البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

قضايا المرأة في الفكر الإسلامي

الباحث :  حوار مع العلامة الشيخ عبدالله جوادي الآملي (*) ترجمة: فرقد الجزائري
اسم المجلة :  مجلة المنهاج
العدد :  50
السنة :  السنة الثالثة عشر صيف 1429هجـ 2008 م
تاريخ إضافة البحث :  June / 6 / 2015
عدد زيارات البحث :  3472
قضايا المرأة في الفكر الإسلامي

حوار مع العلامة الشيخ عبدالله جوادي الآملي (*)
ترجمة: فرقد الجزائري

روي عن الإمام علي(عليه السلام) أنّه قال: «عقول النساء في جمالهنّ وجمال الرجال في عقولهم». فهل عقل المرأة مختزل في جمالها وجمال الرجل في عقله، ليتفوّق الرجل بذلك على المرأة ويجعلها موضع تقريع؟
* للإجابة عن هذا السؤال، علينا الالتفات إلى أنّ جمال الروح الإنسانية بالإيمان لا غير، كما يقول الله في كتابه الكريم: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} (الحجرات: 24). وبما أنّ الروح الإنسانية غير مادية، والإيمان أمر معنوي، فقد زيّن هذا الأمر المعنوي ـ أي الإيمان ـ ذلك المجرد ـ أي الروح الإنسانية. كما أنّ حقيقة الإنسان ـ أي روحه ـ لا تتصف بالذكورة أو الأنوثة، بل هي مجردة ولا اختلاف في أن تكون نفس رجل أو امرأة؛ لذلك نستشف من هذه الرواية الأمر لا الوصف. أي لم تأت هذه الرواية لتصف لنا ما عليه حال صنفي الإنسان، لنستنتج اختزال عقل المرأة في جمالها، ويكون ذلك سبباً لاستنقاصها، أو جعل جمال الرجل في عقله ليكون التفوق والفضل له بذلك. فيمكننا حمل الرواية على الأمر أو الوصف البنّاء. بعبارة أخرى، على المرأة أن تجسّد عقلها وتستخدمه في عواطفها وأسلوب كلامها وتعاملها. وعلى الرجل أن يبيّن جماله في ما يقدّمه من أفكار وآراء.
فبإمكان المرأة المتعلّمة المطّلعة على معارف الإيثار والشهادة حثّ ولدها على الجهاد في دور أمّ حنون، تبيّن فنّها الرائع حين وداعه أو استقباله عائداً منتصراً من
________________________________________
(*)فيلسوف بارز، وأستاذ الدراسات العليا في الفلسفة وعلوم الشريعة في حوزة قم، من إيران.


[الصفحة - 37]

جبهات القتال في حلل جميلة كالشوق، وذلك بوازع من عقلها الذي ينتج كل هذه المشاهد الفنية الرائعة، في حين لا يقدر على ذلك حتّى الفنانين من الرجال.
فعلى المرأة صبّ حكمتها في قوالب فنيّة جميلة، وعلى الرجل عكس ذلك، أي تبيين فنّه في حكمته. فجلال المرأة في جمالها وجمال الرجل في جلاله. وهذا التقسيم الوظيفي ليس ذم للمرأة أو مديح للرجل، بل إرشاد وطريقة عمل لهما، ليقوم كلّ منهما بما اختصّ به. فإن امتثلا للأمر استحقا المدح، وإن خالفا استحقا الذم. إذن يختلف الرجل والمرأة في كيفية تبيين آرائهم الصائبة، وإلا تحسن المرأة كالرجل اكتساب العلوم والمعارف وتستحق بذلك التقدير.
ومما يجب الالتفات إليه هو أنّ هناك صنفين من العقل: العقل النظري والعقل العملي. يدرك الإنسان بالعقل النظري، ويعمل على أساس العقل العملي. فاليقين، والجزم، والظن، والوهم، والخيال وما شابهها من الأمور التي يتناولها العقل النظري. أمّا النيّة، والعزم، والإخلاص، والإرادة، والمحبّة، والتولّي، والتبرّي، والتقوى، والعدل وأمثالها تقع في دائرة العقل العملي، وهو معيار الفضيلة لدى الإنسان.
فالعقل النظري معيار لعلم الإنسان، والعقل العملي معيار لكرامته وحسنه وتفوّقه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: 13). وما أشارت إليه الرواية هو العقل النظري. فإذا كان هناك فرق في العقل بين الرجل والمرأة، يكون ذلك في العقل النظري لا في العقل العملي.
العقل النظري هو ما يكتسب به الإنسان العلوم الحوزوية والجامعية ليقوم بتدبير أمور الدنيا، وليس هذا ما يسبب الفضيلة للإنسان (الرجل). بل ما يتفوّق به الإنسان هو العقل العملي، والذي جاء في تعريفه: «ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان» (أصول الكافي، 1/11، باب1). أي يعبد الإنسان به الله وينال الجنة ومنزلة القرب، ولا اختلاف فيه بين الرجل والمرأة. فإذا أراد أحد المقارنة بين الرجل والمرأة، وجب عليه ملاحظة العقل العملي الذي هو معيار لفضيلة الإنسان وقربه، لا العقل بالمعنى المصطلح (أي العقل النظري). وهكذا يصبح جمال المرأة والرجل في العقل الذي «عبد به الرحمن واكتسب به الجنان»، و«جمال الرجال في عقولهم» و«جمال
________________________________________


[الصفحة - 38]

النساء في عقولهنّ».
ورد في نهج البلاغة، الكتاب 31، أنّ الإمام عليّاً(عليه السلام) قال: «إيّاك ومشورة النساء، فإنّ رأيهنّ إلى أفن وعزمهنّ إلى وهن». فهل يدلّ ذلك على وهن عقول النساء؟ وهل يشمل ذلك جميع النساء، سواء المتعلّمات وغير المتعلّمات؟
* يغلب على تعبيرات كهذا, الطابع الزمني، أي إنّ كلام الإمام(عليه السلام) كان في زمن لم تتمتع فيه النساء بالتعليم والتربية كما ينبغي لهنّ. فلو توفّرت لهنّ ظروف التعليم والتربية، لانعكس التفاضل بين الرجل والمرأة، أو لما بقي للرجل فضل على المرأة ولا ذريعة لتقريعها. فإذا نشأت النساء في ظل تعليم صحيح وتربية صالحة، وأصبحت متعقّلة ومتدبّرة كالرجال، فلا يبقى ما يميزهم عن بعضهم. ولو وجد اختلاف بينهم، سيكون كالاختلافات الموجودة بين الرجال أنفسهم.
فلو دخلت نساء موهوبات الحوزات والجامعات، واكتسبن العلوم كالرجال، وتفوقن في الدروس المشتركة، لا يمكننا القول حينذاك بأنّ الروايات التي وردت في ذم النساء ونقص عقولهن والمنع عن مشورتهن تصدق مطلقاً، وليس هناك استثناء للعالمات والمحققات، بل مما لا شكّ فيه أنّهنّ مستثنيات من ذلك، ولا فرق في ذلك بينهنّ وبين الرجال.
ما معنى مصطلح (قوّام) في الآية الشريفة {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} (النساء: 34)؟
* يستنبط غالباً معنى تفوّق الرجال على النساء من هذه الآية الشريفة، لكنّها لا تدلّ على ذلك؛ فما ورد, تعبير عن مسؤولية الرجال في إدارة شؤون الأسرة. فلو طرح الرجل والمرأة قبال بعضهما كصنفين، لا يصبح الرجل قوّاماً وقيّماً على المرأة، ولا تصبح المرأة تحت قوامة الرجل، بل القوامة بين الزوج والزوجة. ولاتدلّ قوامة الرجل على المرأة على كماله وقربه من الله، كما أنّ أفراداً في المجتمعات والوزارات قوّامون على الآخرين، كالمدير والمسؤول والرئيس وأمثالهم. لكن لا تجلب الإدارة الفضل الاخلاقي لهم، وإنّما هي مسؤولية تنفيذية، ومن الممكن أن يخلص شخص، وهو ليس في موقع الإدارة, أكثر ممن هو قيّم عليه، فيصبح أقرب إلى الله. فالقوامة لا تكون
________________________________________


[الصفحة - 39]

إلا في الأمور التنفيذية، حيث يقول القرآن الكريم: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34).
يمتلك الرجل قدرة أكبر في التعاطي مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسعي في توفير المال وحاجات المنزل وتسيير شؤون الأسرة. وبما أنّه معيل للأسرة، فهو أيضاً المدير للشؤون الداخلية للأسرة. لكن لا مزايا يحصدها من وراء ذلك، ولا أفضلية. بل الأمر تنفيذي، وهو واجب وليس فضيلة، فجوهر القوامة هو التكليف.
فإذا تلقّينا الآية على أنّها تبيّن الواجبات ولا تعطي المزايا، حينئذ يكون معنى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} ، (يا أيّها الرجال كونوا قوّامين)، أي قوموا بشؤون الأسرة.
وإن كانت عبارة {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} خبرية، لكن جوهرها إنشائي، وتعني أن يا رجال كونوا قوّامين على بيوتكم، معيلين لأسرتكم ومديرين لشؤونها.
أمّا ورود الحكمين الملزمين في الإسلام مع بعضهما؛ أي أمر المرأة بالتمكين للرجل، وأمر الرجل بأن يعيلها، هو من باب تبيين الواجبات وتسيير أمور الأسرة، ولا دلالة لذلك على الفضيلة أو الانتقاص.
فأولاً:تصف الآية المرأة قبال زوجها، وليس قبال الرجل.
ثانياً:القوامة ليست فضيلة بل تكليف.
ثالثاً:بناء على الأسس التي تقوم عليها الأسرة، من الممكن أن تكون المرأة قيّمة على الرجل أو يكون الرجل قيماً على المرأة. فقد تغيّر هذه الأسس والأصول كثيراً من الأمور. على سبيل المثال، طاعة الوالدين واجب على الأولاد سواء البنات أو البنين. وإذا قام الولد بعمل يؤذي أباه أو أمه، سيكون عاقاً لهما، وعقوق الوالدين من المحرمات. فلو نهت الأم ابنها عن عمل وقالت: هذا العمل يؤذيني. تجب طاعتها على الابن، ولا يمكنه عصيان أمرها بحجة أنّه مجتهد أو مهندس أو طبيب وليس عليه طاعتها. ففي الحقيقة المرأة قوّامة على الرجل في مثل هذه الحالات. والأم قوّامة على ابنها وإن كان مجتهداً أو مختصّاً في مجال ما.
________________________________________


[الصفحة - 40]

هل خلقت حواء من أطراف آدم(عليه السلام)؟
* ما يستنبط من ظاهر الآيات التي تتحدّث عن خلق الإنسان وتؤيّده بعض الأحاديث، هو أنّ آدم وحواء خلقا من جوهر واحد، ولا امتياز واختلاف بينهما من حيث جوهر وجودهما. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء} (النساء: 1).
المراد بالنفس في هذه الآية الكريمة هو الجوهر والذات والأصل والحقيقة العينية للأشياء، ولا يقصد بها الروح. وعلى هذا الأساس تدلّ الآية:
أولاً:على أنّ جميع البشر من أي صنف كانوا (رجالاً أو نساءً، فكلمة الناس تشملهم جميعاً) خلقوا من جوهر واحد، وقابليتهم الوجودية واحدة.
ثانياً:خلقت أول امرأة (حواء)، والتي كانت زوجةً لأول رجل (آدم)، من نفس الذات والجوهر العيني، ولم تخلق من شيء آخر. ولم تكن فرعاً لـه أو جزءاً منه. بل خلق الله أول امرأة من نفس الذات والأصل الذي خلق منه جميع الرجال والنساء، فلا فضل ولا مزايا للرجل على المرأة من حيث أصل الخلق.
لمَ أجبرت النساء على الصلاة والصيام وسائر الواجبات, ست سنوات قبل الرجال؟ أليس ذلك ظلم في حقهنّ؟
* ليس في ذلك ظلم على النساء، بل هو توجّه خصّهنّ الله به. تصوّروا وجود مُلك عظيم لا يمكن الدخول إليه من دون إذن. فلو أُدخلت النساء ست سنوات قبل الرجال، لدلّ ذلك على توجّه صاحب المُلك إليهنّ. وقد كان للإسلام العناية والتوجه الخاص بالمرأة، حيث شرّفها قبل الرجل بلقاء الله تعالى. فالبلوغ يعني التشريف، لا التكليف. يقول العرفاء: إننا نحوز الشرف حين بلوغنا لا التكليف، فليس هناك ما يوجب المشقة والعناء، بل كل ما هنالك شرف لنا.
يقول الإمام السجاد (عليه السلام) في مناجاة الذاكرين: «يا من ذكره شرف». فإذا وصل الإنسان مرحلة اكتسب فيها من اللياقة ما يؤهله لذكر الله، وأن يذكره الله ويلتفت إليه، حاز على شرف كبير. وتحوز النساء هذا الشرف ست سنوات قبل الرجال. يجب على النساء وعي ذلك، فالدين يقول بصراحة للرجل اذهب واقض ست سنوات في اللعب، لكن يخصهنّ بذلك الشرف. كما لو لم يعط الأطفال الإذن بالدخول إلى
________________________________________


[الصفحة - 41]

مجلس العلم، ويدخل الكبار فقط. فتكليف المرأة ست سنوات قبل الرجل ليس بسبب نقصها، بل لأنّها ريحانة ويجب أن لا تكون إلا تحت رعاية من يؤتمن عليها، وهو الله والقرآن والعترة.
صحيح أنّ عناية الله تشمل جميع الناس: {وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} (نوح: 17)، لكن هذه الرعاية تختلف من زهرة إلى زهرة، فبعضها يحتاج إلى عناية أكثر. والعناية الأوفر للمرأة دليل على عظمتها، ولا تتعرف المرأة إليها إلا حينما يتقبّلها الله ست سنوات قبل الرجل في ساحة عبادته وطاعته. إذاً، ليس هناك ظلم للمرأة، بل خصّها الله بعنايته وتوجهه (لأنّ البناء والتربية في المجتمع يقع على عاتق الرجال والنساء الصالحين).
يقال في بعض الأحيان أنّ حظ الرجال في العقل أوفر من حظ النساء والتجارب تؤيّد ذلك. برأيكم هل هذا الكلام صحيح؟
* ذكر العلامة الطباطبائي(قدس سره)هذا الموضوع في تفسير الميزان، وأوضح بأنّ العقل الذي يتمتّع الرجل بحظ أوفر منه, فضل زائد. وليس معياراً للتفاضل، وقد جاء الحديث عنه في جواب السؤال الأول.
وقد قيل بأنّ العقل في الإسلام معيار لكمال الإنسان، فمن كان أوفر حظاً من العقل كان أعلى درجة في الكمال وأقرب منزلة من الله، ومن لم ينعم بالعقل كان أبعد من الكمال ومحروماً من قرب الله. وبما أنّ حظ الرجال في العقل أوفر من حظ النساء، فهم أقرب إلى الله. لكن هذا استدلال ناقص، ومغالطة وقعت نتيجةً لاشتراك الألفاظ؛ فالعقل لفظ مشترك يدلّ على معان مختلفة، فيجب تبيين العقل الذي هو معيار كمال الإنسان والقرب من الله أولاً، ثمّ العقل الذي يختلف فيه الرجل والمرأة.
ما يسبب هذه المغالطة أنّه يقال إنّ الرجل والمرأة مختلفان في العقل، والعقل معيار للقرب من الله، فمن كان أوفر حظاً، كان أقرب إلى الله. لكن العقل في المقدمة الثانية غير العقل في المقدمة الأولى. بعبارة أخرى، العقل الذي يختلف فيه الرجل والمرأة غير العقل الذي هو معيار القرب من الله.
فلو فصلنا بين العقلين، وأتينا بالمقدمتين مع الاحتفاظ بحد وسط، لما أمكننا ترتيب قياس يدلّ على افضليّة الرجل على المرأة. فالعقل الذي يختلف فيه الرجل
________________________________________


[الصفحة - 42]

والمرأة هو العقل النظري الذي يدخل في مجال الإدارة، والقضايا السياسية والاقتصادية والعلمية والتجريبية والرياضية وأمثالها. وحتى لو افترضنا ثبوت وجود فضل للرجل في هذه الأمور على المرأة ـ وليس باليسير إثبات ذلك ـ يطرح هذا السؤال نفسه: هل العقل الذي يؤدي إلى قرب الله هو نفس العقل الذي يختلف فيه الرجل والمرأة؟ وهل يمكننا القول بأنّ من يفهم قضايا الرياضيات والفيزياء والطب والطبيعة بشكل أفضل هو أقرب إلى الله؟ وهل هذا العقل يؤدي إلى قرب الله أو العقل الذي (عبد به الرحمن واكتسب به الجنان)؟
ومن الممكن أن يكون رجل أفهم وأقدر على تسيير أمور الحياة من المرأة، لكنّه لا يمتلك القدرة لتقييد غرائزه وتحديدها. فكل الأديان المبتدعة التي وقفت في وجه الأنبياء، كانت من صنع الرجال. يقول القرآن الكريم عن الذين ابتدعوا كفرعون أدياناً لهم: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (هود: 98).
إذن، من يتمتع بعقل أوفر في القضايا السياسية والتنفيذية، لا يكون أقرب إلى الله، بل ذلك فضل زائد لـه؛ لأنّ: «ذالك علم لا يضر من جهله» (أصول الكافي، ج1/32، باب3).
فلو ادّعى أحد أنّ الرجل أوفر حظاً في العقل الذي «يعبد به الرحمن ويكتسب به الجنان»، لا يمكنه إثبات ذلك بنحو من الأنحاء، فلا التجربة تؤيّد ذلك ولا البرهان. كما أنّ الفضائل لا تتعلق جميعها بالعقل النظري، فكم من فرد يفهم الأمور بشكل جيد، لكنّ فهمه هذا مصحوب بالشدة والغلظة. وإذا كان الناس على صنفين: قسم يقوم بالأعمال التي تحتاج إلى القوة ويسمون رجالاً، والقسم الآخر يقوم بالأعمال التي تحتاج إلى الدقة ويسمون نساءً، فأسماء الله أيضاً على صنفين، ويكتسب الإنسان الفضائل والكمال عن طريقين.
بعض الكمال والفضائل يتحقق بالحرب والجهاد والقيام في وجه الظالمين وفي كون الإنسان مظهراً لقهر الله وجلاله، والبعض الآخر في كونه مظهراً لرأفة الله ومحبته، ويتحقق بالعطف والحنان واللطف والجمال. فإذا تفوّق صنف في الرأي والشدة، لا يدلّ ذلك على تفوقهم في المحبة والعطف واللطف والرأفة والرقة.
يدير الله العالم على المحبة، وتوصي كثير من آيات القرآن بالمحبة، وتعي المرأة سبيل المحبة أكثر من الرجل، وإن كان الرجل يعي سبيل الشدة أكثر منها.
________________________________________


[الصفحة - 43]
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف