البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

July / 25 / 2017  |  953جنرالات ترامب يدرسون خيار توسيع الحرب في اليمن

خوان كول - Juan Cole ذا نايشن - The Nation 3 نيسان 2017 - April 3, 2017
جنرالات ترامب يدرسون خيار توسيع الحرب في اليمن

التحرير: الكاتب من أهم الخبراء في دراسة الفرق الشيعية في العالم، لذلك تتخذ مقالته هذه أهمية خاصة، وهو ينبه إلى أن سوء تقدير الوضع اليمني والتدخل لمصلحة السعودية سيكون خياراً سيئاً ومضراً للمصالح الأميركية ... حيث لا يمكن قياس الوضع اليمني على ما حصل في العراق.


إدارة ترمب تبدي اهتماماً أكبر بالتورط أكثر في الحرب اليمنية. ويبدو أن أولئك المقترعين الأميركيين، الذين صوتوا لترامب على أنه مرشّح انعزالي أو ضد الحرب يعيشون خيبة أمل كبيرة. الحرب اليمنية هي حرب أهلية تشارك فيها السعودية وحلفاؤها من خلال توفير الدعم الجوي لحكومة عبد ربه منصور هادي العاجزة في الجنوب. الذي بدوره يسعى إلى الانفصال عن الحكومة الخصم في شمالي اليمن بإدارة مليشيا الحوثيين. وأدّت الحرب إلى أزمة إنسانية في البلاد، مُسبّبة المجاعة للملايين، وليس هناك أي احتمال بأن يؤدي مزيد من التورط الأميركي إلى الإسهام في مصداقية واشنطن. واهتمام ترامب مرده بجزء منه إلى الدعاية السعودية التي تقول إن الحوثيين يتحركون بدعم من إيران.

في الأسبوع الماضي، قال الجنرال جوزف فوتِل في شهادته لمصلحة البنتاغون أمام الكونغرس إن اليمن أساس الأمن الأميركي. وأشار إلى أنه يضم مضيق باب المندب عند مدخل البحر الأحمر ويمكن أن تستغله أي قوة معادية لقطع التجارة البحرية في تلك المنطقة المائية الهامّة، والتي يتدفق من خلالـها مــا نسبته 10 % من التجارة العالمية.

ولكن يمكن القول إنها الحرب نفسها التي تشكل التهديد الأكبر على الأمن البحري في المنطقة. في منتصف آذار، تبيّن أن مروحيّات سعودية أصابت عن طريق الخطأ مركباً على متنه لاجئون صوماليون كانوا هاربين من اليمن إلى السودان، وأدت الحادثة إلى قتل نحو أربعين فرداً.

وأشار فوتل أيضاً إلى الخطر الذي تشكله القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والتي تتخذ من اليمن مقرّاً لها. وتورد الصحافة اليمنية أن الولايات المتحدة تستهدف باستمرار القاعدة هناك وتراقبها بالطائرات بدون طيّار. ولكن الحرب الأهلية اليمنية الغامضة تُعد أرضاً غادرة لأي قوة عظمى. وحصلت أول عملية عسكرية أميركية مّهمة في اليمن بعد تولي ترامب سُدة الرئاسة في هجوم 29 كانون الثاني الذي استهدف حسب الزعم معسكراً للقاعدة في الغيل، جنوبي محافظة البيضاء، وجراء العملية قُتل نحو 50 مدنياً من بينهم أطفال إضافة إلى فرد في البحرية. أمَا الهدف الأساسي، عبد الرؤوف الذهب، فنقل بندقيته من كتف إلى آخر مرة أخرى فتارةً يكون مع القاعدة وطوراً يتحالف مع حكومة منصور هادي. ولذلك قد يكون الهجوم مبنياً على معلومات استخبارية سابقة قبل أن يُبدّل الذهب تحالفه مؤخراً. في العموم، ثمة تناقض أساسي في السياسة الأميركية تجاه القادة في شبه الجزيرة العربية، وذلك نظراً لكون الحوثيين أعداءً لدودين للمتطرفين السنّة. بل على العكس، التحالف بقيادة السعودية إمّا أن يسمح للقاعدة عن عمد بإحراز التقدم على الأرض في جنوبي اليمن وإمّا أنه يغضّ الطرف عن ذلك. ويبدو أن التحالف ليس لديه أي مانع من تجنيد أبناء القبائل في صفوف القاعدة. فمن خلال إعاقة حكومة صنعاء ودعم القصف المستمر والهائل لتحالف السعودية، يُطلق البنتاغون العنان فعلاً للقاعدة.

تأتي شهادة فوتل في سياق إعادة تقييم الدور العسكري الأميركي في اليمن، ومردّه جزئياً لمذكرة من مستشار الأمن القومي أتش. آر. مكماستر لوزير الدفاع جيم ماتيس. خلال العامين الماضيين، حافظت إدارة أوباما على مستوى متدنٍ من الدعم الأميركي، فاقتصر بشكل أساسي على اللوجستيك وتقديم المعلومات لعمليات الاستهداف. لكن يبدو ان ماكماستر وماتيس يشعران بأن إيران باتت قوية للغاية في اليمن نتيجة ذلك. وستكون الاندفاعة الكبرى التالية للتحالف السعودي باتجاه ميناء الحُديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين وهو أساسي في إيصال الإمدادات للعاصمة. ويبدو أن إدارة ترامب تدرس خيار تقديم مساعدة عسكرية أكبر للسعوديين في هذه المعركة. ولكن ميناء الحُديدة أيضاً هو السبيل لإيصال المواد الغذائية الأساسية لملايين اليمنيين، ويمكن أن تكون الولايات المتحدة مُقبلة على التسبب في مجاعة من صنع يديها.

وكلا الضابطين ماكماستر وماتيس من قدامى المحاربين في العراق، وكلاهما عاشا تجربة رؤية صعود القوة  الإيرانية الناعمة في المنطقة، واعتبارها تهديداً كبيراً للولايات المتحدة. بعد اجتياح بوش للعراق واحتلاله، أُبعدت النخبة السنية في البلاد وسُحقت. ودخلت الأغلبية الشيعية الحياة السياسية وأصبحت مهيمنة على الحياة البرلمانية، مع السعي عموماً إلى التحالف الوثيق مع إيران. وتنتمي الأغلبية في العراق وإيران على حد سواء إلى المذهب الاثنى عشري في الإسلام، وترتبط إيران بعلاقات وثيقة مع المليشيات الشيعية مثل فيلق بدر وعصبة أهل الحق. وبرغم أن فيلق بدر ربطته علاقات طيبة مع الولايات المتحدة، عصبة أهل الحق اشتبكت مع القوات الأميركية.

في بعض الأحيان لم يكن الضابط الأميركي مطلعاً بشكل جيّد على الديناميكيات العراقية وكان يعتبر أن جميع المليشيات الشيعية تابعة لإيران،  برغم أنّ جيش المهدي التابع لرجل الدين مقتدى الصدر اتخذ موقفاً مُعادياً في العموم لإيران. على أيّ حال، ومن المفارقة، هي سياسة إدارة بوش في العراق التي سلّمت السلطة للشيعة وفتحت الأبواب أمام إيران لكسب أصدقاء جدد أقوياء في المنطقة. ومن المقلق أن يكون ماتيس يعيش هاجس تصديق نظريات المؤامرة حول إيران إلى درجة اعتقاده بأن إيران هي من أسس داعش كذريعة من أجل مزيد من التدخل القوي في العراق. في الواقع، بالطبع داعش أداة لبعض العراقيين السنة شديدي السخط الذين يعتقدون بأن إيران تستعمر بلدهم العراق. وداعش أقدم مراراً وتكراراً على ذبح الشيعة وهدّد إيران وشنّ هجمات ضدها.

ماكماستر وماتيس قد ينظران إلى اليمن بعدسات ما حصل في علاقة العراق- إيران. وذلك سيكون خطأً. إن المذهب الزيدي من الإسلام الشيعي في اليمن، والذي يعتنقه حوالى ثلث السكان، لا يُشبه كثيراً المذهب الشيعي الإيراني. ويتميز بتاريخ من التعايش السلمي مع السنة وبأنّه ليس فيه آيات الله. والحركة الحوثية زيدية الانتماء وأصلها من شمالي البلاد، وهي بدأت كمظاهرة ضد النفوذ المتزايد للسعودية في اليمن إضافة إلى مذهبها المتشدد والمعادي بتطرف للشيعة، أي الوهابية. فشعر الحوثيون أن الحكومة اليمنية تضطهد العشائر الشمالية المُهمّشة مع تجاهل المنطقة من الناحية الاقتصادية.

وعندما اندلعت الثورات الشبابية في عام 2011 في العالم العربي، انضم اليمنيون إلى ذاك التيار ولكن في هذا البلد لعب أفراد العشائر في البلاد كالحوثيين دوراً بارزاً. فأُسقط الرئيس علي عبد الله صالح في كانون الثاني 2012، ووافقت المعارضة مع الحزب الحاكم كلاهما على تولي نائبه عبد ربه منصور هادي سُدة الرئاسة من خلال استفتاء. فاز هادي بعد أن نال 80 % من نسبة الأصوات ودخلت المعارضة مجلس الوزراء الذي شكّله. ثم بدأت عملية سياسية وباشرت الحكومة بصوغ دستور جديد.

بعدئذٍ، في أيلول 2014، خرج الحوثيون من تلك العملية وزحفوا باتجاه العاصمة صنعاء  وسيطروا عليها.  وكانوا في السرّ يتلقون مساعدة الرئيس المخلوع صالح والجيش الذي بقي موالياً له، ومن خلال ذلك وضعوا أيديهم على مخازن هائلة من السلاح كانت الولايات المتحدة قد قدمتها بموجب التحالف الذي ربطها مع اليمن. مع أوائل عام 2015، اضطر منصور هادي إلى الفرار خارج البلاد. وانضمت عشائر كثيرة، من بينها سنية، إلى الحوثيين. في ربيع ذلك العام، بدأ السعوديون وحلفاؤهم بالقصف الجوي. كانت السيطرة الحوثية في بعض النواحي المهمة عبارة عن انقلاب مضاد نفذه صالح وساعدت في تحقيقه ثورة إقليمية. ومن بين المناطق الأساسية التي استهدفها القصف السعودي بلدة صعدة، منشأ خروج الحركة الحوثية.

قد تكون إيران أرسلت كميات قليلة من الأموال إلى الحوثيين، لكن معظم أسلحة الحركة هي أميركية الصنع، من المخازن التي كانت تحت سيطرة صالح ومعظم الدعم الذي تحظى به يعود إلى استياء يمني شمالي من الهيمنة السعودية والوهابية المتنامية وليس هذا الاستياء موجوداً عند الزيديين فحسب بل عند بعض العشائر اليمنية أيضاً (معظم السنة اليمنيين يكرهون الوهابية). والحملة الجوية السعودية، التي تستهدف في أغلب الأحيان ودون تمييز المدارس والمستشفيات والمؤسسات الثقافية والبنى التحتية المدنية الأساسية كالجسور والموانئ، ترفع حدة الكراهية تجاه الرياض في الشمال. في أواخر آذار، خرج أهالي صعدة في مظاهرة حاشدة شارك فيها مئات الآلاف ضد القصف السعودي. ولكن من المحتمل جداً  أنه في حال أقدمت الولايات المتحدة على لعب دور جليّ أكثر في دعم السعوديين في اليمن، قد يشعر الحوثيون وحلفاؤهم أن لا خيار أمامهم سوى التحالف والتقرب أكثر من إيران.

إن الضباط الأميركيين، إذا كانوا ينظرون إلى الحرب الأهلية في اليمن من خلال هاجس ما حصل في العراق، حول نظريات المؤامرة لدور إيران في بغداد فإنهم يرتكبون خطأً ستكون له انعكاسات وخيمة. بعد كل شيء، لم تكن سياسات إيران بل سياسة سلطات الاحتلال الأميركي التي أدت إلى ولادة داعش، فكان ردَّ فعلٍ سني عنيف  على سوء إدارتهم للعراق. جراء ذلك، دخل العراق في حالة من الهرج والمرج وأسهم في حصول فوضى إقليمية أثرت على بلدان حلف شمال الأطلسي في أوروبا، وربما ستبقى مفاعيلها عقوداً من الزمن. لذلك فإن مضاعفة الفوضى الإقليمية عبر الانتقال من تخبّط في فهم اليمن إلى سوء فهمه بشكل أساسي من خلال تقديم المساعدة العسكرية للوهابية السعودية ستؤدي إلى إلحاق الضرر بالأمن الأميركي لا إلى تحسينه.

------------------------------

خوان كول : بروفسور في علم التاريخ ومدير مركز الأبحاث الشرق أوسطية والأفريقية في جامعة متشيغن

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف