البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

March / 23 / 2016  |  1897تاريخ السعودية المريب مع الإسلام المتطرف

ياسين فواز - Yassin Fawaz موقع فوربس - Forbes كانون الأول 2015 - December 2015
تاريخ السعودية المريب مع الإسلام المتطرف

التحرير: ليس بإمكان السلاح مهما كان متطوراً أن يقضي على «داعش» إذا بقيت أفكاره، والجهة الوحيدة التي يجب أن تتصدى لداعش هي السعودية التي تشكّل توأمه الأيديولوجي، الجيّد في المقالة أنها تلفت النظر إلى القواسم المشتركة بين داعش والسعودية، أما دعوة السعودية لمواجهة داعش فكرياً فهي في الواقع دعوة المملكة الوهابية لإلغاء ذاتها.


عندما أخبر الرئيس باراك أوباما الشعب الأميركي يوم الإثنين «أنها مسؤولية المسلمين حول العالم أن يجتثوا الأفكار المغلوطة التي تقود إلى التطرف» كان يدلي بما يفترض أن يكون جليًّا : لا يمكن للأميركيين والأوروبيين أن يفصلوا الإسلام عن الأيديولوجية المسمومة التي تختلط جذورها داخل الإيمان.

يمكن للولايات المتحدة وفرنسا وروسيا أن يُمطروا سماء سوريا والعراق بما شاؤوا من القنابل ولكنهم لن يتمكنوا من هزيمة الدولة الإسلامية عبر تدمير البُنى والآليات.

في حال رغبوا بذلك، فإنهم قادرون على إرسال آلاف القوات العسكرية والمسلحة بأثقل أنواع السلاح من أجل أن يحتلوا كلا البلدين وأن يمسحوا قوات داعش ومن ثم أن يبقوا هناك من أجل الحفاظ على الأمن. ومع ذلك فإن النتيجة لن تكون القضاء على داعش. يمكن لأتباعها ببساطة أن يختفوا تحت الأرض ويترقبوا الوقت.

تظهر في الأصوات العالية التي طالبت بُعيد الهجمات الدامية على باريس بتشديد العمليات العسكرية نفحةٌ تاريخيةٌ بسيطة. أرسلت الولايات المتحدة ما يزيد عن نصف مليون جندي إلى فيتنام ومع ذلك لم تحقّق أي انتصار. أُجبر الاتحاد السوفياتي على الانسحاب من أفغانستان. لم تحافظ فرنسا على قبضتها على الجزائر. يجب أن نكون قد تعلمنا أنه لا يمكن لقوى الغرب أن تفرض رغبتها دائمًا وعبر القوة على الحركات المتمردة التي يلتزم مناصروها بالتزامات أيديولوجية طويلة الأمد.

يجب على المسلمين السنة تدمير داعش

في حال أردنا استئصال داعش من العالم الإسلامي، يتوجب على السُّنة القيام بهذه المهمة ولا يتوجب ذلك على الفاعلين الخارجيين. بل يُفترض بالراعين لهم والمتعاطفين معهم، الذين هم من الخليجيين بصورة مبدئية، اتخاذ خطوات جدّية وفاعلة لاجتثاث الأفكار والمعتقدات التي تشكّل أُسس الدولة الإسلامية. لا شكّ بأن هذه المهمة لن تكون بالسهلة ولا سيّما على السعودية التي تكلفت عقدين من الزمن ومليارات الدولارات من أجل أن تنشر في العالم أجمع نسخةً عن الإسلام تتشابه بشكل ٍ مُريب مع إسلام الدولة الإسلامية.

من الصعب مجاراة ريتشارد بولييت من جامعة كاليفورنيا والذي كتب: «يواجه الملك سلمان خيارًا صعبًا. هل يقوم بما يأمله منه الرئيس أوباما وهيلاري كلنتون والعديد من المرشحين الجمهوريين، أي قيادة تحالف سنّي بمواجهة الدولة الإسلامية؟ أو هل يستمر في تجاهل سوريا والهجوم على الشيعة في اليمن والسماح لأدواته في استثمار الأموال والأنفس في حرب الخلافة الداعشية ضد الشيعة». ثم يتنبأ بالقول: « بعد خمس سنوات من الآن، السعودية؛ إما أن تهزم داعشاً أو أن تتحول هي نفسها إلى الدولة الإسلامية ».

قال الملك سلمان وغيره من المسؤولين السعوديين ما يلزم عن فظائع داعش، ولفترة زمنية محدودة شاركت الطائرات الحربية السعودية في التحالف الدولي واستهداف مواقع داعش بالضربات الجوية. ولكن بعد ذلك قامت السعودية بتحويل طائراتها صوب اليمن والحرب عليها – وهي حرب ضدّ الشيعة في حين أن الحرب ضدّ داعش هي حرب ضدّ السُّنة.

المعضلة الأيديولوجية السعودية

يمكننا إرجاع هذه المعضلة الأيديولوجية للمملكة العربية السعودية إلى تشرين الثاني 1979، عندما قامت مجموعة من المرتدين السعوديين المسلحين بالسيطرة على المسجد الكبير في مكة المكرمة تحت تهديد السلاح وأبقته تحت قبضتها لمدة أيامٍ في مقابل جهود غير مُجدية قامت بها قوات الأمن السعودية لاستعادة السيطرة عليه. واتهم المتمردون النظام السعودي بأنه غير ديني: بل خضع للغرب والليبرالية والأفكار غير الإسلامية. في حين أعلن أن واحداً منهم هو المهدي، الشخص الذي يتبع الخطّ المستقيم والذي يُعيد الإيمان الحقيقي.

في النهاية مات المتمردون جميعهم، ولكن أفكارهم سادت. وثمة قول مأثور وقديم في المنطقة: خسروا المعركة ولكن من نواح ٍ كثيرة ربحوا الحرب. كانت صدمة الحكام السعوديين كبيرةً لدرجة أنهم عملوا على تلميع صورتهم الدينية من خلال تنفيذ العديد من مطالب المتمردين. فأحكموا الوثاق على الممارسات الاجتماعية، وأوقفوا إظهار النساء غير المحجبات على التلفزيون، وأطلقوا العنان للمطاوعة لفرض قواعد صارمة على السلوك العام. وأحجموا عن التسامح الذي لطالما اعتمدوه في التغاضي عن الممارسات الدينية شبه السرية للعمال الأجانب. وأكثر من ذلك، قاموا بضخّ المليارات من البترودولار في سبيل نشر عقيدتهم الإسلامية، التي أرساها محمد بن عبد الوهاب، الداعية الذي عاش في القرن الثامن عشر والذي نادى بتطهير الإسلام من التأثيرات الغريبة وتجنّب الاتصال مع غير المؤمنين.

أوفد السعوديون، من غرب أفريقيا إلى جنوب آسيا، الأئمة للتبشير بهذه النسخة الصارمة عن الإيمان؛ أرسلوا الكتب المدرسية وموّلوا المدارس الدينية ودفعوا لبناء المساجد. هذه التعاليم الدينية، بطبيعة الحال، لم تطلب من المسلمين أن يتوجهوا إلى أوروبا ليقتلوا الأبرياء. لكنها أكدّت أن على الإسلام في جميع أنحاء العالم أن يدافع عن نفسه ضدّ أعدائه المتعنتين من «الصليبيين». وما يقوم به الغرب من تفجيرات ضد داعش يعزّز هذه الفكرة.

العمليات العسكرية لا تتفوق على معتقدات داعش

عادت تلك الأيديولوجية لتقضّ مضجع المملكة العربية السعودية عندما عاد أسامة بن لادن ومواطنوه المنتمون إلى تنظيم القاعدة من الحرب ضدّ السوفيات في أفغانستان وهاجموا النظام السعودي ـ الذي ارتكب في نظرهم ذنباً لا يغتفر من خلال السماح لنصف مليون جندي غير مسلم، بقيادة الأميركيين، باستخدام المملكة العربية السعودية كقاعدةٍ لمهاجمة مسلمي العراق في عملية عاصفة الصحراء.

بات النظام السعودي اليوم يصوّر نفسه، تقوده غريزة الدفاع عن النفس، على أنه عدوٌّ قويٌّ في وجه هذا النوع من التطرف الذي تمثّله القاعدة وداعش. لكن الأفكار التي عمل على نشرها قد تأصلت جذورها لدى كثير من المسلمين المحبطين الذين سُلبت حقوقهم منهم – أولئك الذين يعتقدون أنهم إذا ما فرضوا رؤيتهم القاضية بتطهير الإسلام ليعود إلى الممارسة التي سادت في عهد النبي محمدn، أي عالم مطهّر من الزنادقة والمرتدين من أمثال الشيعة، فإنهم سيتمكنون من تحقيق السلام والازدهار وفقًا لشريعة اللّه.

لا يمكن لأي قدرٍ من الأسلحة أن يتغلب على هذا الاعتقاد الراسخ لدى نسبة صغيرة من المسلمين الذين يتعاطفون مع تكتيكات داعش. وحدهم السعوديون وحلفاؤهم في الإمارات العربية المتحدة والكويت قادرون على فعل ذلك.

هل يمكن للسعوديين أن يقودوا هذا الجهد من دون التبرؤ من الإيمان الذي روّجوا له على مدى الجيل الماضي؟.

------------------------------

ياسين فواز : خبير أمريكي في العلاقات الدولية يكتب في صحيفة هوفينغتون.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف