البحث في...
الإسم
الإسم اللاتيني
البلد
التاريخ
القرن
الدين
التخصص
السيرة
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة
جويدي ( ميكلنجلو )

جويدي ( ميكلنجلو )

الإسم اللاتيني :  MICHELANGELO GUIDI
البلد :  إيطاليا
التاريخ :  1886م - 1940م
القرن :  19 - 20
الدين : 
التخصص :  الاسلام - الاسلام والمانوية - اليزيديين - الخوارج - تاريخ الدين الاسلامي - النبي محمد ص

(19/3/1886 – 15/6/1940)

 مما يلفت النظر في الاستشراق الإيطالي أن بعض أعلامه توارثوه ولداً عن والد: ميكلنجلو عن اجنتسيو جويدي، وفرنشسكو عن جوزپه جبرييلي، وماريّا عن كرلو ألفونسو نلّينو. لكنه يلاحظ مع ذلك أن الأبناء لم يختصوا بنفس الميدان الذي اختص به الآباء في النطاق العام للاستشراق. وهكذا أظهر ما يكون في ميكلنجلو جويدي: فغنه برّز في التاريخ الديني وعني بالتراث اليوناني، بينما برّز أبوه اجنتسيو في الفيلولوجيا العربية والسامية.

ولد ميكلنجلو جويدي في 19 مارس سنة 1886 في مدينة روما، حيث كان بيت أبيه ـ الكائن في شارع الحوانيت المظلمة Via delle botteghe oscure (ويشتهر اليوم بأن فيه مقرّ الحزب الشيوعي الإيطالي) ـ مقصداً للباحثين في العلوم العربية والإسلامية والسامية بعامة.

والتحق بجامعة روما في خريف 1904، حيث تخصص في الدراسات الكلاسيكية (اليونانية واللاتينية)، وعلى وجه أخص في الأدب اليوناني وكان يقوم بتدريسه آنذاك علم من أعلام تاريخ الأدب اليوناني وهو نقولا فستا Nicola Festa.

غير أن هوى ميكلنجلو كان مع الأدب اليوناني القديم. ومن هنا كانت غرة دراساته الأولى، وهو لا يزال طالباً في الجامعة، دراسة عن ترجمة لحياة الإمبراطور قسطنطين، أول إمبراطور رماني اعتنق المسيحية وجعلها دين الدولة الرسمي.

فاقتاده الاهتمام بالأدب اليوناني المسيحي الكنسي إلى تعلّم اللغة القبطية المصرية، نظراً إلى الدور الكبير الذي كان للكنيسة القبطية في القرون الأربعة الأولى للمسيحية، ونحن نعلم أيضاً أن اللغة القبطية مملوءة تماماً بالكلمات اليونانية، خصوصاً اللغة الدينية منها. وفي موضوع اللغة القبطية وعلاقتها باللغة اليونانية كتب ميكلنجلو جويدي رسالة للدكتوراه، نوقشت في دورة يونيو 1909، وهي رسالة لم ينشرها، لكنه استعان بها في وضع فهرس لغوي يوناني للمجلد الثالث من نشرة مؤلفات الأنبا شنودة، التي قام بها ليپولت Leipoldt.

وقد استمر ميكلنجلو يعنى بالقبطية والدراسات القبطية طوال حياته، رغم أن اختصاصه الرئيسي كان بعد ذلك في العربية والإسلام؛ يدل على ذلك عرضه للكتب التي تتناول الدراسات القبطية في مقالات سنوية كان يكتبها بانتظام من 1908 إلى 1913 في «مجلة الدراسات الشرقية» RSO ثم كتابته لمادتي «أقباط Copti»، و «الشرق المسيحي» في «دائرة المعارف الإيطالية»: كما أنه قام بتدريس اللغة القبطية في الجامعة البابوية (الإپولنارية) في روما.

وفي نفس الوقت ومنذ دخوله الجامعة كان يتابع بانتظام واهتمام دروس اللغة السنسكريتية التي كان يلقيها آنذاك في كلية الآداب بجامعة روما أمبروجيو بلّيني Ambrogio Bellini وأفضت به دراسة السنسكريتية إلى دراسة اللغة الفارسية الوسطى (الپهلوية)، وهذه بدورها تأدت به إلى الفارسية الحديثة، وهذه جرّته إلى اللغة العربية لما رأى أن الفارسية الحديثة تتألف غالبيتها من كلمات عربية. وهكذا صارت الحلقة الأخيرة هي المستقر الرئيسي. وإلى جانب ذلك، تعلّم وهو لا يزال طالباً في الجامعة، اللغة العبرية، والسريانية، والحبشية.

على أنه إنما أتقن حقاً من بين هذه اللغات جميعاً: اللغة العربية. وأعانته على ذلك إقامته في القاهرة لمدة عام، هو العام الجامعي 1908 ـ 1909، بصحبة والده الذي صار أستاذاً في الجامعة المصرية (الأهلية) منذ أول إنشائها. ومنذ ذلك التاريخ صار تخصصه الأساسي هو الدراسات العربية والإسلامية، لم ينصرف عنها إلا لأوقات قصيرة جداً فيما يكتب مواد في «دائرة المعارف الإيطالية» (مواد: «النقوش السامية»، «القائلون بالطبيعة الواحدة» Monofisiti، «نسطريوس والسناطرة» إلخ)، أو مقالات في تاريخ الكنيسة القبطية أو الكنيسة بعامة.

وعند قرب نهاية 1913 تقدم لمسابقة الحصول على كرسي اللغة العربية في المعهد الشرقي بناپلي، فكان ترتيبه الأول. إلا أنه لم يشغل هذا المنصب، لأنه حصل بعد قليل على مكافأة جوري فيروني Gori Feroni المخصصة للغات الشرقية، ومدتها ثلاث سنوات يعطى فيها الباحث مرتباً حسناً، ويتفرغ أثناءها للبحث فقط. لكن قامت الحرب العالمية الأولى 1914، ودخلتها إيطاليا في السنة التالية، فاستدعي للخدمة العسكرية في سلاح الهندسة البحرية طوال ثلاث سنوات، في أثنائها اشترك في الحملة العسكرية على روسيا.

وفي 1917 حصل على إجازة التأهيل للتدريس Libera docenza من جامعة روما في فقه اللغات السامية. وفي 1919 كُلّف بتدريس اللغة العربية والأدب العربي في جامعة روما، وفي نفس الوقت قام بتدريس اللغة القبطية في الجامعة البابوية (الأپولنارية Apollinare)، واستمر مكلفاً بتدريس اللغة العربية وآدابها في جامعة روما حتى 1922، ثم عين أستاذاً مساعداً في جامعة روما في 1922، وصار أستاذاً ذا كرسي فيها في 1925.

ولما أنشئ «معهد الشرق» Istituto per l' Orionte في 1921 عمل فيه سكرتيراً لتحرير مجلة «الشرق الحديث» Oriente Moderno التي يصدرها هذا المعهد حتى اليوم، واستمر في هذا العمل عدة سنوات.

ثم دعته الجامعة المصرية الجديدة، فقام بالتدريس فيها لمدة ثلاث سنوات، من 1926 إلى 1929 أستاذاً لفقه اللغة العربية، وكان يلقي دروسه ومحاضراته باللغة العربية، كما فعل أبوه من قبل في الجامعة المصرية القديمة. وكان ميكلنجلو جويدي يتكلم العربية ويكتبها بإتقان مدهش، كما قال ليفي دلافيدا (ص 281).. وفي هذه الفترة أصدر الدكتور طه حسين كتابه «في الشعر الجاهلي» (1926) وبديله «في الأدب الجاهلي» (1927)، وكان كلاهما أستاذاً في قسم اللغة العربية بكلية الآداب بالجامعة المصرية الجديدة. وتتواتر الرواية عن حدوث مشاحنات علمية بينهما في شأن الأدب وفي شأن ما كان يذهب إليه الدكتور طه حسين أيضاً من تأثير يوناني في نشأة النقد والبلاغة عند المؤلفين المسلمين في القرون من الثاني إلى الرابع للهجرة. ولم يكن ميكلنجلو جويدي يوافق على آراء الدكتور طه حسين في هذين الأمرين. لكننا لا نعلم شيئاً مكتوباً ومحدداً عن هذه المشاحنات، لأن جويدي لم يكتب شيئاً في هذا الموضوع، كذلك لم يشر الدكتور طه في أي من كتبه إلى هذا الخلاف. وكل ما وجدناه لجويدي في هذا الباب هو ما قاله في مادة: «أدب عربي» بدائرة المعارف الإيطالية من أن رأي الدكتور طه في انتحال الشعر الجاهلي رأي فيه كثير من الشطط والغلوّ.

وفي مستهل 1932، وقد عاد جويدي إلى كرسيّه في جامعة روما، تولى إدارة تحرير «مجلة الدراسات الشرقية» Rivista degli Studi Orientali، واستمر في هذا العمل حتى آخر حياته.

ولما توفي نلّينو في 1938، وكان يشغل كرسي «التاريخ والنظم الإسلامية» في جامعة روما، خلفه ميكلنجلو جويدي، وفي الوقت نفسه كان يقوم بتدريس اللغات السامية واللغة القبطية لبعض الوقت.

كذلك صار في 1938 مديراً للمدرسة الشرقية في جامعة روما.

وصار عضواً في أكاديمية إيطاليا ـ وهي تناظر الأكاديمية الفرنسية في فرنسا ـ في 16 يونيو 1939.

في أوج هذا المجد أصيب ميكلنجلو جويدي بشلل نصفي في الجانب الأيسر، وذلك في يوم 25 يونيو 1945 وهو في التاسعة والخمسين من عمره، فأقعده عن الحركة وإن لم يقعده عن العمل والبحث العلمي وتحسنت حالته شيئاً فشيئاً حتى تمكن من المشي، لكنه أصيب إصابة ثانية في 15 يونيو 1946 فكانت القاضية على حياته في الحال.

وإذا نظرنا الآن في إنتاج ميكلنجلو جويدي في ميدان الإسلام، وجدنا اهتمامه ينصب خصوصاً على دراسة التيارات الشاذة والمتطرفة في الإسلام.

فقد اهتم بالصراع بين الإسلام والمانوية ابتداء من القرن الثاني للهجرة. وفي هذا السبيل نشر رد القاسم بن إبراهيم، وهو مؤلف زيدي يمني، على كتاب لابن المقفع ضد القرآن، وذلك في كتاب بعنوان: «النزاع بين الإسلام والمانوية: كتاب لابن المقفع ضد القرآن ردّ عليه القاسم بن إبراهيم» (روما، 1927) فيه نشر جويدي النص العربي لرد القاسم بن إبراهيم، على أساس مخطوطات في المكتبة الأمبروزية بميلانو، وترجمه إلى الإيطالية مع مقدمة مسهبة وتعليقات وفيرة.

وقد عزم جويدي على نشر كل رسائل القاسم بن إبراهيم، والتي من بينها هذا الرد على ابن المقفع. وبالفعل قام بنسخها ومقارنتها على عدة مخطوطات، وأخذ في ترجمتها إلى الإيطالية. لكنه مع ذلك لم يتم عمله هذا، ولم ينشر منه شيئاً.

كذلك عني جويدي بنحلة أخرى غريبة، هي «اليزيدية»، وهي فرقة دينية تنسب نفسها إلى الخليفة يزيد بن معاوية، ولكنه لا علاقة له بها مطلقاً، ولا يزال لها أنصارها حتى اليوم بالقرب من الموصل (في شمالي العراق) وفي جبل سنجار (بين العراق وسوريا)، ومذهبهم عبادة الشيطان. وقد كتب جويدي عن هذه الفرقة بحثين: الأول بعنوان: «نشأة اليزيدية»، والثاني بعنوان: «أبحاث جديدة عن اليزيدية» (نشرها في «مجلة الدراسات الشرقية» RSO جـ 13 1932 ص 286 ـ 300، ث ص 377 ـ 427).

ومن الفرق الإسلامية تناول الخوارج، فكتب عنهم بحثاً موجزاً بعنوان: «في الخوارج» (نفس المجلة RSO جـ 21 1944 ص 1 ـ 14).

لكن أكبر آثاره في ميدان دراسة الإسلام هو الفصل الطويل الذي كتبه بعنوان: «تاريخ الدين الإسلامي» ضمن كتاب شامل عنوانه: «تاريخ الأديان» (بإشراف Pietro Tacchi Venturi، تورينو 1936 المجلد الثاني ص 227 ـ 359). وعلى الرغم من أن هذا الفصل عام ومقصود به عامة القراء، فإن فيه نظرات أصيلة. والفكرة الأساسية فيه هي توكيدة لأصالة الإسلام وللدور الهائل الذي قامت به شخصية النبي محمد في تكوين الإسلام وتشكيله: عقيدة وسياسة وحضارة، وللطابع القومي للعرب في تشكيل الإسلام. وبهذه الفكرة عارض ما ذهب إليه جولدتسيهر من مبالغة في تقدير دور العوامل والمؤثرات الأجنبية (وبخاصة اليهودية)، وما ارتآه كارل هينرش بكر من تأثير هائل للهلنية في تشكيل الإسلام.

يقول ليفي ولافيدا: «إن فكرة «العروبة» arabismo هذه التي وضعها جويدي أساساً لتطور حضارة عالمية مثل الحضارة الإسلامية، تكوّن النقطة المحورية التي ظل جويدي يدور حولها في السنوات العشر الأخيرة من حياته. ومن أجل تحديدها وتوضيحها توضيحاً كاملاً راح يفكر في تأليف كتاب واسع كان يود أن يجعل عنوانه هو: «تاريخ العرب وحضارتهم». ولم يكتب بجمع المواد بل بدأ فعلاً في السنة الأخيرة من حياته في تحريره، دون أن يضعف المرض من حماسته ولا أن يبطئ من تقدمه». (ص 284).

لكن الموت المفاجئ المبكّر حال بينه وبين إنجاز هذا المشروع، ولم يخلِف بعد وفاته إلاّ شطراً صغيراً منه، نشر بعد وفاته بخمس سنوات في كتاب بعنوان: «تاريخ العرب وحضارتهم حتى وفاة محمد» (فيرنتسه، 1951) Storia e cultura degli Arabi fino alla morte di Maometto.

كذلك كان من مشروعاته الكبيرة أيضاً كتابة: «تاريخ للأدب العربي»؛ وفعلاً قام بجمع مواد عديدة لتحرير هذا الكتاب؛ لكنه لم يستطع إنجازه أيضاً، ولم يصدر عنه في هذا الباب إلا مادة: «الأدب العربي» في «دائرة المعارف الإيطالية»؛ لكنها على إيجازها غنية بالأفكار، واضحة المعالم، موحية بالكثير من الملاحظات، مما يجعل الأسف شديداً على أن يكون الموت قد حال هذه المرة أيضاً دون إنجاز هذا المشروع الجليل.

وإلى جانب هذه الأبحاث العلمية عن الإسلام والعرب، كان ميكلنجلو جويدي قويّ الصلة بالعالم العربي المعاصر ومشاكله، وساعد على ذلك ثلاثة عوامل: الأول عمله في تحرير مجلة «الشرق الحديث» Oriente Moderno وهي مجلة متخصصة في الشؤون الحاضرة للعالم العربي المعاصر؛ والثاني أسفاره الطويلة والعديدة في البلاد العربية، وخصوصاً مصر التي أقام بها كما قلنا ثلاث سنوات متواصلة (1926 ـ 1929) أستاذاً في كلية الآداب بالجامعة المصرية الجديدة؛ والثالث ثقة الحكومة الإيطالية به، خصوصاً بعد وفاة نلينو في 1938، حتى كان بمثابة «المستشار الفني» للشؤون العربية والإسلامية للحكومة الإيطالية ابتداء من 1938 وخصوصاً إبان الحرب العالمية الثانية حتى 1943، وهي فترة قصيرة مضطربة الأحداث. ومما أسهم به في هذا المجال بحث بعنوان: «أحوال ومشاكل العالم الإسلامي» (روما، 1937، كراسات المعهد الوطني للثقافة الفاشستية 7: 7)؛ وآخر بعنوان: «الإسلام والعروبة» (في مجموعة دراسات بعنوان: «أحوال ومشاكل العالم الإسلامي» روما، 1941، ص 7 ـ 28، الأكاديمية الملكية الإيطالية: محاضرات مركز دراسات الشرق الأدنى، 1).

المصدر: موسوعة المستشرقين للدكتور عبد الرحمن بديوي، 1992

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف