البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

June / 23 / 2017  |  1096السعودية الوهابية .. وسر التقارب من العراق الصفوي ..!

فائق الشمري المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية نيسان 2017
السعودية الوهابية .. وسر التقارب من العراق الصفوي ..!

لم تمر العلاقة بين العراق والسعودية بحالة من الإستقرار  منذ أربعين عامًا، هذه العلاقة بين الدولتين دائما ما كانت متشنجة – مضطربة – مقطوعة – متباعدة منذ عام 1980 حتى عام 2003 وما بعدها أيضًا، إذ كانت الهوة بينهما تزداد اتساعا وعلى المستويين السياسي والشعبي يوما بعد يوم ..

إذ تصاعدت حدة الخلافات مع تزايد التفجيرات الإرهابية الطائفية في العراق التي كان منفذوها من الجنسية السعودية، تدفعهم فتاوى التكفير والجهاد التي تبنتها المؤسسة الدينية السعودية..

الفترة الأخيرة شهدت تقاربا ملحوظا بين البلدين ابتدأت بزيارة وزير الخارجية السعودي "الجبير" إلى بغداد وتلتها مجموعة من الإتصالات الدبلوماسية عالية المستوى عدها المراقبون تطورا ملحوظا في العلاقة بين البلدين.. فماذا يخفي هذا التقارب غير المسبوق؟ وماذا وراءه ؟ وما الأسباب التي دعت إليه؟


تميزت علاقة السعودية بالنظام المقبور بالمتانة بسبب دخول العراق بحرب عسكرية مع إيران امتدت لثماني سنين، حتى سارعت السعودية لدعم العراق في حرب الخليج الأولى، ثم قامت السعودية بتسديد ديون العراق ومد أنابيب النفط العراقي عبر أراضيها، وتزويدها بالأسلحة المتنوعة.

توترت العلاقات بين البلدين مع قدوم حرب الخليج الثانية عام 1990، وبعد الغزو العراقي للكويت، حيث طلبت السعودية من العراق التراجع وسحب قواته من الكويت، لكن رفضه دفع السعودية للتحالف ضده، فأقدمت على فتح الحدود لقوات التحالف الأمريكية، وردًّا على ذلك ضرب صدام حسين السعودية بأسلحة كيميائية وصواريخ سكود كما احتل مدينة الخفجي الحدودية.

وبعد حرب الخليج الثانية، انقطعت العلاقات السعودية العراقية وتم إغلاق السفارة السعودية في العراق، وعلى الرغم من هذه القطيعة وتوتر العلاقة رفضت السعودية وعلى لسان وزير خارجيتها تكرار التجربة الاولى واستخدام أراضيها من قبل قوات التحالف الامريكي للهجوم على العراق في العام 2003م.

إلا ان علاقة السعودية بالعراق بقيت متوترة بعد تولي رئيس الحكومة السابق نوري المالكي الحكومة في عام 2006، إذ اتهمت السعودية المالكي بممارسة نهج طائفي في السلطة، بينما أصر المالكي دائمًا على أن السعودية تقف وراء أعمال العنف في العراق.       

وقد سبق للسعودية في عام 2012  أن عينت سفيرًا غير مقيم لها في بغداد، قبل انعقاد القمة العربية في بغداد في ذلك العام، إلا أنها تراجعت عنه بعد أشهر بسبب الخلافات مع حكومة نوري المالكي، ووصل الأمر بالمالكي لأن دعا في تموز الماضي2015 بوضع المملكة العربية السعودية (تحت الوصاية الدولية).

وبالرغم من أن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي اتهم السعودية بدعم الإرهاب والطائفية في العراق إلا أنه سرعان ما أعلن أنه مستعد أن يتنازل عن كل الخلافات وأن يتحرك إلى الأمام في العلاقات مع دول الجوار، والتي كان يقصد بها السعودية، ومن هنا أخذت العلاقات العراقية السعودية في التحسن.

ودعا العبادي على هامش مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي عقد في بروكسل نهاية عام 2014  نظيره السعودي آنذاك سعود الفيصل إلى الإسراع في تطوير العلاقات بين البلدين، وفي مايو 2015 أعلن العبادي أن (العراق ليس طرفًا في الصراع السعودي الإيراني، وأن بلاده ليست بوابة لإيران، ولن تدخل في صراعات إقليمية بين البلدين).. وقال: (إذا كان الإخوة السعوديون يعتقدون أن العراق هو بوابة لإيران فهم مخطئون، العراق ليس بوابة لإيران ونحن لا نريد أن ندخل في صراعات إقليمية بين السعودية وإيران) .

تبادل تصريحات المودة

تبادل الطرفان العراقي والسعودي تصريحات المودة بينهما لإعادة المياه الى مجاريها بين البلدين.. هذه التصريحات آتت أكلها بزيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير المفاجئة للعراق في يوم السبت 25 شباط 2017 وما عكسته من سيناريوهات محتملة لتقارب سعودي عراقي ومثلت منعطفا مهما في مسيرة العلاقة بين البلدين.. الخارجية النيابية وصفت هذا التقارب بالقول: (يمهد الارضية المناسبة لبناء العلاقات على جميع المستويات وتنشيط التبادل بينهما في المجالات التجارية والاقتصادية).

وبالفعل وبعد أسبوعين فقط من زيارة "الجبير" لبغداد، زار وفد عراقي رفيع المستوى الرياض برئاسة وكيل وزارة الخارجية الأقدم نزار خير الله.. تمخضت عن تشكيل مجلس تنسيقي عراقي سعودي لفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين.

وبحث الوفدان العراقي والسعودي - وفقا لصحيفة الرياض- عددا من المواضيع المتعلقة بإعادة فتح المنافذ الحدودية والنقل الجوي المباشر وتسهيل الإجراءات الخاصة بالحجاج والمعتمرين العراقيين، وكذلك الزوار السعوديين للعتبات المقدسة في العراق.

كما تطرق الاجتماع إلى آفاق التعاون في مجال النفط والتكرير والطاقة، وإعادة إعمار المناطق المحررة من تنظيم الدولة الإسلامية، وتشجيع الاستثمار وعمل الشركات السعودية داخل العراق.

واستكمالا لسلسلة الخطوات المتسارعة بين الجانبين كشف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لنظيره العراقي إبراهيم الجعفري، عن نية بلاده إلغاء الديون السابقة المترتبة على العراق، مشيراً إلى سعي السعودية لفتح خط طيران من الرياض إلى بغداد والنجف.

وقالت وزارة الخارجية في بيان نقلته وسائل الإعلام أن "وزير الخارجية إبراهيم الجعفري التقى وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير على هامش اجتماع التحالف الدولي ضد عصابات داعش الإرهابية في العاصمة الأميركية واشنطن".

وأضافت الوزارة، أنه "جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية والتطور الذي شهدته خلال الفترة الماضية وسبل تعميقها، وفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك في المجالات كافة"، مبينةً أن "الجانبين إتفقا على ضرورة تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، ومنهم وزيرا التجارة، والصناعة خلال الفترة المقبلة لزيادة حجم التبادل التجاري، والاستثمار".

وأكد الجعفري، بحسب البيان، على "إقامة أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية"، لافتاً إلى أن "العراق ما يزال بحاجة للدعم المالي والمساعدات الإنسانية وإعادة إعمار البنى التحتية للمدن العراقية بعد تحريرها بالكامل من قبضة إرهابيي داعش".

في الصحف السعودية 

ركزت الصحف السعودية على زيارة وزير خارجيتها "عادل الجبير" للعراق وما عكسته من سيناريوهات محتملة لتقارب سعودي عراقي.

ورأى بعض الكتاب أن هذا التقارب "ضرورة استراتيجية إقليمية".. إذ يرى زهير فهد الحارثي في الرياض السعودية أن زيارة الجبير لبغداد تشكل إنفراجة وتطورا إيجابيا كما أنها "تفتح صفحة جديدة بإعادة التقارب بين البلدين بعد فترة فتور وجفاء".

ويقول: "هناك من يرى أنها مبادرة سعودية خالصة، في حين أن البعض الآخر يراها دعوة عراقية/ إيرانية، وهذه قراءة من ضمن قراءات سياسية عديدة ليست بالضرورة صحيحة.. فليس من المهم البحث عن تلك الخلفيات والأسباب بقدر ما أن المهم هو كيفية الاستفادة من هكذا زيارة والبناء عليها لخدمة مصالح البلدين والشعبين".

وفي الجريدة نفسها، يشير محمد محفوظ إلى أن التقارب جاء من منظور أمني، قائلا: "لعل المنظور الأمني الذي تنظر المملكة من خلاله لكل ظواهر الإرهاب، هو أن من مصلحة كل الدول والحكومات التعاون والوقوف معا ضد هذه الظاهرة الخطيرة والمدمرة لكل أسس التعايش والاستقرار في كل دول المنطقة".

ويقول: "من المؤكد أن ظاهرة الإرهاب بكل مستوياته، من أخطر الظواهر التي تهدد الأمن والاستقرار السياسي في كل الدول والبلدان. وأن تعاون الدول وتنسيقها في محاربة الإرهاب هو أسلم لكلا الدولتين، وأسلم أمنيا وسياسيا لعموم المنطقة".

ويضيف: "تؤكد المعطيات السياسية أن تعاون العراق مع المملكة أمنيا وسياسيا، أحبط الكثير من العمليات الإرهابية التي كانت تستهدف أمن العراق واستقراره.. وأن السكوت أمام الأعمال التي تستهدف أمن واستقرار العراق سيؤدي إلى تضخم العمليات الإرهابية التي تستهدف كل دول المنطقة".

ويتفق معه تركي الدخيل في الشرق الأوسط اللندنية، ويقول: "الهدف واضح ومباشر؛ الرغبة في إعادة العراق للحضن العربي، وبحث التنسيق مع العراق، للجم مارد الإرهاب وتطويقه، بخاصة وهو يمتد على مساحات شاسعة من العراق وسوريا".

ماذا بين السطور

رغم كل الذي تقدم ووجهات النظر المتفائلة التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة يبقى السؤال حاضرا يبحث عن إجابة في الدوافع الحقيقية وراء هذا التقارب المفاجئ، قارئا بين السطور عن سر الحميمية غير المسبوقة في هذا الخطاب (العودة الى الحضن العربي، البحث عن المشتركات، الأمن الأقليمي ، إلغاء الديون... وغيرها) من العبارات التي صار العراقي أخبر الناس بها لما مرّ به من مصائب وويلات وعلى مدى قرابة الأربعين عاما..

السؤال هنا.. هل هي صحوة ضمير مفاجئة عندما يهنئ وزير الخارجية السعودي  العراقيين

بانتصاراتهم على الارهاب الذي رعاه ودعمه وأسسه وسلحه نظامه التكفيري، وفق وثائق استخباراتية أمريكية وغربية تؤكد أن عدد السعوديين الإنغماسيين يشكل 65% من المنضوين  ضمن تنظيم داعش الارهابي ليفتكوا بالعراقيين ويحصدوا أرواح مئات الآلاف منهم.

وهل هذه التصريحات هي للتكفير عن الذنب يوم أتهم الحشد الشعبي بأنها ( مؤسسة طائفية يقودها الايرانيون)، على الرغم من  أنه العمود الفقري في الانتصارات التي حققها العراقيون ضد “داعش” ودحره من غالبية المناطق التي كان يسيطر عليها.

الذاكرة العراقية حافلة بما يضمه السجل السعودي من ذكريات أليمة على مدى السنين الأخيرة التي أعقبت سقوط الطاغية، بكل ما فيها من  مصائب وآلام وثكالى وأيتام.. 

لا شك أن السعودية تنطلق من رعاية مصالحها، فالسياسة ليس فيها عدو دائم او صديق دائم بل هناك مصالح دائمة، وبالتأكيد ان هناك مصلحة ومصلحة كبيرة اضطرت السعودية لأن تتنازل عن كبريائها وتعلن تقاربها من الدولة (الحكومة الصفوية )التي كانت تتهمها في السابق فما الذي تغير.. لاشك ان الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت وهي كفيلة بالإجابة عن الكثير من التساؤلات.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف