البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

December / 11 / 2022  |  1436مصادر يهوديَّة بالقرآن للمستشرق شالوم زاوي ـ عرض وتقويم ـ

د. أحمد صلاح البهنسي المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية شتاء 2022 م / 1443 هـ
مصادر يهوديَّة بالقرآن للمستشرق شالوم زاوي  ـ عرض وتقويم ـ

المُلخَّص:

يتناول الباحث في هذه المقالة المفهوم والنهج الاستشراقيّ الإسرائيليّ حول دراسة القرآن الكريم، من خلال عرض ودراسة وتقويم ما أورده الحاخام والمستشرق الإسرائيليّ المستشرق شالوم زاوي، في كتابه «مصادر يهوديّة بالقرآن»، هذا الكتاب الذي يُعدّ من الدراسات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة النادرة التي تُقدِّم ترجمة لمعاني القرآن الكريم للعبريَّة، مضافًا إلى أنَّه يقدِّم نقدًا من منظور استشراقيّ إسرائيليّ لآيات القرآن، رادًّا عددًا كبيرًا من آياته إلى مصادر دينيَّة يهوديَّة قديمة ومتأخِّرة، ولمصادر أخرى غير أصيلة، علاوة على اعتبار عدد من ألفاظه ذات أصول «عبريَّة» وأخرى أجنبيَّة. كما يعكس الكتابُ جانبًا مهمًّا من موضوعات الاستشراق الإسرائيليّ واهتماماته وسِماته التي تميِّزه عن مراحل استشراقيَّة يهوديَّة أخرى، أو حتَّى عن مدارس استشراقيَّة غربيَّة.

المحرِّر


المقدّمة

يُعدُّ كتاب «مصادر يهوديَّة بالقرآن» لمؤلِّفه شالوم زاوي من مؤلَّفات الاستشراق الإسرائيليّ المهمَّة، حيث سعى مؤلِّفه إلى ردِّ عددٍ كبيرٍ من آيات القرآن إلى مصادر دينيَّة يهوديَّة. وتأتي هذه المقالة لتعرِّف بهذا الكتاب وتعرض فرضيّاته حول القرآن، مع تحليلها ونقدها.

يمثِّل الاستشراق الإسرائيليّ المرحلة الثالثة والأخيرة من مراحل تطوُّر «المدرسة اليهوديَّة في الاستشراق»[2]، والتي تبدأ بالاستشراق اليهوديّ العامّ، ثمَّ الاستشراق الصهيونيّ، وأخيرًا الاستشراق الإسرائيليّ. ففي التاريخ الحديث يبدأ الاستشراق اليهوديّ بالتوجُّه نحو دراسة الإسلام والمجتمعات الإسلاميَّة؛ بوصفها جزءًا من الحركة الاستشراقيَّة في الغرب، التي ظهرت مع بدايات القرن الثامن عشر الميلاديّ[3].

أمَّا الاستشراق الصهيونيّ فقد ارتبط -بطبيعة الحال- بالحركة الصهيونيَّة التي ظهرت في شرق أوروبا عام 1881م، بهدف تقديم خدمات علميَّة للحركة الصهيونيَّة، وتأصيل الوجود اليهوديّ في فلسطين. ثمَّ يأتي بعد ذلك «الاستشراق الإسرائيليّ» مع بداية قيام الكيان الإسرائيليّ على أرض فلسطين المحتلَّة عام 1948م وحتَّى يومنا هذا؛ بوصفه امتدادًا للاستشراق «اليهوديّ» و «الصهيونيّ». ولهذا نجد تداخلًا وتشابكًا في موضوعات الاستشراق الإسرائيليّ واهتماماته مع موضوعات كلٍّ من الاستشراق «اليهوديّ» و «الصهيونيّ» و «الغربيّ» واهتماماتهم[4].

وقد حاز القرآن الكريم مكانة مهمَّة وبارزة من بين موضوعات الاستشراق الإسرائيليّ واهتماماته؛ سواء بالدراسة، أو الترجمة، أو النقد والتحليل. وفي إطار هذا الاهتمام يأتي الكتاب الماثل للعرض النقديّ بعنوان: «מקורותיהודײםבקוראן (مصادر يهوديَّة بالقرآن)» باللغة العِبريَّة لمؤلِّفه الحاخام والمستشرق الإسرائيليّ «א.שלוםזאוי» أندريه شالوم زاوي، الصادر في القدس عن دار نشر «دافير» الإسرائيليَّة عام 1983م، والذي يعدُّ من المؤلَّفات النادرة التي تركِّز بالتحليل والنقد على الآيات القرآنيَّة؛ إِذْ شمل جميع سور القرآن الكريم، رادًّا عددًا كبيرًا من آياته إلى مصادر دينيَّة يهوديَّة قديمة ومتأخِّرة، ولمصادر أخرى غير أصيلة، علاوة على اعتبار عدد من ألفاظه ذات أصول «عبريَّة» وأخرى أجنبيَّة.

ويعدُّ الكتاب من المؤلَّفات التي تعكس مرحلة الاستشراق الإسرائيليّ؛ بوصفها واحدة من أهمّ مراحل المدرسة اليهوديَّة في الاستشراق وأكثرها خطورة، كما أنَّه يعكس سمات هذه المرحلة وما يميِّزها عن مراحل استشراقيَّة يهوديَّة أخرى، وعن مدارس استشراقيَّة غربيَّة عامَّة؛ ولاسيَّما فيما يتعلَّق بفهم الرؤية الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة للقرآن الكريم، وكيفيَّة توظيف هذه الرؤية، ومحاولة ترويجها في الغرب؛ سواء في المحافل العلميَّة، أو حتَّى الإعلاميَّة، وفي الوقت نفسه كيفيَّة توظيفها في الداخل الإسرائيليّ؛ لتقديم صورة مغلوطة ومشوَّهة عن القرآن الكريم؛ باعتباره الكتاب المقدَّس للمسلمين والمصدر الأوَّل لعقيدتهم الدينيَّة، وهو ما يمثِّل إضافة معرفيَّة وعلميَّة لفهم الاستشراق الإسرائيليّ ومثاقفته على نحو جيِّد.

ويزيد من أهمِّيَّة الكتاب أنَّه من المؤلَّفات الاستشراقيَّة القليلة التي قدَّمت «ترجمة» لمعاني القرآن الكريم إلى العبريَّة شملت كثيرًا من آيِ القرآن بجميع سوره الـ 114. وعلى الرغم من أنَّ مؤلِّفه لم يحدِّد إذا كان هو صاحب هذه الترجمات أم لا، فقد وجّه الشكر في بداية كتابه إلى دار نشر «دافير» الإسرائيليَّة التي سمحت له باقتباس أجزاء من ترجمة «ريفلين» لمعاني القرآن الكريم إلى العبريَّة[5]، وهي ترجمة لا تخلو من أخطاء؛ إِذْ إنَّ صاحبها حاول من خلالها إثبات التأثيرات اليهوديَّة في القرآن الكريم، عبر الهوامش العديدة التي عرضها أسفل صفحات الترجمة[6].

وبالتالي؛ فنحن أمام كتاب يحتوي على قِسْمَين عن القرآن الكريم:

الأوَّل: ترجمة لمعانيه إلى اللغة العبريَّة. 

والثاني: نَقْد للآيات القرآنيَّة وردّها إلى مصادر يهوديَّة وأخرى أجنبيَّة غير أصيلة.

ومع ملاحظة صعوبة تمييز أيٍّ من الترجمات قام بها مؤلِّف الكتاب، وأيٍّ منها اقتبسها من ترجمة ريفلين العبريَّة لمعاني القرآن الكريم، أو من ترجمات أخرى لمعاني القرآن الكريم؛ سواء عبريَّة، أو حتَّى فرنسيَّة، إلَّا أنَّ الكتاب يعرِّفنا على صورة من صور تناول الاستشراق الإسرائيليّ للآيات القرآنيَّة المترجمة إلى العبريَّة بالنقد والتحليل، وعلى غرض الفكر الاستشراقيّ الإسرائيليّ من ذلك؛ ما يزيد من أهمِّيَّة عرضه ونقد منهجيّته وفرضيّاته التي يطرحها لفهم توجُّهات الاستشراق الإسرائيليّ نحو القرآن الكريم.

يقع الكتاب في 269 صفحة من القطع الكبير، وينقسم وفقًا لقائمة محتوياته إلى: 1- تمهيد. 2- مقدّمة. 3- ملاحظات وتفسير للقرآن. 4- سورة الفاتحة. 5- السورة الثانية حتَّى الأخيرة. 6- ملخَّص. 7- بيبلوغرافيا. 8- قائمة سور القرآن. 9- خلاصة بـاللغة الإنكليزيَّة. ومن الممكن تقسيم محتويات الكتاب -من حيث طريقة عرضه للأفكار والموضوعات- إلى جزأين أساسيّين: 

الأوَّل نظريّ، ويشمل أقسام: التمهيد والمقدّمة، وملاحظات، وتفسير للقرآن، وملخَّص وخلاصة باللغة الإنكليزيَّة. وقد ضمّنها أهمّ أفكاره عن ردّ القرآن إلى مصادر يهوديَّة، مستشهدًا بأدلَّة عدّة؛ تاريخيَّة، ودينيَّة، ولغويَّة؛ منها أنَّ القرآن لم يدوَّن إلَّا في أواخر القرن السابع الميلاديّ، أو أوائل القرن الثامن الميلاديّ، في حين أنَّ العهد القديم سبقه بحوالي ألف عام[7]، مضافًا إلى استشهاده بكلٍّ من المستشرقَيْن اليهوديَّيْن: إجنتس جولدتسيهر[8]، وأبراهام كاتش[9]، اللذَين قالا إنَّ اليهود المعاصرين لمحمَّد كانوا أصحاب تأثير على الأفكار المتضمَّنة في القرآن، وأنَّ ثمّة كثيرًا من الأساطير الدينيَّة اليهوديَّة التي جرى تضمينها في كتب المسلمين الأوائل حول القرآن وسيرة محمَّد؛ مثل: تفسير الطبري، وتفسير البيضاوي، وكتاب البخاري، مؤكِّدًا على أنَّ القرآن انبنَى بشكل عامّ على أفكار العهد القديم، وفي مقدّمتها حبّ الإله ووحدانيّته المطلقة[10].

ويتضمَّن هذا الجزء -أيضًا- عددًا من الفرضيّات اللغويَّة التي حاول من خلالها التشكيك في أصالة لغة القرآن وردّها إلى لغات أخرى ساميَّة، ولا سيَّما العبريَّة منها، فيذكر أنَّ لفظة «القرآن» جاءت من اسم الفعل في العبريَّة «קרא»؛ بمعنى: قراءة أو تلاوة أو تسميع، وهذا اللفظ العبريّ جاء منه -أيضًا- كلمة «מקרא» (المِقْرا؛ أي الشريعة المقروءة في اليهوديَّة)، التي تشير إلى التسمية اليهوديَّة لكتابهم المقدَّس المعروف في الأوساط العربيَّة بـ «العهد القديم»[11].

أمَّا الجزء الثاني فهو تطبيقيّ، ويقع في قسمي «سورة الفاتحة»، و»السورة الثانية حتَّى الأخيرة». يشمل ترجمةً لعدد من آيات السور القرآنيَّة، مع التعليق عليها لردِّ ما وردَ فيها إلى مصادر دينيَّة يهوديَّة مختلفة؛ سواء على مستوى العقيدة، أو الشريعة، أو حتَّى اللغة. ومثال ذلك: ترجمته صيغة «البسملة»؛ إِذْ يردّ لفظ الرحمن (רחמן) إلى التلمود والمدراشيم وصيغ صلوات بني إسرائيل، من دون أن يضرب مثالًا على ذلك، أو يحدِّد مواضع معيَّنة في هذه المصادر اليهوديَّة[12].

ومن الأمثلة الواردة في هذا الجزء -أيضًا- ترجمته للآيات 60-70 من سورة البقرة، والتي علَّق عليها زاوي بالقول: «إنَّ القرآن خلَط في هذه الآيات بين البقرة الحمراء الوارد ذِكرُها في سِفْر العدد بالتوراة، وبين العجل مقطوع الرأس الوارد ذِكره في سِفر التثنية بالتوراة». كما أنَّه يذهب إلى أبعد من ذلك بإقحام كلمات غير واردة في النصّ القرآنيّ بعد ترجمتها إلى العبريَّة، ومن أمثلة ذلك ترجمته للآية 124 من سورة البقرة: (...قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا...)؛ إِذْ يُترجم لفظة «إمام» إلى «כוהן» (كاهن) العبريَّة، ويردّ أصلها إلى التلمود[13].

وكذلك يُلاحَظ في هذا الجزء من الكتاب أنَّ ترقيم الآيات القرآنيَّة المترجَمة إلى العبريَّة يختلف عن ترجمتها في الأصل القرآنيّ العربيّ، ومن الواضح أنَّ ذلك عائد إلى اعتماده على ترجمات للأصل العربيّ للقرآن، وعدم اعتماده على النصّ الأصليّ، وكان من ضمنها ترجمة أهارون بن شيمش العبريَّة[14] لمعاني القرآن الكريم[15]، التي جاء فيها الترقيم مخالفًا للأصل؛ فقد جاء في نهاية كلِّ خمس آيات، وليس في نهاية كلِّ آية، كما أغفل في بعض الأحيان ذكر بعض فواتح السور المكوَّنة من حروف منفصلة[16].

أوَّلًا: مؤلِّف الكتاب ونقد منهجه

1- المؤلِّف وسيرته العلميَّة:

على الرغم من قلَّة المعلومات البيبلوغرافيَّة المتوفِّرة عن الحاخام شالوم زاوي مؤلِّف الكتاب، يمكن لما يتوفَّر منها أن يساعد على الوقوف على كثيرٍ من جوانب شخصيَّته العلميَّة والفكريَّة، ومحاولة معرفة الدوافع التي وقفَت وراء تأليفه لهذا الكتاب، وهل هو مؤهَّل لهذا العمل أم لا؟.

والحاخام أندريه شالوم زاوي هو يهوديّ من أصول جزائريَّة، ولد في مدينة وهران (غرب الجزائر) عام 1916م لأسرة يهوديَّة جزائريَّة متديِّنة، وتوفّي في القدس عام 2009م، وهو بالأساس حاخام ينتمي إلى تيَّار اليهوديَّة الليبراليَّة أو الإصلاحيَّة التي نادت بإدخال تعديلات وتيسيرات على اليهوديَّة التقليديَّة على مستوى الأفكار والتشريعات والطقوس[17].

تلقَّى زاوي تعليمه الأساسي في مدينة وهران الجزائريَّة في إحدى المدارس الفرنسيَّة، وبين عامي 1936-1939م تلقَّى تعليمًا دينيًّا يهوديًّا في فرنسا وأصبح حاخامًا، كما حصل على شهادة الفلسفة من جامعة السوربون الفرنسيَّة بباريس، وعقب ذلك تولَّى وظائف ومناصب عدَّة؛ من أبرزها: حاخام للجنود اليهود في الجيش الفرنسيّ، وكذلك حاخام الطائفة اليهوديَّة في مدينة سيدي بلعباس الجزائريَّة، كما أنشأ عام 1955م المعهد الوطنيّ للدراسات العبريَّة في باريس الذي تتمثَّل مهمَّته في تدريب الحاخامات الليبراليِّين الناطقين بالفرنسيَّة ومعلّمي اليهوديَّة، وخلال عقد الستينيَّات من القرن الماضي عاد إلى الاستقرار النهائيّ في القدس[18].

أمَّا عن مؤلَّفاته: فمعظمها بالفرنسيَّة، إلى جانب عدد قليل منها بالعبريَّة وبالإنكليزيَّة، ومن أبرزها بالفرنسيَّة كتاب «مقدّمة يهوديَّة للعهد القديم، عام 1966م»، وبالعبريَّة كتاب «اليهوديَّة الحيَّة، عام 1969». كما قام بعدد من الترجمات من العبريَّة إلى الفرنسيَّة بالاشتراك مع مترجمِين آخرين؛ ومن أشهرها كتاب «موسى بن ميمون-كتاب المعرفة-» الذي صدر في باريس عام 1961م، كما أنَّ له مقالات عدَّة منشورة باللغات الفرنسيَّة والعبريَّة والإنكليزيَّة، ومن أبرزها مقالة «اليهوديَّة الليبراليَّة» المنشورة في مجلَّة الفكر اليهوديّ في باريس عام 1985م، ومقالة «محمَّد وإسرائيل» المنشورة في مجلَّة سينس الفرنسيَّة عام 1983م، ومقالة عن يهود الفلاشا بعنوان «يهود أثيوبيا» باللغة الإنكليزيَّة، ومكان نشرها وتاريخه غير محدّدين[19].

من خلال هذه السيرة العلميَّة للمؤلِّف يمكن الخروج بملاحظات ونتائج عدَّة؛ لعلَّ في مقدِّمتها أنَّ صفة التخصُّص أو الأهليَّة للكتابة في الدراسات القرآنيَّة وترجمة معانيه إلى اللغة العبريَّة غير متوفِّرة في الحاخام زاوي، وهذا يعني -دون أيِّ مبالغة في القول- أنَّ من الصعب حسابه على فئة «المستشرقين» اليهود أو حتَّى الإسرائيليِّين بالأساس؛ فكتابه «مصادر يهوديَّة بالقرآن» هو مؤلَّفُه الوحيد في مجال الدراسات القرآنيَّة، مضافًا إلى مقالته المقتضَبة بعنوان «محمَّد وإسرائيل»، التي تدور في فلَك فكرة الكتاب نفسه، كما أنَّه في هذا الكتاب لم يعتمد على أيِّ نصٍّ عربيّ أصليّ للقرآن الكريم؛ وإنّما اعتمد على ترجمَتَيْن عبريَّتَيْن لمعاني القرآن الكريم، وهما لـ»ريفلين وابن شيمش»، مضافًا إلى ترجمة بلاشير الفرنسيَّة لمعاني القرآن الكريم. والمرجع العربيّ الوحيد الذي اعتمد عليه هو تفسير الجلالين (طبعة بيروت عام 1931)[20].

وكذلك يتَّضح من سيرته أنَّه لم يتعلَّم أو يدرس العربيَّة بشكلٍ أكاديميّ متخصِّص؛ وإنَّما تعلَّمها لأصوله الجزائريَّة ونشأته في مجتمع عربيّ، ولكنّ تعليمه من البداية إلى النهاية كان فرنسيًّا بحتًا؛ سواء أكان داخل الجزائر أو خارجها، مضافًا إلى أنَّه كان متشبّعًا بالتعليم الدينيّ اليهوديّ منذ صغره، وعمل حاخامًا طوال سنوات عمره؛ سواء داخل الجزائر أو خارجها، وهو ما انعكس على أنَّ كتابه عن القرآن دار في فلَك فكرة واحدة فقط؛ وهي اقتباس القرآن من المصادر اليهوديَّة الدينيَّة المختلفة، وهو ما ظهر واضحًا في اعتماده على كتب استشراقيَّة يهوديَّة هي الأبرز حول هذه الفكرة؛ مثل كتاب «ماذا اقتبس محمَّد من القرآن؟» للحاخام والمستشرق اليهوديّ الألمانيّ أبراهام جايجر[21]، وكتاب «اليهوديَّة بالإسلام» للمستشرق الأمريكيّ اليهوديّ أبراهام كاتش، وكذلك كتاب المستشرق اليهوديّ الهنجاريّ أجنتس جولدتسيهر بعنوان «محاضرات حول الإسلام»[22].

ويمكن ملاحظة سمة «التعدُّديَّة اللغويَّة» التي يتَّصف بها صاحب الكتاب، وهي سمة شائعة لدى غالبيَّة المستشرقين الإسرائيليِّين[23]؛ إذْ إنَّ زاوي يكتب بالفرنسيَّة وبالعبريَّة وبالإنكليزيَّة، وهو ما برز بوضوح في إرفاقه بنهاية كتابه خلاصة له باللغة الإنكليزيَّة، على الرغم من أنَّه لم يذكر سبب ذلك، لكنْ من الواضح أنَّه تقمَّص دور «الداعية الدينيَّ والفكريَّ اليهوديّ» الذي يحاول إيصال فكرة «أنَّ القرآن مقتبَس من اليهوديَّة» إلى أكبر شريحة ممكنة من القرّاء؛ فالعبريَّة (لغة الكتاب) هي لغة إسرائيل الرسميَّة، ولكنّها محدودة الاستخدام والانتشار والفهم، في حين أنَّ الإنكليزيَّة (لغة الخلاصة) هي اللغة العالميَّة الأولى على مستوى الانتشار والفهم والاستخدام.

2- منهج المؤلِّف ونقده

كان منهج «التأثير والتأثُّر» هو الأكثر استخدامًا من جانب مؤلِّف الكتاب في دراسته وتحليله للنصّ القرآنيّ، شأنه في ذلك شأن غالبيَّة المستشرقين اليهود والإسرائيليِّين في استخدامهم لهذا المنهج، وهو ما جسَّد ظاهرة أو سمة «الامتداد والتكرار» التي تَسِم معظم الكتابات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة، التي مثَّلت امتدادًا للاستشراق الغربيّ وتكرارًا لمناهجه وفرضيّاته العلميَّة نفسها حول القرآن الكريم والشؤون الإسلاميَّة عامَّة.

كما يأتي استخدام زاوي لهذا المنهج من جهة كونه الأكثر شيوعًا واستخدامًا لدى المستشرقين كافّة؛ وبخاصَّة اليهود منهم؛ لأنَّه الأفضل في تحقيق أيديولوجيّتهم الاستشراقيَّة المتمثِّلة في ردِّ المادَّة القرآنيَّة إلى مصادر يهوديَّة، الأمر الذي دفع كثيرًا من نقَّاد الأعمال الاستشراقيَّة إلى اعتبار أنَّ كلَّ الدراسات والموسوعات التي كتبها المستشرقون تسير على هذا المنهج ولا تعدوه[24].

يمكن تقسيم استخدام زاوي لهذا المنهج في كتابه إلى:

أ- تأثير وتأثُّر معنويّ يتعلَّق بالظواهر والأفكار والمعتقدات: ومن أبرز أمثلته ما ذكره في مقدّمة كتابه من أنَّ محمَّدًا اقتبس من العهد القديم والتراث الإسرائيليّ نصيب الأسد من أفكاره، ووجد مصدر اقتباسه من الشرائع والقوانين التوراتيَّة التي تأثَّر بها جدًّا، مضيفًا أنَّه من المحتمل أن يكون ناسخو كتاب القرآن هم من اليهود والمسيحيِّين الذين اعتنقوا الإسلام، والذين كان فكرهم مستمَدًّا من التلمود والعهدين القديم والجديد وفكر آباء الكنيسة[25]. وضرب زاوي مثالًا لهذا التأثُّر القرآنيّ بالعهد القديم بعناوين السور القرآنيَّة التي أشار إلى أنَّها مأخوذة من أوَّل كلمة بالسورة تأثُّرًا بمنهج العهد القديم في ذلك[26].

ب- تأثير وتأثُّر لفظيّ: فقد ردَّ زاوي عددًا من الألفاظ القرآنيَّة إلى ألفاظ عبريَّة، ولاسيَّما الوارد منها في العهد القديم، ومن أمثلة ذلك ردّه لفظة {سَكينة} القرآنيَّة إلى لفظة «שכינה»العبريَّة[27].

يقوم منهج التأثير والتأثُّر على محاولة تفريغ الظاهرة الفكريَّة من مضمونها؛ محاولًا ردّها إلى عناصر خارجيَّة في بيئات ثقافيَّة أخرى، من دون وضع أيّ منطق سابق لمفهوم التأثير والتأثُّر، بل بإصدار هذا الحكم دائمًا لمجرَّد وجود اتِّصال بين بيئتين أو ثقافتين، وظهور تشابه بينهما، مع أنَّ هذا التشابه قد يكون كاذبًا وقد يكون حقيقيًّا، وقد يكون لفظيًّا وقد يكون معنويًّا[28].

يؤخذ على الذين يستخدمون هذا المنهج من المستشرقين -ومن ضمنهم زاوي- أنَّهم لا يأخذون في الاعتبار أربعة عوامل مهمَّة؛ وهي: العامل الفضائيّ (المكانيّ)، العامل اللغويّ والثقافيّ، العامل الزمنيّ، وعامل الأعاجم الذين اعتنقوا الإسلام؛ إذْ إنَّه من الطبيعيّ أن تحدث عمليَّة التأثير والتأثُّر، غير أنَّ العوامل الثلاثة الأولى تعمل لصالح التأثير من جانب الإسلام في غيره، والعامل الأخير وحده يطرح إمكانيَّة تأثُّر الإسلام بغيره[29]. وفي هذا الصدد نستعين بما أورده زاوي نفسه في مقدّمة كتابه من اعتراف وإقرار بفضل الإسلام والقرآن واللغة العربيَّة على الفكر اليهوديّ في العصر الوسيط؛ إلى درجة أنَّ كثيرًا من علماء الدين اليهوديّ الذين كتبوا التلمودَيْن البابليّ والأورشليميّ تأثَّروا بالإسلام، كما أنَّ الإسلام كان صاحب تأثير على الفكر اليهوديّ في قرطبة وبابل (العراق) وفلسطين[30].

وفي هذا الصدد تجدر الإشارة -أيضًا- إلى أنَّ عمليَّة التأثير والتأثُّر المتبادل هي في الأساس عمليَّة حضاريَّة معقَّدة تحصل على مستويات عدَّة: اللغة، والمعنى، والشيء، فلو كان هناك اتِّصال تاريخيّ بين حضارتين وظهر تشابه بين ظاهرتين، فإنَّ ذلك قد يكون في اللغة، وفي هذه الحالة لا يكون تأثُّرًا، بل استعارة، فعادة ما يحدث أن تُسْقِط الحضارة الناشئة ألفاظها القديمة وتستعير ألفاظ الحضارة المجاورة وتستخدمها للتعبير عن المضمون القديم[31]. أمَّا إذا حدث تشابه في المضمون بين ظاهرتين من حضارتين مختلفتين، فإنَّ ذلك -أيضًا- لا يمكن تسميته تأثيرًا وتأثُّرًا من دون تحديدٍ لمعنى الأثر؛ فإمكانيَّة التأثُّر من اللاحق بالسابق موجودة؛ لأنَّ الشيء نفسه موجود ضمنًا في الظاهرة اللاحقة[32]. وبشكل عامّ، لا شكَّ في أنَّ التأثير والتأثُّر بين الحضارات والثقافات والجماعات هو سُنَّة اجتماعيَّة وتاريخيَّة لا يمكن إنكارها.

وفيما يتعلَّق بالإسلام والنصّ القرآنيّ تحديدًا، فإنَّ ظاهرة التأثير والتأثُّر غير معتمدة بالأساس، ويحلّ محلّها الرؤية القرآنيَّة والإسلاميَّة حول الوحدة الإلهيَّة للأديان في علاقات الإسلام باليهوديَّة والنصرانيَّة وكتبهما المقدَّسة، ومن الطبيعيّ أن تكون المتشابهات موجودة بين نصوص هذه الأديان؛ طالما أنَّ المصدر واحد[33]، وهو ما يتَّضح أكثر من خلال مفهوم «الهيمنة» القرآنيّ، وهو من المفاهيم «المُهمَلة» في الدراسات الاستشراقيَّة عن الإسلام[34]، على الرغم من أنَّه مفهوم قرآنيّ مستمدّ من الآيات 48-50 من سورة المائدة: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ* وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).

وفق الفهم والتفسير الإسلاميّ، فإنَّ هذا المفهوم لا يعني فرض السيادة الإسلاميَّة-القرآنيَّة على اليهوديَّة والنصرانيَّة، بل يعني الحفظ؛ أي الإحاطة بالكتب السماويَّة السابقة والائتمان عليها، بمعنى أنَّ القرآن الكريم مؤتمَن على الكتب السماويَّة السابقة له، وليس بديلًا عنها؛ إذ إنّه يحتوي الكتب الدينيَّة السابقة في مفاهيمها ومعتقداتها الصحيحة والسليمة والأصليَّة؛ رافضًا وناسخًا للخاطئ منها[35].

ويرى الباحث أنّ في مفهوم الهيمنة القرآنيّ تجلِّيًا لمقدرة الإسلام في المزج دائمًا بين مقدرته على تمثُّل العناصر الأجنبيَّة، والعزوف في الوقت نفسه عن الإقرار بالأصول التي استُمدّت منها[36]. ولعلّ ذلك يعود إلى اعتماد القرآن الكريم منذ البداية قاعدة ثابتة في علاقته بالديانتين السماويَّتين السابقتين له (اليهوديَّة، النصرانيَّة)؛ وهي أنَّه على الرغم من اعترافه بهما، فإنَّ ذلك لا يعني القبول بكلِّ ما جاء فيهما؛ وذلك بعد تعرُّض مصادرهما الأصليَّة لعمليَّات تحريف وتشويه خرجت بهاتين الديانتين عن الخطّ الإلهيّ الصحيح، وتجلَّى ذلك في النقد الإسلاميّ الشديد والمباشر لكثيرٍ من مفردات هاتين الديانتين على شكلها الحاليّ[37].

وفي ضوء ما سبق، لم يكن غريبًا أن تبرز مشتركات أو متشابهات عدَّة بين الإسلام والديانتين التوحيديّتين السابقتين له، والتي لا تعني تأثُّرًا إسلاميًّا بهما، بقدر ما هي تعبير عن علاقة الإسلام بالنصرانيَّة واليهوديَّة، مع القول بوحدة المصدر المشترك بين الديانات الثلاث[38]. وهذا ما أقرَّ به زاوي نفسه في تمهيد الكتاب؛ إذْ أكَّد على أنَّ «الأسس الروحيَّة والأخلاقيَّة السائدة في العهد القديم مشتركة بين اليهوديَّة والنصرانيَّة والإسلام»[39].

ثانيًا: فرضيّات الكتاب حول القرآن الكريم ونقدها:

جمع الكتاب بين خاصيَّتين ميَّزتا الكتابات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة حول القرآن الكريم؛ وهما: 

1- الخاصيَّة الأولى:الامتداد والتكرار[40]: بمعنى أنَّ الفرضيّات الواردة في الكتاب حول القرآن الكريم كانت امتدادًا وتكرارًا للفرضيَّات الاستشراقيَّة الغربيَّة نفسها حول مصدر القرآن الكريم، بمحوريّة ردِّ القرآن إلى مصادر يهوديَّة. 

2- الخاصيَّة الثانية: غلبة الطابع السياسيّ[41]: حيث هدفت معظم الكتابات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة حول القرآن الكريم إلى خدمة إسرائيل؛ بوصفه كيانًا سياسيًّا، وتبرير وجوده في المنطقة، وهو ما برز في الكتاب من خلال تأكيد مؤلِّفه في مقدّمته على أنَّه سيسعى لدعم الحوار بين المسلمين واليهود، وبين العرب ودولة إسرائيل، من خلال إعادة تفسير القرآن، وإصلاح المناهج والنظريَّات الإسلاميَّة؛ بشكل يُثبِت حقَّ اليهود، ويبرز دعوة محمَّد الحقيقيَّة في صورتها العالميَّة وأساسها التوراتيّ؛ ما قد يؤدِّي إلى إنهاء الحروب الدينيَّة، بعد أن تتحقَّق نبوَّة أنبياء العهد القديم[42].

وبشكل عامّ، فقد انحصرت فرضيَّات هذا الكتاب حول القرآن الكريم في ردِّه القرآنَ إلى مصادر يهوديَّة، وذلك على مستويَيْن أساسيَّيْن؛ هما:

أ. قصص القرآن.

ب. لغة القرآن.

 وهو ما يمكن عرض أمثلة له ونقدها، على النحو الآتي:

أ- قصص القرآن

ردَّ زاوي العديد من قصص القرآن إلى مصادر يهوديَّة؛ ومنها: قصَّة وَلَدَيْ آدم، وذلك في إطار تعليقه على الآيات32-72 من سورة المائدة: (منْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ...)؛ إذْ يرى أنَّها قصَّة قتل «قايين لهابيل» التوراتيَّة مع بعض التغييرات الملحوظة، والتي استنبط منها حكم تحريم سفك الدماء[43]، وبهذا يقصد القصَّة التوراتيَّة الواردة في سفر التكوين، 4/ 3-16:

«וַיְהִי,מִקֵּץיָמִים; וַיָּבֵאקַיִןמִפְּרִיהָאֲדָמָה, מִנְחָה--לַיהוָה.דוְהֶבֶלהֵבִיאגַם-הוּאמִבְּכֹרוֹתצֹאנוֹ,וּמֵחֶלְבֵהֶן; וַיִּשַׁעיְהוָה, אֶל-הֶבֶלוְאֶל-מִנְחָתוֹ.הוְאֶל-קַיִןוְאֶל-מִנְחָתוֹ, לֹאשָׁעָה; וַיִּחַרלְקַיִןמְאֹד,וַיִּפְּלוּפָּנָיו... חוַיֹּאמֶרקַיִן, אֶל-הֶבֶלאָחִיו; וַיְהִיבִּהְיוֹתָםבַּשָּׂדֶה, וַיָּקָםקַיִןאֶל-הֶבֶלאָחִיווַיַּהַרְגֵהוּ...».

«3 وَحَدَثَ بَعْدَ مُرُورِ أَيَّامٍ أَنْ قَدَّمَ قَايِينُ مِنْ ثِمَارِ الأَرْضِ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ، 4 وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ خَيْرَةِ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَأَسْمَنِهَا. فَتَقَبَّلَ الرَّبُّ قُرْبَانَ هَابِيلَ وَرَضِيَ عَنْهُ. 5 لَكِنَّهُ لَمْ يَتَقَبَّلْ قُرْبَانَ قَايِينَ وَلَمْ يَرْضَ عَنْهُ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدًّا وَتَجَهَّمَ وَجْهُهُ كَمَدًا...8 وَعَادَ قَايِينُ يَتَظَاهَرُ بِالْوُدِّ لأَخِيهِ هَابِيلَ. وَحَدَثَ إِذْ كَانَا مَعًا فِي الْحَقْلِ أَنَّ قَايِينَ هَجَمَ عَلَى أَخِيهِ هَابِيلَ وَقَتَلَهُ...».

وأوَّلُ ما يُلحَظُ في تعليق زاوي أنَّه أقرَّ بأنَّ القصَّة القرآنيَّة فيها تغييرات وصفها بـ«الملحوظة» عن القصَّة التوراتيَّة؛ ما يعني أنَّ ثمّة اختلافات حقيقيَّة بين القصَّتَيْن التوراتيَّة والقرآنيَّة، كما يُلحظُ كذلك أنَّ الآيات التي علَّق عليها لم تَرِد بها قصَّة وَلَدَيْ آدم في القرآن، بل وردت في الآيات 27 حتى 32 من السورةِ نفسِها.

وللردِّ على ما أورده زاوي حول هذه القصَّة، يمكن القول: إنَّ الخطوط العامَّة لقصَّة وَلَدَيْ آدم القرآنيَّة متشابهة -بشكلٍ عامّ- مع ما وردَ في التوراة حول هذه القصَّة، غير أنَّ القصَّة التوراتيَّة سمَّـتْهما باسم «קײןוהבל» (قايين وهابيل)، وأوضحت أنَّ قايين هو الذي قتل هابيل، كما إنَّ قصَّة الغراب الموجودة في القرآن الكريم بثنايا هذه القصَّة، الواردة في السورة نفسها: (فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ)[44] اختفَت من التوراة ولا وجود لها.

وتبرزُ الاختلافاتُ-أيضًا- في أنَّ شخصيَّة هابيل في التوراة غائبة؛ إلَّا في الجانب السلبيّ، بينما نرى أنَّ هابيل في القرآن الكريم شخصيَّة عاقلة ومؤمنة أيضًا؛ لأنَّه قال لقابيل: إنْ نويتَ قتلي فلن أنوي قتلك: (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)[45]، وهذا يعني أنَّ هابيل كان تقيًّا، وقابيل لم يكن كذلك، وهو ما لم يكنْ واضحًا في التوراة[46].

ب- لغة القرآن

علَّق زاوي على الآية 248 من سورة البقرة: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ...)، بالقول: إنَّ لفظة «سَكينة» اقتبسها محمَّد من اليهود الذين سمعها منهم، وأنَّ هذه اللفظة مرتبطة بقصَّة عودة التابوت من أرض فلسطين زمن صموئيل (أحد أنبياء بني إسرائيل)[47].

ويتَّضح من تعليق زاوي أنَّه يردُّ لفظة «سَكينة» إلى لفظة «שכינה» العبريَّة التي تعني حضور الله بالمعنى الروحيّ البحت[48]؛ نظرًا إلى وجود تشابه كبير في مبنَى اللفظة بين العبريَّة والعربيَّة، ولكنّ معناها في العربيَّة هو السكون والهدوء والطمأنينة، وهي من الألفاظ التي صيغت بصياغة دينيَّة بعد ظهور الإسلام، أمَّا في العبريَّة فقد جاءت بمعنى الروح القدس أو الوحي الإلهيّ[49]، وهو ما يدلِّل بوضوح على وجود فارقٍ كبيرٍ في المعنى على الرغم من وجود تشابه في اللفظ الذي –على الأرجح- من الممكن أن يكون عائدًا إلى ظاهرة الإبدال الشائعة بين الساميَّات، ولاسيَّما بين ما يُعرَف بالحروف الصَّفِيريَّة، ومنها الشين والسين[50]؛ بشكل دفع بعض المستشرقين إلى اعتبار أن «سكينة» مأخوذة من «שכינה» لتشابه المبنى على الرغم من اختلاف المعنى.

يُضاف إلى ما سبق أنّه بتتبُّع الجذر اللغويّ للَّفظة، تاريخيًّا ولغويًّا، يتَّضح أنَّها لفظة عربيَّة الأصل، وهي تُنسب إلى ألفاظ اللغة العربيَّة الشماليَّة، وجذرها العربيّ هو «س. ك. ن»[51]، وربَّما بعض اللغات الساميَّة الأخرى قد أخذَتْها منها وطوَّرَتْها، أو أبدلت بعض حروفها، مثلما حدث مع العبريَّة؛ وهو ما يعني أنَّها لفظة عربيَّة أصيلة موجودة في القرآن الكريم.

كما أشار زاوي في تعليقه على الآية 93 من سورة البقرة: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ) إلى أنَّ القرآن يغيِّر من القسم التوراتيّ «נעשהונשמע» (نسمع ونفعل) الوارد في سِفر الخروج 19/ 8 و24/ 3[52]، إلى التعبير «سمعنا وعصينا».

ومن الواضح أنَّ زاوي في تعليقه على هذه الآية يحاول مقارنة الفعل العربيّ «عصى» بالفعل العبريّ»עשה» (بمعنى: فعل) الذي يوجد تقارب بينهما من الناحية الصوتيَّة في النطق، ولكنّه من ناحية اللغة والمعنى لا توجد علاقة بين «עשה» العبريَّة و»عصى» العربيَّة، على الرغم من وجود تقارب صوتيّ بينهما. وهذا ما أشار إليه جزنيوس[53] في معجمه الشهير حول اللغات الساميَّة؛ إذ قارن بين «עשה» العبريَّة و»عسى أو عثى» العربيَّة؛ بمعنى أشعر؛ نظرًا إلى وجود صِلات بين هذه الألفاظ، في حين لم يقارن بين «עשה»العبريَّة و»عصى» العربيَّة؛ لعدم وجود أيّ صِلة بين هذين اللفظين، سوى مجرَّد تقارب صوتيّ[54].

ثالثًا: الخاتمة

من خلال هذا العرض السابق لأهمّ محتويات الكتاب ومنهجيَّته، ونقد نماذج مختارة لِما طرحه من شبهات حول الآيات القرآنيَّة، مضافًا إلى عرض السيرة الذاتيَّة لمؤلِّفه، يمكن الخروج بعدد من النتائج والخلاصات، وذلك على النحو الآتي:

1- يعكس الكتابُ المفهوم والنهج الاستشراقيّ الإسرائيليّ حول دراسة القرآن الكريم ونقده، كما يعكس جانبًا مهمًّا من موضوعات الاستشراق الإسرائيليّ واهتماماته وسِماته التي تميِّزه عن مراحل استشراقيَّة يهوديَّة أخرى، أو حتَّى عن مدارس استشراقيَّة غربيَّة.

2- يُعدُّ الكتاب من الدراسات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة النادرة التي تُقدِّم ترجمة لمعاني القرآن الكريم للعبريَّة، على الرغم من عدم تحديد إذا كان مؤلِّفه هو صاحبها أو أنَّه اقتبسها من ترجمات عبريَّة أخرى، مضافًا إلى أنَّه يقدِّم نقدًا من منظور استشراقيّ إسرائيليّ لهذه الآيات ينصبُّ على ردِّها إلى مصادر دينيَّة يهوديَّة قديمة ومتأخِّرة.

3- ينقسم الكتاب من حيث طريقة عرضه للأفكار والموضوعات إلى جزأين أساسيّين:

الأوَّل: نظريّ، يَعرِض آراء مؤلِّفه حول ردِّ القرآن الكريم إلى مصادر يهوديَّة.

 والثاني: تطبيقيّ، يشمل ترجمة لعدد من سور القرآن الكريم والتعليق عليها بغرض ردِّها إلى مصادر يهوديَّة، وإثبات شبهاتٍ يهوديَّة حولها تتعلَّق بلفظ القرآن وقصصه وعقائده وشرائعه.

4- انتماء مؤلِّف الكتاب الحاخام والمستشرق شالوم زاوي إلى فئة المستشرقين الإسرائيليِّين من اليهود الذين هاجروا من البلدان العربيَّة (الجزائر) إلى إسرائيل، والذين يحظون بمعرفة كبيرة بالعرب وشؤونهم، وهي فئة غلب عليها طابع الجدل الدينيّ اليهوديّ المضادّ للإسلام في كتابتها؛ نظرًا إلى أنَّها تشبَّعَت بفكر دينيّ يهوديّ متطرِّف يزعم أنَّ الإسلام يُمثِّل خطرًا على اليهود واليهوديَّة.

5- استخدام مؤلِّف الكتاب لمنهج التأثير والتأثُّر في ردِّ القرآن الكريم إلى مصادر يهوديَّة، بشكل مكرَّر ولا خصوصيَّة فيه؛ نظرًا إلى أنَّه المنهج الذي يساعده على تحقيق فرضيّته العلميَّة المتمثِّلة أساسًا في عنوان الكتاب والقائلة بوجود «مصادر يهوديَّة بالقرآن»، مضافًا إلى أنَّ المؤلِّف لم يكن متخصِّصًا علميًّا أو حتّى أكاديميًّا في موضوع الدراسات القرآنيَّة، وكانت منطلقاته في عرض أفكار الكتاب منطلقات أيديولوجيَّة استشراقيَّة يهوديَّة بحتة، تهدف إلى التشكيك في أصالة النصِّ القرآنيّ، وردِّه إلى مصادر يهوديَّة.

6- إنَّ إقرار مؤلِّف الكتاب بوجود مشترَكات رُوحيَّة وأخلاقيَّة بين الكتب المقدَّسة في الإسلام واليهوديَّة والنصرانيَّة، يدحض صحَّة منهج التأثير والتأثُّر في تناول النصّ القرآنيّ، ويؤكِّد صحَّة الرؤية القرآنيَّة عن وحدة الأديان السماويَّة الثلاثة التي يوضّحها مفهوم الهيمنة القرآنيّ؛ من»حفظ الكتب السماويَّة السابقة لها»؛ أي الإحاطة بها والائتمان عليها، والتأكيد على الصحيح منها، والرفض والنسخ للخاطئ والمنحرف منها من أفكار وعقائد».

7- برزت من خلال الكتاب خاصّيَّة «الامتداد والتكرار» التي ميَّزَت الكتابات الاستشراقيَّة الإسرائيليَّة؛ إذْ كرَّر الفرضيّات الاستشراقيَّة الغربيَّة نفسها حول مصدر القرآن الكريم، وتمحورَت حول ردِّ القرآن إلى مصادر يهوديَّة، وكذلك خاصّيَّة غلبة الطابع السياسيّ؛ إِذْ حاول من خلال كتابه تطويع الأفكار والفرضيّات الفكريَّة به لصالح خدمة أغراض وأهداف سياسيَّة إسرائيليَّة بحتة، تهدف لإثبات ما سمَّاه»حقوق اليهود الدينيَّة والتاريخيَّة».

8- إنَّ ما طرحه مؤلِّف الكتاب حول ردِّ قصص القرآن ولفظه إلى مصادر يهوديَّة، يعتمد على فرضيَّات علميَّة غير موثوقة، وعلى تشابهات سطحيَّة بين النصِّ القرآنيّ ونصوص دينيَّة يهوديَّة أخرى، على الرغم من احتفاظ النصِّ القرآنيّ بخصوصيَّته واختلاف مضامينه؛ سواء على مستوى الغرض، أو حتَّى السياق.

لائحة المصادر والمراجع

القرآن الكريم.

الباش، حسن: القرآن والتوراة أين يتَّفقان وأين يفترقان؟، دمشق، دار قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع، لا ت، ج1.

البهنسي، أحمد صلاح: «الترجمات العبريَّة لمعاني القرآن الكريم -التاريخ، والأهداف، والإشكاليَّات»، بحث منشور في كتاب المؤتمر العالميّ للقرآن الكريم، جامعة أفريقيا العالميَّة الإسلاميَّة، السودان، ديسمبر 2011، الكتاب الأوَّل.

البهنسي، أحمد صلاح: «الاستشراق الإسرائيليّ -الإشكاليَّة، السمات، والأهداف-»، مجلَّة الدراسات الشرقيَّة، العدد 37، 2007م.

البهي، محمَّد: الفكر الإسلاميّ الحديث وصلته بالاستعمار الغربيّ، ط6، بيروت، دار الفكر، 1973م.

التهامي، نقره: القرآن والمستشرقون -في مناهج المستشرقين في الدراسات العربيَّة والإسلاميَّة-، الكويت، المنظَّمة العربيَّة للتربية والثقافة والعلوم، 1985م، ج1.

حسن، محمَّد خليفة: «المدرسة اليهوديَّة في الاستشراق»، مجلَّة رسالة المشرق، المجلَّد 12، الأعداد 1-4، القاهرة 2003م.

حسن، محمَّد خليفة: تاريخ الأديان -دراسة وصفيَّة مقارنة-، لا ط، القاهرة، دار الثقافة العربيَّة، 1996م.

حنفي، حسن: التراث والتجديد -موقفنا من التراث القديم-، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصريَّة، لات.

صفية، وحيد أحمد: الألفاظ القرآنيَّة التي قيل بأعجميّتها -دراسة مقارنة في ضوء اللغات الساميَّة-، رسالة دكتوراه (غير منشورة)، جامعة عين شمس، كلِّيَّة الآداب، 2002.

كمال، يحيى: الإبدال في ضوء اللغات الساميَّة -دراسة مقارنة-، لا ط، بيروت، لا ن، 1980م.

مغلي، محمَّد بشير: مناهج البحث في الإسلامَّيات لدى المستشرقين وعلماء الغرب، الرياض، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلاميَّة، 2002م.

هويدي، أحمد محمود: «الردّ على شبهات المستشرق اليهوديّ أبراهام جايجر حول قصص الأنبياء في القرآن الكريم»، مجلَّة كلِّيَّة الآداب، جامعة القاهرة، المجلَّد 60، العدد 4، أكتوبر 2000.

هيكل، أحمد الشحات: «الترجمات العبريَّة لمعاني القرآن الكريم -أهداف سياسيَّة ودينيَّة-»، مجلَّة القدس، العدد 94، أكتوبر 2006م.

لائحة المصادر بالأجنبيّة

Abraham Katsh. Judaism in Islam; New York University Press; USA; 1954.

Arthur Jeffery; The Foreign Vocabulary Of The Qur’an; Oriental Institute;Baroda; 1938.

Wilhelm Gesenius‏;A Hebrew and English Lexicon of the Old Testament; Clarendon Press, Oxford; first edition 1906.

لائحة المراجع بالعبريّة

א.שלוםזאוי: מקורותיהודײםבקוראן: הוצאתדביר: ירושלים 1983: עמ׳.

المواقع الإلكترونيّة

1. www.nikibar.com/news/rabbin-zaoui-hommage.html

 . 2www.nikibar.com/news/rabbin-zaoui-hommage.html

. 3 www.nikibar.com/news/rabbin-zaoui-hommage.htm

------------------------------

[1]*- باحث متخصِّص في الاستشراق الإسرائيليّ، من مصر.

[2]- حسن، محمَّد خليفة: «المدرسة اليهوديَّة في الاستشراق»، مجلَّة رسالة المشرق، المجلَّد 12، الأعداد 1-4، القاهرة 2003م، ص45-60.

[3]- م.ن، ص45.

[4]- البهنسي، أحمد صلاح: «الاستشراق الإسرائيليّ -الإشكاليَّة، السمات، والأهداف-»، مجلَّة الدراسات الشرقيَّة، العدد 37، 2007م، ص470.

[5]- هي الترجمة الثانية من الترجمات العبريَّة الكاملة والمطبوعة لمعاني القرآن الكريم. صدرت عن دار نشر «دافير» التي كانت تتبع المستوطنين اليهود في يافا شمال فلسطين عام 1936م، وقام بها المستشرق اليهوديّ»يوسف يوئيل ريفلين»، وجاءت تحت عنوان «אלקוראן - תרגוםמערבית» (القرآن: ترجمة من العربيَّة)، (انظر: البهنسي، أحمد صلاح: «الترجمات العبريَّة لمعاني القرآن الكريم-التاريخ، والأهداف، والإشكاليَّات-»، بحث منشور في كتاب المؤتمر العالميّ للقرآن الكريم، جامعة أفريقيا العالميَّة الإسلاميَّة، السودان، ديسمبر 2011، الكتاب الأوَّل، ص15).

[6]- البهنسي،»الترجمات العبريَّة لمعاني القرآن الكريم - التاريخ، والأهداف، والإشكاليَّات-»،م.س، ص15-16.

[7]- א.שלוםזאוי: מקורותיהודײםבקוראן: הוצאתדביר: ירושלים 1983: עמ׳ 26.

[8]- إجنتس جولدتسيهر (1850-1921م)  IgnazGoldziher : مستشرق يهوديّ من أصل مجريّ، يُعدُّ عمدة المستشرقين اليهود في التاريخ الحديث، بل يُعدُّ أهمّ مستشرق ظهر في الغرب خلال القرون الثلاثة الأخيرة، وهو المسؤول عن إحياء الاهتمام اليهوديّ بالدراسات الإسلاميَّة والعربيَّة في العصر الحديث، وهو الذي وضع قاعدة الدراسات الإسلاميَّة وأسَّسها بالنسبة إلى الاستشراق الحديث على وجه العموم، وأعماله في مجال الدراسات الإسلاميَّة لا يستغني عنها مستشرق (انظر: التهامي، نقره: القرآن والمستشرقون -في مناهج المستشرقين في الدراسات العربيَّة والإسلاميَّة-، الكويت، المنظَّمة العربيَّة للتربية والثقافة والعلوم، 1985م، ج1، ص46-47).

[9]- أبراهام إسحق كاتش (1998-1908م) Abraham Katsh: يُعدُّ واحدًا من أهمّ الباحثين في مجال الوثائق التاريخيَّة اليهوديَّة، ولد في بولندا وهاجر إلى الولايات المتَّحدة عام 1952م، وحصل من جامعة نيويورك على درجات علميَّة مختلفة في الرياضيّات والقانون، كما أنَّه درَّس في الجامعة اللغة العبريَّة لأوَّل مرَّة في تاريخ هذه الجامعة انظر:

Abraham Katsh. Judaism in Islam; New York University Press; USA; 1954;PP1-2.

[10]- שלוםזאוי:שם، ע?מ 30-14.

[11]- שם، ע?מ15.

[12]- שם، 16.

[13]- שלוםזאוי:שם، ע?מ 59.

[14]- قام بهذه الترجمة الدكتور أهارون بن شيمش، وصدرت الطبعة الأولى منها عام 1971م، تحت عنوان «הקוראןהקדושתרגוםחופשי» (القرآن المقدَّس...ترجمة حرَّة) (انظر: البهنسي، «الترجمات العبريَّة لمعاني القرآن الكريم -التاريخ، والأهداف، والإشكاليَّات-»،م.س، ص16-17).

[15]- انظر: قائمة المراجع للكتاب، ص259.

[16]- هيكل، أحمد الشحات: «الترجمات العبريَّة لمعاني القرآن الكريم-أهداف سياسيَّة ودينيَّة-»، مجلَّة القدس، العدد 94، أكتوبر 2006م، ص87.

[17]- انظر الرابط الإلكترونيّ: www.nikibar.com/news/rabbin-zaoui-hommage.html

[18]- انظر الرابط الإلكترونيّ: www.nikibar.com/news/rabbin-zaoui-hommage.html

[19]- انظر الرابط الإلكترونيّ: www.nikibar.com/news/rabbin-zaoui-hommage.html

[20]- انظر: قائمة مراجع الكتاب، ص259-261.

[21]- أبراهام جايجر: مستشرق وحاخام يهوديّ ألمانيّ (1810م-1874م)، له عدَّة مؤلَّفات في الدراسات اليهوديَّة والقرآنيَّة؛ من أشهرها: ماذا أخذ محمَّد من اليهوديَّة؟ ( ?Was hat Mohammed ausdemJudenthumeaufgenommen) الذي شارك به في مسابقة في كلِّيَّة الفلسفة في بون سنة 1832م، ثمّ ترجم إلى الألمانيَّة ليكون أطروحة دكتوراه في ماربورغ سنة 1834م. (انظر: هويدي، أحمد محمود: «الردّ على شبهات المستشرق اليهوديّ أبراهام جايجر حول قصص الأنبياء في القرآن الكريم»، مجلَّة كلِّيَّة الآداب، جامعة القاهرة، المجلَّد 60، العدد 4، أكتوبر 2000، ص123-124).

[22]- انظر: قائمة المراجع للكتاب، ص259-261.

[23]- البهنسي،»الاستشراق الإسرائيليّ-الإشكاليَّة، السمات، الأهداف-»، م.س، ص477.

[24]- مغلي، محمَّد بشير: مناهج البحث في الإسلامَّيات لدى المستشرقين وعلماء الغرب، الرياض، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلاميَّة، 2002م، ص97-101.

[25]- שלוםזאוי:שם، עמ 25.

[26]- שם، עמ 44.

[27]- שם، עמ 63.

[28]- حنفي، حسن: التراث والتجديد-موقفنا من التراث القديم-، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصريَّة، لا ت، ص78.

[29]- مغلي، مناهج البحث في الإسلامَّيات لدى المستشرقين وعلماء الغرب، م.س، ص97-101.

[30]- שלוםזאוי:שם، עמ 14.

[31]- حنفي، التراث والتجديد-موقفنا من التراث القديم-، م.س، ص80.

[32]- م.ن، ص81.

[33]- مغلي، مناهج البحث في الإسلاميَّات لدى المستشرقين وعلماء الغرب، م.س، ص97-101.

[34]- حسن، محمَّد خليفة: تاريخ الأديان -دراسة وصفيَّة مقارنة-، لا ط، القاهرة، دار الثقافة العربيَّة، 1996م، ص253.

[35]- حسن، تاريخ الأديان -دراسة وصفيَّة مقارنة-، م.س، ص256.

[36]- البهي، محمَّد: الفكر الإسلاميّ الحديث وصلته بالاستعمار الغربيّ، ط6، بيروت، دار الفكر، 1973م، ص596.

[37]- حسن، تاريخ الأديان -دراسة وصفيَّة مقارنة-، م.س، ص112-125.

[38]- حسن، تاريخ الأديان -دراسة وصفيَّة مقارنة-، م.س، ص238-266.

[39]- שלוםזאוי:שם:עמ9.

[40]- البهنسي، «الاستشراق الإسرائيليّ -الإشكاليَّة، السمات والأهداف-»، م.س، ص471.

[41]- م.ن، ص472.

[42]- שלוםזאוי:שם، עמ.47-48

[43]- שלוםזאוי:שם، עמ 82.

[44]-  سورة المائدة، الآية 31.

[45]- سورة المائدة، الآية28.

[46]- الباش، حسن: القرآن والتوراة أين يتَّفقان وأين يفترقان؟، دمشق، دار قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع، لا ت، ج1، ص95.

[47]- שלוםזאוי:שם، עמ 63.

[48]- Arthur Jeffery; The Foreign Vocabulary Of The Qur’an; Oriental Institute;Baroda; 1938; pp174.

[49]- Ibid; p 170.

[50]- كمال، يحيى: الإبدال في ضوء اللغات الساميَّة-دراسة مقارنة-، لا ط، بيروت، لا ن، 1980م، ص214.

[51]- صفية، وحيد أحمد: الألفاظ القرآنيَّة التي قيل بأعجميّتها-دراسة مقارنة في ضوء اللغات الساميَّة-، رسالة دكتوراه (غير منشورة)، جامعة عين شمس، كلِّيَّة الآداب، 2002، ص107-108.

[52]- שלוםזאוי:שם، ע?מ 58.

[53]- Heinrich Friedrich Wilhelm Gesenius (1842-1786م): مستشرق ألمانيّ، درس منذ العام 1803 الفلسفة واللاهوت في جامعة هيلمستيدت، وعمل محاضرًا في عدَّة جامعات ألمانيَّة في جوتنجين وإكستروردينريوس وهال. ويُرْجِع كثيرٌ من الباحثين والمتخصِّصين له الفضل في إخراج فقه اللغات الساميَّة من عوائق التحيُّز الدينيَّة واللاهوتيَّة، وابتكار علم اللغات الساميَّة المقارنة.
(انظر: en.wikipedia.org/wiki/Wilhelm_Gesenius).

[54]- Wilhelm Gesenius;A Hebrew and English Lexicon of the Old Testament; Clarendon Press, Oxford; first edition 1906; pp 829- 832.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف