البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

July / 21 / 2016  |  1970استراتيجية جديدة : شيطنة إيران في نظر الشيعة

حيدر محمد الكعبي المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية تموز 2016
استراتيجية جديدة : شيطنة إيران في نظر الشيعة

في اطار التصعيد الذي تشنّه السعودية ضد ايران، تظهر في افق الاعلام السعودي مؤشرات تنبئ بانتقال الحرب التي أعلنتها المملكة ضد الجمهورية الاسلامية الى مستوى جديد، وعلى الرغم من ان بعض ملامح هذا المستوى من الحرب قد ظهرت بواكيره في مدة أسبق، إلا أنه بات يتخذ طابعاً اكثر عمقاً وجرأة، لدرجة أن السعودية أخذت تجرؤ حتى على تغيير وقائع التاريخ من أجل قلب جمهور الشيعة ضدها في النهاية.


لا تكاد تخلو اهم مراكز الدراسات والمواقع والصحف السعودية من التركيز على محاور تشكل في صميمها تحديات من نوع جديد، تتجاوز الاتهامات السياسية التي اعتدنا سماعها من الطرف السعودي ضد الجمهورية الاسلامية، مما ينبئ بانها حرب اعلامية لا يبعد ان تكون متّسقة مع اسلوب امريكي جديد يخفف من حربه الخشنة ضد ايران ويعمل على مناغمة تيارات معارضة للنظام الايراني الحالي، واستقطاب التعاطف الشعبي نحو التوجهات الغربية الفكرية والثقافية لاضعاف الثورة الاسلامية وتيارها المعروف.

التطرف الاسلامي صناعة ايرانية

احد اهم المحاور الجديدة التي تركز عليها الماكنة الاعلامية والسياسية السعودية في هذه الحرب هو: اتهام ايران بوصفها المصدر الاساس لحركات الارهاب الاسلامي في العالم.

وكمثال على ذلك نقرأ في صحيفة الشرق الاوسط السعودية مقالاً للكاتب عبد الله العتيبي يقول فيه: (لقد ثبت اليوم أن علاقة إيران بتنظيم القاعدة عميقة ومتشعبةٌ ومثبتةٌ بالحقائق والوثائق، وهي علاقة مهدت لها العلاقة الطويلة بين جناحي الإسلام السياسي السني والشيعي، والتي بدأت منذ حسن البنا في الأربعينات من القرن الماضي، وتطورت لاحقًا وصولاً إلى الواقع المعيش اليوم... أسامة بن لادن على وعي بهذه العلاقة مع إيران، وقيادات تنظيمه كذلك، والوثائق التي نشرت قبل فترة والتي أخذت من مقر بن لادن الذي قتل فيه، تثبت ذلك بما لا يدع مجالاً للشك، ومن قبل كانت قيادات «القاعدة» يجدون ملجأ مطمئنًا في إيران من أبناء بن لادن نفسه وعائلته وقيادات مثل سيف العدل وأبو منصور الموريتاني وسعد بن لادن وغيرهم... وما تنظيم داعش الإرهابي إلى أداةٌ في المشروع الإيراني، يستخدمها ما شاء أن يستخدمها، ويلفظها متى شاء أن يلفظها كأي عميلٍ رخيصٍ يخدم أعداء وطنه وشعبه، وعلاقة «داعش» بنظام الأسد التابع لإيران أشهر من أن يدلل عليها، والشهادات الميدانية لقيادات المعارضة السورية ولنشاط «داعش» القتالي في سوريا لا تدع مجالاً للشك في عمالة التنظيم لإيران)[1].

وعلى ذات المنوال، يلصق الاعلام السعودي التهمة بايران في صناعة التطرف العالمي بالاعتماد على دعوى تعاونها الخفي مع الغرب، هذا التعاون الذي طالما أكد عليه الاعلام السعودي سابقا، لكن الجديد هو جعل هذا التعاون سبباً لولادة الارهاب الاسلامي بحسب الترويج السعودي.

وفي هذا الصدد كتب فضل بن سعد البوعينين في صحيفة الجزيرة السعودية قائلا: (بالرغم من أهمية المعلومات التي قدمها الداعشي القادم من سوريا علي عمر الملقب بـ«أبو تراب» لأجهزة الأمن الكويتية والتي أكد فيها أن تنظيم «داعش» على علاقة جيدة بالنظام السوري والاستخبارات الإيرانية، وأنه حضر شخصياً اجتماعات تنسيقية مع جهات تمثل نظام الأسد ومخابرات طهران؛ فهي تبقى ضمن المعلومات المتداولة وإن جاهد صانعوا التنظيم لنفيها. فتنظيم داعش ما هو إلا تنظيم استخباراتي اتخذ من الدين مطيّة لتحقيق أهدافه الاستراتيجية التي رسمتها الاستخبارات الغربية بعناية، وأوكلت أمر تنفيذها إلى دول مارقة يفترض أن تكون على رأس قائمة الإرهاب الدولي. أهمية شهادة «أبوتراب» أنها أتت بمعلومات داخلية موثّقة عن دور إيران وسوريا وأجهزة استخبارات غربية في التنظيم... لم يعد خافيا أن التنظيمات الإرهابية التي ترعاها إيران وفي مقدمتها «داعش» و"حزب الله" تحصل على حصانة غربية لأهداف استراتيجية طالما ضبطت أنشطتها في محيط الدول العربية المستهدفة)[2].

كما استغل الاعلام السعودي العملية الارهابية التي حدثت في المدينة المنورة بتاريخ 4/7/2016 كفرصة للتأكيد على أن داعش والارهاب العالمي عموما هو صناعة ايرانية لتحقيق اجندتها الخاصة في الشرق الاوسط على الرغم من ادانتها الرسمية لهذا العمل، ووضع الكتاب والمحللون السعوديون ومن يدور في فلكهم نظريات عدة لهذا الغرض[3].

ولا ريب أن تأتي هذه الحملة متّسقة مع ما طُرح في مؤتمر المعارضة الايراني السنوي الذي عقد في باريس خلال شهر تموز/2016 مفاده: ان اول من أسس لحركات الاسلام المتطرف هو ايران بإعلانها الثورة الاسلامية التي تعلن العداء السياسي والعسكري ضد الكيان الصهيوني وحلفائه في المنطقة.

ان ما يروج إليه الاعلام السعودي اليوم بكثافة يشكل خطوة جريئة تقفز على حقيقة واضحة اليوم يمكن ان تكون غائمة غداً.. حقيقة أن السعودية هي منبع التطرّف الذي زرع نواة الارهاب العالمي منذ طالبان والقاعدة، مروراً بجماعة التوحيد والجهاد، وانتهاء بجبهة النصرة وداعش.

تهييج الداخل الايراني ضد نظامه

بعد ان وجدت السعودية ان دعم التهديد الخارجي ضد ايران لم يحقق النتائج التي ترجوها في اضعاف الجمهورية الاسلامية، باتت تراهن على تقويضها من الداخل، من خلال خلق فجوة بين الشعب والحكومة والعمل على تعميقها، بدعوى نيل الحرية للشعب الايراني وتحقيق الرفاه واللحاق بالركب العالمي.

لذا كتب الدكتور عبد العزيز محمد قاسم في صحيفة كل الوطن السعودية قائلا: (الأهم برأيي الآن، الخطوة التالية في إدخال بعض دول الخليج في موضوع دعم المعارضة الإيرانية بكافة فصائلها، وتوحيد وجهات نظرها، ومن المهم أن تحظى هذه الخطوات بحملات إعلامية مركزة، وقد أشدت بتغطية قناة “العربية” المميز للمؤتمر في تغريدة بموقعي على “تويتر”، وكم أتمنى أن تخطو باقي القنوات العربية المؤثرة كـ”الجزيرة” ذات الحظوة، فسلاح الإعلام هو الذي نعوّل عليه في التأثير على المثقفين و“البازار” والأكاديميين والداخل الإيراني، وإبراز فكر وعمل المعارضة الإيرانية في تخليص الشعب الإيراني من النظام الثيوقراطي الذي يرزح تحته منذ أربعة عقود.. إشغال إيران بداخلها، هو الحل الأمثل والأبسط والأقوى لتفكيك نظام الملالي، وكفّ شرورهم عن المنطقة)[4].

وعلى هذا الاساس نجد انه ولأول مرة في التاريخ يحضر رئيس المخابرات السعودي السابق (تركي الفيصل)[5] في المؤتمر السنوي الذي تقيمه المعارضة الايرانية في باريس وبحضور مكثّف من شخصيات دولية واقليمية مع دعم لوجستي كبير تفوح منه رائحة الريال السعودي.

صحيح أن قوة (مجاهدي خلق) التي تمثل محور المعارضة الايرانية قد خبت كثيراً مقارنةً بالسابق، إلا أن المراهنة عليه اليوم لا تقوم على مبدأ نشاطه في الخارج بقدر جعله كواجهة لتثوير المعارضة الداخلية وتوفير الدعم المعنوي لها لغرض التصعيد، من خلال تصوير أن لهم ممثلين اقوياء في الخارج يستطيعون استقطاب التعاطف الدولي معهم وتوفير المساعدة لهم اذا ما قرروا النزول الى الشوارع، وقد أشارت الى ذلك جريدة الاتحاد الاماراتية قائلة: (ان المعارضين المنظمين بالخارج والذين يزيدون على المليون شاب وفتاة يتفقون على أنهم يستطيعون التأثير ليس عن طريق التوجه إلى الداخل الإيراني فقط، بل ومن طريق تنبيه العالم إلى الطبيعة الوحشية للنظام وعدم التعامل معه كأنما هو دولة عادية)[6].

ولا يفوتنا ان نذكر بأن تراجع الحالة الاقتصادية بالنسبة لشرائح عدة من الشعب الايراني تمثل الورقة الاكثر قوة التي تلعب بها السعوديون وحلفائهم في تهييج الداخل الايراني ضد نظامه[7].

تغير نبرة الخطاب الموجّه للشيعة العرب

بعد أن كان الاعلام السعودي- في الغالب- ينعت الشيعة ككل بـ"الصفويون" او "الرافضة"، صرنا نرصد بعض التغيرات في نبرته هذه، إذ اخذ يميز الشيعة الايرانيين عن الشيعة العرب، ويدعو الى احتواء هؤلاء واعادتهم الى حضن الدول العربية، وتصوير النظام الايراني على انه يستغلهم لضمان تمدّده، ليتجاهل الاعلام السعودي بذلك حقيقة ان الدعم الايراني السياسي والعسكري للشيعة العرب جاء إثر سطوة الاضطهاد والارهاب الذي تعرضوا اليه الشيعة في البلدان العربية ابتداءً من الجماعات المتطرفة المدعومة من دول الخليج، وبخاصة في مرحلة ما بعد سقوط النظام البعثي في العراق.

وكمثال على ما تقدم يقول الكاتب سعد بن طفلة العجمي: (“التشيّع لنا” عنوان مقالة كتبتها قبل عقد من الزمان، أرى فيها أن منبع طائفتي الشيعة والسنة من المسلمين هو المنطقة العربية وليس إيران، بل بالعراق والشام تحديدا، حيث بدأ الصراع على السلطة بين دمشق وبغداد بالقرن الأول للهجرة بين بني هاشم وبني أمية من قبيلة قريش، وأخذ صيغا دينية لتبرير المطالبة بالخلافة ومآلها، واستمر هذا الصراع بأشكال مذهبية مختلفة حتى يومنا هذا، وهو ما استغلته وتستغله إيران للاختراق بالمنطقة العربية، وأجادل دوما بأن إلصاق التشيع بإيران حصرا هو عين الغباء السياسي، فهو ما تستهدفه طهران تحديدا وهو تسليم أهم ورقة في مناهضة الطائفية، أي ورقة الشمولية وعدم الإقصاء؛ لطمأنة الجميع بعروبة المنطقة، ولإثبات أن نوايا إيران فارسية وليست إسلامية، وإنْ صبغتها بصبغة شيعية)[8].

كما يمكن ان تكون اثارة مثل هذا اللون من الخطاب محاولة لتفادي الاشتعال الطائفي داخل دول الخليج، وبالذات السعودية التي لديها طائفة لا يستهان بها من الشيعة تتمركز في منطقتها الشرقية.

تشويه صورة حزب الله اقليمياً

تعلم السعودية ومن ورائها أن الذراع الأبرز لإيران حالياً هو حزب الله اللبناني، الذي تمكن من أن يستقطب اهتماماً دولياً من الاعداء والاصدقاء على حدٍ سواء، واستطاع من خلال مقاومته للكيان الاسرائيلي أن يقف في مصاف الحكومات التي يُحسب لها حساب في الشرق الاوسط.

لذلك، وفي اطار حملتها المكثّفة ضد ايران، ركزت السعودية على استهداف حزب الله واضعاف قدراته جهد الامكان على أكثر من صعيد.

فإعلاميا: قامت بنشر إشاعات على نحو واسع حول حجم الخسائر البشرية والمادية التي تعرّض اليها الحزب بسبب تدخله في الحرب السورية، بعدها قامت بالضغط على مصر لإيقاف بث قناة المنار – الجناح الاعلامي الخاص بحزب الله- عن البث على قمر "نايل سات" في شهر نيسان من هذا العام بعد أن اوقفت بثها على القمر عرب سات في وقت سابق[9].

ودبلوماسيا: عمدت السعودية على قطع المساعدات التي كانت توفرها للحكومة اللبنانية ابتداء من الشهر الثاني من هذا العام، ثم استصدرت قراراً في مجلس التعاون الخليجي باعتبار حزب الله منظمة ارهابية بتاريخ 2/3/2016، تبعه قرار مشابه لمجلس وزراء الخارجية العرب، واخيرا اصدرت الجامعة العربية القرار ذاته في اجتماعها بتاريخ 11/3/2016، علماً أن السعودية قد حاولت دفع مجلس الامن الدولي لإصدار قرار مشابه بعد ذلك، ولكن المحاولة أًحبطت في مهدها بتصدي روسيا والصين وتجاهلها من قبل الولايات المتحدة[10].

هذا ولم تكف الماكنة الاعلامية السعودية ومن يدور في فلكها من الدول العربية عن التأكيد على أن حزب الله قد تراجعت شعبيته في الدول العربية، وانه تعرض الى انتكاسات متكررة غير قابلة للشفاء، وكل ذلك بهدف تشويه صورته أمام انظار مؤيديه من الشيعة وغيرهم من العرب المناهضين للصهيونية، باعتباره الجهة العربية الوحيدة التي تتبنى بقوة مقاومة المشروع الصهيوني ويردع الآلة العسكرية الاسرائيلية، وهذا التشويه سيستدعي بطبيعة الحال اضعاف القاعدة الشعبية التي يستند اليها حزب الله – بخاصة في لبنان- تمهيداً لوأد دوره الاقليمي الفاعل في المنطقة.

-----------------------------------

[1] مقال تحت عنوان («داعش».. «قرامطة» إيران) بتاريخ 10/7/2016

[2] مقال بعنوان (إرهاب داعش وإيران والحصانة الغربية) نشر بتاريخ 12/7/ 2016 في صحيفة الجزيرة السعودية

[3] ينظر تقرير بعنوان (خبراء أمنيون لـ المدينة: طهران وداعش والحوثي ثالوث الشر المسؤول عن الإرهاب) نشرته صحيفة المدينة السعودية بتاريخ 12/7/2016

[4] مقال بعنوان (تركي الفيصل وإشغال إيران بداخلها) بتاريخ 11/7/2016

[5] كانت لتركي الفيصل خطبة طويلة في المؤتمر، ابرز ما فيها جملته التي قالها عقب هتافات الحضور (الشعب يريد اسقاط النظام) فقال: (وأنا اريد اسقاط النظام).

[6] تقرير بعنوان (الوجه الجديد للمعارضة الإيرانية) مؤرخ في 10/7/2016

[7] مقال بعنوان (الإيرانيون: الشعب يريد إسقاط النظام) نشرته صحيفة الوطن اون لاين السعودية بتاريخ 11/7/2016

[8] مقال بعنوان (الشيعة العرب بـ«الرياض») نشرته جريدة الشرق القطرية بتاريخ 14/4/2016

[9] خبر نشره موقع العربية تحت عنوان("نايل سات" توقف بث قناة "المنار" التابعة لحزب الله) بتاريخ 6/4/2016

[10] ينظر خبر بعنوان (صحيفة السفير: السعودية سعت إلى تصنيف حزب الله إرهابيا داخل مجلس الأمن) نشرته روسيا اليوم بتاريخ 15/4/2016

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف