البحث في...
الإسم
الإسم اللاتيني
البلد
التاريخ
القرن
الدين
التخصص
السيرة
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة
دنيس جونسون ديفز

دنيس جونسون ديفز

الإسم اللاتيني :  Denys Johnson-Davies
البلد :  بريطاني ولد في كندا
التاريخ :  1922م - معاصر
القرن :  القرن 20_21
الدين :  اعلن اسلامه
التخصص :  اللغة العربية - الترجمة

دنيس جونسون ديفز

Denys Johnson-Davies

ولد 1922 في ڤانكوڤر، كندا

مترجم بارز من العربية إلى الإنگليزية ومبدع، كرس حياته لترجمة الأدب العربي الحديث إلي اللغة الإنكليزية، أحب هذا الأدب، ووجد أن أحسن وسيلة للتعريف به هو ترجمته، وقد كان من الأوائل الذين قاموا بهذه المهمة، حيث كانت أول ترجمة له سنة 1947 بترجمة مختارات قصصية لمحمود تيمور، نشرها علي حسابه الخاص، لا أحد كان آنذاك يهتم بالأدب العربي الحديث، وقد كانت مساهمة هذا المترجم الفذ ذات أهمية كبيرة في التعريف بهذا الأدب، وفي الوقت نفسه ساير تطوره منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلي الآن، فترة زمنية ليست بالسهلة، عرف فيها دنيس مشاكل وعراقيل كثيرة، وهو يؤكد أنها مشاكل تواجه كل من يفتتح مجالا لأول مرة، لكنها لم تثنه عن المضي في درب الترجمة معرفا بالأدب العربي الحديث للقارئ الغربي الذي لم تكن له أي صلة بهذا الأدب، وقد كانت محنته كبيرة في البحث عن ناشر لترجماته في غياب أي دعم عربي، ولولا مجهوداته الشخصية لما تكلمت كثير من النصوص العربية اللغة الإنكليزية.

النشأة :

عشية الحرب العالمية الثانية كان يعيش في القاهرة " طفل " بريطاني اسمه "دينيس جونسون ديفيز"، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها كان "دينيس" في السادسة عشرة من عمره، فعاد مع أسرته إلى لندن حيث التحق بالدراسة في جامعة كمبردج، وهناك اختار دراسة اللغة العربية رغم أن عدد طلبة القسم لم يكن يتجاوز 3 طلاب فقط!

"دينيس جونسون ديفيز"، الذي أصبح فيما بعد أول مترجم للأدب العربي، كان واحدًا من الطلاب الثلاثة الذي كان ثانيهم هو وزير الخارجية الإسرائيلي السابق –فيما بعد- "أبا إيبان" وفي هذا الوقت رفض "ديفيز" صداقة "أبا إيبان"، فالشاب البريطاني الذي تربى في مصر كان يعشق العرب ويكره إسرائيل بشدة!

من هو دنيس جونسون ديفيز؟ حدثنا عن حياتك وعن علاقتك باللغة العربية.

إنه حديث طويل جدا، لكن ما أريد تأكيده هو أنني درست اللغة العربية بالمصادفة، وبالمصادفة فقط. لقد عشت جزءا من حياتي وأنا طفل، في مصر وفي السودان ثم في أوغندا. وأنا في السودان كان عمري من أربع إلي ست سنوات، كنت أعيش في مكان اسمه وادي حلفة في الشمال، كل زملائي الأطفال سودانيون، لم يكن هناك أطفال إنكليز، وكنت مضطرا الي أن أتقن اللغة العربية (اللهجة السودانية). إن الطفل يتعلم بسرعة، لكنه ينسي بسرعة، لذلك حين ذهبت إلي انكلترا كان عمري إثني عشر عاماً لم أبدأ في تعلم اللغة العربية إلا في هذه السن، ولم أكن أعرف آنذاك ولا كلمة في اللغة العربية، ولذلك بدأت من الأول، لكن ربما كانت في أعماق ذاكرتي بقايا من اللغة العربية. إن الموضوع غريب فعلا، وقد تحدثت عنه في كتاب سينشر في بداية السنة المقبلة، وهو بعنوان مذكرات مترجم ، لقد حكيت فيه كيف بدأت في ميدان الترجمة.. يجب أن تعلم أنني لم أكن ناجحا في دراستي بالمرة والرتبة التي كنت أحصل عليها في القسم هي 23 علي 25، وكان لابد أن أكرر السنة، والشيء الغريب الذي حصل هو أنني كنت ألعب في المدرسة، اسكواتش، وهي لعبة مثل التنس تلعب داخل غرفة مغلقة، وكنت ماهرا في هذه اللعبة، بحيث كنت بطلها في المدرسة، لكن الناظر منع لعب هذه اللعبة بالنسبة للتلاميذ الذين لا يتجاوز عمرهم ست عشرة سنة، وبطبيعة الحال لم أكن قد بلغت بعد هذا السن (كان عمري آنذاك أربع عشرة سنة) فتدخل أبي وقال للناظر بما أن ابني بطل اسكوتش فلا بد أن يسمح له باللعب، ووصل به الأمر أن هدد بأخذي من المدرسة وفعلا فعل ذلك، فخرجت وكنت مبسوطا جدا، لأنني كنت أكره المدرسة كرها شديدا لأنها كانت داخلية وقاسية، وسألني أبي بعد ذلك قائلا: الآن، ها أنت قد خرجت من المدرسة فماذا ستفعل؟ لقد وضعت نفسي في مشكلة معك. فوجدت نفسي أقول: أريد أن أدرس اللغة العربية، فرحب بالفكرة، لكنه أوضح لي أنه لا بد أن أدرس سنة كاملة وأنجح لكي أتمكن من دراسة اللغة العربية، وفعلا اشتغلت ولأول مرة في حياتي شعرت أن أبي في موقف صعب، فدرست بشكل جيد وصارم ونجحت في الامتحان الذي يؤهلني لدخول جامعة كمبردج، لكن مرة أخري سأصادف مشكل السن، لأن عمري آنذاك خمس عشرة سنة، وهو سن لا يسمح بدخول هذه الجامعة، ولا يمكنني ذلك إلا بعد سنة، أي في سن السادسة عشرة (رغم أن العرف هو ثماني عشرة سنة)، فذهبت إذاك إلي لندن، والتحقت بمدرسة اللغات الشرقية وبدأت في دراسة اللغة العربية، وبعد ذلك دخلت جامعة كمبردج.. الخ. ولحسن حظي كانت الحرب قد بدأت فأرسلوني إلي بي.بي.سي (B.B.C) القسم العربي، وبقيت فيها خمس سنوات وكنت مع العرب ليل نهار، وهو ما ساعدني علي تعلم اللغة العربية، هذه بإيجاز هي خلفية تعلمي هذه اللغة..

 

لماذا اختار الترجمة مهنة ؟

 

في بداية الحرب، كانت الحركة الجديدة في الأدب العربي في بدايتها، فقرأت بعض كتابات محمود تيمور، وتوفيق الحكيم وغيرهما، ولما انتهت الحرب ذهبت إلي مصر، وكان ذلك سنة 1945، واتصلت بالكتاب هناك، فقررت أن أقوم بشيء ما، فترجمت مختارات قصصية لمحمود تيمور، وكانت بذلك أول قصص تترجم إلي الإنكليزية في الأدب العربي الحديث، ونشرته في مصر علي نفقتي سنة 1946، وبعد ذلك قررت أن أصدر كتابا يحتوي علي مختارات قصصية عربية، تشمل جل البلدان العربية، واشتغلت في جمع النصوص، وفي سنة 1967 كانت الترجمة جاهزة، ووجدت لها ناشرا هو: (Oxford university pre)، وفعلا تم نشر الكتاب بهذه الدار، وهي أول مختارات قصصية عربية بالإنكليزية، لكن لا بد من الانتباه إلي أنه في هذا الوقت لم يسبق للعالم العربي أن سمع عن أدب عربي حديث، وأتذكر أنه من شروط نشر كتاب مترجم في هذه الدار هو أن يقوم بتقديمه مستشرق معروف ومهم، فاتصلت بواحد اسمه (أوبري) وهو الذي ترجم القرآن الكريم، وطلبت منه ذلك وشرحت له الأمر، وأتذكر أنه كان مريضا في ذلك الوقت، بالإضافة إلي أنه غير متخصص في الأدب العربي الحديث، لكن رغم ذلك كتب المقدمة وظهر الكتاب، وهو أول محاولة لتقديم نجيب محفوظ ويحيي حقي والطيب صالح وجبرا إبراهيم جبرا وغسان كنفاني ويوسف إدريس وليلي بعلبكي وزكريا تامر.. وغيرهم إلي القارئ الإنكليزي..

 

لكن ما هو الدافع الذي جعلك تهتم بالترجمة بدل شيء آخر؟

 

لقد شعرت بغياب اشخاص يتقنون اللغة العربية، وأحسست بأنه من واجبي أن أقوم بشيء ما لهذا الأدب العربي الحديث، فالمستشرقون طبعا كانوا مهتمين بالأدب العربي القديم، ولم يكن يوجد أحد منهم يهتم في ذلك الوقت لهذه الحركة الجديدة التي بدأ يعرفها الأدب العربي..

 

هذا بالنسبة للبدايات، لكن نريد أن توضح لنا مشروعك في ترجمة الأدب العربي إلي الإنكليزية..

 

لم يكن عندي مشروع معين، كان ذلك مصادفة، والحياة كلها مصادفات، وجدت نفسي نشرت المجموعتين، وطبعا كنت علي اتصال بالكتاب العرب، نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وغيرهما وبعد ذلك نشرت مجموعة أخري، وترجمت أيضا رواية عرس الزين للطيب صالح، فطلبت من دار (Oxford university pre) أن تنشر هذه الرواية، فرفضت بدعوي أنها ليست متخصصة في الروايات والقصص.. وبالمصادفة كنت علي اتصال بشخص اسمه (جيمس كاري) كان يعمل مشرفا علي سلسلة كتب تنشر تحت اسم (كتاب إفريقيون)، فوافق علي نشر رواية عرس الزين في هذه السلسلة، علي اعتبار أن الطيب صالح إفريقي، ونشرت أيضا في هذه السلسلة مجموعة من مسرحيات توفيق الحكيم لأنه هو أيضا إفريقي، وبعد ذلك اقترحت عليهم ترجمة كتاب آخرين ليسوا بإفريقيين، من فلسطين مثلا، فأسسنا سلسلة جديدة تحت اسم (أدباء عرب)، وبما أنهم لا يعرفون أي شيء عن اللغة العربية والأدب العربي، طلبوا مني أن أكون مشرفا عليها، فوافقت، وبذلك نشرنا لنجيب محفوظ، ومحمود درويش.. ونشرنا لكل الكتاب الكبار..

 

ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الترجمة في التقريب بين الشعوب والثقافات؟

 

نعم، للترجمة دور كبير في التقريب بين الشعوب والثقافات، فالذي لا يسافر لا يستطيع معرفة البلدان الأخري، والشعوب الأخري، إذن فالكتاب هو الوحيد الذي يمكنه أن يقوم بهذا الدور، ولا يتم ذلك إلا عبر الترجمة. إننا نقرأ لهوميروس، ولسرفانتيس، ولدانتي.. وكل ذلك عن طريق الترجمة؛ لكن الخسارة أن القارئ الذي يقرأ دانتي مثلا لا يستطيع أن يذكر لك المترجم، في حين أن المترجم هو الذي قام بهذا الدور الفعال في التقريب بين الثقافات، لكن، مع الأسف، لا يأخذ حقه لا ماديا ولا معنويا..

 

نعلم أن اصعب عملية في الترجمة هي مسألة الاختيار. كيف، وأنت مارست الترجمة لأكثر من نصف قرن، تختار النصوص الأدبية التي تترجمها؟ هل هناك معايير محددة في الاختيار؟

 

هناك فرق بين المترجم الذي يترجم من اللغة العربية، والمترجم الذي يترجم من لغات معروفة مثل الفرنسية والألمانية؛ ففي الغرب هناك مؤسسات ودور نشر هي التي تختار النصوص، فيطلبون من المترجم أن يترجم نصوصا بعينها، ويحددون معه الوقت والسعر، وكل شيء، لكن بالنسبة لحركة النهضة العربية، لم تكن هناك أي دار نشر تهتم بالأدب العربي، أو تكون علي اتصال بما ينتج في العالم العربي من أدب، فكان لزاما علي أن اختار وأترجم، وكانت عملية اختيار النصوص عملا إضافيا بالنسبة لي كمترجم، وطبعا هذه المسألة تخلق لي مشاكل كثيرة؛ مثلا لو ترجمت لمحمد فلن اترجم لمحمود، وربما محمود، يستحق أن يترجم، وسببت لي هذه المسألة مشاكل كما قلت لك، خصوصا أنه لم يكن هناك لفترة طويلة مترجمون غيري، وأنا كمترجم تقع علي عاتقي مسؤولية كبيرة في أن اختار نصوصا وأترجمها، وقد أغفل نصوصا كثيرة، ربما تكون أحسن من النصوص التي اخترتها للترجمة..

 

هل اختيارك نصوصا أدبية للترجمة نابع من عشقك لها أو ميولك لاتجاه أدبي معين، أم أن هناك خلفية ما، هي المحدد الأساس في اختياراتك؟

 

سأحكي لك حكاية، ذات يوم كنت عند صديقي الروائي إدوار الخراط، وكان عنده في البيت أدباء شباب، وأثناء حديثنا سألني أحدهم قائلا: من أنت لكي تختار النصوص التي تترجمها؟ فاجأني السؤال واستغربت، وكنت سأرد إلا أن الخراط ناب عني في الإجابة وقال للشاب: إذا لم يكن هو الذي سيختار النصوص فمن سيختارها؟ فرد الشاب قائلا: يذهب إلي وزارة الثقافة ويسأل، فضحك الجميع، لأن الموظفين في وزارة الثقافة لا ذوق لهم لكي يختاروا، وأيضا رد إدوارد الخراط: إن هذا الشخص إنكليزي يفهم أكثر من رجال وزارة الثقافة ويعرف أكثر الذوق الإنكليزي، وما يروق لذوق القارئ الأجنبي. إن الترجمة عملية شاقة، وأخذ كتاب لا أحبه وأجلس شهورا لترجمته مسألة ولا أستحملها؛ وبذلك كنت أترجم الكتب والنصوص التي أحبها وأعشقها..

 

انصب اهتمامك في المجال الأدبي علي السرد القصصي والروائي، ولم تترجم في الشعر سوي لمحمود درويش؛ ألأن السرد يقدم صورة للإنسان العربي؛ حياته وعاداته وثقافته، سرد يتوفر علي متخيل اجتماعي يجعل الغرب يتعرف علي هذه الجهة من العالم؟

 

هناك عنصر مهم بالنسبة للمترجم وهو الناشر، أين الناشر الذي سينشر هذا الكتاب أو ذاك؟ تكون المسألة طبيعية بالنسبة للكاتب الذي يؤلف كتابا ويبحث له عن ناشر، لكن من غير المعقول أن اجلس لأترجم نصا لكاتب آخر، وبعد ذلك أبحث له عن الناشر، وأنت تعلم أنني الآن أشتغل علي ترجمة مجموعة من القصص المغربية، لكن قبل أن ابدأ اتصلت بناشر بأمريكا حول هذا المشروع، واتفقنا علي الترجمة؛ لأنه بدون ناشر ليست هناك أية فائدة.. أما بالنسبة للشعر فلي وجهة نظر خاصة، وهي أن الذي يريد أن يترجم الشعر لا بد أن يكون شاعرا، وأنا لست شاعرا. لقد قرأت الكثير في الشعر العربي، وخصوصا الشعر العربي الحديث، فبدر شاكر السياب كان صديقا لي، وفعلا قمت بترجمة قصائد له، لكن أين الناشر الإنكليزي الذي سينشر لبدر شاكر السياب ديوانا؟ أظن أنه غير موجود..

 

لكن السرد الذي تترجمه يقدم تصورا للعالم، قد يبدو للقارئ الإنكليزي غريبا عنه، وقد يغير من تصور مسبق صنعه عالم ألف ليلة وليلة، هل هذه المسألة مطروحة؟

 

طبعا هذه مشكلة، كنت أعرف كاتبا في مصر، وكان صديقا لي، اسمه يحيي الطاهر عبد الله، جل مؤلفاته قصص قصيرة، لكنها قصص صعبة جدا، وهو إنسان بدوي، ولم يكن يعرف أية لغة أجنبية، ولا قرأ الأدب الأوروبي، ومرجعيته كانت هي الثقافة الشعبية المصرية، وألف ليلة وليلة وغيرها في الأدب العربي. وقد كنت مترددا في البداية عندما فكرت في ترجمة قصصه، فالذي يريد ان يترجم لا بد أن يترجم شيئا مفهوما عند القارئ الأجنبي، وفعلا قمت بترجمة مجموعة من قصص يحيي الطاهر عبد الله، ولا أعرف ما هو رد فعل القارئ الإنكليزي. يعني من الصعب أن أضع نفسي مكان هذا القارئ الغربي العادي، لأنني لست قارئا غربيا، فحياتي عشتها في البلاد العربية، وأمتلك مرجعية تجعلني أفهم الأدب العربي الحديث. إن المسألة معقدة جدا، فأحيانا تجد كاتبا مهما وممتازا، وله مكانته الخاصة في الأدب العربي الحديث، ولكن لا يرضي القارئ الأجنبي.

 

كتاب "مذكرات مترجم"

لقد بدأت أكتب سيرة حياتي، وهي تقريبا كاملة ـ والحياة الحمد لله ما زالت مستمرة ـ وبعد ذلك فكرت في الحديث عن الترجمة، وأحسن طريقة للحديث عن الترجمة، بالنسبة لي، هي كتابة مذكراتي في الترجمة.. وفي نفس الوقت كنت أشتغل علي أنطولوجيا الأدب العربي الحديث، حيث اخترت سبعة وتسعين (97) كاتبا من شتي البلاد العربية، اخترت نموذجا من نصوصهم إما قصة أو جزءا من رواية، وبالطبع كانت عملية كبيرة جدا، وسيظهر إلي الوجود بعد ستة أشهر أو سنة، وخلال هذه المدة كنت أكتب هذا الكتاب (مذكرات مترجم) بالإنكليزية طبعا، وهو عن تجاربي كمترجم منذ بدأت أمارس الترجمة سنة 1946، والكتاب يتناول اتصالاتي، وصداقاتي مع الكتاب العرب في مصر، وغيرها من البلدان العربية، وأنا الآن أضع اللمسات الأخيرة لهذا الكتاب، وإن شاء الله سيظهر في آخر السنة وسيترجم إلي العربية..

 

الأمانة في الترجمة :

 

سأجيب من خلال حكاية وقعت لي شخصيا. إن أول ما ترجمته هو قصص لمحمود تيمور وطبعا اخترت تيمور لأن أسلوبه كان سهلا، وهو أول تجربة لي في الترجمة، فاخترت له عشرين قصة، ونشرت الكتاب علي نفقتي الخاصة، وقبل أن أنشره أعطيت الكتاب لشخص لكي يقول رأيه فيه، إن الكاتب عادة حين يطلب رأي شخص ما لا يريد أن يسمع إلا المدح، وأنا استغربت من رأيه في الكتاب حين قال لي: القصص جميلة، لكن الترجمة غير مضبوطة، فقلت: كيف ذلك؟ قال: أنا لا أعرف اللغة العربية، لكن إنكليزية هذه القصص لا تمت بصلة للإنكليزية التي أعرفها، وبدأنا نتحدث في التفاصيل ووقفنا عند مجموعة من الجمل فأصر صاحبي علي أن الإنكليزية لا تقول كذا، مثلا، وكنت أقول له: لكن النص العربي يقول ذلك بهذه الطريقة، وأجابني قائلا: أنا لا يهمني كيف تقال هذه العبارة بالعربية لأنني لا أعرفها، ما يهمني هو اللغة الإنكليزية، فأنا أريد أن أقرأ عبارة إنكليزية. لقد استغربت من كلامه فعلا، لكنه قدم لي درسا في الترجمة، وبذلك فالترجمة الحرفية لا قيمة لها، وخصوصا مع لغات تختلف كثيرا من حيث أصولها المختلفة، لا بد للمترجم أن يأخذ المعني ويحوله إلي جملة جديدة..

إذن هناك عوائق في عملية تحويل نظام ثقافي معين إلي نظام ثقافي آخر..

 

نعم، إن السياق الثقافي في لغة ما غيره في لغة أخري، مثلا كيف يمكن أن نترجم الجملة التالية: فلان صلي ركعتين ، كيف توصلها للقارئ الأجنبي، فمن غير المعقول أن تقدم له درسا في الدين الإسلامي، وفي طريقة الصلاة، فلا بد من طريقة سهلة لكي يفهم هذا القارئ الغريب عن السياق الثقافي. هناك مترجمون يضعون هوامش كثيرة للنص، وأنا ضد هذه الفكرة تماما.. بالنسبة إلي إذا كان هناك شيء ما غامض في النص فإني أحاول أن أشرحه من خلال النص، وليس بالهوامش، طبعا هناك أشياء صعبة الفهم وهذه هي العوائق التي تواجه من يترجم نصا من العربية إلي لغة أخري،.. والمترجم من مهامه الأساسية أن يأخذ بيد القارئ وهو يعبر من ثقافة إلي ثقافة..

 

أنت معروف كمترجم، وتكتب أيضا القصة القصيرة، وصدرت لك في هذا الشأن مجموعة قصصية بعنوان مصير أسير سنة 1999، لماذا هذا التحول، وهل لترجماتك تأثير في ذلك؟

 

لا أظن ذلك، يجب أن تعلم أنني كتبت كثيرا في حياتي، وفي بداياتي وأنا شاب نشرت روايتين باسم مستعار. إنها مسألة نشر بالأساس، فالكاتب إذا كان علي يقين من أنه سيجد ناشرا فإنه لا محالة سينتج، وخارج هذه الضمانات يعيش الكاتب أزمات كثيرة.. وأنا لو جلست سنة بكاملها لكتابة رواية فإنني لا أضمن لها ناشرا، ومجموعتي القصصية التي نشرتها، سبق أن نشرت بعض قصصها في مجلات متعددة، وبعضها الآخر وضعته في الدرج، وذات يوم طلب مني أحد الأصدقاء نشرها، فأرشدني إلي الناشر كورتيك الذي سبق له أن نشر لمجموعة من الأدباء العرب مثل زكريا ثامر وسلوي بكر وغيرهما، وفعلا نشرتها الدار.. وقد كتبت أيضا للأطفال، ليس لأنني أحب الكتابة لهم، ولكن لأنني وجدت بعض دور النشر المستعدة لنشر هذا الصنف من الكتب. وقد جئت إلي كتابة الأطفال بالمصادفة، والذي حصل هو أنني ذات يوم كنت مع صديق في منزله، وهو من أغنياء العالم، وسأل ابنه، من هو أبو بكر؟ فأجابه بأنه لا يعرفه، وعمر بن الخطاب فأجاب مرة أخري بالنفي، وبعد ذلك قال له، ما هو دينك فقال: أنا مسلم، فقال له: مسلم لكن جاهل، وإذا به استدار نحوي وقال لي: هل ممكن أن تكتب للأطفال، فأجبته أنه لم يسبق لي أن فعلت ذلك، لكن ممكن أن أجرب، لم لا، فقدم لي شيكا بمبلغ محترم. إنها عملية غريبة لأنني صرفت الشيك، وبعدئذ ذهبت إلي إرلندا لكي أكتب هذا الكتاب، لكني لم أتمكن من ذلك، وكنت علي وشك أن ارجع إلي السيد ماله، فعاندت نفسي وصممت علي التحدي.. وفي الأخير كتبت كتابا يحتوي علي سيرة الرسول، وفيما بعد اخبرني أحد الأصدقاء أن شخصا إنكليزيا متزوجاً من مصرية يعتزم تأسيس دار نشر خاصة بكتب الأطفال، فالتقيت بالناشر، واتفقت معه علي تأليف كتابين، لكن شرط أن يكون أحدهما عن جحا لأنني مغرم بهذه الشخصية، وبعد ذلك كتبت له قصصا مستوحاة من الثقافة الشعبية المصرية ومن ألف ليلة وليلة، وكانت الحصيلة هي ستة عشر كتابا خاصا بالأطفال، وبعد ذلك ترك مصر، فالتقيت بناشر آخر كنت أعرفه وهو دار شروق في مصر، وطلب مني أن استمر معهم في الكتابة للأطفال (وكانت السيدة أميرة أبو المجد هي التي تترأس هذه السلسلة) وفعلا اشتغلت معهم، وكتبت لهم عشرين كتابا. وإجمالا هذه هي قصتي مع الكتابة للأطفال، كل شيء، بالمصادفة، تنجح مشاريع الكتابة والترجمة إذا كان هناك ناشر يضمن خروجها إلي الوجود.

 

أعود معك إلي مجموعتك القصصية، التي لم اطلع عليها مع الأسف، وأتساءل عن العوالم التي تعالجها، فأنت عشت في العالم العربي أكبر فترة من عمرك، هل تستوحي فضاءاتها من صميم الواقع العربي أم أن عوالمها مغايرة لهذا الواقع؟

 

نعم إن معظم هذه القصص تدور حوادثها في العالم العربي وأوغندا.. الخ، فمرجعيتي هي الحياة في البلاد العربية التي عشت فيها.

 

لكن هل شخصياتك وأبطالك تمارس حياتها باعتبارها أجنبية عن العالم العربي أم أنها منسجمة مع هذا العالم.

 

هذه ملاحظة عجيبة، لأن ناقدا كتب عن المجموعة، وقال إنني عالجت المواضيع من خلال نظرة أجنبي يعيش في بيئة مختلفة عنه، وفعلا معظم القصص تعالج مواضيعها عبر شخصيات لها نظرة الغريب.

 

لكن لماذا وقد عشت في العالم العربي فترة طويلة لم تستطع أن تؤسس ألفة مع المكان؟

 

إنها مسألة جذور، فالشخص يحتاج إلي جذوره، فأنا مثلا ولدت في كندا، وتركتها وعمري سنتان، وليس عندي أي حنين لهذا البلد، ولم أزرها بعد ذلك ولا مرة واحدة، ورحت إلي إنكلترا وعمري اثنتا عشرة سنة، وبصراحة لم أحبها، لأنني جئت من أوغندا وكينيا، يعني حياة مختلفة تمام الاختلاف عنها في انكلترا، فأيام الدراسة التي قضيتها بها كانت قاسية، بالإضافة إلي أنني لم أتعود علي جو البرد القارس، فأنا لا أحس حين أنزل بمطار لندن أنني راجع لبلدي، إن جواز سفري إنكليزي لكن لا أحس بهذا الانتماء الإنكليزي، لكن ممكن أن تسألني وأين بلدك؟ وجحا قال: بلدك هو الذي توجد فيه زوجتك، ورغم ذلك فالإنسان ممكن أن يقابل الغريب كأنه منه، لكن هل هذا الغريب يقبله هو، لا أريد أن أتعمق في هذا الموضوع لأنه صعب ومعقد.

 

الانتقال إلى المغرب

قررت أن تعيش في المغرب بشكل نهائي، وقررت أيضا ترجمة أنطولوجيا قصصية لمغاربة. ما هو الهدف من ترجمة هذه النصوص؟ وهل هناك علاقة ما بين الاستقرار في المغرب، وترجمة أنطولوجيا قصصية مغربية؟

 

ما دمت قد اخترت المغرب موطنا، فلا بد أن أقوم بشيء ما لهذا البلد، فأنا أعرف انه لحد الآن. ليست هناك أي أنطولوجيا قصصية مغربية بالإنكليزية، طبعا هناك ترجمات لبعض النصوص المغربية لكنها قليلة، لأن معظم الأدب المغربي مترجم إلي الفرنسية.. وهذا المشروع الذي اشتغل فيه الآن ما هو إلا بداية لمشاريع أخري، وأتمني أن أجد ناشرا لهذه الأنطولوجيا لكي أبدأ في العمل لأنني لا أحب أن أشتغل في عمل إلا بعد أن أضمن الناشر الذي سيخرجه للوجود.[1]

 

العودة إلى القاهرة

تركت مصر بعض الوقت عندما حدثت مشكلات مع الجامعة الأمريكية، لكنى عدت مجددا، واشتريت بيتا بقرية «تونس» في الفيوم، حيث أفضل الحياة بعيدا عن القاهرة، ولو استطعت لعشت هناك دائما، وبالطبع اختلفت مصر كثيرا، وأعتقد أنكم أعلم منى بذلك، النفاق والتلوث والزحام في تزايد.

 

اسهام متصل

 

ولا يفوتنا هنا أن نشير إلي أن دنيس جونسون ديفيز كان يصدر مجلة ثقافية فصلية، في أوائل الستينيات، بعنوان أصوات ، وهي باللغة العربية، نشر فيها السياب والبياتي وغسان كنفاني، وزكريا تامر وجبرا إبراهيم جبرا وغيرهم من الكتاب والأدباء، ودام صدورها سنتين ونصفاً بأربعة عشرة عددا، وهي مساهمة منه في البحث عن أصوات جديدة والتعريف بها، لتساهم بشكل فعال في المشهد الإبداعي العربي.. لا يسعنا إلا أن نقف مذهولين أمام هذا العمل الجبار الذي قام به هذا المترجم المتواضع والودود، والذي يفيض محبة للعرب وللأدب العربي. وهو الآن عاكف علي ترجمة القرآن الكريم مع الأستاذ والباحث الدكتور عز الدين إبراهيم (المستشار الثقافي لسمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله)، وبما أن القرآن الكريم صعب بالنسبة للأجنبي، فقد قاما بترجمة أجزاء كبيرة منه، تكون مبوبة من حيث الموضوع، وقد سبق لهما أن ترجما الأحاديث النبوية، والأحاديث القدسية، وكتاب ابن تيمية الكلم الطيب ..

بعض الأعمال الأدبية العربية التي ترجمها جونسون-ديفيز

 

المختارات القصصية العربية

(القصة العربية الحديثة 1967)،

(قصص عربية 1983)،

(تحت السماء العارية 2002).

المجاميع القصصية

(قصص من الحياة المصرية لمحمود تيمور)،

(جبل الشاي الأخضر ليحيي الطاهر عبد الله)

(الوقت والمكان مختارات قصصية لنجيب محفوظ)

(آخر كوب من الشاي لمحمد البساطي)

(كيد الرجال لسلوي بكر)

(النمور في اليوم العاشر لزكريا تامر)

(قنديل أم هاشم وقصص أخري ليحيي حقي).

الروايات

نجيب محفوظ: (رحلة ابن فطومة)، (ليالي ألف ليلة).

الطيب صالح: (عرس الزين)، (موسم الهجرة إلي الشمال)، (بندر شاه ومريود).

صنع الله إبراهيم: (تلك الرائحة).

محمد البساطي: (البيوت وراء الأشجار).

المسرحيات

ترجم مجموعة من مسرحيات توفيق الحكيم (مصير صرصار أربع مسرحيات )، (يا طالع الشجر) وغيرها. الشعر: (موسيقي اللحم البشري لمحمود درويش).

 

بالإضافة إلي مجموعة قصصية صدرت له سنة 1999 بالإنكليزية بعنوان: مصير أسير وسيصدر له في نهاية هذه السنة كتاب بعنوان مذكرات مترجم . وكتب أيضا للأطفال حيث أصدر أربعين كتابا كلها تمتح من الثقافة العربية الإسلامية: خالد بن الوليد، صلاح الدين الأيوبي، عمرو بن العاص، ابن بطوطة.. الخ، وأيضا كتب عن قصص جحا الشخصية المفضلة عند ديفيز..

 

((ملاحظة ))

( هذا الحوار منقول من موقع المعرفة الالكتروني )

 

رابط المصدر :

http://www.marefa.org/%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%B3_%D8%AC%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%88%D9%86-%D8%AF%D9%8A%DA%A4%D9%8A%D8%B2

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف