البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

October / 30 / 2014  |  1616اختبار الصبغة الشيعية عند عبد الفتاح السيسي

بن مندالز مركز موشيه دايان آب 2014
اختبار الصبغة الشيعية عند عبد الفتاح السيسي

The Moshe Dayan Center, Ben Mendales, August 2014

 في 30 حزيران، يكون قد مرّ على مصر عامٌ بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بمحمد مرسي وحكومة الإخوان المسلمين. وفي خطاب لإحياء الذكرى، صرّح الرئيس عبد الفتاح السيسي عن إطار عمله للتغلب على التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجهها مصر حالياً. فأعلن أن مصر بقيادته سوف تتخلّص من "كل قيمة أجنبية" وسوف "تصلح الخطاب الديني لتنقيته من الأفكار المتزمتة" لأن "الدين يدعو إلى التعايش ويرفض التطرف والإرهاب". فيما تبدو هكذا أهداف حميدة، هي أيضاً مصدر محتمل للقلق بالنسبة للأقلية الشيعية الضئيلة في مصر، والتي عانت كثيراً من الاضطهاد والتمييز إبان حكم مبارك ومرسي. لذا، يواجه السيسي الآن نوعاً من "اختبار الصبغة" الشيعية. فهل ممارسة معتقدهم ستُقبل كجزء من دعوة الرئيس إلى "التعايش الديني"؟ أو ستكون منبوذة، كما كان حالها في الماضي، لكونها ممثلة "للقيم الأجنبية؟"

من غير الواضح كم يبلغ عدد الشيعة في مصر اليوم، لأنه لا أرقام دقيقة وموضوعية متوفرة. ففيما بعض التقديرات الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية يُشير إلى أن عدد الشيعة حوالى 750000 نسمة، يدّعي الشيعة أنفسهم أن العدد يتراوح بين 1.6 و2 مليون نسمة، معظمهم يمارس التقية كأفراد في واحدة من الأحكام الصوفية المصرية السبعين.

علاوة على ذلك، هناك عدد من حالات التشيع المشهورة في صفوف المسلمين السنة، مع رغبة أولئك المعتنقين بالحصول على اعتراف بأنهم أقلية دينية مصرية. عدة آلاف من اللاجئين العراقيين دخلت مصر بعد اجتياح العام 2003. وعدد معين غير مُسجل من أولئك اللاجئين كانوا شيعة. إبان حكم مبارك، مُنع اللاجئون العراقيون الشيعة من الصلاة في العلن، فيما طلباتهم لبناء المساجد رُفضت من قبل وزارة الأوقاف "باعتبارها مسألة مبدأ". ومحاولات بناء أحد المساجد في العام 2009، على الأغلب دون رخصة، أدت إلى اعتقال المنظمين.

كانت النظرة إلى الشيعة، من قبل المصريين وغيرهم، باعتبارهم مخربين سياسيين وعملاء طابور خامس محتمل لإيران، هي الميزة السائدة في حقبة مبارك. ومبارك نفسه قال إن الشيعة "موالون لإيران وليس للبلدان التي يعيشون فيها". وطُلب من علماء جامعة الأزهر إلقاء المحاضرات أمام أفراد في الجهاز الأمني الرسمي بشأن "خطر المعتقد الشيعي". ولكن كان الشيعة في الأغلب يُعتقلون ظاهرياً لأسباب سياسية، وفحوى التهم والتحقيقات التي واجهوها أخذت في النهاية منحى دينياً. فاعتقلت نيابة أمن الدولة العليا 12 شيعياً في العام 2010 على خلفية إظهار "إزدراء الدين" و"تحريف القرآن" والتآمر لإسقاط النظام. وسُجن المئات في ذلك العام دون أي تبرير رسمي على الإطلاق.

بعد إسقاط مبارك، شعر بعض الشيعة "بتحسن عام" لوضعهم. لكن مثل هذا التفاؤل كان سابقاً لأوانه. في يوم الاثنين، 5 كانون الأول 2011، حاول جمع من 3000 شيعي إحياء الذكرى السنوية لعاشوراء في مسجد الحسين في القاهرة. لكنهم طُردوا على يد الشرطة لاتهامهم "بالقيام بشعائر همجية وغير دينية"، وادعت الشرطة بأنها قامت بذلك من أجل حمايتهم. كما أن محاولات تشكيل حزب سياسي شيعي قوبلت بالشك لأنه قد يكون وكيلاً إيرانياً أو تابعاً لحزب الله أو بتهمة "تهديد أمن مصر". في النهاية رفضت لجنة الأحزاب السياسية في مجلس الدولة تسجيل الحزب نظراً لتوجهه الديني، رغم أنها سمحت للأحزاب السياسية التابعة للاخوان المسلمين والجماعات السلفية بالتنافس.

بعد انتخاب مرسي في العام 2012، ازداد الخطاب المعادي للشيعة والأعمال العنفية بحقهم بشكل ملحوظ. وفي ظل الصراع العرقي- الديني في سوريا وفي أمكنة أخرى، أصبح الشيعة المصريون وكيلاً لمجموعة عوملت على نحو متزايد على أنها العدو. وعندما اشتكى الشبان السلفيون بشأن محاولة شيعية لإحياء عاشوراء مرة أخرى في مسجد الحسين، منعتهم الشرطة من القيام بذلك. وأصدر الأزهر بياناً شجب فيه الهرطقة الشيعية التي تسبب فقط الصراع الطائفي. وقرر عدد من الأحزاب الإسلامية المصرية تنفيذ مظاهرة ضد "الشيعة المتسللين إلى الأراضي السنية". فحكى نشطاء شيعة عن التمييز الكلي في أماكن العمل ورفعوا قضايا ضد "التجديف" حين يمارسون الشعائر الشيعية. ثم أتى الدستور الجديد ليكون مُقلقاً أكثر. فروى الشيعة أنه يستند بشكل كلي على العقيدة السنية ويعزز التمييز السلبي اتجاههم. وصلت الأمور إلى ذروتها المأساوية في 23 حزيران 2013، حين قامت طُغمة غاضبة مؤلفة من حوالى 3000 شخص، حسب ما زُعم على رأسهم شيوخ سلفيون، بمهاجمة مجموعة من الشيعة مجتمعة في منزل في الجيزة فأحرقت المنزل وعذبت من في الداخل وقتلت أربع من الشيعة وجرّت على الأقل جثة أحدهم في الشوارع. أما ردة الفعل الرسمية على عملية القتل فأتت فاترة. فمرسي والاخوان المسلمون أدانوا الهجوم من جهة، لكنهم عبّروا عن اعتراضاتهم بالانذارات: شجب مرسي "أي انتهاك للقانون أو إراقة الدماء، بغض النظر عن الأسباب"، فيما المتحدث باسم الاخوان المسلمين تأسف على "التعذيب وقتل أربع أشخاص" على الرغم من أن أفكارهم "غريبة عن مجتمعنا".

فهل ستكون الأمور مغايرة في عهد السيسي؟ على الرغم من أن الدستور الجديد أزال بعضاً من اللغة التمييزية، لا يزال الشيعة، ومعهم الأقباط، يُدعى عليهم بجرائم دينية. في 26 شباط 2014، حُكم على الطالب الشيعي عمرو عبد الله بالسجن لمدة خمس سنوات مع الأعمال الشاقة بتهمة "التجديف والافتراء على صحابة النبي محمد". في حزيران 2014، أُقر القانون 15/2014 الذي يمنع الخطب الدينية والمحاضرات التي لا تحوز على رخص من وزارة الأوقاف أو الأزهر. وبناءً على تاريخ التمييز الكلي بحق الشيعة من قبل المؤسستين على حد سواء، يبدو أن إعلان السيسي الأخير يُشير إلى أن لا كثير يمكن توقعه نحو التغيير.

وبالفعل، المؤشرات الأخيرة لا تُشجع نهائياً. في حزيران 2014، ألغت نقابة قراء القرآن التابعة لوزارة الأوقاف عضوية عدد من أعضائها بعد أن كُشف أنهم سافروا إلى العراق وإيران بدون ترخيص. فحين كانوا هناك، لبوا حسب الزعم نداء الصلاة على الطريقة الشيعة. وأثنى الشيخ السلفي عادل نصر على هذا القرار باعتباره يضمن بأن كل محاولات الروافض لاختراق المؤسسات الدينية السنية ستبوء بالفشل. على الرغم من أنه حسب التقارير كان القرار رداً عكسياً، الحقيقة هي أن اتخاذه بأي حال من الأحوال ربما يكون مؤشراً على أن التخوف من تسلل الفكر الشيعي لا يزال يُؤرق أعضاء المؤسسة الدينية العليا. وبالفعل، في مؤتمر حزيران 2014 لمناقشة التقارب السني- الشيعي، أوضح الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد محمد الطيب أن تلك الغاية يمكن تحقيقها فقط في حال امتنع الشيعة عن محاولاتهم لنشر التشيع في البلدان السنية. والحاجة إلى مكافحة هكذا انتهاك تُستغل على الدوام كعذر لممارسة القمع والاضطهاد بحق الشيعة المصريين، إذ أنه يُنظر إليهم باستمرار على أنهم دخلاء.

في ما يخص السيسي نفسه، لا يسعنا سوى التخمين. فإلى جانب عمليات الاعتقال الكثيرة العلنية بحق الصحفيين وأعضاء الاخوان المسلمين على حد سواء، يؤكد السيسي على الهوية الإسلامية لمصر، في محاولة لتخفيف الانتقاد بأنه وحكومته ليسا "مسلمين بالقدر الكافي". أضف إلى ذلك، مصر تتلقى الآن مساعدة مالية قوامها عشرات مليارات الدولارات من الدول الخليجية. ويعتقد بعض المثقفين أن هذا من شأنه أن يؤثر على السياسة المصرية إلى حد ما. لذا قد يستمر رئيس مصر الجديد بممارسة سياسات أسلافه لناحية التمييز والقمع بحق الشيعة في الداخل، مع الحفاظ على خيارات دبلوماسية مفتوحة في الخارجة

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف