البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

February / 27 / 2017  |  2397اسوأ المجازر ضد الشيعة

اندرياس ريك - Andreas Rieck
اسوأ المجازر ضد الشيعة

التحرير: عملية انتحارية تودي بحياة العشرات من الشيعة المدنيين، يليها حملة شكلية ضد المتهمين، ثم يطلق سراح الإرهابيين تمهيدا لدورة جديدة من العنف، هكذا تنظم الدولة العميقة عملية قتل الشيعة في باكستان.


   ارتكبت أسوأ المجازر على الإطلاق في كويته في الأشهر الأولى من 2013. مساء 10 كانون الثاني، فجّر انتحاريٌ جهازه في نادي للسنوكر على شارع علمدار. بعد عشر دقائق، انفجرت قنبلةٌ مزروعة في سيارة إسعاف خارج النادي، ما تسبّب بتدمير المبنى وإلحاق الضرر بخمسين متجراً والبيوت المجاورة. كان معظم القتلى الـ 96 ومن ضمنهم 25 من عمّال الإنقاذ و9 رجال شرطة ـ من الهزاريين. في اليوم التالي، بدأ المئات من الشيعة اعتصاماً في شارع علمدار، واضعين توابيت 87 من الضحايا، ورفضوا دفنهم حتى يجري القبول بمطالبهم. مع حلول 12 كانون الثاني، كان قد اجتمع 5000 شخص للوقوف في موقع التفجير بالرغم من البرد والمطر. قامت المنظمات الشيعية بتنظيم المسيرات الاحتجاجية الضخمة في جميع أنحاء باكستان، وقام بعض الناشطين في مجال حقوق الانسان بمظاهراتٍ أصغر. جرى إلغاء الاحتجاجات حين قام رئيس الوزراء رجا برفيز مشرف ـ الذي كان قد أتى إلى كويته من أجل المفاوضات ـ بإعلان فرض سُلطة الحاكم في بالوشستان، وذلك بعد إقالة حكومة نوّاب أسلم خان ريساني المحلية في 13 كانون الثاني. كان الوزير الرئيسي ـ الذي رفض أياماً العودة إلى كويته من الخارج بعد حصول أخطر الهجمات الإرهابية لغاية ذلك الوقت في المدينة ـ غيرَ نادمٍ وادّعى أنّه أُقيل بسبب رفضه تسليم مناجم ذهب «ريكو ديك» إلى اتحادٍ دولي. إلا أنه منذ ذلك الحين، واللوم يُلقى على حكومته بالإهمال التام في التعامل مع إرهابيي «لشكر جنجوي» الذين وجدوا ملاذاً آمناً في إقليم ريساني (مقاطعة ماستونغ).

   كما تنبّأ العديد، فإنّ فرض سُلطة الحاكم قُبيل موعد الانتخابات غيّر القليل من الوضع في كويته. مع حلول 16 شباط، هزّ هجومٌ إرهابي ضخمٌ آخر «هزارة تاون». جرى استعمال المتفجرات السائلة لأول مرة، وذلك بمزج الديزل مع كلورات البوتاسيوم، فانفجر عند الساعة 5:30 مساءً خزّانٌ للمياه كان محمّلاً على شاحنةٍ جرارة في سوقٍ مكتظة. وصلت الحصيلة الأولية للقتلى إلى 65 وارتفعت إلى 84 حين توفي في المستشفيات العديدُ من الضحايا الذين احترقوا بشدة. بسبب الانفجار، اشتعلت النيران أو سويّت بالأرض على الأقل 4 أسواق وأكثر من 20 متجراً، ودُمّر أيضاً العديد من المركبات. مجدداً، قام الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الهزاريين بتنفيذ اعتصام احتجاجيٍ. رفضوا دفن قتلاهم وطالبوا بتسليم أمن كويته إلى الجيش، ولكن الحكومة الاتحادية كانت مترددة في التخلي عن المزيد من المجال لمصلحة الجيش. عوضاً عن ذلك، جرى إطلاق عملية ضخمة لفيلق الحدود في 19 شباط على مشارف كويته. جرى اعتقال 170 مشتبهاً بهم، ومن بينهم قائد محلي لـ «أهل السنّة والجماعة» وبعض المطلوبين من إرهابيي «لشكر جنجوي». كما تبيّن، فإنّ الجيش الكويتهي كان قد حضّر ملفاً سرياً يحتوي على تفاصيل حول شبكة «لشكر جهنجوي» في بلوشستان، وكان قد تقاسمه مع الفيلق الحدودي قبل أسابيع، مع اقتراحٍ لشن عملية محددة الهدف ومن دون أي تأخير. ولكن ليجري ترجمة هذا عملياً، استدعى ذلك عملية إرهابية ضخمة أخرى. بعد يومٍ، وافق ممثلون عن المنظمات الشيعية والمجتمع الهزاري المحلي على إنهاء الاعتصام بعد تلقي المزيد من الوعود من الحاكم ووفدٍ نيابيٍ من إسلام آباد كان قد انضم إلى المفاوضات.

بحلول 16 شباط، كان متحدثٌ من «لشكر جنجوي» قد طالب الحكومةَ بنقل سجنائها الخاضعين للمحاكمة فوراً من سجن مكافحة الإرهاب المشدَّد أمنياً في معسكر كويته إلى السجن المركزي، أو الاستعداد لمواجهة هجوم انتحاري آخر يستهدف هذه المرة سجن قوة مكافحة الإرهاب، وقام أيضاً بإطلاق تهديدات جديدة ضد الهزاريين:

(ينبغي أن لا تخضع الحكومة الان لأي وهم، بعد فشل فرض سلطة الحاكم في بلوشستان في صرفنا عن استهداف عدوّنا، الهزاريين الشيعة. نريد أن نوضّح للشيعة الهزاريين أنهم ينبغي أن لا يعتبروا أنفسهم سالمين وآمنين حتى إقامة الخلافة الإسلامية في باكستان. سوف يستمر مجاهدو «لشكر جنجوي» بقتل الشيعة بغض النظر عن فرض سلطة الحاكم أو تعبئة الجيش. سوف نحمي شرف الخلفاء المسلمين من خلال التضحية بكل فردٍ منّا. كان هجوم «الفدائيين» بسيارة انتحاري في 16 شباط هو الثاني منذ بدء 2013 في المنطقة التي يُهيمن عليها الشيعة. دعوني أخبر الهزاريين الشيعة أنّه لدينا عشرين سيارة أخرى كهذه الممتلئة بالمتفجرات الفتّاكة والمستعدة لضرب العدو. نحن ننتظر من قيادتنا الأوامر وحسب التالية لضرب أهدافنا في شارع علمدار ومهرباد و«هزارة تاون». نحن لسنا خائفين من سلطة الحاكم ولا من الجيش الباكستاني، وسوف نستمر بقتل الهزاريين الشيعة في منازلهم).

   في 22 شباط، سُجن قائد «لشكر جنجوي» مالك إسحاق مجدداً بعد أن عرضَ اعتقاله في محل إقامته في «رحيميار خان». طالب الزعماء الشيعة بتجديد محاكمته، ولكن رئيس الحزب الهزاري الديمقراطي عبدالخالق هزارة كان يرى أن اعتقال إسحاق كان مجرد خداع، وذلك من أجل وضعه خارج العمل فترة محددة وحسب. لم تُقدّم حكومة بالوشستان طلباً من بُنجاب لوضع إسحاق في عهدتها. كما أُعلن حينها، فإنّه بحلول 18 أيلول 2012 كان قد عُيّن إسحاق كنائب رئيس «أهل السنة والجماعة» من قبل مولانا لدهيانوى الذي اعتبر أنّ هذه خطوة محمودة لجعل إسحاق «يرمي سلاحه». فضلاً عن ذلك، كان قد توصّل حزب «پاکستان مسلم لیگ(ن)» و«أهل السنة والجماعة» إلى إجماع بشأن تسوية المقاعد لمرشحي المجلسين المحلي والوطني في بنجاب في الانتخابات القادمة وذلك بعد مفاوضات جديدة بين لدهيانوى والوزير رنا سناءالله. ادّعى وزير الداخلية الاتحادي، رحمان مالك، أنّه قد جرى تسليم حكومة بُنجاب في وقتٍ أبكر لائحة تضم 734 إرهابياً من الذين ينبغي اعتقالهم، إلا أن الحكومة قد تصرّفت مع الجماعات المحظورة بتراخٍ. كان قد أُثبت هذا الأمر أيضاً في تقرير سريٍ أعدّته دائرة مكافحة الإرهاب لدى شرطة بنجاب.

   في هذه الأثناء، أُرتكب المزيد من الهجمات الإرهابية ضد الشيعة خارج بلوشستان قبل انتخابات أيار 2013. في 1 شباط، قُتل 28 شخصاً وجُرح 46 حين هجم انتحاريٌ خارج مسجدٍ في «بات بازار» في هانغو مباشرة بعد صلاة الجمعة. في 3 اذار، انفجرت سيارةٌ متحكم بها عن بُعد في وقت صلاة المغرب قرب حسينية تتوسط عمارتين سكنيتين عند مدخل «عباس تاون» في كراتشي. تضرر الطابق السفلي والأول في العمارتين بشدّة، وقُتل عدد من السكان حتى وهم داخل شققهم. قُتل 48 شخصاً وجُرح 135 بالانفجار الذي قُدرت المواد المتفجرة فيه بـ 150 كيلو غرام، وقُتل أربعة اخرون خلال الاحتجاجات العنيفة بعد جنازة الضحايا في 4 اذار. وقعت أيضاً عمليات القتل الجديدة للشيعة في بيشاور ولاهور وكراتشي.

   في آذار 2013، أنهى المجلسان الوطني والمحلي المنتخبان في 2008 مدّتهما المحددة، وجرى تحديد 11 أيار موعداً للانتخابات. مجدداً، قام لدهيانوى قائد «أهل السنّة والجماعة» برفع ترّشحه لمقعد في كلّ من المجلس الوطني والمجلس المحلي في جانغ، ولكنّه فوجئ حينما وجد أن منافسه الشيخ وقاس أكرم (المنتمي سابقاً إلى«پاکستان مسلم لیگ (ق)») قد ترشّح ضده عن «پاکستان مسلم لیگ (ن)». في هذه الأثناء، كان نواز شريف قد قرّر أن يُبعد حزبه عن مجموعة «أهل السنّة والجماعة» التي شعرت بالخيانة التامة، غير أن «پاکستان مسلم لیگ (ن)» قامت بترشيح شادري عابد رضا ـ الذي كان قد أمضى خمس سنواتٍ في السجن بتهمة ارتكاب جرائم قتل وكان له صلات مع أمجد فاروقي ومالك إسحاق المنتمي إلى«لشكر جنجوي» للمجلس الوطني107(محافظة گُجرات) ـ  وبترشيح سردار إباد دوغَر العضو القديم في «سباه صحابت باكستان» \ «أهل السنّة والجماعة» للمجلس الوطني 178(مُظفّرگر). ككلٍ، سمحت اللجنة الانتخابية لأربعين مرشحاً من «أهل السنّة والجماعة» بالترشّح في بُنجاب وحدها. في كراتشي، ترشّح السكرتير الإعلامي ل»أهل السنّة والجماعة» أورانغزب فاروقي المتّهم بقتل الشيعة المحليين لمقعدٍ في المجلسين الوطني والمحلي.

أطلقت «تحريك طالبان باكستان» حملة إرهابية شرسة على الأحزاب العلمانية (باكستان بيبلز بارتي، حركة مهاجر قومي، والحزب الوطني أوامي) خلال الأسابيع الأخيرة قبل الانتخابات العامة، بينما تجنّبت إلى حدٍ كبير التعرض لـ«پاکستان مسلم لیگ (ن)» و«باكستان تحريك إنصاف» (التابعة لعمران خان)، واللذين كانا قد استنكرا الغارات الجوية الأمريكية على المسلّحين في المناطق القبلية ذات الإدارة الفيديرالية والتمسا إجراء المحادثات مع «تحريك طالبان باكستان». هُزم حزب «باكستان بيبلز بارتي» في انتخابات المجلس الوطني والمجلس المحلي في بُنجاب وكذلك الحزب الوطني أوامي في خيبر بختونخوا. حصل انتقال سلسٌ للسلطة لمصلحة حزب «پاکستان مسلم لیگ (ن)» الذي حصل على أغلبية مُريحة في كلٍ من المجلس الوطني والمجلس المحلي في بُنجاب، ولمصلحة حزب «باكستان تحريك إنصاف» الذي شكّل حكومة تحالفية في خيبر بختونخوا مع «جماعت إسلامي». في 8 أيلول، تقاعد الرئيس زرداري مع التكريم الكامل بعد إنهاء مدّته، وكان على كل حال قد نقل سلطاته الرئاسية الأساسية إلى البرلمان وذلك عبر التعديل الدستوري الثامن عشر في نيسان 2010.

   لم ينجح أي من المرشحين عن «أهل السنة والجماعة» في انتخابات أيار 2013، إلا أن الحزب أكمل نشاطاته بالرغم من الحظر الرسمي. حاز لدهيانوى على 71598 صوتاً في مقابل 74324 لوقاس أكرم، فطالب بإعادة الإحصاء. بعد الانتخابات بمدة قصيرة، أُطلق سراح 112 ناشطاً من «أهل السنة والجماعة» و »لشكر جنجوى» الذين كانوا قد اعتُقلوا في بنجاب بعد القتل الجماعي للهزاريين في كويته قبل ثلاثة أشهر، وكان من بينهم مالك إسحاق. في الوقت نفسه، اعتُقل شُرطيان في كويته اتُّهِما بأنّهما على صلات وثيقة مع قادة «لشكر جنجوى» عاصف شوتو وسيف الله كرد. في آب، أُعلن أنه سوف يُشنق أربعة مجرمين مُدانين -2 من «تحريك طالبان باكستان» و2 من «لشكر جنجوى» ـ في سجن سُكُر قريباً. منذ 2008 في ظل حكومة «باكستان بيبلز بارتي»، لم يُشنق مدنيٌ واحد كسياسةٍ عامة بالرغم من أنّ عدد المسجونين المحكوم عليهم بالإعدام قد تزايد ليصبح 7046 في أنحاء البلاد. كان 6408 التماسات ضد أحكام الإعدام قيد النظر لدى المحاكم الرفيعة والمحكمة العليا، وكان 532 التماساً للعفو قيد النظر لدى الرئيس. حين قرّرت حكومة «پاکستان مسلم لیگ (ن)» عدم الاستمرار في التأجيل، هدّدت «تحريك طالبان باكستان» أنه عليها دفع ثمن باهظ لمثل هذا «الإعلان للحرب». كان هناك أيضاً ضغط من دول أوروبية ضدّ استئناف أحكام الإعدام في باكستان، وفي 17 آب تراجع رئيس الوزراء عن قراره.

استمرت الهجمات الإرهابية ضد الشيعة بعد الانتخابات وخلال الأشهر الأخيرة من ولاية الرئيس زرداري. في 15 حزيران، قامت انتحارية تلبس البرقع بالتسلل إلى حافلة متوقّفة على أراضي الجامعة النسائية «سردار بهادر خان» في كويته وفجّرت نفسها بعد صعود نحو 40 تلميذة، معظمهن من الهزاريات، ما أودى بحياة 14. حين جرى إحضار 22 فتاة مجروحة إلى طوارئ مستشفى كلية طب «بولان»، هاجم انتحاريٌ هناك وأطلق مسلحون الرصاص العشوائي على طاقم المستشفى وعلى القوات الأمنية والمسؤولين الحكوميين الذين كانوا قد سارعوا إلى المكان أيضاً. كان النائب المفوّض عن كويته ضمن الضحايا الثلاثين في الهجمتين اللتين كانتا ـ استناداً إلى متحدث عن «لشكر جنجوى» ـ ثأراً لهجوم القوات الأمنية على المسلّحين في منطقة خاروتباد في كويته في 6 حزيران. في بيشاور، اقتحم ثلاثة مسلّحين المدرسة المسمّاة باسم السيد عارف حسين الحسيني الذي اغتيل في المكان نفسه في 21 حزيران 1988. دخل أحد المهاجمين بالقوة إلى المسجد داخل المبنى وفجّر نفسه ما أودى بحياة 14 شخصاً، من ضمنهم حفيد القائد السابق لـ «تحريك نفاذ فقه جعفريه». في 30 حزيران، فجّر انتحاريٌ حزامه بعد محاولة فاشلة لدخول حسينية في بازار علي آبد (كويته) مودياً بحياة 28 شخصاً، معظمهم من الجماعة الهزارية. قام سكّانٌ متيقظون بإحباط محاولة هجوم انتحاري آخر في «هزارة تاون» في 27 تموز، ولكن وقع المزيد من القتل المستهدف للهزاريين من قبل المسلحين في كويته. في 8 آب، استهدف انتحاريٌ تجمّعاً  للشرطة الذين كانوا يحضرون صلاة الجنازة على شرطيٍ كان قد أُطلق الرصاص عليه في اليوم نفسه. قضى 38 شخصاً ومن بينهم نائب المفتش العام لشرطة كويته (العمليات)، فيّاز سُمبال. كانت شرطة بالوشستان قد رفعت جهودها لاعتقال المسلحين المتشددين في كويته، فكان ثأرُ المتطرفين مُتوقعاً.

   نُفذت إحدى أسوأ الهجمات ضد الشيعة في عام 2013 في باراشينار في 26 تموز. في 9 آب، اقتحم إرهابيٌ  «مسجد علي» في «بهاره كهو» قرب إسلام آباد خلال صلاة الجمعة في عيد الفطر، مطلقاً الرصاص على المصلّين الحاضرين، لكنّه قُتل قبل أن يتمكن من تفجير حزامه الناسف. كشفت التحقيقات أنّ مجموعة من التلامذة المحليين ـ ومن ضمنهم فتاة عمرها 18 عاماً وفتى يبلغ 14 عاماً ـ كانت المسؤولة عن العملية.

جُمعت التقارير السابقة حول العنف الإرهابي ضدّ الشيعة بين سنتي بين 2000 و2013 بشكلٍ رئيسيٍ من الصحافة الباكستانية العامة الصادرة باللغة الانكليزية، وتغطّي كل الحوادث الإرهابية الكبرى التي أودت بشكلٍ رئيسيٍ بحياة الضحايا الشيعة خلال هذه السنوات، ولكنها ليست كاملة على الإطلاق. يمكن العثور على توثيق مفصلٍ أكثر لهذه الجرائم على مواقع مثل:

http://shiitenews.com/- http://www.facebook.com/shiakilling3/-http://satp.org/satporgt/countries/pakistan/database/sect-killing.htm

    كما في العقود السابقة، فإنّ الحكومات المحلية وأجهزتها لتنفيذ القانون كانت دائماً تحاول بذل قصارى جهدها لحماية مسيرات العزاء الشيعية في أنحاء البلاد بكلفةٍ كبيرة، مؤدّين بذلك طلباً أساسياً للمنظمات الجماعية الشيعية منذ تأسيس باكستان، وهو حماية حريتهم في الممارسة الدينية. لقد حصلت أيضاً العديد من الحالات حيث قامت أجهزة تنفيذ القانون بالتصرف بشجاعة وعزمٍ كبيرين لاعتقال الإرهابيين المعادين للشيعةومحاكمتهم، ولكن الوضع الأمني العام للشيعة قد تدهور بشدة خلال العقد الأخير. كان العامل الأهم هو بروز المجموعات الإسلامية السنية المتطرفة  في أعقاب الحرب الأمريكية ضد طالبان في أفغانستان عام 2001 («تحريك طالبان باكستان» وأسلافها)، وإرهابها ضد أهداف متعددة في باكستان قد غطّى تقريباً على الإرهاب المعادي للشيعة منذ 2009. ولكن أكثر العمليات الدموية ضد الشيعة ما زالت تُنفذ من قبل متعصبين طائفيين مرتبطين ب»لشكر جنجوى» الموجودة منذ 1994 التي تلقّت حياة جديدة بعد 2002 من خلال «طلبنة» المناطق القبلية ذات الإدارة الفدرالية ومناطق أخرى ذات أغلبية باشتونية. لقد تعاونت «تحريك طالبان باكستان»، مع «لشكر جنجوى»، والقاعدة وغيرها من المجموعات المتطرّفة في باكستان للسعي وراء أوهامهم حول القوة و«طهارة العقيدة» وذلك من خلال العنف الإرهابي العشوائي الموجّه بمعظمه ضد الشيعة.

إنّ أكبر عقبة أمام استراتيجية فعالة ضد الإرهاب في باكستان هي على الأرجح الوهم المنتشر بأنّ المتطرفين يمكن أن يكونوا مفيدين من أجل الأهداف الاستراتيجية في الخارج، وفي الوقت ذاته يمكن احتواؤهم أو استرضاؤهم في الداخل. في السنوات الأخيرة، أدى هذا الأمر بالعديد من القادة السياسيين لترويج «حلٍ سياسي» لمشكلة الإرهاب لكي يُتفاوض بشأنها مع «تحريك طالبان باكستان» بوصفهم «أطراف مَعنيّة». رفض قادة المنظمات الشيعية ـ الذين فهموا جيداً تداعيات هذه الاستراتيجية على جماعتهم ـ هذه الاستراتيجية بشدة.

شيعة إقليم كرام تحت الحصار

   لقد كان العنف ضد الشيعة في إقليم كُرام، الذي وصل إلى درجةٍ غير مسبوقة منذ 2007، موازياً للحملة الإرهابية التي تعرّض لها الشيعة في مناطق أخرى من باكستان، ولكن الوضع كان مختلفاً هناك من عدّة نواحٍ.

 أولاً، جرى ربط تصاعد النزاعات الشيعية ـ السنّية في إقليم كُرام بشكلٍ وثيق بالوضع في أفغانستان ـ حيث اكتسب تمرّد طالبان ضد قوات الناتو والاستقرار السياسي بعد 2001 الزخم منذ 2006 وبالنمو السريع للمجموعات المتطرفة في المناطق القبلية ذات الإدارة الفدرالية، والتي جرى تنظيمها تحت مظلّة «تحريك طالبان باكستان» منذ كانون الأول 2007.

 ثانياً، بالرغم من أنّ الهجمات الإرهابية ضد الشيعة في أنحاء باكستان كافة كانت دائماً تستهدف التجمعات غير المسلحة أو الأفراد، إلا أن الشيعة في إقليم كُرام لم يكونوا ضحايا الهجمات الإرهابية أو المسلحة الأخرى وحسب، بل قد قاوموا بقوة كما كانت الحال في العقود السابقة.

 ثالثاً، لم يكن مرتكبو العنف ضد الشيعة في كُرام مندفعين بالتعصب الطائفي وحسب. في قضية الخصماء السنّة المحليين ضد الشيعة التوريين والبانغاشيين، فإنّ التضامن القبلي وعادات أخذ الثأر ربما كانت ذات أهمية أكبر، بينما قام مسلحون إسلاميون مُنتمون إلى«تحريك طالبان باكستان» من المناطق المجاورة وطالبان الأفغاني بالتعرض لشيعة كُرام لأجل نيل القوة والأهداف الاستراتيجية وحسب.

اليوم يتركز شيعة كُرام البالغ عددهم 250 ألفاً في الجزء العلوي من إقليم كُرام، حول مدينة باراشينار. تُعتبر كُرام أقل المناطق «قبليةً» بين المناطق القبلية ذات الإدارة الفدرالية لأنّ الشيعة المحليين كانوا دائماً يطلبون الحماية من الدولة التي كانت تحت الحكم البريطاني، ومعدل المعرفة بالقراءة يُقارن بالدرجات الوطنية. لقد أكّدوا أنهم كانوا دائماً شديدي الولاء لباكستان، ولكن كثيراً ما عوملوا بسوء أو نُبذوا صراحةً من قبل الدولة، ولقد نمت الاستياءات بشدة في السنوات الأخيرة.

   بقي إقليم كُرام ست سنوات هادئاً نسبياً بعد الاشتباكات الشيعية-السنّية في نيسان وأيار من عام 2001، ولكن شهد عام 2007 بدء محنةٍ طويلةٍ للشيعة المحليين الذين تزايد تعرّضهم للخطر بعد أن قام المسلحون المتطرفون بتثبيت أمرهم في الأقاليم القبلية المجاورة: شمال وزيرستان وأوراكزاي. كانت مسيرة سنّية في 1 نيسان 2007 المفجّر لأخطر مرحلة من النزاع في تاريخ كُرام. يقدّم منصور خان محسود التقرير التالي:

   «في نيسان 2007، أطلق السنّة في باراشينار هتافات معادية للشيعة خلال مسيرتهم في ربيع الأول (بذكرى ولادة النبي محمد) ما أغضب المجتمع الشيعي. اعترض قادة الشيعة لدى السلطات السياسية المحلية الذين اعتقلوا بعض القياديين السنّة المتورطين في الحادثة. من جهتهم، ادّعى السنّة أنّ الشيعة كانوا قد رموا الحجارة على المسيرة. تصاعد الوضع، وفي اليوم التالي ادّعى القادة الشيعة أنّ السنّة قد هجموا على مسيرةٍ دينيةٍ  شيعية من خلال رمي الصواريخ والقنابل اليدوية من مسجدٍ سنّيٍ في باراشينار. سريعاً، غمر العنف الطائفي المدينة بأكملها وامتدّ إلى القرى المجاورة. حين حاول الجنود من الجيش الباكستاني وقوات الحدود التدخل، هوجموا أيضاً من قبل الجهتين  وقُتل أكثر من 12 من أفراد الامن. قُتل ما مجموعه أكثر من 100 شخص في هذه السلسلة من النزاعات.

   مع انتشار العنف الدامي في أرجاء كُرام، عُقِد مجلس من أعيان السنّة والشيعة من هانغو وتمكّنوا من التوسط لوقف النار بين الطائفتين في باراشينار. توقّف القتال ولكن أُجبر سكّان المدينة على إمضاء 45 يوماً من حظر التجوال المطبّق من قبل الحكومة مع استقرار الوضع. بالرغم من ذلك، استمرّت الاشتباكات المتفرقة في أنحاء الإقليم، ما أجبر على قطع الطرقات فحُبس العديد من الشيعة والسنّة في قُراهم».

   استناداً إلى الشيعة من باراشينار الذين أجرى الكاتب معهم مقابلات، كان وكيلٌ سياسيٌ سابق في كُرام قد تنبّأ في كانون الأول 2006 بتدهور الوضع هناك «بعد اذار 2007»، بينما كان قد حذّر علي محمد جان اوراكزاي ـ حاكم مقاطعة الحدود الشمالية الغربية ـ من الأمر نفسه قبل أيام قليلة من الاشتباكات الموصوفة آنفاً. قام الدكتور محمد تقي لاحقاً بوضع اللوم صراحةً على «الدولة ضمن الدولة» لأنها «عملت بشكل إضافي لخلق أزمةٍ طائفية في كُرام في نيسان 2007». كانت القضية الأساسية في ذلك الحين العبور الآمن عبر باراشينار لمصلحة عمليات المتمردين في أفغانستان لأن «منقار الببغاء» في كُرام كان الطريق الأقصر من المناطق القبلية ذات الإدارة الفدرالية إلى كابل. كما في العقود السابقة، كان التوريون قد رفضوا بشكلٍ قاطعٍ تأمينَ عبورٍ آمن عبر مناطقهم. ادعى أعيان الشيعة من باراشينار أنّ وكيلين سياسيين كانا قد طلبا منهم تسهيل حركة طالبان الباكستاني والأفغاني أو الاستعداد لمواجهة النتائج. بدأ القتال الفعلي في 6 نيسان وحين وُضع وقف إطلاق النار قيد التنفيذ في 12 نيسان، كان قد قتل 63 شخصاً من الجهتين وجُرح 162 استناداً إلى الوكيل السياسي. جرى التوقيع على اتفاقٍ سلميٍ رسمي في 1 أيار في باراشينار، ولكن أغلبية أعيان القبائل السنّية اعتقدت أنه لا يتطرق لمخاوفهم الرئيسية وأطلقت حملةً لجمع التبرّعات من أجل شراء السلاح.

   في 4 آب، صدم انتحاريٌ سيارته بسيارةٍ متوقّفة في سوق «عيدغاه» في باراشينار من أجل جذب حشدٍ ومن ثم فجّرها. قتل خمسة أشخاص على الفور بينما جرح 48 شخصاً. اندلعت سلسلةٌ أخرى من الاشتباكات الطائفية العنيفة في باراشينار في 16 تشرين الثاني 2007 وانتشرت إلى عدد من القرى في كُرام العُليا والوسطى، وأودت بحياة 109 أشخاص وجُرح 245 خلال الأيام الأربعة الأولى. بالرغم من الانتشار الكثيف للقوّات وعدد من اتفاقات وقف النار، استمرت حالات الفوران الجديدة في مناطق مختلفة من إقليم كُرام نحو شهرين تقريباً. بقي الطريق الرابط بين «باراشينار» و«ثال» (مقاطعة هانغو) بباقي باكستان مغلقاً بعد 16 تشرين الثاني، ما أجبر سكان كُرام العليا على السفر عبر أفغانستان للوصول إلى بيشاور. حين جرى التوقيع على اتفاقية في 13 كانون الثاني 2008 بعد الجهود المستمرة لمجلس الأعيان التصالحي في هانغو وللإدارة السياسية ولكبار المنطقة، كان قد قضى 335 شخصاً وجُرح 750. ادّعي أنّ مسلّحين من أرجاء أخرى من المناطق القبلية ذات الإدارة الفدرالية كان لهم دورٌ كبير في القتال مع حلول أواخر 2007.

في 16 شباط 2008، صدم انتحاريٌ سيارة محملةً بالمتفجرات بالمكتب الانتخابي للمرشح المدعوم من «باكستان بيبلز بارتي» ـ الدكتور السيد رياض حسين شاه ـ في باراشينار ما أودى بحياة 47 شخصاً. أشعل الانفجار أعمال الشغب في المدينة وأُحرق عددٌ من البيوت والمتاجر، ففتحت القوات النار من أجل إخماد الاضطرابات. نجا السيد رياض حسين الذي لم يكن في مكتبه وقت الانفجار من محاولة اغتيال أخرى قرب مدينة سَدّه في 26 شباط. وقعت بعض الكمائن الاضافية على طريق كُرام الرئيسي، مستهدفةً سيارة إسعاف قرب باراشينار في 27 شباط، وقافلة من السيارات الخاصة التي ترافقها قوات أمنية في 5 نيسان، وقافلة من الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية في 19 حزيران. عُثِر بعد وقتٍ قصير ٍعلى 11 شيعياً كانوا قد اختطفوا في الكمين الثاني في كُرام السفلى وهم مقتولون. من جهتهم، قام الشيعة التوريون في 30 حزيران بخطف 30 من عناصر قوات الحدود قرب بايوار، معظمهم من القبيلة المنافسة «منغال».

بدأت جولةٌ جديدة من القتال الشيعي-السنّي العنيف في كُرام السفلى في 8 آب 2008، ومع حلول 14 آب كانت قد انتشرت إلى معظم الإقليم. استخدمت الجهتان الأسلحة الثقيلة إلى حدٍ كبير، وحصل تشريد كثيفٌ من العديد من القرى. ادّعى أفرادٌ سنّة من قبيلة بانغاش أن الحكومة الأفغانية كانت تدعمُ التوريين، بينما ادّعى التوريون أنّ مُسلحي «تحريك طالبان باكستان» كانوا يساعدون منافسيهم. ادّعي أنّ نائب قائد «تحريك طالبان باكستان» ولي الرحمن كان قد قدّم عرضاً للتوريين في   آب 2008 بتأمين الحماية للمسافرين الشيعة فيما لو توقفت القبائل الشيعية عن عرقلة وصول «تحريك طالبان باكستان» إلى الطرق من كُرام إلى أفغانستان. رفض رؤساء التوريين هذه الخطوة مشتبهين بأن «تحريك طالبان باكستان» سوف تستولي ببساطةٍ على مناطقهم. حين جرى التوصّل إلى وقف إطلاق نار جزئي في 13 أيلول، كان قد بلغ عدد الإصابات أكثر من 500. من 19 إلى 27 أيلول، اجتمع مجلسُ أعيانٍ سلمي مؤلفٌ من 100 عنصر من قبيلتي توري ومنغال، ومن ضمنهم بعض أعضاء المجلس الوطني والسناتورات، في بيشاور وإسلام آباد واتفقوا على وقف النار في إقليم كُرام حتى 31 كانون الأول. كان يتحتّم إخلاء كل الأماكن المحتلة من قبل الطوائف المتنافسة وتسليمها لمالكيها الأصليين وتبديل الأسرى وإعادة فتح طريق ثالـ باراشينار أمام حركة المرور العامة. توصّل مجلس الأعيان أيضاً إلى «عدم وجود توتر سنّي ـ شيعي في إقليم كُرام بل تورط يد ثالثة في تحريض القبيلتين بعضهما على بعض» وأنه «سوف نحبط كل المؤمرات على شعبنا القبلي». في 16 تشرين الأول، جرى توقيع اتفاق مكتوب في «موري» يؤكد الشروط الآنفة. أُعيد فتح الطريق إلى باراشينار، جرى تبادل الرهائن، وأُخليت القرى المحتلة خلال الأسابيع الأخيرة من 2008.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف