذلك مع رواية رجل آخر مسمى بعمرو بن ميمون ، عن جابر ، عن الباقر عليه السلام ، والشيخ - قدس سره - لم يكتف بإثبات كتاب حديث الشورى له ، بل قال : إنه يرويه عن جابر ، عن الباقر عليه السلام ، وذكر في طريقه إلى الكتاب أيضا ذلك ، وقد استدل المحقق التستري - دام ظله - نفسه بهذا الطريق في توجيه خطأ الشيخ في إثبات كنية أبي المقدام لميمون ، فحينئذ لا نجد وجها لتخطئة الشيخ في هذه الخصوصيات أيضا . ثم إن رواية عمرو بن ميمون الأودي مربوطة بحديث مقتل عمر إلى الفراغ من دفنه ، وأما حديث الشورى فقد أشير إليها في آخرها إشارة عابرة ، فلا يمكن أن يكون هذا الحديث من كتاب حديث الشورى . هذا مضافا إلى أنه لم يثبت تشيع عمرو بن ميمون الأودي - أعني التشيع باصطلاح المتأخرين ، لا التشيع في قبال العثمانية - وما أورده - دام ظله - غير كاف لإثبات ذلك ، فإن مجرد رواية فضائل علي لا تدل على التشيع - وظاهر ترضيه على عمر تشيعه ، بل مر في خبر عنه مذكور في شرح ابن أبي الحديد ما قاله كعب الأحبار لعمر : قد أنبأتك أنك شهيد (! ؟) ، فتأمل . وفي حلية الأولياء 4 / 149 بإسناده عنه : ثلاثة أرفضوهن ولا تكتموا فيهن ، القدر ، والنجوم ، وعلي وعثمان . وأيضا في ص 152 منه روى عنه عن علي بن أبي طالب عليه السلام مدح بليغ لعمر ، فهذه كلها شواهد على عدم تشيع عمرو بن ميمون . نعم ، هو غير ناصبي كما يدل عليه ما في حلية الأولياء وما في أمالي الشيخ ، وقد تقدم في كلام صاحب " قاموس الرجال " .
فحينئذ لا وجه لذكر الشيخ إياه في فهرسته الذي هو فهرست مصنفي الشيعة ومن روى عنهم أو صنف لهم .

(الصفحة 359)


المبحث الخامس
في بيان القول المختار في المسألة .
المتحصل من جميع ما مر إلى حد الآن أن الحكم بخطأ الشيخ مشكل ، لكن مع ذلك الظاهر عدم كون كتاب حديث الشورى لعمرو بن ميمون ، وعدم كون كتاب مسائل اليهودي له ، وعدم ثبوت تكنية والد عمرو بن ميمون بأبي المقدام . وتوضيح ذلك : أن الصدوق حكى في الخصال ، حكاية مسائل رأس اليهود عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وفي سنده : موسى بن عبيد ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن محمد بن الحنفية رضي الله عنه ، وعنه أيضا : عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام (18) .
وعمرو بن أبي المقدام الراوي عن أبي إسحاق السبيعي ، وجابر هو عمرو بن ثابت بن هرمز (19) .
فالظاهر أن كتاب مسائل اليهودي لعمرو بن أبي المقدام المعروف . هذا ، وأما كتاب حديث الشورى فالظاهر أنه لعمرو بن شمر ، ففي الاحتجاج : روى عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه السلام . . وذكر حديث الشورى بالتفصيل وفيه : " فلما رأى أمير المؤمنين عليه السلام ما هم القوم من البيعة لعثمان قام فيهم ليتخذ عليهم الحجة ، فقال لهم : اسمعوا مني كلامي ، فإن يك حقا فاقبلوا ، وإن يك باطلا ، فأنكروا . ثم قال : أنشدكم الذي يعلم صدقكم إن صدقتم ، ويعلم كذبكم إن كذبتم ، هل فيكم أحد صلى القبلتين كلتيهما غيري ؟ قالوا : لا . . . . . إلى أن قال : نشدتكم بالله ، هل فيكم أحد نصبه رسول الله يوم غدير خم بأمر
------------------------------------------
(18) الخصال : 364 ، باب السبعة ح 58 .
(19) لاحظ : تهذيب التهذيب 8 / 9 ، الكافي 1 / 374 ، الاختصاص : 257 و 334 وقارنه على سبيل المثال مع : الكافي 1 / 181 و 228 ، و 2 / 151 ، و 5 / 151 ، و 6 / 274 ، التهذيب 7 / ح 17 ، و 9 / ح 407 ، البصائر : 4 و 193 و 255 . .

(الصفحة 360)


الله تعالى - فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه - غيري ؟ قالوا : اللهم لا " (20) . ولا يبعد أن هذا الحديث كان قد انفرد في موضع ، وكان عمرو بن شمر قد صحف فيه بعمرو بن ميمون (وتصحيف " شمر " ب‍ " ميمون " غير غريب) فرأى الشيخ هذه النسخة المصحفة فتخيل اتحاد عمرو بن ميمون مع عمرو بن أبي المقدام ، ووجه هذا الاعتقاد أن حديث مسائل اليهودي أيضا مشتمل على مسألة الشورى أيضا ، وقد رواه عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام . فحيث لا تنافي بين التسمية بميمون والتكنية بأبي المقدام فالتشابه التام بين عمرو بن ميمون وعمرو بن أبي المقدام دعاه إلى القول باتحادهما . فكتاب حديث الشورى عين هذه الرواية المبسوطة ، ويكفي هذا المقدار في إطلاق اسم الكتاب عليه كما هو غير خفي على العارف بمصطلح أرباب الرجال ، وإن أبيت فهذا الحديث جزء من ذاك الكتاب . فتحصل من جميع ما مر أن كتاب حديث الشورى لعمرو بن شمر على الظاهر ، وكتاب مسائل اليهودي لعمرو بن أبي المقدام أيضا ، ولم يثبت كون لعمرو بن ميمون ذا كتاب ، ولا كون أبيه مكنى بأبي المقدام ، والحمد لله رب العالمين.
-----------------------------------
(20) الاحتجاج : 134 .

(الصفحة 361)


مصادر البحث
1 - الاحتجاج ، أبي منصور أحمد بن علي الطبرسي (القرن السادس) ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ، 1403 ه‍ .
2 - الاختصاص ، المنسوب إلى الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (1) (336 - 413 ه‍) ، مكتبة الصدوق ، طهران ، 1379 ه‍ .
3 - الإستيعاب ، يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي (368 - 463 ه‍) ، هامش الإصابة) دار صادر ، بيروت ، (من مطبعة السعادة ، مصر ، 1328 ه‍) .
4 - أسد الغابة ، عز الدين علي بن محمد المعروف بابن الأثير (555 - 630 ه‍) ، انتشارات إسماعيليان ، طهران (من مطبعة جمعية المعارف المصرية ، 1286 ه‍) .
5 - الأمالي ، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي (385 - 460 ه‍) ، مكتبة الداوري ، قم (من مكتبة الحيدري ، النجف الأشرف) .
6 - الإمامة والسياسة ، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (213 - 276 ه‍) ، شركة مكتبة مصطفى البابي الحلبي ، مصر ، 1388 ه‍ .
7 - بحار الأنوار ، المولى محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (1037 - 1110 ه‍) ، دار الكتب الإسلامية ، طهران ، 1380 ه‍ .
8 - بصائر الدرجات ، محمد بن الحسن الصفار (- 290 ه‍) ، نشره الحاج محمود الريسمانجي الصادقي ، تبريز 1381 ه‍ (2) .
9 - تهذيب الأحكام ، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي (385 - 460 ه‍) ، دار الكتب الإسلامية ، النجف الأشرف ، 1379 ه‍ .
10 - تهذيب التهذيب ، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773 - 852 ه‍) ، دار صادر ، بيروت (من مجلس دائرة المعارف النظامية ، حيدر آباد ، دكن ، 1326 ه‍) .
11 - حلية الأولياء ، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني (336 - 430 ه‍) ، دار الكتاب
* لاحظ ما كتبناه عند ذكر مصادر بحث الغدير في حديث العترة الطاهرة . (1) وهذه الطبعة مشحونة بالأغلاط فاعتمدنا علي النسخ المخطوطة منها فقط
(2) وهذه الطبعة مشحونة بالأغلاط فاعتمدنا علي النسخ المخطوطة منها فقط .

(الصفحة 362)


العربي ، بيروت 1387 ه‍ .
12 - الخصال ، الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (ح 306 - 381 ه‍) ، مكتبة الصدوق ، طهرا ن ، 1389 ه‍ .
13 - رجال البرقي ، المنسوب إلى أحمد بن أبي عبد الله البرقي (3) ، مطبعة جامعة طهران ،
14 - رجال الشيخ الطوسي ، محمد بن الحسن (385 - 460 ه‍) ، المكتبة الحيدرية ، النجف الأشرف ، 1381 ه‍ .
15 - رجال النجاشي ، أبو العباس أبو الحسين أحمد بن علي النجاشي (372 - 450 ه‍) ، تحقيق آية الله السيد موسى الشبيري الزنجاني ، مؤسسة النشر الإسلامي ، قم ، 1407 ه‍ .
16 - شرح نهج البلاغة ، عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني (586 - 656 ه‍) ، إسماعيليان ، طهران (من نشر دار إحياء الكتب العربي ، 1378 ه‍) .
17 - صحيح البخاري (= الجامع الصحيح) ، محمد بن إسماعيل البخاري (194 - 258 ه‍) .
18 - فتح الباري شرح صحيح البخاري ، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773 - 852 ه‍) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، 1402 ، (من المطبعة البهية المصرية ، القاهرة ، 1348 ه‍) .
19 - الفهرست ، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي (385 - 460 ه‍) ، المكتبة المرتضوية ، النجف الأشرف ، 1356 ه‍ .
20 - قاموس الرجال ، الشيخ المحقق محمد تقي بن التستري (ح 1320 -) ، مركز نشر الكتاب ، طهران 1386 ه‍ .
21 - الكافي ، أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني (- 328 أو 329 ه‍) ، دار الكتب الإسلامية ، طهران ، 1375 ه‍ .
22 - المعارف ، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، (213 - 276 ه‍) ، مطبعة دار الكتب ، ، 1960 م .
23 - معجم رجال الحديث ، آية الله العظمى السيد أبو القاسم بن علي أكبر الموسوي الخوئي
(3) والنسبة خاطئة كما نبه عليه المحقق التستري في مقدمة " قاموس الرجال " وأثبتناه في مقال حول الربط بين رجال الشيخ ورجال البرقي .
(363)
(1317 -) ، منشورات مدينة العلم ، قم (الطبع في بيروت ، لبنان ، 1403 ه‍) .
24 - منتقى الجمان ، الشيخ حسن بن زين الدين العاملي (959 - 1011 ه‍) .

(الصفحة 364)


من ذخائر التراث

(الصفحة 365)
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف