البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

April / 5 / 2020  |  2273لماذا رحب مجتمع غرب أوروبا بفكرة الحروب الصليبية؟

د. مصطفى وجيه مصطفى إبراهيم المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية محرم 1441هـ / 2019م
لماذا رحب مجتمع غرب أوروبا  بفكرة الحروب الصليبية؟

كان للأوضاع السائدة في غرب  أوربا قبيل الحروب الصليبية من حروب ومنازعات مما كان له أكبر الأثر على حياة الشعوب الأوروبية في تلك الفترة حيث كانوا يحيون حياة بؤس وحرمان وهوان.

ففي القرنيين الرابع والخامس سقطت أراضي الإمبراطورية الرومانية في أيدي البرابرة الجرمانيين، الذين شكلوا فيها ممالك عديدة كمملكة الفرنجة، ومملكة القوط الغربيين ومملكة القوط الشرقيين ومملكة الوندال وغيرها، وهكذا حلّت الكثرة مكان الوحدة، إذ قامت الدول المتعددة في مكان الإمبراطورية الواحدة، وبذلك نقلت العاصمة الرومانية في روما إلى القسطنطينية في سنة (330هـ) وصار نظام الحكم في بيزنطة إمبراطورياً وريثاً، وفي سنة (476 هـ) سقط عرش روما بأيدي البرابرة فلم يجلس على ذلك العرش إمبراطور روماني بعد ذلك التاريخ، وإنّما انتقلت السلطة السياسية والدينية إلى البابا أسقف روما[1]، وقد سادت في الإمبراطورية الرومانية القديمة الديانة الوثنية القائمة على عبادة آلهة متعددة وتقديس الإمبراطور، وفي بداية القرن الرابع الميلادي اعترفت السلطات الرومانية بالديانة المسيحية القائمة على عبادة إله واحد، ثم صارت الديانة المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية البيزنطية في نهاية ذلك القرن، وكذلك انتشرت المسيحية في أوربا الغربية وصارت هي الديانة الوحيدة لجميع شعوب أوربا الغربية، وقد طبقت التعاليم المسيحية السياسية والفكرية والفنية وغيرها من مظاهر الحضارة[2].

وكانت الإمبراطورية الرومانية المقدسة في حالة ضيق حيث إنّ هنري من الأسرة الساليانية(Salian) (1059- 1106م) اضطر أبي الجثو على ركبتيه فيما عرف باسم أزلال كانوسا المشهور سنة (1077م)، وانقسمت ألمانيا قسمين بسبب التنافر المحلي[3] وبسبب الحالة التي وصلت إليها أوربا، يرى بعض المؤرخين أنّ الحروب الصليبية كانت بمثابة حلقة في سلسلة الهجرات التي أعقبت سقوط الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي، فقد أدى هذا السقوط إلى وجود فجوة في الإمبراطورية الرومانية أثارت الفزع في المجتمع الأوربي[4]، وعقب سقوط الإمبراطورية الرومانية في غرب أوربا على أيدي الجرمان سنة 476 فترة قائمة امتدت حتى القرن الحادي عشر، وأطلق بعض المؤرخين على تلك الفترة في التاريخ الأوربي اسم (العصور المظلمة)، ولم يقتصر مظاهر الانحلال الذي أصاب الغرب الأوربي في تلك الفترة على الانحلال السياسي وإنّما امتد التدهور؛ ليشمل الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وإذا كان غرب أوربا شهد صحوة ملحوظة على أيام شارلمان في أواخر القرن الثامن وأوائل القرن التاسع[5] وفي وسط تلك الأزمات التي مرّ بها الغرب الأوربي مثل جموع الفيكينج التي جاءت من الشمال لتقضي على موطن الحضارة وتدمرها في الوقت الذي أوغل الهنغاريون في وسط القارة حتى شرق ألمانيا يخربون ويفسدون، وفي وسط هذه الأزمات تحايل وتماسك الغرب الأوربي بالنظام الإقطاعي وفي ظل هذه اضطر الأباطرة والملوك التنازل عن حقوقهم للأمراء الإقطاعيين[6].

وأيضاً في القرنين الرابع والخامس لم يعد العبيد يشكلون الطبقة الرئيسية التي تعمل في الزراعة والصناعة، كما كان حالهم في القرنين الأول والثاني الميلاديين. لقد تناقص عدد العبيد بسبب توقّف الحروب الرومانية. وساد النظام الكولوني في العلاقات الزراعية. بعد أن كان يسود النظام العبودي، فقد تطوّر النظام الكولوني إلى نظام إقطاعي، وذلك بسبب الأزمات التي كانت سائدة في تلك الفترة[7] وأيضاً من الأوضاع التي كانت سائدة في هذه الفترة موقعه مانزكرت[8]، التي كانت من المواقع الخطيرة الفاصلة في التاريخ حيث إنّ الروم فقدوا فيها جيشهم بأكمله بين أسرى وقتلى، وكان من بين الأسرى الإمبراطور رومانوس الرابع الذي لم يطلق سراحه السلاجقة إلا بشروط قاسية، وقد ترتب على  موقعه مانزكرت توغل السلاجقة في جوف بلاد الروم[9] وبوفاة طفرك بك وقيام خليفة الب ارسلان (1063 - 1072م) مكانه في الحكم دخلت سياسة السلاجقة تجاه الدولة البيزنطية دوراً جديداً إن أرادت هذه السياسة أن تستهدف الاستيلاء على أراضي تلك الدولة وامتلاكها، وكانت تريد السلب والنهب[10]، وكانت هزيمة رومانوس الرابع في مانزكرت سبباً في تفوق الأرستقراطية المدنية، ومانزكرت لا تقل في أهميتها ونتائجها عن موقعة اليرموك، إذ إنّ موقعة اليرموك هي التي قرّرت مصير بلاد الشام،وإنّ معركة مانزكرت كذلك قرّرت مصير آسيا الصغرى؛ حيث استطاع الأتراك السلاجقة أن يفتحوها ويتوغلوا فيها[11]. لقد أثبتت معركة مانزكرت أنّ السلاجقة امتلكوا القدرة على التأثير بفعالية، ليس فقط ضد جيرانهم المسلمين، بل أيضاً الروم الأعداء[12]. ودخلت بيزنطة في مرحلة من التدهور الذي امتد من (1025 إلى 1081م/ 416 - 474هـ)؛ حيث إنّه خلال تلك المرحلة التي قُدِّرت بستة وخمسين عاماً تعاقب ثلاثة عشر إمبراطوراً[13] وكان من أهم تاريخ الحروب الأهلية في الإمبراطورية البيزنطية أن تمكن الأتراك السلاجقة من التوغّل داخل أملاك الإمبراطورية في آسيا الصغرى، وهو الأمر الذي حاول إيقافه الإمبراطور رومانوس الرابع، إلا أنّه انتهى بهزيمة مروعة للبيزنطيين في مانزكرت (463هـ/ 1071م)، وسقط رومانوس نفسه أسيراً لدى السلاجقة[14]، وتعد الدولة البيزنطية القوة الثالثة في الشرق[15]على الرغم من أنّها تعرّضت قبيل الحروب الصليبية لهزيمة نكراء على يد الأتراك السلاجقة مما أدى إلى حدوث تغيرات بالغة الأهمية في الدولة البيزنطية[16].

وبالنسبة أيضاً للوضع في أوربا قبيل الحروب الصليبية، فإنّ الدول البيزنطية حينذاك كانت عاجزة عن مواجهة السلاجقة في مانزكرت وأدى ذلك إلى أن جاء السلاجقة إلى آسيا الصغرى حيث الاستقرار والإقامة هناك[17]، وفي عام (493هـ/ 1070م) خرج رومانوس لمحاربة السلاجقة، وبالفعل التقى الجيشان سنة (463هـ/ 1071م) وحاول رومانوس أن يعالج الموقف، ولكنه هزم ووقع في الأسر[18]؛ حيث إنّه في هذه المعركة الحاسمة تمكن الجيش السلجوقي بقيادة الب أرسلان من إلحاق الهزيمة بالجيش البيزنطي بقيادة الإمبراطور رومانوس ووقع في الأسر في قبضة أعدائه[19]، وفي العام نفسهالذي كانت فيه معركة مانزكرت وهو عام (1071م/ 464هـ) شهد في الغرب الأوربي سقوط باري  Bariآخر الإمارات البيزنطية[20] في جنوب إيطاليا، وقد اعتبر كثير من المؤرخين هزيمة الإمبراطورية البيزنطية في مانزكرت من أسود أيام تاريخ الإمبراطورية البيزنطية الطويل[21].

انتهى عهد السلطان السلجوقي ووفاة ألب أرسلان عام (1072 - 465هـ). وكانت الدولة السلجوقية حينذاك في أقوى مراحل تاريخها خلال تولية ابنه ملكشاه الحكم (1072/ 464هـ)[22]، أما في ألمانيا كان هنري الثالث (1039 - 1056م) وابنه هنري الرابع (1056م)، يحاولان إرساء ملكية قوية ومركزية على الرغم من أنّ تمرّد الأمراء جعل ألمانيا تعاني من الارتباط على الرغم من أنّ النزاع مع البابا حولت رسيما لأساقفة قد أدّى إلى بروز سلطة الأمراء المحليين. أما الوضع في إسبانيا فقد كانت ممالك الشمال المسيحية تأخذ زمام المبادرة في الهجوم ضد مسلمي الأندلس، ولأنّ كل الموارد والإمكانيات الإسبانية كانت مطلوبة في الحرب ضد مسلمي الأندلس[23]. وكانت السنوات العشر التي سبقت الدعوة إلى الحملة الصليبية الأولى سنوات صعبة بالفعل على سكان أوربا ولاسيما شمال فرنسا وغرب ألمانيا، إذ كانت الأوضاع في تلك الأوقات سلسلة من المجاعات والفقر والفيضانات، وخلال سنة (1089م) كان الخوف والقلق يمتلك السكان في تلك المناطق من ذلك الوباء الغامض الذي كان سائداً في تلك الأوقات فلا يصيب إحدى المدن إلا وقد قضى على أغلبية سكانها[24]. أمادور الكنيسة في مواجهة هذه الأحداث التي سادت معظم الغرب الأوربي،فإنه لم يكن  باستطاعة البابوية والكنيسة أن تساهم في أيّ جهد لتعديل تلك الأوضاع؛ لأنّ الكنيسة نفسها التي ظلّت حتى سقوط الإمبراطورية الغربية في أواخر القرن الخامس تمثّل أكبر قوة في المجتمع الغربي، وتعرّضت هي الأخرى لانحلال في القرنين التاسع والعاشر، فرجال الدين جرفهم التيار الإقطاعي وتصدع سلطان البابوية وانحط المستوى الخلقي لرجل الكنيسة[25]، وبسبب هذه الظروف القاسية التي عاش فيها الفلاحون في غرب أوربا في تلك الفترة، وأنّ معظم الأراضي تعرّضت لخراب من غزوات الفيكنج مما جعل كثير من أهالي الغرب الأوربي يعيشون في فقر وحرمان وخوف[26]، وكانت حياة الشعوب الأوربية قبل الحروب الصليبية  حياة بؤس وهوان ومذلة ويعيشون معيشة شظف وعوز وحرمان[27]. وهذا هو الوضع في الغرب الأوربي قبيل الحروب الصليبية؛ ونتيجة لهذه الأوضاع التي عاشتها أوربا قبيل الحروب الصليبية فقد اشترك في هذه الحروب مختلف الفئات في المجتمع الأوربي من الفرسان والعامة ورجال الدين (البابوية) واختلفت دوافع كل فئة من هذه الفئات. فعن دوافع الكنيسة تتمثّل في (هدنة الرب -سلام الرب- القطيعة الكبرى (توحيد الكنيستين الشرقية والغربية)) والتخلّص من أزمة الغذاء- أرض المسلمين (الأرض التي تفيض باللبن والعسل)، أما دوافع الفرسان فتشمل (الدافع الاقتصادي -الرغبة الجنسية- الدافع المادي)، أما عن دوافع المدن الإيطالية التجارية فكان لها دوافع اقتصادية، دوافع العامة والطبقات الشعبية (الفلاحين) (التخلّص من الجوع وتحسين أحوالهم).

بالنسبة لدوافع الكنيسة فكانت تتمثّل في القطيعة الكبرى في أحداث الانقسام بين الكنائس الشرقية الكنائس الغربية، وكانت اختلافات بسيطة بين الكنيستين في المسائل المتعلّقة بالعقيدة، وأيضاً في الطقوس والممارسات الدينية، وتمثّلت المشكلة الكبرى في الخلاف بين الكنيستين الشرقية والغربية في عدم اعتراف البطريرك في القسطنطينية بسيادة البابوية وكنيسة روما اللاتينية وانقطعت العلاقات بين روما والقسطنطينية منذ بابوية ليو التاسع والبطريرك ميخائيل كريولا ريوس (1054م) فقد رأى أربان الثاني في مطلب الإمبراطور فرصة عظيمة لتوحيد الكنستين وإعادة تأكيد سيادة بابوات روما[28]. وأنّ البابا أربان الثاني عندما بشر بالحروب الصليبية كان مدفوعاً بشكل رئيس في إيجاد فرصة لتوحيد الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذيكية[29].

وكانت قطيعة فوشيوس سنة (1054م) عرفت هذه الحادثة في تاريخ الكنيسة العالمية المسيحية باسم الانشقاق الأعظم بين الكنيستين الكاثوليكية في روما والأرثوذيكية في القسطنطينية، فقد تم الانفصال نهائياً بين الكنيستين في أعقاب زيارة مندوب البابا لكنيسة القسطنطينية في عام (1054م) ورفض البطريريك مطالب المندوب البابوي، وتركت هذه الحادثة نتائجها السلبية على الإمبراطورية البيزنطية داخلياً وخارجياً[30]، وفي عام (1074م) دعا البابا جريجوري السابع الغرب الأوربي إلى إرسال حملة كبيرة لاسترداد آسيا الصغرى من السلاجقة المسلمين، وكان البابا يهدف إلى ضم الكنيسة الشرقية تحت لواء كنيسة روما[31]، وعمل جريجوري على إعداد جيش كبير واستطاع أن يعد جيشاً كبيراً إلا أنّ النزاع بينه وبين الإمبراطور الألماني هينريش الرابع Heinrich (Henrv) (1073- 1085) حال دون مسير ذلك الجيش[32]، وأيضاً عن توحيد الكنيسة الشرقية والغربية، والمعروف أنّ البابوية ظلّت دائماً ترغب في إخضاع الكنيسة الشرقية والأرثوذيكية لزعامتها، ولكن النزاع استحكمت حلقاته بين الأباطرة البيزنطيين، من ناحية أخرى جعل من المتعذّر حتى ذلك الوقت القيام بمحاولة جديدة لتوحيد الكنيستين الشرقية والغربية[33]. وقد جاء استحواذ الأباطرة البيزنطية بالغرب الأوربي ضد السلاجقة في القرن (11م) لتتيح فرصة للبابا للظهور في صورة الزعيم للشعب المسيحي في صراعه ضد المسلمين ومحاولة إدماج الكنيسة الشرقية مع الكنيسة الغربية تحت زعامة خليفة القديس بطرس[34].

قد تسبب الصراع المستمر بين الكنيستين اليونانية (الشرقية) واللاتينية (الغربية) في تغيير قدوم الحجاج من الغرب إلى الأرضي المقدسة؛ ويعود ذلك إلى أنّ البيزنطيين بعد حدوث الانشقاق الديني لم يعودوا دائمي الحرص على جعل البابا فكتور الثانيPope victor IIيلجأ بالشكوى إلى الإمبراطورة ثيودورا (Theodora) في القسطنطينية، ولكان لابدّ من احتلال مدينة القدس وللأراضي المقدسة[35]، ويرجع الانشقاق بين الكنيستين اليونانية واللاتينية إلى شقّين: أما الاول: فهو الشق الظاهر، وهو الاختلاف على بعض المسائل الدينية، مثل: زواج القساوسة وعبادة الصور، وأما الشق الآخر الحقيقي: فهو أعمق من ذلك؛ بسبب الحركة الكلونية، ذلك أنّ السلطتين الروحية والزمنية إنّما ارتبطا ببابا روما[36].

ومن بين دوافع الكنيسة أيضاً تمثلت في هدنة الرب وسلام الرب التي قامت بها الكنيسة، حيث ظهرت في المجتمع الأوربي في القرنين العاشر والحادي عشر الميلادي بهدف تقييد الحروب الإقطاعية في أيام معينة؛ لتحديد نطاقها، وكانت هذه الحركة تهدف إلى حماية أملاك التجار والفلاحين ورجال الدين من الحرب وأضرارها[37]، وقد جرى النظر إلى العنف والمجاعات والكوارث الطبيعية حيث تدعو السماء البشر إلى تهذيب أخلاقهم؛ فلذلك دعي إلى حركة سلام الرب[38]، وحركة السلام هذه أوقفت الإساءة إلى الأشخاص وأملاك الكنيسة وعن الإقلاع عن كل قسوة مع الضعفاء والعزّل والنساء والأولاد والشيوخ ورجال الدين والرهبان والفلاحين والتجار، وهو سلام الله[39].

أما عن هدنة الرب، فقد كان الهدف من تلك الهدنة هو جعل الحروب الداخلية أكثر صعوبة وإيقافها بحجة احترام ذكر الأيام الدينية المقدسة[40] وأن هدنة الرب عملت على تحديد نطاق الحرب، ففي سنة (1027م) عقد مجمع في روسيللى(Roussllon)؛ لتحديد نطاق الحرب في أيام معينة، وعرفت باسم هدنة الرب وتحديد الحرب في شهور الصين فقط، فمنعت الحرب في أيام معينة من الأسبوع، وفي منتصف القرن الحادي عشر كانت فكرة هدنة الرب تأكّدت في مجمع تاريو (1054م)[41]. إنّ نبيل المنطقة كان يحلف اليمين بأن يضمن أولاً أمان رجال الدين والأشخاص المسلمين وأملاك الكنيسة، ثم تزايدت منذ عام 1040م الأحكام التي تمنع النزاعات في أيام معينة[42]، وكان الهدف من هذه الهدنة هو جعل الحروب الداخلية أكثر صعوبة وأكثر ندرة؛ وذلك بإيقافها بحجة احترام ذكرى الأيام الدينية المقدسة، وفي سنة (1041م) صيغت هدنة الله[43] وتحريم القتال في أيام معينة (الخميس -الجمعة-السبت-الأحد)، كما صيغت قوانين دينية جديدة تمنع الحرب، وأنّ المسيحي الذي يقتل مسيحياً آخر إنّما يهرق دم المسيح[44]؛ حيث إنّ البابوية قد نادت بنداء يدعو للهدنة سمته (هدنة الله) Dieux Pax وهي أوقات يحرم فيها القتال[45].

وكان الأمر الثاني هو: مراحل السنة الليتوراجية (أي هدنة الله)[46]:وتم تحديد هدنة الرب في مجمع كلير مونت عام (1095م)[47]، ويطلق عليها في المصادر -أحياناً- الهدنة أو هدنة الرب، وكان الهدف منها هو حماية المشاركين في الحملة الصليبية وكذلك القضاء على حالة الفوضى التي سبقت الخروج للحملة[48]، وكانت في أوقات معلومة يحرم فيها القتال[49]، في مجمع تيروان سنة (1063م) وقد نصّت هدنة الرب على الآتي: (أ) خلال الأيام الأربعة والليالي الخمسة لا يجب أن يهاجم رجل أو يذبح آخر، كما لا يجب أن يستولى على حصن أو قرية بالحيلة أو العنف. (ب) إذا خرق أي شخص هذا الأوامر أو عصاها ينفى ثلاثين يوماً للتكفير عن ذنبه[50]. وعندما كانت الحروب الإقطاعية تمزّق أوربا بسبب الجوع إلى الأرض في القرنين العاشر والحادي عشر ظهرت حركة تدعو إلى السلام من خلال تيارين أساسيين: سلام الرب وهدنة الرب، وقد تولّت الكنيسة الكاثوليكية دوراً هاماً في حركة السلام هذه واستخدمتها كوسيلة لزيادة سلطانها ونفوذها، بل إنّ الكنيسة كوّنت لنفسها فرقاً لفرض السلام (سلام الرب)[51] وكان سلام الرب في مجمع شارو سنة (989م)، وقد صدرت قرارات الحرمان ضد أولئك الذين يقتحمون الكنائس، إذا اقتحم أي فرد كنيسة أو سرقها سوف يكون محروماً من الكنيسة(أ) الحرمان ضد أولئك الذين يسرقون الفقراء (ب) الحرمان ضد الذين يسيئون لرجال الكنيسة[52]، إنّ  حركة السلام التي دعت إليها الكنيسة لم تحظَبمساندة أي من الأمراء الإقطاعيين[53]، عملت الكنيسة الكاثوليكية على تكوين فرق لفرض السلام[54]، حركة السلام أقرّت ترتيبات لوضع حد للعنف وتأسيس جمعيات يتحد أعضاؤها بعضهم مع البعض الآخر يلزمون بالامتناع عن كل عمل حربي بعض أيام الأسبوع وفي بعض مراحل السنة الليتورجية.

ومن ناحية أخرى، أدّى النظام الإقطاعي إلى ضعف السلطة الملكية مما يساعد على نشوب النزاعات المسلحة بين الأمراء الإقطاعين، إذ لم يكن هناك سلطة قوية وقادرة على وضع حد لنشوب تلك النزاعات وقد شملت حرباً شنها أمير ضد أمير، ولم تكن الحروب  تدوم أكثر من بضعة أسابيع، وكان الفصل في خلاف على الأرض أو بسبب النساء أو لمجرد الرغبة والنهب والاعتداء على المسافرين، وقد أدّت تلك الحروب إلى اضطراب حبل الأمن وعدم الطمأنينة والقلق حيث انتشرت أعمال القتل والنهب في كل مكان من فرنسا وألمانيا وإيطاليا[55]. وكانت الحروب الصليبية ثورة في نظام السلام ومحاولة لإرساء سلام متين الدعائم وهدنة دائمة. وبالفعل، نجحت الكنيسة وعلى رأسها البابا أربان الثاني في الوصول إلى ذلك الغرض. ومن هنا بدت الحرب الصليبية كنتيجة غير متوقعة لمجهودات السلام في القرن الحادي عشر الميلادي، وتعدروسية Rousset الحروب الصليبية حرباً ضد الحرب، ويفسر لنا ذلك بقوله: إنّها قامت لتمنع نهاية الحروب الإقطاعية، فهي حرب جديدة يعبرها في الحقيقة سلاماً بالنسبة لأوروبا[56]. عندما كانت الحروب الإقطاعية تمزّق أوروبا في القرن العاشر والحادي عشر ظهرت حركة تدعو إلى السلام من خلال تيارين أساسيين،هما: سلام الرب وهدنة الرب، واستهدفت هذه الحركة تقييد الحروب الإقطاعية في أيام معينة، تحديد نطاقها ومحاصرة إضرارها، وقد تولّت الكنيسة الكاثوليكية دوراً مهماً في حركة السلام هذه واستخدمها كوسيلة لزيادة سلطاتها؛ حيث كونت لنفسها فرقاً لفرض السلام بالحرب ضد من ينتهكون هدنة الرب وسلام الرب وكانت هذه خطوة مهمة نحو عسكرة الكنيسة الكاثوليكية وإرهاصاً لدورها في الحروب الصليبية[57].

وكان الهدف الأساس وراء هذه هو التخلّص من أزمة الغذاء التي تعرّض لها الغرب الأوربي قبيل الحروب الصليبية والاستيلاء على أرض المسلمين، وكل هذه الادعاءات الدينية ادعاءات باطلة. فالقول بأنّ الحروب الصليبية كانت رد فعل للاضطهاد الذي تعرّض له المسيحيون في بلاد الإسلام إنّما هو ادعاء باطل[58] وادعاءاتهم بأنّ الحروب الصليبية جاءت لإنقاذ الحجاج  من أيدي المسلمين، وعلى العموم لم يتعرض الحجاج إلى مضايقة عند مرورهم على الأراضي الإسلامية[59]، فإنّ الأخبار التي انتشرت في أوربا قبيل الحروب الصليبية عما يلاقيه الحجاج المسيحيون في الأراضي الإسلامية كانت من الأمور المبالغ فيها[60]، وإنّ دوافع البابوية قد جاءت في رواية فوشيه الشارتري الذي يعدّ كتابه من المصادر الثلاثة الأساسية في تاريخ الحملة الصليبية الأولى،إنّ البابا قد ذكر سامعيه بوعودهم التي قطعوها على أنفسهم لمراعاة حقوق الكنيسة[61]. وكانت البابوية ترغب في بسط نفوذها على الشرق وكنيسته[62].

أما عن دوافع الفرسان والأمراء فقد كان (الاقتصاد -الرغبة في الميراث-الرغبة الجنسية) هي دوافعهم الأساسية. لقد أرادت الكنيسة الكاثوليكية أن توجّه إلى الشرق البعيد تطلعات الفرسان المعدمين الجشعة؛ لكي تلبّي تحرّقهم إلى الأرض والنهب والسلب[63]. وبسبب الضغوط التي كانت تمارسها الكنيسة لفرض حركة السلام، جاءت فكرة الحملة الصليبية فرصة ذهبية بالنسبة لهم، فهي ترضي ميولهم العسكرية وتعطشهم للقتال[64]، وكانت الحروب الصليبية تلبّي رغبات الفرسان، ولكن خارج حدود أوربا؛ ولذا كان من شأن الحرب الصليبية أن توطّد وتوسّع سلطة الكنيسة الكاثوليكية ذاتها ليس في الغرب فقط، بل أيضاً في بلدان الشرق[65]. ومن الدوافع التي حرّكت الفرسان المقاتلين للمشاركة في الحروب الصليبية أنّهم قد سأموا النزاعات الداخلية ومحاربة بعضهم البعض الآخر، وفكّروا في نبذ خلافاتهم والاتجاه صوب الشرق والمشاركة في هذه الحروب[66].

ومن ناحية أخرى كان الميراث أيضاً من دوافع الفرسان، فقد اتبع السامعون من الفرسان وسائل عدة للحفاظ على قطاع العائلة دون تفتيت في شمال فرنسا.وكان حق الإرث قاصراً على الابن الأكبر، أما الأبناء الذين يصغرونه، فكان عليهم أن يبحثوا، إما بالانضمام لكنيسة،وأما بالبحث عن وراثية إقطاعية، وإما بالبحث عن مستفيد عسكري مع البارونات اللصوص، وإما بالانضمام لإحدى السادة الإقطاعيين الكبار. ومن الواضح أنّ الحملة الصليبية تحقّق مصالحهم وتعدّ فرصة ذهبية لهم، وخاصة أنّ عددهم[67] كان ينمو باستمرار. من الملاحظ أنّ الحروب الصليبية عندما ظهرت إلى الوجود كان النظام الإقطاعي في الغرب الأوربي قد وصل إلى قمة نموه، ومن خلال ذلك وجدنا ظاهرة الفرسان الذين أصبحوا بلا أرض على اعتبار أنّ وراثة الأرض كانت للابن الأكبر فقط، وأنّ الحروب الصليبية من شأنها إيجاد متنفّس للطاقة الحربية التي كانت لدى الفرسان[68]. وأنّ كثيراً من فرسان الغرب الأوربي، كانوا يتحرّقون شوقاً لقتال المسلمين، كما كانت من الحماسة الجارفة والشوق انتزاع الأرض المقدسة من المسلمين هي التي حركتهم للاشتراك في هذه الحروب[69]، حيث كان كثير من فرسان الغرب الأوربي في القرن الحادي عشر فريسة للقلق والاضطراب من جراء قيود حركة السلام، وكان اشتراك الفرسان بسبب ظروف الحياة في أنحاء الغرب الأوربي والبحث عن حياة جديدة في الأرض التي انتزعت من السلاف في ألمانيا[70]. وقد حرّكت الجموع الصليبية خليطاً من حب المغامرة والجشع الدنيوي وحب النساء والرغبة الجنسية والرغبة في المغامرة وحب النهب[71]. وكان الفرسان يجذبهم أمل الحصول على غنائم ثمينة والامتيازات الروحية والمادية، كما كان النبلاء يأملون في الحصول على مناطق نفوذ جديدة[72]. لفت البابا اجتماع الحاضرين إلى احتمالية تجمّع ثروات هائلة من خلال ذهابهم  إلى الشرق ومشاركتهم في الحروب الصليبية[73].

حيث وجد الأمراء والفرسان في هذه الحروب فرصة لإشباع روح المغامرة التي سيطرت على حياتهم الخاصّة والعامة[74]، وإذا كانت المثالية والرغبة في الغفران أو الجوع إلى الأرض وحب المغامرة وما إلى ذلك من أسباب من الدوافع التي حرّكت الذين يحاربون للمساهمة في الحملة الصليبية، فإنّ الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية القاهرة والمحبطة في غرب أوروبا آنذاك هي التي جعلت كثيراً من الفرسان يشترك في الحروب الصليبية[75]؛ حيث حرصوا على ازدياد مواردهم ووجدوا في الحروب الصليبية في الشرق الإسلامي فرصة لإضافة أملاك جديدة إلى إقطاعاتهم أو تملك من تعوزهم الإقطاعات أرضاً، يتخذون منها إقطاعات تكمل لهم المعيشة، وبسبب انتشار نظام الملكية للابن الأكبر أيضاً[76]؛ حيث كان الملوك والأمراء يسعون وراء أطماع سياسية لا يستطيعون إخفاءها وعدم وجود إقطاع أو أرض لدى الفارس مما جعله قليل الأهمية مسلوب النفوذ،فأصبح عدد كبير من الفرسان من دون أرض؛ لأنّه من القواعد أن يرث الإقطاع إذا مات صاحب الإقطاع إلى أكبر أبنائه، وهذا يعني بقاء بقية الأبناء دون أرض، وهذا الأمر الذي جعل الفرسان يلجأون إلى زواج وريثة إقطاعية أو الاشتراك في الحروب الصليبية، ووجدوا في الاشتراك في الحروب الصليبية فرصة لتحقيق مجد أكبر والحصول على جاه أعظم[77]، وكان ظهور الحركة الصليبية بمثابة باب جديد انفتح أمام ذلك النفر من الأمراء والفرسان المحرومين من الأرض في غرب أوربا[78].

وقد فتحت الحروب الصليبية باباً لزيادة موارد الفرسان الأوربيين وإضافة العديد من الأملاك إلى  إقطاعاتهم، وأنّهم قد جاءوا من أجل السلب والنهب[79].

إنّ الفرسان قد شاركوا في الحروب الصليبية طمعاً في تحقيق جاه دنيوي أو نفوذ سياسي والحصول على إقطاعيات لأنفسهم، والمعروف أنّ النظام الإقطاعي في غرب أوروبا قام في العصور الوسطى على أساس الأرض بحيث صارت مكانة كلّ أمير أو فارس تتحدّد بما يتحكّم فيه من أراضي، حتى قيل لا سيد دون أراضٍ[80]، وكان هدف الأمراء والنبلاء هو إنشاء الممالك والإمارات[81]، فمعظمهم كان يجري وراء أطماع سياسية لم يستطع إخفاءها[82]، وجاءت دعوة البابا أربان الثاني لشحن نفوسهم بأحلام واسعة عريضة تتمثّل في امتداد سلطانهم ونفوذهم إلى بقاع أخرى غنية تغيّر حالهم الأوربي البائس،فيزداد عدد عبيدهم وتزداد أرصدة ثرواتهم[83].

أما عن المدن الإيطالية ودورها في الحروب الصليبية ودوافع اشتراكها في تلك الحروب،فإنّ المجتمعات الحضرية قد ازدهرت من جديد في الشمال الإيطالي، وبدأت تنمو في الأقاليم البعيدة عند البحر المتوسط وازدهرت المدن الإيطالية بفضل تجارتها مع القسطنطينية، فبدأت بيزا وجنوا تمارسان نشاطهما التجاري على موانئ البحر المتوسط مثل مرسيليا وبرشلونة وناريون[84].

ولقد رأت القوى التجارية الإيطالية، مثل: البندقية وخيوه وبيزا، في المشروع الصليبي فرصة سانحة من أجل التحكّم في تجارة الشرق وتحجيم دور المسلمين كوسطاء تجاريين، ومن خلال ذلك يتم تحويل ثروات الشرق، ولا نعقل هنا إلى أن نشير إلى الأهمية الكبرى للأساطيل المدن التجارية الإيطالية، وأنّ البنادقة رفعوا شعاراً يقول: «نحن البنادقة أولا،ً ثم مسيحيون من بعد ذلك»[85]، أصبحت المدن البحرية الإيطالية في القرن الحادي عشر في حالة تمخّض عن القيام باستيراد أو تصدير السلع والبضائع بين الشرق والغرب، من أهمها وقتذاك: مدينة البندقية، التي نجحت في السيطرة على البحر الادرياتيكي في احتكار تجارة بيزنطة[86]، ولم تكن البندقية منطلقة من المحافظة على نشاطها التجاري مع شواطئ الإمبراطورية البيزنطية والقسطنطينية ما اشتهرت به البندقية من عبقرية تجارية[87].

كانت البندقية في مقدمة المدن الإيطالية، وكانت الأجواء مهيّأة لذلك في القرن التاسع حتى القرن الحادي عشر فرصة ثمينة للمدن البحرية الإيطالية[88]. ونعمت جنوه بنوع من الاستقلال في ظل مجلس من النبلاء، فانتعشت التجارة واتسعت صناعة النسيج وبناء السفن[89]، وكانت جنوه في مقدمة المدن التي ساهمت في الحروب الصليبية، وحصلت جنوه على اتفاقيات وحقوق أعطاها لها بوهيموند حتى ملكية ثلاثين منزلاً في مدينة أنطاكية[90]، واستطاعت جنوه أن تجعل جبيل مستعمرة جنوية[91]، وكان هدف البندقية هو الكسب المادي ولم يهتموا بالجانب الديني إلا بما يحقق مصالحهم[92]، «وقد حصل البنادقة على منح مقابل الخدمات التي كانوا يقدمونها لحجاج إلى الأراضي المقدسة في سفنهم وتقديم المساعدات الحربية[93]. وشهد تاريخ الحروب الصليبية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر على أنّ القوى الإيطالية التجارية لم تشارك في تلك الحروب بدافع التقوى والشعور الديني بل في سبيل تحقيق مكاسبها الخاصة[94].

وفي هذا الصدد أيضاً -عن مشاركة المدن الإيطالية في الحروب الصليبية- قام أصحاب السفن في جنوه بتسليح اثنتي عشرة سفينة ونقلوا أربعة آلاف رجل إلى أنطاكية في الشام، وكذلك أيضاً كانت بينرا قد أرسلت أكثر من 120 سفينة بأحمال مختلفة في اتجاه فلسطين، وفي سنة (1099م)-وهي السنة التي استولى الصليبيون فيها على القدس- أبحر مائتا شخص من البندقية إلى حيفا. ولم تتوان المدن الإيطالية على الدخول في هذه المنافسة، والسلاح في أيديهم؛ لزيادة نصيبهم من الأرباح من هذه التجارة[95]. لقد قامت المدن الإيطالية بتوسيع نشاطها التجاري في البحر المتوسط مما أدخلها في منافسة مع المسلمين، فقد كان القائمون على التجارة الأوربية يرون في النشاط التجاري الإسلامي خطراً على مصالحهم التجارية، ولذلك أيّدوا وشجّعوا فكرة الحروب الصليبية؛ ولأنّ استيلاء الصلبيين على سواحل الشام سوف يتيح لهم مزيداً من الأرباح [96].

كذلك كان اشتراك عدد كبير من تجار المدن الإيطالية والفرنسية في الحروب الصليبية لغرض استغلالي بحت من أجل السيطرة على الطرق التجارية للسلع الشرقية[97]، وأنّ المدن الإيطالية التجارية -وخاصة البندقية وجنوه وبيزه- قامت منذ القرن الحادي عشر بنشاط تجاري واسع وامتلكت الأساطيل البحرية الضخمة، الأمر الذي جرّها إلى الدخول في عدوان ضد مسلمي صقلية وسردينيا، وقد أدركت هذه المدن الإيطالية أنّ استيلاء الصلبيين على الشام يتيح لها منفذاً يمكّنها من اختراق الحصار الذي فرضه المسلمون على تجارة الشرق بسيطرتهم على نصف شواطئ البحر المتوسط، ولذلك أسرعت المدن الإيطالية إلى مباركة حركة الحروب الصليبية وتقديم كل مساعدة ممكنة للصلبيين مقابل ما حصلت عليه هذه المدن من امتيازات تجارية في الأجزاء التي سيطر عليها الصليبيون في الشرق[98]. كذلك اشترك عدد كبير من تجار المدن الإيطالية والفرنسية والإسبانية في الحروب الصليبية بغرض استغلالي بحت من أجل السيطرة على الطرق التجارية للسلع الشرقية التي أصبحت مصدر ثراء عظيم، كذلك قامت أساطيلهم بدور فعال في الاستيلاء على المراكز الرئيسية في الشام، فساعد الجنوية الفرنج في الاستيلاء على أنطاكية (490هـ - 1097م)، وأسهم البنادقة بعد ذلك بعامين في استيلاء اللاتين على بيت المقدس. وكان هدف هذه الجاليات الأول والأخير هو الربح والكسب الذي يحقّق مصالحها ويكفي[99]. كذلك تحمّست المدن الإيطالية بيزا وجنوه والبندقية وأمالفى وجايتا (Gaeta) استجابة لدوافعها الاقتصادية للمساهمة في الحركة الصليبية، واندفعت تلك المدن من أجل مصالحها الخاصة[100]، وأنّ بيزا والبندقية وجنوه التي أسهمت في الحروب الصليبية بدور بارز وملحوظ، فلا يخفى علينا أنّها كانت دائماً تجري وراء مصالحها الاقتصادية وتسعى لتحقيق مكاسبها، ليس على حساب المسلمين فيا لشرق فقط، بل على حساب البابوية والكنيسة والصلبيين جميعاً، وشاركوا في الحروب الصليبية ليس من أجل الدين، بل لتحقيق مصالحها الخاصة[101].

وهكذا يبدو الطابع النفعي الدنيوي واضحاً في سلوك كل من شارك في هذه الحروب الصليبية، كل حسب هواه وأطماعه؛ ولذلك يمكن القول إنّ الحروب الصليبية في العصور الوسطى كانت أول تجربة قام بها الغرب خارج حدود بلاده؛ لتحقيق أطماع ومصالح اقتصادية واسعة النطاق[102]، فبعد انتهاء الحروب الصليبية خرجت البندقية بنصيب الأسد، حيث فازت بربع القسطنطينية مع بعض الجزر المهمة، مثل: كريت ايوينا  وغيرهامن الموانئ المطلّة على البحر الأدرياتي[103].

وعن اشتراك العامة والطبقات الشعبية من الفلاحين ومن لا مهنة لهم، وجاء اشتراكهم في الحروب الصليبية تتجه الظروف والأوضاع التي كانوا يعيشونها قبيل الحروب الصليبية. كانت الحروب الداخلية المتواصلة التي نشبت في كل مكان في القرنين العاشر والحادي عشر في الغرب الأوربي عاملاً لا يستهان به من عوامل إملاق الريف في ذلك الزمن، كانت بلدان أوربا تعاني من سوء المواسم الزراعية ومن شتى ضروب الكوارث الطبيعية، كما كانت المجاعات تسود في كل المناطق وبلغت الأمور إلى أكل لحم البشر[104]. حيث كانت الحركة الصليبية متنفساً لجماهير الفلاحين[105]، إذ كانت حياة الفلاحين عابسة وغير آمنة، فقد خربت مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة بسبب الغزوات الجرمانية، ثم غزوات الفيكنج والمجريين والمسلمين في القرن العاشر[106]، وأدّت عملية استغلالهم إلى حدوث صراع بينهم وبين طبقة الفرسان[107]، وكذلك فرضت الضرائب على الفلاحين الفرحين من قبل السيد الإقطاعي مما أثقل كاهل الفلاح[108].

حيث إنّهم وجدوا في الشرق آفاقاً واسعة، فهو الأرض التي تدرّ لبناً وعسلاً[109]. وبسبب الحالة التي وصلت إليها أوربا رأى بعض المؤرخين أنّ الحروب الصليبية كانت بمثابة حلقة في سلسلة الهجرات التي أعقبت سقوط الإمبراطورية الرومانية[110]. كان الفلاح الأوربي مغلوباً على أمره وكان محاطاً بالتزامات عدة لأصحاب الإقطاع الذين توارثوا الأرض الزراعية، فظلّ عدد كبير من الناس بلا أرض[111]. وكان من الأوربيين من وجدوا في هذه الدعوة الصليبية فرصة للهرب من واقعهم المؤلم تحت نيران الكنيسة، وخاصة أنّهم كانوا يسمعون عن الحرية التي يتمتّع بها أخواتهم النصارى الذين عاشوا في ظل الحكم الإسلامي[112]، وترك عامة الشعب بيوتهم وبلادهم وساهموا في الحروب الصليبية بدافع الفضول وتحقيق أطماع سياسية، إما للخلاص من حياة الفقر التي كانوا يحيونها في بلادهم في ظل النظام الإقطاعي، أو للهرب من ديونهم الثقيلة، وإما لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية في بلاد الشرق[113]. أما عن بيوتهم، فقد شيّدوا لأنفسهم أكواخاً من جذوع الأشجار وفروعها، وأرضها من الطين أو القش، دون أن يكون لها نوافذ أو بداخلها أساس، عدا صندوق صغير من الخشب وبعض الأدوات الفخارية والمعدنية[114].

إنّ الغالبية العظمى من الطبقات الدنيا في المجتمع الأوربي كانت تحيا عندئذ حياة يملؤها البؤس والشقاء في ظل النظام الإقطاعي، فلم يجد أفراد هذه الطبقات سبباً يشجعهم على البقاء في بلادهم، بل على العكس من ذلك، وجدوا في الحروب الصليبية فرصة هيأت لهم الخلاص من القيود[115]، وأنّهم كانوا يأملون في تحسين ظروفهم المعيشية في الأرض التي تفيض باللبن والعسل[116]؛ حيث كان اشتراكهم في تلك الحروب يعود عليهم بفائدتين، أولاهما: تحريرهم من عبودية الإقطاع، وثانيهما: خلاص نفوسهم من الأدران العالقة بها حسبما وعدتهم البابوية. فالعامة كانت في الدرك الأسفل من الفقر، وكانت تلاقي الأمر يتنامى الضرائب والسخرة والظلم، فضلاً عن إصابة أوربا بعديد من المجاعات[117] وانعدام الطعام والشرب، وكانت المعاملة في غاية السوء، فالإنسان قد يصبر على الجوع أحياناً، لكن الأذى المعنوي قد يكون أشد ألماً من الجوع والعطش، ورأى الفلاحون في الحروب الصلبية فرصة لتغيير نظام حياتهم وخروج المجتمع من قيود العبودية والمذلة. وأنّ هؤلاء حمقى كانوا يفكّرون بوحي من بطونهم لا قلوبهم ولا عقولهم[118]، ووجدوا  في الحروب الصليبية أيضاً المخرج الوحيد مما هم فيه وتضمين لهم حياة جديدة أفضل مما كانوا يعيشوها، ووجدوا في الحروب الصليبية فرصة للتخلّص من المجاعة والأمراض[119]. وقد ظنوا أنّ الرحيل إلى الشرق خلاص لهم وأمل في حياة أفضل[120].

 تلك هي الصورة التي كانت عليه أوربا زمن الحروب الصليبية !!

----------------------------

[1]  نعيم فرج، الحضارة الأوربية في العصور الوسطى، دمشق، 1999م، ط2، ص8.

[2] م.ن، ص 9.

[3] عزيز سوريال عطيه، العلاقات بين الشرق والغرب (تجارية - ثقافية - صليبية)، ترجمة: صابر يوسف، دار الثقافة، 1973م، ط1، ص 36.

[4] سعيد عاشور، الحركة الصليبية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1971م، ط1، ج1، ص 21-22.

[5] سعيد عاشور، أوربا العصور الوسطى، القاهرة، 1986م، ج1، ص 341.

[6] سعيد عاشور، أوربا العصور الوسطى، القاهرة، 1986م، ج1، ص 342.

[7] نعيم فرج،  م.س، ص8.

[8] معركة مانزكرت، كانت من المواقع الخطيرة بين الأتراك السلاجقة والبيزنطيين، انتصر فيها الأتراك وتم أسر الإمبراطور البيزنطي. وللمزيد، أنظر: ابن القلانس، ذبل تاريخ دمشق، مكتبة المتنبي، القاهرة، ص 99؛ العماد الأصفهاني، تاريخ دولة آل سلجوقي، منشورات دار الأوقاف الجديد، بيروت، ص 40 - 44.

[9] سعيد عاشور، أضواء جديدة على الحروب الصليبية، الدار المصرية، القاهرة، 1964م، ص 19 - 20.

[10] ابن الأثير، الكامل في التاريخ، حوادث سنة 456هـ، تحقيق: أبو الفداء عبدالله القاضي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1995م،  ط2، ج10، ص 20-21.

[11] حسنين ربيع، دراسات في تاريخ الدولة البيزنطية، القاهرة، 1995م،  ط1، ص191.

[12] م.ن، ص 191.

[13] Michael pselius, fourteen by zantine rulers, the chronographia of Michael psellus, penguin books, London, 1966, pp 27-37.

[14] حاتم عبد الرحمن الطحاوي، بيزنطة والمدن الإيطالية (العلاقات التجارية (1081 - 1204م)، دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 1998م، ط1، ص 64.

[15] مرفت عثمان حسن، التحصينات الحربية وأدوات القتال في العصر الأيوبي بمصر والشام زمن الحروب الصليبية، دار العالم العربي، ص 34.

[16] سعيد محمد المومني، القلاع الإسلامية في الأردن، دراسة تاريخية أثرية استراتيجية، دار البشير، 1987م، ص 30.

[17] حسنين ربيع،  م.س، ص 193.

[18] سعيد عمران، الإمبراطورية البيزنطية، دار المعرفة الجامعية، 2000م، ص 245 - 246.

[19] محمد مؤنس عوض، الحروب الصليبية العلاقات بين الشرق والغرب، دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 2000م، ط1، ص 38.

[20] Brook: history of Europe from London 1938, P 223.

[21] صلاح الدين البحيري، الإعداد المعنوي للحروب الصليبية المضاد، المجلة المصرية التاريخية، المجلد الحادي والعشرون، 1974، ص 122.

[22] محمد يونس عوض،  م.س، ص 42.

[23] كانتور التاريخ الوسيط، تحقيق: قاسم عبده، دار عين، 1997م، ج2، ص 371 - 372.

[24] سعيد عاشور، أوربا العصور الوسطى، ج1، ص 341 - 342.

[25] م.ن، ج1، ص 341 - 342.

[26] عبدالله بن عبد الرحمن الربيعي، أثر الحروب الصليبية، الرياض، 1994م، ط1، ص 74.

[27] المؤرخ المجهول، أعمال الفرنجة وحجاج بيت المقدس، دار الفكر العربي، القاهرة، 1932م، ص17 - 18؛ عبدالله بن عبد الرحمن الربيعي،  م.س، ص 34؛ مكسيموس مونروند، من تاريخ الحروب المقدسة، تحقيق: مكسيموس مظلوم جزوان، 1865م، ج1، ص 18 - 19.

[28] يوشع براور، الاستيطان الصليبي في فلسطين، ترجمة: عبد الحافظ عبد الخالق البنا، دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية، 2001م، ط1، ص 19.

[29] مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية، ضمن الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، ترجمة وتحقيق: سهيل زكار، دمشق، 1995م، ج1، ص 159.

[30] يوشع براور، م.س، ص 19.

[31] أرنست باركر، الحروب الصليبية، ترجمة: السيد الباز العريني، دار النهضة العربية، بيروت، ج4، ص19.

[32] سعيد عاشور،  م.س، ج1، ص422.

[33] م.ن، ج1، ص 152 - 156.

[34] م.ن، ص 436 - 437.

[35] يوشع براور،  م.س، ص 19.

[36] يوشع براور،  م.س، ص 19.

[37] م.ن، ص 16.

[38] م.ن، ص 35.

[39] بيارغريمال ومارسيل باكو وجاك بيارميوت ورنيه رانيا، أوربا من العصور القديمة وحتى القرن الرابع عشر، ترجمة: انطوان، أ. الهاشم، بيروت، باريس، ص 379.

[40] جورج جوردن كولتون، عالم العصور في النظم والحضارة، ترجمة: جوزيف نسيم يوسف، دار المعرفة الجامعية، ص 67.

[41] قاسم عبده قاسم، الحملة الصليبية الأولى (نصوص ووثائق)، دار عين، 2001م، ص 119.

[42] م.ن، ص 53.

[43] نعيم فرج،  م.س، ص66، 67.

[44] م.ن، ص 68.

[45] عبد القادر أحمد اليوسف، أوربا العصور الوسطى، ج2، ص 68.

[46] بيارغر يمال ومارسيل باكو وجاك بيارميوت ورنيه رانيال،  م.س، ص349.

[47] سعيد عاشور،  م.س، ج1، ص 7.

[48] Kary, Z Vol S (New York, 1943), Vol IgI. 15, P. 88.

[49] سعيد عاشور،  م.س، ج1، ص 39.

[50] قاسم عبده،  م.س، ص66.

[51] قاسم عبده،  م.س، ص66.

[52] م.ن، 113.

[53] قاسم عبده قاسم، الخلفية الأيدولوجية للحروب الصليبية، دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 1999م، ط1، ص 77.

[54] كلود كاهن، الشرق والغرب زمن الحروب الصليبية، ترجمة أحمد الشيخ، دار سينا للنشر، 1995م، ط1، ص77.

[55] سعيد عاشور،  م.س، ج1، ص 66 - 67.

[56] عليه عبد السميع الجنزوري، الحروب الصليبية والمقدمات السياسية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1999م، ص247.

[57] كلود كاهن،  م.س، ص 77.

[58] سعيد عاشور،  م.س، ج1، ص416.

[59] عبد القادر اليوسف،  م.س، ص 41.

[60] م.ن، ص 41.

[61] قاسم عبده قاسم،  م.س، ص 90.

[62] سعيد عاشور،  م.س، ج1، ص 417.

[63] مخائيل زايوروف، الصليبيون في الشرق، ترجمة إلياس شاهين، دار التقدم، موسكو 1986م، ص 46.

[64] قاسم عبده قاسم،  م.س، ص 85.

[65] كلود كاهن،  م.س، ص 77.

[66] آمال حامد زيان غانم، الإمبراطور الكسيوس الأول كومنين والحملة الصليبية الأولى في ضوء كتاب الألكسياد، دار الثقافة العربية، القاهرة، 2010م، ص105.

[67] قاسم عبده قاسم، الخلفية الأيدولوجية، م.س، ص 119 - 122.

[68] مؤنس عوض،  م.س، ص 27.

[69] قاسم عبده قاسم،  م.س، ص 119.

[70] م.ن، ص 100 - 121.

[71] م.ن، ص 119 - 122.

[72] ريموند ستامبولي، مفاتيح أورشليم القدس (حملتان صلبيتان على مصر (1200 - 1250)، ترجمة: عايدة الباجوري، المجلس الأعلى للثقافة، 2004م، ص70؛ ماشيل بالار، الحملات الصليبية والشرق اللاتيني من القرن الحادي عشر إلى القرن الرابع عشر، تحقيق: بشير السباعي، دار عين للدراسات، 2003م، ص 56.

[73] Smith, the motives of the earlies «in, E.H.R., Vol. 98, No. 389, 1983, p 722.

[74] سعيد عاشور،  م.س، ج1، ص 417.

[75] م.ن، ج1، ص 30.

[76] عليه عبد السميع الجنزوري،  م.س، ص 247.

[77] م.ن، ص248؛ عبدالله بن عبد الرحمن  الربيعي،  م.س، ص 38.

[78] سعيد عاشور،  م.س، ج1، ص 42.

[79] ريموندا جيل، تاريخ الفرنجة (غزاة بيت المقدس)، ترجمة: حسين عطيه، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ص 262.

[80] سعيد عبد الفتاح عاشور، أضواء جديدة على الحروب الصليبية، م.س، ص13؛ عمر كمال توفيق، مملكة بيت المقدس الصليبية، رويال، الإسكندرية، 1958م، ص 55.

[81] سعيد عاشور، أوربا العصور الوسطى، م.س، ج1، ص 49.

[82] م.ن، ج2، ص49.

[83] فيشر هـ.أ.ل، أوربا في العصور الوسطى، تحقيق: محمد مصطفى زيادة، السيد الباز العريني، القاهرة، 1976م، ط6، ج1، ص171.

[84] قاسم عبده،  م.س، ص 85.

[85] مؤنس عوض،  م.س، ص 24.

[86] العريني، الحضارة والنظم الأوربية في العصور الوسطى، القسم الأول، دار النهضة، 1963م، ص 159.

[87] م.س، ص159.

[88] نعينع،  م.س، ص 340.

[89] م.ن، ص 340.

[90] م.ن، ص 340.

[91] عفاف صبره، العلاقات بين الشرق والغرب، النهضة العربية، 1983م، ص180.

[92] سعيد عاشور، الحركة الصليبية، م.س، ج1، ص 290.

[93] عفاف صبره، علاقة البندقية بمصر والشام من بداية القرن الثاني عشر حتى نهاية القرن الرابع عشر، رسالة دكتوراه منشورة، كلية الآداب، جامعة القاهرة، 1977م، ص 6.

[94] سعيد عاشور، أضواء جديدة على الحروب الصليبية، م.س، ص 11.

[95] ريمون ستامبولي،  م.س، 181.

[96] عبدالله بن عبد الرحمن الربيعي،  م.س، ص 37.

[97] عليه الجنزوري،  م.س، ص 249.

[98] سعيد عاشور،  م.س، ص 30 - 31.

[99] عليه عبد السميع الجنزوري،  م.س، ص 249.

[100] عبد القادر أحمد اليوسف،  م.س، ص42.

[101] سعيد عاشور، أضواء جديدة على الحروب الصلبة، م.س، ص 12.

[102] عبد القادر اليوسف،  م.س، ص 42.

[103] سعيد عاشور، أوربا العصور الوسطى، م.س ج1، ص 430.

[104] مخائيل زانوروف،  م.س ، ص 15.

Rene Grousset, Histire des crois a des et du Royaume France de jeru Salem, Paris, 1934, I. P 11.

[105] قاسم عبده، الحملة الصليبية الأولى،م.س، ص 97.

[106] قاسم عبده قاسم، الخلفية الأيدولوجية،  م.س ، ص 77.

[107] Flori J, Knightly society, in New C.M.H. Vol. IV. Cambridge Press, 2004, P 159.

[108] Prawer, the Assise de Tenure and assisede vente, A study of landed property in the latin kingdom, vol IV, No I, New York, 1951, PP 70- 74.

[109] مكسيموس مونروند، م.س، ج1، ص 18 - 19.

[110] سعيد عاشور، الحركة الصليبية، م.س، ج1، ص 21.

[111] سعيد عاشور، أضواء جديدة على الحروب الصليبية، م.س، ص 12.

[112] سعيد عاشور، الحركة الصليبية، م.س، ج1، ص 24.

[113] سعيد عاشور، أوربا العصور الوسطى، م.س، ج2، ص 152 - 156.

[114] م،ن، ج2، ص 276.

[115] قاسم عبده قاسم، الحملة الصليبية الأولى نصوص ووثائق، م.س، ص115؛ سعيد عاشور، أوربا العصور الوسطى، م.س، ج1، ص 417.

[116] قاسم عبده، الخلفية الأيدولوجية للحروب الصليبية، م.س، ص 123.

[117] عليه الجنزوري،  م.س، ص 249.

[118] سعيد عاشور، أضواء جديدة على الحروب الصليبية، م.س، ص 11.

[119] ريمون ستامبولي،  م.س، ص 70.

[120] عبدالله بن عبد الرحمن الربيعي، م.س، ص 38.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف