البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

May / 1 / 2017  |  2762ظاهرة الطلاق ... وأزمة العائلة العراقية

علي لفته المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية شباط 2017
ظاهرة الطلاق ... وأزمة العائلة العراقية

من الواضح جداً إنّ الدين الإسلامي اهتم بالإسرة إهتماماً ملحوظاً ، فكثير من الآيات الشريفة تبين أهمية بناء الأسرة المسلمة سواءً ما يخصّ الأحكام أم بالحث على الزواج وتكوين الأسرة، وسورة النساء من السور الواضحة فيما يتعلق بحقوق النساء وكيفية التعامل معهن والصبر عليهن ، وعدم التفريط بالعلاقة الزوجية قدر الممكن فعسى انْ يكون فيهن خير كثير.

وهذا يدل على محبة الله تعالى لهذه العلاقة المقدسة  يقول سبحانه وتعالى في سورة (الروم /30 ) ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) ، ولكن هذه العلاقة حينما تصل إلى درجة تتعذرفيها الحياة بين الزوجين وتنفذ كل وسائل إصلاح ذات البين ، فيكون الحل الوحيد آنذاك أبغض عند الله الحلال وهو الطلاق .

رغم إنّ  البيت الذي يحدث فيه الطلاق يعتبر بيتاً مفككاً إضافة إلى ما ينتج من الطلاق من آثار سلبية . ولكن ظاهرة الطلاق في الآونة الأخيرة جلبت الإنتباه بشدة، فقد ازدادت حالات الطلاق في العراق بصورة مرعبة حسب الاحصائيات التي أطلقها مجلس القضاء الأعلى في نهاية سنة 2016م ،وطبقاً لإحصاءات دورية رسمية عن عمل المحاكم في العراق، فإن مجموع حالات الطلاق وصل إلى 516.784 حالة خلال الأعوام من 2004-2014، في وقت كان مجموع حالات الزواج 2.623.883 خلال هذه المدة ما يعني أن حوالي 20% من هذه الزيجات انتهت بالطلاق.

كما أكّد مصدر قضائي في تصريح على شبكة عراقنا ( ان قضايا الطلاق باتت تحوز على النسبة الأعلى بين القضايا التي تشهدها المحاكم العراقية ..مشدّدا على ان محاكم قضاء الرصافة في بغداد هي الأعلى بين كل محاكم العراق في تلقي دعاوى التفريق بين الازواج).

 هذا الأمر جعل الباحثين والمتخصصين وبعض المؤسسات تضع الدراسات المهمة وتفكر في حلول سريعة لعلها تحد من كثرة حالات الطلاق  ، وهذا مادعا المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف الى أنْ تحذر من خطورة هذه الظاهرة، فقد جاء على لسان ممثلها الشيخ عبدالمهدي الكربلائي في يوم الجمعة المصادف 3/12/2016م. (إن الطلاق تصاعد منذ عام 2004 و ازداد عدد حالات الطلاق المسجلة قضائياً مقارنة بما قبله).

محذراً من أنها ظاهرة خطيرة في المجتمع العراقي تهدد بتفكك الكيان الأسري وتشكل خطرا على التماسك الاجتماعي لما تتركه من أثار نفسية وأخلاقية ، كما دعا الكربلائي لـ"دراسة أسباب ظاهرة الطلاق الحقيقية وتظافر الجهود لمعالجتها.

مضيفاً (إذا كانت المؤسسات الحكومية غير قادرة فإن المسؤولية الدينية والإنسانية تحتّم على الخطباء والآباء والأمهات وإدارات المدارس والجامعات أن تنهض بأداء مسؤولياتها لوضع خطط مناسبة لتضييق دائرة هذه الظاهرة وعدم السماح بتصاعدها ودراسة أسباب بروزها ).

فظاهرة  الطلاق تعد من أخطر الظواهر الإجتماعية التي تتعرض لها المجتمعات باعتبارها سبباً في تفكيك البناء الأسري ،  وماينتج عن ذلك من ضرب للنسيج الإجتماعي ، فقبل التطرق إلى طرح الحلول والتوصيات بصورة سليمة كان لابد لنا من أن نتطرق إلى مايلي :

1ـ أهم الأسباب التي دعت إلى كثرة حالات الطلاق؟

2ـ وما آثار الطلاق على الطفل والأسرة والمجتمع؟

أولاً: أسباب الطلاق:

لعل القارئ المطلع أو الباحث المتخصص على علم بانّ كثرة حالات الطلاق في العراق ليست بمعزل عما يحدث في الوطن العربي، فقد نشر مركز المنشاوي للدراسات والبحوث على موقعه الألكتروني  مقالاً للباحث الإجتماعي عباس سبتي  بعنوان (دراسة تحليل أسباب ظاهرة الطلاق) بتاريخ 02/08/2012م. متحدثاً عن نسب الطلاق في الدول العربية قائلاً : ففي المملكة العربية السعودية أوضحت دراسة أجرتها وزارة التخطيط أن نسبة الطلاق ارتفعت في عام 2003م عن الأعوام السابقة بنسبة 20%.

وأوضحت الدراسة أنه يتم طلاق 33 امرأة يومياً، وفي مدينة الرياض وحدها وصل عدد المطلقات إلى 3000 امرأة، في حين بلغت حالات الزواج 8500 زيجة، وقال (المأذون الشرعي بمدينة جدة الشيخ أحمد المعبى): إن نسبة الطلاق في مدينة جدة وحدها وصلت إلى40% من حالات الزواج عام 2003م.

وفي قطر أكدت دراسة تناولت ظاهرة الطلاق في المجتمع القطرى أن نسبة الطلاق بلغت 8،31% عام 2000. في حين أوضحت دراسة أخرى عام 2003 وجود 319 حالة طلاق مقابل 978 حالة زواج .

وكشفت إحصائيات (محكمة أبو ظبي الشرعية الابتدائية) أنه منذ مطلع شهر يناير وحتى شهر سبتمبر 2001م فقط تم تسجيل 626 عقد زواج مواطن ومواطنة وقابلها ما يقارب 225 حالة طلاق إشهاد وإثبات لمواطنين من مواطنات.

وتشير إحصاءات أخرى نشرتها إدارة التوثيقات الشرعية بوزارة العدل في الكويت إلى أن نسبة الطلاق بلغت 40% خلال النصف الأول من عام 2003م

أما في مملكة البحرين فقد ارتفعت نسبة المطلقات في البحرين مع نهاية عام 2002م لتصل إلى 30% مقابل 15% عام 1994م، وتشير الإحصائيات إلى أن عدد حالات الطلاق بين المواطنين من البحرينيين وصل إلى 5434 في العام نفسه، انتهى.

فما قدمناه من إحصاءات لبعض الدول العربية قد يمكننا من معرفة الآثار الاجتماعية للطلاق فالملاحظ من هذا التقرير وغيره إنّ هذه الظاهرة الكارثية لم تصب العراق وحده وإنها بدت جلية وواضحة بعد العام 2000 م. لعل ذلك يعود إلى عصر التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك والتويتر وغرف الدردشة ) والإستخدام السيئ لهذه الأجهزة.

فأهم الأسباب التي دعت إلى هذه الظاهرة هي.

1ـ ضعف الوازع الديني والتحلل من القيم والمبادئ والأعراف من خلال الانفتاح المجتمعي على العالم عبر وسائل الاعلام والمعلوماتية وشبكات التواصل الإجتماعي ، من انترنت وصحون لاقطة ، فقد ساهمت كثيرًا في إشاعة نمط ثقافة غربية غريبة على المجتمع العراقي، ما جعل حالة الطلاق مقبولة نسبيا لدى الفتاة والشاب.

 فالمرأة أخذت تسعى إلى أن تكون أكثر إستقلالية عن الرجل ، والثاني أصبح يحبّذ اقامة  علاقات عاطفية متعددة مع أكثر من فتاة بعيدا عن بيته وزوجته ما يؤدي الى فشل العلاقة الزوجية بينهما. وهذا ما أكدّته الباحثة الإجتماعية منال داود في مقال لها تحت عنوان (أسباب تزايد حالات الطلاق في المجتمع العراقي ) نشر في جريدة الصباح بتاريخ 17/12/2012م.

كما أكّد الباحث الدكتور فوزي ابن دريدي في مقال له نشر على موقع مركز أسبار للدراسات بتاريخ 1/3/2016م جاء فيه : أفرزت العولمة غير المدروسة آثاراً سلبية على المجتمعات  العربية من خلال تفكك الروابط الأسرية والتضامنية الاجتماعية المختلفة.

 فكانت نماذج الحرية الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية على النمط الغربي إحدى أهم عوامل ازدياد حالات الطلاق في المجتمعات العربية. فالنموذج الغربي لا يعير أهمية كبيرة لمؤسسة الزواج، كما أن الحرية الفردية سابقة عن للحرية الاجتماعية.

من جانبه، أكد محمد عبد الرضا خلف، أستاذ جامعي، من خلال مقال نشر على صحيفة إيلاف الألكترونية يقول : أصبح شباب الألفية الثالثة يتأثرون كثيرًا بالثقافة الغربية ولكن بشكل خاطئ، ويطبقونها على أرض الواقع العراقي تطبيقًا حرفيًا، فضلًا عن التأثر بما تطرحه المسلسلات المدبلجة من سلوكيات خاطئة، وهذا ما لا يحتمله المجتمع العراقي، فلو كان الزوجان يعرفان تمام المعرفة حدود الله ومعنى وقيمة الزواج لما فكرا نهائيًا في الطلاق، ولاحتويا مشاكلهما.

2ـ تزايد نسبة الفقر وانتشار البطالة . وهذا ماأكّدته المرجعية الدينة في خطبة الجمعة بتاريخ 2/12/2016م. و أن ظاهرة البطالة لها تأثير أيضا في تزايد الطلاق، ولا بد من التثقيف على تحمل هذه الأوضاع الاستثنائية وتجنب الانفصال حفاظا على النسيج الاجتماعي.

من جانبه أكّد الباحث الاجتماعي علي الحسناوي في تقرير نشر في شبكة (عراقنا ) قائلاً : ان شريحة واسعة من الشباب تعاني حالة بطالة حقيقية.مؤكدا ان اغلاق المصانع وتدهور الواقع الزراعي وعدم وجود فرص للحصول على وظيفة يجعل كثيراً من الأسر عرضة للفقر وهو دافع يعد الأكبر في تنامي حالات الطلاق بين أفراد المجتمع.

وقالت عضو مجلس النواب عن الاتحاد الوطني الكردستاني ريزان شيخ دلير في بيان، إن "ارتفاع حالات الطلاق الى هذا الحد يأتي نتيجة الوضع الاقتصادي للبلد وحالات الزواج التي تتم خارج المحاكم بسبب عدم تجاوز الفتاة السن القانونية للزواج"، مؤكدة أن "من الضروري اقرار قانون العنف الاسري خلال المرحلة الحالية للحد من حالات الطلاق التي ترتفع شهرا بعد آخر في عموم مناطق العراق.

3ـ الزواج بناءاً على رغبة الأهل او بسبب أواصر القرابة القوية التي تجبر الرجل على الزواج من احدى قريباته دونما رغبة منه أو منها وهذا يحدث خصوصاً في المحافظات التي يغلب عليها الطابع العشائري. وهذا ما أكدته المحامية منال العكيدي في مقال لها نشر على موقع رابطة المرأة العراقية بتاريخ 27/6/2014م.     

4ـ أن القانون العراقي يحتوي على مرونة وثغرات تساهم في التسريع بحالات الطلاق, وطلب التفريق القضائي. ومن تلك الأسباب القانونية الأساسية أن المادة 39 من قانون (الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل) تنص على وجوب إقامة الدعوى في المحكمة الشرعية, لمن يريد الطلاق واستحصال حكم به.

الا اننا نجد ان الظاهر والأغلب هو ايقاع الطلاق خارج المحكمة غيابيًا او الطلاق الرضائي( الخلع). وهو امر يحدث بسبب انعدام الوعي القانوني, وعدم تقدير قيمة الحياة الزوجية والتسرع. ايضًا هناك مادة رقم (40) في القضاء العراقي تجيز لمن تضرر ضررًا يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية ان يطلب التفريق.

ولكن السواد الأعظم ممن يطلبون التفريق لا يعتمدون على هذه المادة خوفًا من ردّ دعواهم، لمعرفتهم بعدم وجود ضرر جسيم يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية لأن الضرر لا يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية. لهذا يتبعون طرقًا أخرى لإيقاع الطلاق. ونصت المادة (41) على جواز طلب التفريق من قبل أي من الطرفين عند قيام خلاف بينهما والزم المشرع المحكمة في هذه الحالة إجراء التحقيقات اللازمة في أسباب الخلاف وسلك المسلك الشرعي في ذلك من حيث التحكيم والسعي لإصلاح ذات البين.

وحسبما أفاد قاضي الأحوال الشخصية في محكمة الكرخ، سعد محمد عبد الكريم في مقال نشر على موقع مصر العربية، يقول «احتلت قضايا الطلاق في السنوات الثلاث الأخيرة مركز الصدارة بين الدعاوى الشرعية أمام محاكم الأحوال الشخصية»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «القانون يحتوي على مرونة وثغرات تساهم في التسريع بحالات الطلاق وطلب التفريق القضائي».

 إضافة إلى ذلك أن المحاكم لم تفعل دور الباحثة أو الباحث الاجتماعي. وهو الشخص المخول قضائيًا بتقديم تقرير للمحكمة عن إمكانية استمرار الزواج من عدمه. وهذا ما أقره القاضي ضليع ناصر في مقال نشر على صحيفة إيلاف الالكترونية بتاريخ 23/5/2010م.

قائلاً : إنّ دور الباحثة الاجتماعية ضعيف جدًّا, ولو كان هناك دور ايجابي لما ارتفعت حالات الطلاق بهذا الشكل الغريب.

وهذ ما بيّنه المحامي حسام الغراوي لصحيفة إيلاف الإلكترونية أن دور الباحثة الاجتماعية غير فعال. لان وضيفتها إصلاح ذات البين بين الزوجين وإبعاد الطلاق. وهو أمر لا يحدث، مما شجع على وقوع الزوجة او الزوج تحت سيطرة المحامية او المحامي، اللذين يدفعان بشدة نحو وقوع الطلاق.

 5ـ إن ظاهرة الطلاق الخارجي ضاعفت حالات انفصال الازواج في العراق حتى وصلت إلى أعلى معدلاتها، مشيرين إلى أن لجوء بعض المواطنين إلى ما يعرف بـ "المكاتب الشرعية" يأتي للتخلص من الاجراءات التي تتخذها المحكمة قبل المضي بقرار انهاء العلاقة الزوجية، لافتين إلى أن حصول رجل الدين على اجازة خبرة قضائية لا تخوله ابرام عقد الزواج أو إنهاءه.

   وهذا ما أكّده قضاة ومحامون في مقالة تحت عنوان ("المكاتب الشرعية" تضاعف ظاهرة الطلاق في البلاد) نشر على موقع السلطة القضائية بتاريخ 28/12/2016م.

وقال قاضي الاحوال الشخصية سعد عبد الكريم في حديث مع صحيفة "القضاء" الصادرة عن المركز الاعلامي للسلطة القضائية اليوم، إن "معدلات الطلاق بدأت تأخذ منحى خطيرا لاسباب اجتماعية وثقافية متعددة". وتابع عبد الكريم إن الطلاق خارج المحكمة يستحوذ على السواد الاعظم لحالات انفصال الازواج.

6ـ قلة الوعي والخبرة لدى بعض المتزوجين في فهم العلاقات الزوجية الصحيحة ،والتفكير السليم لحل المشاكل التي تحدث في حياتهما ، مما يتيح للآخرين التدخل في شؤون الأسرة أو الذهاب إلى المحكمة التي يعني وضع نفسيهما وحياتهما الزوجية تحت رحمة المحامين والمحاميات الذين يدفعون بشدة نحو الطلاق مقابل المبالغ المالية.

يقول الدكتور فوزي بن دريدي في مقال له تحت عنوان (واقع وآثار الطلاق في الوطن العربي) إن مايميز سلوك المقبلين على الزواج في المجتمعات العربية الراهنة هو توجههم نحو تبني نوع من “النمطية الاعتباطية” في بناء الأسرة، ومظهر ذلك هو عدم تحديد أهداف تكوين الأسرة ووسائل بقاء تماسكها وديمومتها.

7ـ تغيّر نظرة أغلبية المجتمع العراقي عند اختيار الزوج او الزوجة حيث طغت النظرة المادية بشكل ملفت للزواج فترى أهل المرأة المخطوبة يسألون عن الوضع المالي والممتلكات الشخصية للرجل الخاطب قبل السؤال عن شخصه وعائلته ووازعهم الديني والأخلاقي بل المهم عندهم أن تكون الزوجة مرفّهة بعد الزواج دون الاهتمام بمدى الترابط والانسجام الاسري بين الزوجين وبالتالي ربما يوجد مايعكر هذا الترابط ولن يكتشف الا بعد الزواج وتحدث حينها الصدمة للجميع والخاسران الوحيدان في ذلك هما الزوجان واولادهما ان وجدوا حينما تنتهي حكاية الزواج بخاتمة الطلاق المأساوية. هذا ما أكّده الكاتب أسعد كمال الشبلي في مقال تحت عنوان (ارتفاع عدد حالات الطلاق.. الاسباب والمعالجات ( نشر على موقع كتابات بتاريخ 12/12/2016م.

8ـ أما المحامي طارق حرب فقد صرح في مقال نشر على موقع صحيفة إيلاف الإلكترونية ، محمّلاً منظمات المجتمع مسؤولية ارتفاع نسبة الطلاق في العراق منذ 2003 إلى يومنا هذا. وانتقد حرب بشدة منظمات المجتمع قائلا: "تتحمل منظمات المجتمع المدني التي تتقاضى أموالاً من الولايات المتحدة الأميركية والتي انتشرت خلال الأعوام الماضية مسؤولية ارتفاع نسبة الطلاق.

حيث تعمد المسؤولات والعاملات في تلك المنظمات على إقامة مؤتمرات لا عد لها،وهي بمجملها مؤتمرات تحرض المرأة على إتباع النمط الأميركي في التعامل. وتعتبر تلك المنظمات أن أي كلمة يقولها الزوج لزوجته تعتبر إساءة بالغة. وتطالب المنظمات بتطبيق اتفاقيات سيداو وغيرها غير مدركات لخصوصية وتفرد المجتمع العراقي.

وأردف: "لماذا لا تعمد مسؤولات منظمات المجتمع المدني إلى تكريس مفهوم قدسية الزواج بدلا من التطبيل والتزمير لأفكار أميركية لا تصلح في مجتمعاتنا العربية والعراقية على وجه التحديد؟!".

هذه النقاط المتقدمة الذكر أهم وأبرز الأمور التي ساعدت على إزدياد حالات الطلاق، إضافة إلى الأسباب التي عادة ما يحدث من خلالها الطلاق من قبيل عدم الإنجاب أو العنف الجسدي واللفظي ، أو عدم الإنسجام في الحياة الزوجية ،أو تدخل الأهل في الحياة الزوجية والإختلاف في المستوى الثقافي وغيرها من الأمور ...إلخ.

ثانياً/ آثار الطلاق على الطفل والأسرة والمجتمع:

من المعلوم إن لكل ظاهرة سلبية آثاراً على المجتمع ومن أهم هذه الظواهر ظاهرة الطلاق التي تقوض بدورها كيان الأسرة وتفتت أفرادها، وسوف نركز باختصار على آثار الطلاق على الأطفال ثم الأسرة والمجتمع.

آثار الطلاق على الأولاد :

 يعتبر الباحثون إن الطلاق يعد خبرة قاسية في حياة الطفل وعادة ما يصاب الأطفال بعقد نفسية ، وضعف الشخصية والانعزالية والشعور الدائم بالحزن في المجتمع ،وعند البلوغ قد تظهر انحرافات سلوكية مختلفة مثل السرقة، الكذب و القتل وغيرها .

واحياناً تزداد العقد النفسية بدواخلهم فيصبحوا مهيئين للانخراط بصفوف الجماعات المنحرفة بمختلف مسمياتها وأنواعها كالجماعات الارهابية وعصابات الخطف والسرقة والنهب وغيرها من تلك المسميات

. لقد كشفت دراسة سابقة قامت بها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أن اكثر من 40 %  من الجانحين أمهاتهم من المطلقات، وهذا ماأكّده الكاتب اسعد كمال في المقال الذي نشره على موقع كتابات.

وقد أشارت الدراسات حسب المقال الذي نشره مركز اسبار للدراسات إلى أن تأثير الطلاق عند الذكور تكون مدته أطول منها عند الإناث وهذا مايؤدي إلى استمرار سلوكه العدواني في البيت والمدرسة.

آثار الطلاق على الأسرة:

الطلاق بالنسبة للرجل والمرأة انتكاسة، لها آثارها على الصحة النفسية والجسدية ،فهي تقليل لمكانتهما الإجتماعية، من متزوج ومتزوجة إلى مطلق ومطلقة،فالرجل يتأثر بالطلاق والانفصال فيعتبر نفسه فشل في استمرار العلاقة الزوجية ، ففي مقال للكاتب عربي عيسى نشر على موقع الحوار المتمدن تحت عنوان آثار الطلاق على (الرجل-المرأة-الأطفال-المجتمع) .

   يقول الكاتب : فلن يكون الرجل سعيداً وهو يرى حياته الأسرية تذوي وتدخل مرحلة تتزعزع فيها ، فإلى جانب فقدانه لزوجته سوف يفقد سعادته مع أبنائه فإن ظل أبناؤه إلى جانبه شكّلوا له مصدراً للقلق وخلق الخلافات مع زوجته الجديدة إن تزوج فأحياناً لا يعتمد الرجل على زوجته أم أبنائه ولا يكتفي بعنايتها بل يباشر العناية بأبنائه بنفسه مع وجودها إلى جانبهم فكيف إذا بحال رجل أبناؤه مع امرأة ترى أنهم منافسون لها وهم يرون أنها دخيلة عليهم؟.

كما إنّ بعض الأسر يَنظرون إلى المطلق على أنه شخص لديه الكثير من المشاكل، فيتوجسون من الإرتباط به، فكلمة مطلق تضع عليه وصمة، مما يؤدي إلى التعامل معه بحذر. 

أمّا تأثير الطلاق على المرأة فأشد وقعاً وأكثر تأثيراً فنظرة المجتمع السيئة للمطلقة تشعرها دائماً بالحزن كما  إن الطلاق يشعرها بصعوبة إتاحة الفرصة لها بالزواج مرة أخرى وينظر لها بأنها مرتكبة جريمة مما يؤدي إلى ضغوط نفسية كبيرة جداً عليها، مثل: الشعور بالندم، ونقص الإحساس بقيمة الذات، ومرارة الفشل في الحياة الزوجية، وفقدانها هويتها كزوجة. والإحساس بالحرمان، وعدم احترامها في كثير من المجتمعات، وهذا ما أكّده الدكتور إبراهيم بن هلال العنزي في مقال له نشر على موقع صحيفة الجزيرة السعودية تحت عنوان (الطلاق: (أسبابه - آثاره - سبل علاجه).

آثار الطلاق على المجتمع:

المجتمع عبارة عن مجموعة من الأسر تربط بينهم آواصر المحبة والتعايش ، فكلما كانت هذه الأسرة متماسكة كان المجتمع أكثر هدوءاً و انسجاماً ، فكثرة الطلاق في مجتمع ما ينتج لنا مجموعة من الأحداث والمشردين تتملكهم العقد النفسية والعدوانية حسبما يقول الباحثون.

   وتكثر السرقة والإحتيال وزعزعة الأمن الإجتماعي وتفشي جميع أنواع الجريمة. من جانبه أكّد الباحث الإجتماعي عربي عيسى في مقاله الذي نشر على موقع الحوار المتمدن بتاريخ 29/4/1012م. إن الأحداث الناتجة عن الطلاق تؤثر في شخصية الرجل، وما ينتابه من هموم وأفكار وأعباء مالية قد تجره إلى تصرفات تضر بمصلحة المجتمع وعدم أداء عمله على أكمل وجه وقد تجره لاتخاذ سلوك نحو الجريمة كالسرقة والاحتيال وغير ذلك.

وهذه الهموم والآلام قد تنتاب المرأة أيضاً مما يجعلها تفكر بأية طريق للحصول على وسيلة للعيش وقد تسلك طرقاً منحرفة وغير سوية في ذلك مما يؤثر سلباً على المجتمع.

توصيات ونتائج:

ما سنعرضه من حلول  وتوصيات هي في الحقيقة عبارة عن آراء لباحثين إجتماعيين وكتّاب وقضاة  ذوي  إختصاص  أو من خلال تجارب بعض المؤسسات الإجتماعية الناجحة التي حدّت أو قللت من ظاهرة ازدياد حالات الطلاق في الدول العربية. فالمسؤولية الدينية والإنسانية تحتّم على الجميع تحمل المسؤولية أزاء هذه الظاهرة .

1ـ أكّد الباحثون من بين أبرز أسباب تفشي ظاهرة الطلاق هو التكنولوجيا الحديثة والإستخدام السيئ للأنترنت والفيسبوك ومتابعة المسلسلات المدبلجة .

لذا على جميع أسرنا الكريمة الرجوع الى مبادئ وتعاليم ديننا الاسلامي السمحة والتي تضمن حسن المعاشرة الزوجية وانتظام العلاقات الاسرية واحترام الزوج لزوجته من خلال المعاملة الطيبة إلتزاماً وطاعةً لقوله تعالى: ( وعاشروهن بالمعروف ) النساء الآية 19.

كما يجب عدم القبول بتدخل الآخرين بالشؤون الزوجية لتجنب الخلافات قدر الممكن، وعدم قبول العادات السيئة والمفاهيم الغربية التي أصبحت وبالاً على مجتمعاتنا .

كما يجب على القنوات الفضائية التي يفرض عليها الحق والوطن والشرع والانتماء وفي اي اتجاه كانت ان تأخذ دورها في إنتاج  مشاريع برامج ضخمة لتبيان مخاطر الطلاق وازدياده. فوسائل الإعلام لها دور قوي وتأثير كبير على المتلقي من الافراد من خلال عمل بعض الحلقات التي تبين كيفية العلاقة بين الازواج و اثر الخلافات والطلاق على العلاقة الزوجية والاطفال , وان تبث هذه الحلقات بشكل متكرر وليس فقط لمرة واحدة.

2ـ تعقيد اجراءات الطلاق والتفريق القضائي في المحاكم الشرعية (محاكم الأحوال الشخصية) وتفعيل دور الباحث الاجتماعي والنفسي في المحاكم الشرعية ليتبوأ دوره الصحيح في مجال ايجاد الحلول للمشاكل بين الطرفين المتخاصمين والحيلولة دون وقوع الطلاق بينهما.

والحد من ظاهرة ايقاع الطلاق خارج المحاكم المختصة وتوعية الشباب المقبلين على الزواج باهمية هذا الرباط المصيري المقدس وخطورته وتداعياته وهذا يتم ايضا من خلال الباحث الاجتماعي.وهذا ما أكّدته الباحثة منال داود في مقال لها نشرته جريدة الصباح بتاريخ 27/12/2012م.

من جانبه أكّد قاضي الاحوال الشخصية سعد عبد الكريم :أن الباحثين الاجتماعيين الذين يعتمدون القضاء العراقي قبل اصدار قرار الطلاق أو التفريق، لهم دور واضح في عملية رأب الصدع بين الازواج المختلفين.

كما يجب على محاكم الاحوال الشخصية أن تأخذ دورها في  نشر البيانات والاحصائيات بشكل دوري منتظم عن حالات الطلاق وحالات الصلح بين الازواج من خلال الصحف والقنوات التلفزيونية المختلفة.

3ـ تجربة ماليزيا :أصدرت ماليزيا قراراً بمنع إصدار أي عقد زواج إلا بعد حصول الزوجين على اجتياز دورات في الحياة الزوجية والأسرية في مجال أهداف الأسرة والتخطيط للحياة الزوجية وأساليب زيادة الحب والمودة وكيفية إدارة مشكلات الزواج والترشيد في الميزانية ، وقد كانت نسبة الطلاق ارتفعت في ماليزيا إلى 32% وانخفضت النسبة إلى 7% بعد هذا القرار هذا وقد تبنت التجربة دولة الإمارات العربية هذا القرار. حسب ما نشرعلى موقع المسلم الالكتروني .

4ـ توفير فرص العمل للشباب المتزوجين مع زيادة استكشاف و استثمار الموارد التي يزخر بها بلدنا بكافة أنواعها كما يمكن اعتماد نظام القروض لهم لإستثمارها في مشاريع صغيرة أو متوسطة تهيئ لهم العيش الرغيد والحياة السعيدة.

ـ يجب على وزارة المرأة وكذلك منظمات المجتمع المدني النسائية ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى التنسيق مع المحاكم الشرعية لأخذ دورها في إصلاح ذات البين والتوعية الأسرية للذين يرومون الطلاق ،  والإستفادة من المؤسسات والجمعيات ذات التجارب الناجحة في الدول المجاورة كجمعية المودة الخيرية للإصلاح الاجتماعي في  السعودية في محافظة جدة إذ أنها نجحت في الإرشاد الأسري بالمقابلة بين 80 في المئة من الحالات التي استقبلتها الجمعية، عبر المحاكم ودوائر التنفيذ، منذ مطلع عام 2014م.

عن هذا الأمر قال رئيس مجلس إدارة الجمعية الدكتور أنس بن عبد الوهاب زرعه إن «قسم الإرشاد الأسري في الجمعية تمكن بالمقابلة من تقريب وجهات النظر بين 505 أسر والحيلولة دون وقوع الطلاق من إجمالي الحالات التي استقبلتها وهي 637 حالة.

5ـ  الدكتور فوزي بن دريدي مدير مركز الشباب والمشكلات الاجتماعية  في مقال له على موقع اسبار للدراسات والبحوث أكّد على ضرورة التأسيس لجهاز يعنى بدراسة ظاهرة الطلاق، من خبراء واساتذة أكفاء في معالجة الظواهر السلبية التي تصيب المجتمعات، تكون وظيفتها الرئيسة متمثلة في متابعة الظاهرة، وتطورها، وآثارها، واقتراح أساليب معالجتها وتقويم النتائج المحصل عليها.

6ـ يتحتم على وزارة التربية تهيئة جيل مثقف يشعر بالمسؤولية ويعي أهمية العلاقات الزوجية من خلال منهج خاص تضعه وزارة التربية على أن تتناسب مادته العلمية مع عمر الطالب وإدراكه ، كما لايخفى إن للجامعات دورها الكبير في نشر البحوث والدراسات وعقد الندوات التي تساعد على توعية وتثقيف المجتمع. 

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف