البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

January / 8 / 2017  |  2114شهادات أمام الكونغرس، باكستان: هل هي صديقة أم عدوة في الحرب على الإرهاب؟

د. تراشيا بايكون | زلماي خليل زاد | بيل روجيو لجنة الشؤون الخارجية - Foreign Affairs Committee 12 تموز 2016 - 12 July 2016
شهادات أمام الكونغرس، باكستان: هل هي صديقة أم عدوة في الحرب على الإرهاب؟

التحرير: يتعاون ثلاثة خبراء أميركيين على تقديم شهادات أمام الكونغرس تشرح علاقة الدولة الباكستانية وجيشها بالجماعات الإرهابية. وتشير الشهادات إلى أن الإرهاب في باكستان سياسة رسمية مدعومة من الجيش ضد الهند وأفغانستان، ولكنها تخلو تماما من الإشارة إلتفصيلية إلى الإرهاب الذي تمارسه جماعات الإرهاب ضد الشيعة في الداخل، ففي معرض الحديث عن الجماعات الخيرة والجماعات الشريرة، تلمح تراشيا بايكون إلى العنف الطائفي الذي تقوم به جماعة عسكر جنجوي ولكن إشارتها لا ترقى أبدا إلى مستوى الجرائم التي تمارسها هذه الجماعة بحق الشيعة الباكستانيين. هذه الجرائم التي يشرحها بالتفصيل أندرياس ريك في كتابه عن «الشيعة في باكستان» في الفصل الأخير من هذا العدد.

الصورة كما يضعها الخبراء أمام الكونغرس الأميركي وأخطرها الصورة التي تقدمها الدكتورة تراشيا بايكون، تصل إلى حد وصف التعاون بين الجيش الباكستاني والمنظمات الإرهابية بأنه ضرورة لكلا الطرفين لا يمكن أن يجري التخلي عنها بالمدى المنظور، ما يعني أن العلاقة أصبحت بنيوية وليست تحالفا بين طرفين وانفكاكها سيهدم من الدولة ما لا يمكن للطرفين تحمله. 

بالنسبة لنا هذا يعني أن دوامة العنف ضد الشيعة ستستمر، إلا إذا أسهمت الدول والقوى الشيعية في العالم وعلى رأسها الأحزاب الشيعية الباكستانية في التخفيف من أثر ذلك التحالف الجهنمي في الوجود الشيعي في باكستان.


1- باكستان : هل هي صديقة أم عدوة في الحرب على الإرهاب؟

د. تراشيا بايكون [1]

Dr. Tricia Bacon

مساء الخير. إنه لشرف لي أن أمثل أمامكم اليوم من أجل مناقشة العلاقات التي تربط ما بين باكستان والمنظمات الإرهابية. أشكركم على هذه الفرصة التي منحتمونيها.

على خلفية الهجوم الإرهابي الذي وقع يوم الأحد بمناسبة عيد الفصح الذي راح ضحيته أكثر من 70 شخصًا في مدينة لاهور، سارع القادة العسكريين والمدنيين في باكستان إلى تكرار مطالبهم والتشديد على ضرورة الكف عن سياسة النظر بمنظارين، التي ترى في البعض من الإرهابيين صورة المكسب بينما تعتبر البعض المتبقي فقط تهديدًا للبلاد. ولكن على أرض الواقع العكس تمامًا هو ما حدث؛ إذ إن هذه السياسة التمييزية هي التي قادت إلى تنامي المقاومة في وجه التغيير والحؤول دونها. ولكن يبقى أن الأهم من هذا كله هو أن حسابات السلطة الأقوى داخل باكستان والمتمثلة في الجيش الباكستاني والتي تطبق هذه السياسات باستخدام القوة تبقى على حالها من دون أي تغيير .

وبالتالي، يبدو أنه لا يمكن لأي عمل إرهابي يحدث في باكستان ومهما تعاظم حجمه أن يكون قادرًا على أن يثني المؤسسة الأمنية في البلاد عن دعمها لما تسميه «الميليشيات الخيرة» وأن تتخلى عنها، وهي تلك الميليشيات التي ترى المؤسسة الأمنية الباكستانية فيها نقطة القوة. عوضًا عن ذلك، فإن العلاقات التي تجمع ما بين السلطات الباكستانية والجماعتين المناهضتين للهند المتمركزتين في إقليم بنجاب، عسكر طيبة وجيش محمد من جهة وبين هذه السلطات والجماعتين المتمرديتن داخل أفغانستان، شبكة حقاني وحركة طالبان الأفغانية من جهة أخرى، يبدو أنها ستظل مكوّناً أساسياً لا غنى عنه في إطار السياسات الأمنية الباكستانية الداخلية والخارجية. علمًا بأن واحداً من الأسباب الرئيسية التي بسببها لم تستطع الهجمات الإرهابية داخل باكستان أن تحمل الجيش على تغيير حساباته في وجه هذه الجماعات الأربع هو أنها في أغلب الأحيان غير ضالعة بالعنف داخل باكستان، إذ إنّها تركز جهودها  خارج البلاد، مبدئيًا في أفغانستان، أما في حال عسكر طيبة وجيش محمد فهما منخرطتان كذلك في الهند.

إن هذه العقلية تعكس لنا الحسابات الثلاثية التي تبنيها المؤسسة الأمنية الباكستانية تجاه هذه الجماعات الميليشياوية، والتي سأسلط الضوء عليها في شهادتي أمامكم اليوم.

أولاً وقبل كل شيء، فإن باكستان تنظر إلى هذه الجماعات وتحكم عليها من منظار الفائدة التي تقدمها في وجه الهند، إذ إن الفكرة والتخوف الراسخين لديها هما أن الهند لن تتخلى يومًا عن موقفها المعادي لباكستان، إلى جانب النزاع المستمر بينهما حول إقليم كشمير. إذ لا يخفى على أحد أن باكستان لا تملك لنفسها مفاصل حل معضلة النزاع الأمني مع الهند، بالتالي فإنها تبقي على هذه العلاقات التي تجمعها مع الجماعات الإرهابية التي تعارض بدورها الهند، هذه المعارضة التي بمحصلتها تعلق أفغانستان باعتبارها جزء لا يتجزأ من استراتجيتها الإقليمية. ينضوي تحت هذه لإستراتجية تقديم باكستان الدعم لكل من حركة طالبان الأفغانية وشبكة حقاني اللتين كانتا وليدتي رحم الخوف الباكستاني من التهديد الهندي والرغبة في الحؤول دون فرض الهند سيطرتها على الحدود الباكستانية الغربية. وعليه فإن المؤسسة الأمنية الباكستانية كانت قادرة على أن تروّج داخل المجتمع الباكستاني سيناريو مفاده أن الخطر الذي تشكله الهند على باكستان هو خطر وجودي، وبأن الخلاص لن يكون إلا على يدي الجيش إذ إنّه الوحيد القادر على تأمين الآمان داخل البلاد، وبالتالي فإن هذا الأمر يبرر استمرار العلاقات التي تجمع ما بين هذه المؤسسة الأمنية والجماعات الميليشياوية. وما دامت الجهود العسكرية الباكستانية الرامية إلى تحقيق التوازن مع الهند ما انفكت تفشل، وما دام الوضع الأمني في أفغانستان مستمراً في  التدهور فإن باكستان ستظل ترى مصلحتها لدى شركائها من الميليشيات.

ثانيًا، فإن المؤسسة الأمنية تقيّم تلك الجماعات الميليشياوية بالاستناد إلى مدى تأثيرها في التهديد الذي تواجهه باكستان؛ إذ إن الميليشيات التي تعرف باسم «الميليشيات الخيرة» لا تكتفي باستثناء الأراضي الباكستانية من هجماتها وحسب إنما البعض منها أيضًا، وعلى وجه الخصوص عسكر طيبة، يثني غيره من الجماعات عن القيام بالهجمات العنيفة داخل البلاد. أضف إلى ذلك أنه لا يسهو عن بال المؤسسة الأمينة أن قطع العلاقات مع هذه الجماعات إنما يقود في المحصلة إلى تكاثر الأعمال الإرهابية بصورة كبيرة داخل البلاد، ما قد يذهب أبعد من حدود المقدرة المدنية والعسكرية المحدودة للحكومة الباكستانية وبالتالي لن تتمكن من الوقوف في وجهها. وعليه فإن إدارة الظهر لهذه الجماعات الحليفة إنما يفتح الباب أمام احتمال تحويل البندقية نحو الداخل وبالتالي لا شك في أنّ التهديد الإرهابي سيتعاظم بشكل مخيف داخل باكستان.

ثالثًا،  الجيش الباكستاني يقيس مقدرته على تجريد هذه الجماعات الميليشياوية وهزيمتها، إذ لا يخفى أن باكستان لا تزال تفتقر إلى المؤسسات المدنية الضرورية، من أجل التعامل مع الإرهاب. وبالتالي فلا شك في أنّ مهمة الوقوف في وجه هذه «الميليشيات الخيرة» ستقع على عاتق الجيش. ومع ذلك فإن اعتماد المقاربة العسكرية وحدها لن يكون كافيًا قد تكون نتائجها عكسية من ناحية التعامل مع المعضلة. أما في حال عسكر طيبة وجيش محمد، فإن أي مواجهة قد تطرأ ستكون ساحتها في قلب إقليم بنجاب الخاضع للجيش وبالتالي هو قد يواجه مقاومة من داخل المؤسسة العسكرية ومن السكان في بنجاب أيضًا. أما إذا ما اختار الجيش المواجهة مع شبكة حقاني وحركة طالبان الأفغانية فإن هذا الخيار لن ينجم عنه إلا مفاقمة الوضع الأمني المتزعزع أصلاً إن داخل المنطقة القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية أو في بلوشستان بالتوازي.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في حال رغبنا في تقييم قدرات هذه الجماعات الأربع الأساسية الحليفة للجيش، إلى جانب تقييم العلاقة التي تربطهم بالمؤسسة الأمنية الباكستانية، لا بدّ لنا من أن نأتي على ذكر النمط الذي تطورت في إطاره هذه العلاقات. ففي أعوام التسعينيات كان الجيش الباكستاني يزود هذه الجماعات وغيرها من الجماعات بالمساعدة الأساسية، بما في ذلك تأمين المصادر والأسلحة والتدريب حتى الغطاء العسكري وتأمين الملاذ لهم من أجل تمكينهم من عبور الحدود، وعليه يمكن القول إنّ الجيش كان مضطلعًا إلى أبعد الحدود مع حلفائه من الجماعات الميليشياوية.

أما في ظل الضغوط التي فرضتها كل من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، فإن المؤسسة العسكرية عمدت إلى تغيير السياسة التي كانت تعتمدها في معرض تعاونها مع الحلفاء من الميليشيات، حتى إن هؤلاء الحلفاء أنفسهم قد اعتادوا هذا التغيير وألفوه. في وقتنا الحالي، وعلى حدّ علمنا فإن أهم ما تقدمه المؤسسة الأمنية لهذه الجماعات يتمثل في توفير الملاذ الآمن والحماية لها، وبصورة عامة يمكننا القول إن هذه السياسة تشكل النمط الأقل نشاطًا مقارنة بالدعم الذي كانت تقدمه في السابق. فعلى أرض الواقع لا يستلزم تأمين الملاذ الآمن سوى غض الطرف عن هذه الجماعات وعدم التصرف في وجهها، على الرغم من أن القوات الأمينة تذهب أبعد من ذلك، إذ إنها لا تتوانى عن المسارعة في تأمين الحماية لهؤلاء الحلفاء أيضًا. أما في إطار الأجواء الحالية، لا يمكن إنكار أن الملاذات الآمنة هي أكثر وأهم ما بمقدور الجيش أن يوّفره لهذه الجماعات، فتحت المظلة التي تؤمنها المؤسسة الأمنية الباكستانية باتت جماعات كل من عسكر طيبة وجيش محمد وشبكة حقاني وحركة طالبان الأفغانية تتحلى بالمقدرة الذاتية وتكاد تصبح منظمات ذات اكتفاء ذاتي، هذا عدا عن الملاذات الآمنة التي لا بد لها منها. إضافة إلى أنها لا تفتقر أبدًا إلى مصادر غنية أخرى قادرة على تزويدها بالمال والعتاد والسلاح، إلى جانب الكوادر التي لا بأس بها من العناصر المدربة والمتمرسة. وفي هذا المجال لا يسعنا إلا القول إنّ الجيش الباكستاني أدى مهمته على أكمل وجه، حيث إنّ هذه الجماعات لم تعد تعتمد بعد اليوم على الدعم المباشر والصريح من الجيش، على الرغم من أنها لا تزال تعتمد بين الفينة والآخرى على هذا الدعم الفاعل على شاكلة ما قدمته الاستخبارات المركزية من مساعدة لقوات عسكر طيبة في أبان التخطيط للهجمات التي شهدتها مومباي في عام 2008، ولكن الدعم الأكثر أهمية الذي لا تزال هذه الجماعات تتلقاه من الجيش هي الملاذات الآمنة، ولا ضير من التكرار هنا أن هذه الجماعات الأربع تقوم قبل كل شيء على هذه الملاذات الآمنة.

ولا شك في أن مركزية هذه الملاذات الآمنة تطرح مسألة كبرى لا بد من التطرق إليها، إذ إنها ذات تأثير في مدى سطوة الجيش على هذه الجماعات الحليفة له. وهي استطاعة الجيش أن يعيد إطلاق حركات جديدة من الدعم تكون ذات نطاق أوسع وفاعلية أكبر، ولكن حتى هذه المرحلة يمكن القول إن الضغوط التي مارستها كل من الولايات المتحدة والهند والمجتمع الدولي استطاعت أن تثني باكستان بصورة كبيرة عن الدعم الذي تقدمه لهؤلاء الحلفاء. إلى جانب أن سطوة الجيش على هذه الجماعات باتت في أغلب الأحيان قهرية فمنبع القوة الذي تتحلى به هذه الميليشيات يتأتى من قدرتها على توسعة نطاق ملاذاتها الآمنة وتحييدها عن العلن.

وعلى الرغم من هذا كله لا يسعنا إلا القول إنّ العلاقات التي تجمع ما بين الجيش وكل من عسكر طيبة وجيش محمد وشبكة حقاني وحركة طالبان الأفغانية إن هي إلا مطواعة، ففي النهاية فقد استطاعت هذه العلاقات أن تحافظ على مفاصلها على الرغم من الأحداث التي جرت في 11 أيلول والتداعيات التي وقعت على إثرها. ففي حين أن الولايات المتحدة لم تكن راضية البتة عن الجهود والدعم الذي كانت باكستان تقدمه آنذاك في سبيل محاصرة الإرهاب، فقد رأت هذه الميليشيات التي كانت فيما مضى حليفة لباكستان، في تعاون هذه الأخيرة مع الولايات المتحدة على أنه خيانة لها. وبالتالي ما كان منها إلا أن أدارت بندقية أعمال العنف التي تقوم بها في وجه سيدها. أما بالنسبة إلى باكستان فقد تجلى الأمر بأسوأ ما في الجانبين، ولكن وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الجماعات الأربع الآنفة الذكر لم تتخل عن العلاقات التي كانت تربطها بالدولة الباكستانية، ولم تتأخر في الاستفادة إلى أقصى الحدود من هذه العلاقات.

ثلاثة أسباب جوهرية لا تزال هي المسيطرة على حسابات المؤسسة الأمنية الباكستانية،  وهي:

1-  الخدمة التي تقدمها الجماعات الحليفة في وجه الهند وأفغانستان.

2- وفي الوقت نفسه منع هذه الجماعات  وكبحها عن تشكيل الخطر على الداخل الباكستاني.

3- مقدرة الجماعات على تهديد الأمن الداخلي، مقابل مقدرة  محدودة للمؤسسة الرسمية الباكستانية   على الوقوف في وجهها ...

كل هذه العوامل مجتمعة تعزّز  العلاقات التي لا تزال مستمرة، وتضمن أن هذه الروابط ستظل على ما هي عليه عصيّة على التقويض، في المستقبل المنظور على الأقل.

فيما يلي، أرغب في مناقشة كل جماعة على حدة، من ناحية طبيعة العلاقة التي تربطها بالمؤسسة العسكرية الباكستانية. مع الإشارة  إلى التعقيدات التي من الممكن أن تطرأ في حال قررت باكستان ـ وهو الأمر المستبعد ـ  قطع العلاقات مع هذه الجماعات.

عسكر طيبة

حتى الآن يمكن القول إنّ هذه الجماعة، عسكر طيبة، هي الأقرب من بين صديقاتها إلى المؤسسة الأمنية الباكستانية، وهي المنظمة التي تعادي الهند وتتخذ من إقليم بنجاب مقرًا لها. علمًا بأنها الجماعة المليشياوية الأكبر والأوحد في المنطقة المنتمية إلى مذهب أهل الحديث. وبصورة أكبر من أي من الجماعات الأخرى، نجد أن عسكر طيبة تتداخل بصورة متشابكة في النسيج المجتمعي الباكستاني، إذ إنّها تنطلق في عملها باعتبارها تتمة للدولة الباكستانية، وولاؤها لأسيادها ثابت لا يتزحزح، حتى أنها أثبتت مدى فاعليتها في الداخل الباكستاني من خلال الوقوف في وجه شرعية الجماعات المتطرفة التي تهاجم باكستان. وباتخاذ هذه الخطوة يكون عسكر طيبة قد نجح في تكرار السيناريو الذي طرحه الجيش، والذي يشير إلى أن الأعمال الإرهابية داخل باكستان إن هي إلا نتاج «الأيادي الأجنبية»، في إشارة ملتوية إلى كل من الهند وأفغانستان والولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال، وفي وقت سابق من هذا العام، لم يتوان حافظ سعيد ـ قائد جماعة الدعوة وبالمحصلة عسكر طيبة ـ عن اتهام الولايات المتحدة والهند جهرًا بدعم الدولة الإسلامية من أجل أن تجد موطئ قدم لنفسها داخل باكستان.

مع العلم أن جماعة الدعوة لطالما سعت، وهي التي تنخرط بقوة في تقديم المساعدات الاجتماعية والإرشاد والدعوة داخل باكستان، إلى أن تقدم نفسها على أنّها لا علاقة تربطها بعسكر طيبة، والواقع غير ذلك ولكن وفي إشارة  ذات دلالة على مدى الأمن الذي تتمتع به جماعة الدعوة داخل باكستان، فإن  الجماعة أضاعت ادعاءاتها بعدم الارتباط بعسكر طيبة، عندما أقدمت في شهر شباط على تبني  الهجوم الذي قادته هذه الجماعة في كشمير على موقع تويتر.

وفي دلالة أخرى على مدى الأمن والآمان اللذين يتمتع بهما موقف جماعة الدعوة داخل باكستان، لا بدّ من الإشارة إلى أن هذه الجماعة أقدمت مؤخرًا على إنشاء ما يَشتهر تسميته بـ«المحاكم الشرعية» داخل بنجاب، وهي بذلك تكون قد أسست نظاماً قضائياً موازياً للنظام الرسمي، بعد أن حصلت بطريقة أو بأخرى على الدعم من السلطات الأمنية المحلية. وانطلاقًا من هنا نستطيع أن نرى قدرة هذه الجماعة على ملء الثغرات التي يخلفها غياب الدولة، إنما هذه المرة بعد الحصول على الدعم من الحكومة في مقابل مساندة هذه الحكومة بالتوازي.

وفي حال رأيتم أن هذه الأدلة غير كافية لاقتناعكم ولأن تنقل لكم حقيقة الملاذات الآمنة والحماية اللتين تؤمنهما السلطات الباكستانية، فإنني أشير أمام حضراتكم إلى أن عسكر طيبة هي الجماعة الإرهابية الوحيدة، وحسب معرفتي، التي لا تزال ناشطة حاليًا والتي لم تفقد أحداً من قادتها المؤسسين خلال ما يقارب الثلاثين عامًا أو لم يعش سلسلة منظمة من النتائج المتدهورة.

وعلى الرغم من أن عسكر طيبة لم يضطلع بالهجمات الكبيرة في الداخل الهندي منذ تلك الهجمات التي نفذها في عام 2008 في مومباي، ولكن لا يسعنا أن ننكر أن دوي ذاك الهجوم لا يزال يُسمع صداه إلى اليوم حيث إنّ غيرها من الجماعات بدأ يتبنى نمط العمليات نفسه على أثر «النجاح» الذي حققته هجمات مومباي. من جهتي، فإنني أقدر أنّ عسكر طيبة لم تقم بغيرها من الهجمات الكبرى أولاً وقبل كل شيء هذا التنظيم يخضع لضغوط شديدة من جانب الجيش الباكستاني، من أجل كبح جماح الهجمات التي من الممكن أن تتسبب بممارسة الضغط الدولي على الحكومة. ولكن لا بد من الإشارة إلى أن ثمن هذا المنع جاء على حساب كل من الولايات المتحدة وأفغانستان، إذ إن عسكر طيبة وجه بوصلة عملياته صوب أفغانستان من أجل أن يبرهن انخراطه ووفاءه. ربما أمكننا القول إن عسكر طيبة يخشى أنه في حال عجز عن تأمين مخرج لمقاتليه فإنهم لن يتأخروا في اللجوء إلى غيره من الجماعات التي تكون أكثر نشاطًا وأقل خضوعًا للضغوط.

إنما في الختام، وفي حال حدوث شرخ في العلاقات التي تربط الجيش بعسكر طيبة، فإن جموح هذه الجماعة الذي كانت تكبحه السلطات الباكستانية سوف يطلق العنان لنفسه ولأعمال العنف التي سينخرط بها من دون أدنى شك داخل الهند وأفغانستان. وعلى الرغم من أن فرص قطع العلاقات ما بين الجيش الباكستاني وعسكر طيبة تكاد تكون معدومة، فلا يسعنا إلا أن نتخيل أنه فيما لو حصل ذلك، فإن عسكر طيبة سوف يقوم  بالهجوم على الهند على أوسع نطاق، حتى إنه من الممكن أن يقدم على توسعة نطاق عملياته لتبلغ أبعد من حدود جنوب آسيا.

جيش محمد

جيش محمد ـ هو تنظيم آخر يتخد من أقليم بنجاب مقرًا له ويجاهر بالعداء للدولة الهندية ـ وهو الذي سطع نجمه من جديد في الآونة الأخيرة بعد فترة لا بأس بها من الأفول، ففي أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول برز شرخ كبير داخل صفوف تنظيم جيش محمد حول ما إذا كان من الأوْلى الإبقاء على العلاقات مع الدولة الباكستانية، وبالتالي فإن الصراع الداخلي قاد إلى انقسام كبير انفصلت بمحصلته جماعة لا بأس بها عن التنظيم وراحت تجاهر بالعداء للدولة الباكستانية، وعليه فقد انخرطت بالعديد من الهجمات في الداخل الباكستاني.

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن عواقب هذا الإنفصال جاءت وخيمة على فصائل جيش محمد التي ظلت على ولائها للدولة الباكستانية، ولكن على ما يبدو فإن التنظيم استطاع أن يتعافى من المحنة، ولا سيما بعد أن قاد هجومًا في شهر كانون الثاني ضد إحدى محطات القوات الجوية الهندية. علماً  أن العديد من المراقبين يطرحون فرضية أن يكون هذا التعافي في هيكلية تنظيم جيش محمد جاء في الجزء الكبير منه على خلفية الدعم الذي أمنته له المؤسسة الأمنية، ولا سيما في معرض جهودها الرامية إلى احتضان المزيد من الجماعات العدائية. ومن جانبه فإن تنظيم جيش محمد يقدم الفرصة الأمثل للمسلحين الذين انقلبوا على الدولة ويفتح الباب أمام عودتهم إلى أحضان السلطة. أما من جانبها، وفي سبيل جعل تنظيم جيش محمد أكثر جاذبية والعودة إليه، يبدو أن المؤسسة الأمنية لا تمانع البتة أن تسمح له بأن يقوم ببعض الضربات المحدودة داخل الأراضي الهندية على نطاق ضيق. في حين أن هذا التنظيم نفسه بات على دراية تامة بالإجراءات القمعية الصارمة الصورية والتمثيلية الزائفة التي أخرجتها القوات الأمنية، والتي جاءت إثر الهجوم الذي وقع في شهر كانون الثاني، وهو لن يتأخر مرة أخرى بعد انحسار موجة الضغوط الدولية من أن يخرج إلى العلن من جديد سالمًا وكأن مكروهًا لم يصبه قطّ.

وعلى خلاف غيره من التنظيمات الموالية للحكومة، فإن المنضويين تحت لواء تنظيم جيش محمد قد سبق لهم أن انخرطوا في بعض أعمال العنف ذات الخلفية الطائفية في باكستان، وعلى الأرجح هم لا يزالون مضطلعين بهذه الأعمال، إذ لا بدّ من الإشارة إلى أن هذه الجماعة تتبع المذهب الديوبندي وهي متشابكة بصورة واسعة داخل النسيج العسكري الديوبندي الذي يتضمن العديد من العناصر التي تتبع مبدأ مناهضة الدولة، والتي لطالما كانت مسؤولة عن الجزء الأكبر من أعمال العنف التي كانت تُنفذ على خلفيات مذهبية في باكستان.

وفي حال عزم الجيش الباكستاني على الوقوف في وجه هذا التنظيم، فعلى الأغلب سوف تشهد الساحة في أقليم بنجاب أعمال عنف واسعة النطاق، علمًا بأن هذا الإقليم هو الأكثف من ناحية التعداد السكاني داخل باكستان  والأقوى من الناحية السياسية، إذ إنه مسقط رأس رئيس الوزراء. مع الإشارة إلى أن كلّاً من تنظيمي جيش محمد وعسكر طيبة على حدٍ سواء متشابكان بشدة كبيرة داخل النسيج المجتمعي البنجابي، وبالتالي فإن أي مواجهة داخل هذا الإقليم من الممكن أن تطرح تهديدًا قويًا على استقرار البلاد برمتها.

شبكة حقاني وحركة طالبان الأفغانية

كما ذكرنا آنفاً، فإن كلاً من  شبكة حقاني وحركة طالبان الأفغانية، تتمتعان بالملجأ والحماية داخل باكستان. فكلتاهما تتمتع بالعناصر الفاعلة والناشطة في مختلف المدن الكبرى في باكستان، إلا أنهما لا تركزان نشاطهما إلا في المناطق الباكستانية المحاذية تمامًا للحدود انطلاقًا من معاقلهما المحصنة داخل أفغانستان، إنما وبصورة خاصة نجد أن حركة طالبان الأفغانية تتمتع بحضور واسع داخل بلوشستان في حين أن شبكة حقاني تجد لنفسها الملاذات الآمنة داخل المنطقة القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية.

أما بالمقارنة بين هاتين الجماعتين فإن الترجيحات تقول إنّ المؤسسة الأمنية الباكستانية تجد نفسها على علاقة أعمق مع شبكة حقاني، إذ إن العلاقة بين الإثنين إنما تعود إلى ما قبل تأسيس حركة طالبان الأفغانية أصلاً. وعلى نحوٍ لافت نلاحظ أن قيادات شبكة حقاني لطالما كانوا أكثر استعدادًا لاستهداف المصالح الهندية داخل أفغانستان، ونكاد نجزم في هذا المجال أن هذه الرغبة إن هي إلا نزول عند  رغبة قيادة الجيش الباكستاني. أضف إلى ذلك أن البنية التحتية الموسعة التي تتمتع بها شبكة حقاني في الشمال من وزيرستان تعتبر واحدة من أهم الأسباب التي لطالما كانت تثني الجيش الباكستاني عن التخطيط للقيام بالعمليات العسكرية في تلك المنطقة، وفي عام 2014، وأخيرًا عندما أطلق الجيش عملية ضربة غضب سرت الشكوك والتساؤلات حول هذه العملية عندما عمدت شبكة حقاني من دون سابق إنذار إلى تغيير معاقلها نحو كورام، ما طرح علامات الاستفهام بشدة حول إمكانية أن تكون الشبكة قد تلقت التحذيرات مسبقًا بشأن العملية المزمعة. وعلى الرغم من أن شبكة حقاني آنذاك عادت إلى الساحة وكأن شيئًا لم يكن من دون أي مكروه أصابها ولكن ذلك لم يمنع بعض الإشاعات من أن تسري وتشي بأن العمليات العسكرية التي جرت في الشمال من وزيرستان تسببت بتوتر العلاقات ما بين شبكة حقاني وقوات الأمن الباكستانية. ومع ذلك فلا مجال للإنكار أن هذه العلاقة التي تربط الشبكة بالجيش تظل ذات أهمية كبرى بالنسبة إلى هذا الأخير، حيث إن زعيم شبكة حقاني سراج حقاني يحتل المركز الثاني داخل حركة طالبان الأفغانية، إضافة إلى أن جميع عناصر قيادة شبكة حقاني والمؤسسة الأمنية الباكستانية على حدٍ سواء تدركان أن لا غنى لإحداهما عن الأخرى على نحوٍ متساوٍ، على الرغم من غياب الألفة بينهما. وخلافاً للعلاقات التي تربط الجماعات المتمركزة في إقليم بنجاب بالسلطات الباكستانية فإن علاقة هذه الأخيرة مع كل من حركة طالبان الأفغانية وشبكة حقاني قد بُنيت في الأساس على المصالح المتبادلة حيث إنّ طرفي هذه العلاقة يحافظان عليها رغمًا عنهما.

إنما ولسوء الحظ فإن السلطات الباكستانية ترى أنه ليس بمقدروها أن تجتث المجموعات المسلحة الأفغانية من ملاذاتها داخل باكستان، وأن تطلب منهم في الوقت نفسه الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وعلى الرغم من عدم أرجحية الفكرة، ولكن في حال افترضنا أن السلطات الباكستانية عزمت على الوقوف في وجه الجماعات الأفغانية المتمردة والتصدي لها داخل أوكارها الآمنة، فما من شك في أنها سوف تفقد نفوذها عليها وقدرتها على فرض الضغوط عليها من أجل اللجوء إلى مفاوضات السلام. فوجهة النظر الباكستانية ترى أن الاستثمار الذي انخرطت فيه مع حركة طالبان الأفغانية، وشبكة حقاني قدّ درّ عليها نصيبها من الأرباح. إذ إنه جعلها قادرة على حجز مكانها على طاولة المفاوضات، ولن يكون لأفغانستان أي مستقبل قبل أن تقول باكستان كلمتها، وبكل بساطة، لا يمكن أن نتوقع منها أن تنقض غزلها الآن وتتخلى عن هذا الاستثمار.

وفي الإشارة إلى النتائج المتوقعة لهذا القطع في العلاقات غير المتوقع بين الجانب الباكستاني وتلك المجموعات الأربع، لا أكون أبدًا وبأي شكل من الأشكال في معرض  تقديم الأعذار أو التبريرات لها، إنما كل ما في الأمر هو أنني أرغب في كشف الغطاء عن المستنقع الموحل الذي رمت باكستان نفسها فيه، والإشارة إلى أن أي جهود قد تبذلها في المستقبل من أجل الخروج منه سيكلفها غاليًا ولن يكون ثمنه إلا خلق المزيد من التهديدات التي سيتوجب على الولايات المتحدة إذاك أن تتعامل معها.

التعامل مع «الميليشيات الشريرة»

لقد سبق لنا أن طرحنا مسألة ما يشتهر تسميته بـ»الميليشيات الخيرة»، ولكنني الآن أود أن أختم شهادتي بالتطرق إلى المقاربة التي تعتمدها المؤسسة الأمنية الباكستانية في معرض تعاملها مع الميليشيات المعادية. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن التعاون الذي قدّمته باكستان للولايات المتحدة في خضم مجابهة الإرهاب إنما كان حساسًا جدًا بالنسبة إلى التقدم الذي أحرزناه ضد تنظيم القاعدة. ففي معرض جهودها في وجه الميليشيات المعادية تكبدت باكستان الخسائر الفادحة، علمًا بأنها استطاعت تقديم المصارد المهمة، وهي التي كانت قد انخرطت ـ أو قبلت مرغمة الانخراط ـ في التعاون مع الولايات المتحدة التي لم تكن تحظى بالقبول من العامة في الداخل، ما أضرم نيران الكراهية من جانب الميليشيات المعادية.

والجدير ذكره هو أن نسبة الوفيات في صفوف الباكستانيين هذا العام نتيجة للهجمات الإرهابية تعتبر أدنى من سابقاتها في الأعوام الأخيرة، على الرغم من الاعتداء الذي شهدته مدينة لاهور في خلال عيد الفصح والذي راح ضحيته سبعون شخصًا. علمأ بأنه من الممكن أن نعزو سبب ازدياد وتيرة أعمال العنف إلى العمليات العسكرية التي يجريها الجيش في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية، والتي حملت الكثير من أعضاء حركة طالبان الباكستانية وغيرها من التنظيمات المعادية إلى عبور الحدود نحو أفغانستان.

وعلى الرغم من ذلك، فإن باكستان لا تزال في مواجهة خطر التهديدات التي من الممكن أن تطرحها حركة طالبان الباكستانية وعسكر جنجوي وتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات. مع الإشارة إلى أن ما أبدته باكستان من فاعلية في تعاملها مع التهديدات كان وسيظل عرضة لسياسة النظر بمنظارين التي تعتمدها في خلال تمييزها بين «الميليشيات الخيرة» و»الميليشيات الشريرة» وعرضة لتكتيكاتها الميدانية المتذبذبة ما بين الاسترضاء والتنفير، إلى جانب أنانيتها في التعامل مع مصالحها والتركيز بغير وجه حق في العوامل الخارجية بحثًا عن مصادر التهديد الداخلي.

أولاً وقبل كل شيء لا بدّ من القول إنّ الجهود التي تبذلها باكستان في مهب مجابهة الإرهاب سوف تظل دائمًا حبيسة الحدود الصناعية التي حاولت أن تزرعها ما بين الميليشيات الخيرة والميليشيات الشريرة، إذ لا حاجة للتذكير بأن فرز الميليشيات ما بين موالٍ ومناهض إنما يأتي على حساب طبيعة جماعات الميليشيات الديوبندية ذات الطبيعة المتداخلة والمنتشرة في المنطقة. إذ تجدر الإشارة إلى أن هذه الجماعات الميليشياوية ترى في الولاء للمنظمة الواحدة والانضواء تحت لوائها،  أمرًا مائعًا في حين أن التعاون في ما بين المنظمات هو أمر طبيعي بذاته، وهذا يعني أن الجماعات الميليشياوية الديوباندية المتحالفة مع الدولة الباكستانية، وعلى وخصوصاً جيش محمد وحركة طالبان الأفغانية وشبكة حقاني، إنما تتعاون بصورة موسعة مع الجماعات المعادية للدولة الباكستانية، بما في ذلك حركة طالبان الباكستانية وعسكر جنجوي. أضف إلى ذلك أن تنظيم القاعدة، وعلى الرغم من عدم اتباعه المذهب الديوبندي، فهو يبقى منضويًا تحت لواء هذه الشبكة من المجموعات المسلحة فهو الآخر يعمل ضمن تنسيق تام مع هذه الجماعات. علمًا بأن هذه الجماعات المعادية لباكستان قامت باستغلال هذه الثغرة من أجل أن تعثر لنفسها على الملاذات الآمنة في الشمال من وزيرستان في كنف حماية شبكة حقاني حتى جاء عام 2014 حاملاً معه سلسلة من العمليات العسكرية من جانب الجيش الباكستاني.

 

ثانيًا، لا شكّ في أنه وعلى المدى الطويل فإن هذا النجاح الذي تحققه باكستان في وجه الميليشيات سوف يعاني ميلها نحو التأقلم والمهادنة، إذ إنها لطالما استطاعت أن تجد لنفسها سبلاً للتعايش مع هذه الجماعات الميليشياوية التي لا ضير لديها من أن تركّز أعمالها العنفية على خارج باكستان، وفي المقام الأول على أفغانستان. ومع ذلك يبقى أن هذه الترتيبات غالبًا ما تتسم بعدم الاستقرار وتؤمن لتلك الجماعات منافذ التنفس التي تسمح لها بأن تتعافى وأن تعيد تنظيم نفسها قبل العودة إلى مسلسل جديد من أعمال العنف داخل باكستان. في هذه الأثناء يبقى على قوى التحالف والقوات الأفغانية إلى جانب المدنيين من الأفغان أن يتحملوا عبء هذه التدابير، وهو حل ليس مستدامًا إنما يأتي على حساب أمن وأمان أفغانستان.

ثالثًا، وفي المقلب الآخر من الصورة نجد أن المؤسسة العسكرية لا تتوانى في اللجوء إلى سياسة الأرض المحروقة من أجل التخلص من الميليشيات، بما في ذلك اللجوء إلى «الاختفاء القسري» و«التصدي» أي الاعتقالات والإعدامات العرفية. وفي حين أن النظام القضائي المدني يبقى غير قادر على محاكمة الإرهابيين وفقًا للأصول بصورة فاعلة فقد جرى إلباس التكتيكات العسكرية لبوس الشرعية عندما أذعنت الحكومة المدنية وسمحت للمحاكم العسكرية بالتعامل مع المشتبه بهم بضلوعهم بأعمال إرهابية وأعادت العمل بعقوبة الإعدام في شهر كانون الثاني من عام 2015.

وفي حين أن قلة قليلة  تبدي امتعاضها من القضاء على رؤوس الإرهاب من المتشددين الذين تلطخت أيديهم بالدماء، فإن هذه الحصانة التي تتمتع بها أجهزة الاستخبارات تطرح مسألتين مهمتين. بادئ ذي بدء، لا يمكن إنكار أنها تخلق دائرة لا نهاية لها من الرغبة في الإنتقام والقصاص في أوساط الجماعات المسلحة، وعليه فإن دوامة العنف سوف تستمر إلى ما لا نهاية ما دام الموت يشكل السبيل الوحيد لحل الأزمة والتعامل مع هذه الجماعات التي تعجز عن التأقلم. وبصريح العبارة: إن حجم الرقعة التي انتشر فيها التهديد الإرهابي داخل باكستان ليس من النوع الذي يمكن للسلطات في هذا البلد أن تتخلص منه بواسطة عمليات القتل.

أضف إلى ذلك أن هذه الحصانة التي تكلمنا عنها إنما تطرح التهديد الكبير للمجتمع الباكستاني بحد ذاته إلى جانب وسائل الإعلام والديمقراطية أيضًا في هذا البلد، إذ من الملاحظ أن هذه السياسة نفسها تستخدم في معرض التعامل مع الأصوات التي تنطلق لمعارضة الجيش والإنفصاليين في بلوشستان، حيث نجد أن سلطة القتل وإخفاء الناس ليست محصورة بالإرهابيين الذين ما عاد بالإمكان التعامل معهم بل إن رقعتها تمتد لتصيب أي شخص آخر يُنظر إليه باعتباره مناهضًا لموقف الجيش الذي يتبنى نظرية القوة داخل باكستان.

ومع ذلك، وحيث لا تبعدنا عن انقضاء مدة التعديل الواحد والعشرين سوى أقل من ستة أشهر، نلاحظ إشارات قليلة تدل على أن النظام القضائي الجزائي المدني خضع للإصلاحات اللازمة التي تمكنه من تولي القضايا المرتبطة بالإرهاب بكل فاعلية. ومرة أخرى نجد أنّ المجتمع المدني فشل في اتخاذ الخطوات اللازمة التي لا بدّ منها فيما لو كان يريد حقًا أن يؤدي الدور الناجع والبنّاء في محاربة التطرف.

وأخيرًا، إن التشخيص الذي يقدمه الجيش الباكستاني في معرض البحث عن مصدر التهديد الإرهابي المحلي يضمن عمليًا بأنه لن يعمد يومًا إلى تبني أي حل طويل الأمد، حيث إنّ هذا الجيش يصر على عدم الاعتراف بأن التهديد المحلي إنما يشكل ارتدادًا لعقود من الدعم الذي ما انفك يقدّمه لتلك الجماعات المسلحة وحيث لا يزال يرى أن «الأيدي الخارجية»، في إشارة ملتوية إلى الهند وأفغانستان والولايات المتحدة، هي المشكلة. وفي حين أن الجيش الباكستاني يجد أن مصدر التهديد يأتي من الخارج. يكون بذلك يستثني نفسه ويعفيها من الدور الذي اضطلعت به في تغذية الجماعات المتطرفة والتعصب الديني والذي استمر على مدى عقود من الزمن. وبالتالي يكون قد غض الطرف عن العوامل المحلية التي أدت إلى نشوء التطرف. وبالمحصلة، نرى أنّه من غير المرجح أن يحدث الجيش أي من التغييرات اللازمة التي لا بدّ منها من أجل تقويض هذا التهديد تمامًأ عوض إعاقته بصورة مؤقتة.

الخاتمة

إنني أدرك تمام الإدراك، أن التشخيص الذي قدمته أمامكم لا يخلو أبدًا من القساوة. إذ إنّه يظهر باكستان، بصورة الملتزم تجاه العلاقات مع المجموعات المسلحة الخطيرة والعالية التمرس. فالعلاقات التي تجمع المؤسسة الأمنية الباكستانية بكل من عسكر طيبة وجيش محمد وشبكة حقاني وحركة طالبان الأفغانية قد تشهد بعض التعثرات أحيانًا ولكن من غير المرجح أن تقع أبدًا. أستطيع أن أرى بكل وضوح أننا سنشهد ارتفاعًا في وتيرة العنف، بسبب الهجمات الإرهابية بصورة مؤقتة. على ضوء الخطأ الذي ترتكبه باكستان في معرض تشخيص مصدر التهديد ومنبعه إذ إنها تراه آتيًا من الخارج. و بسبب دعمها ومساندتها للجماعات التي تعمل بالتوازي مع الجماعات التي تكن العداء لها، والأخطاء التي لا تنفك ترتكبها بصورة ممنهجة المؤسسات الباكستانية المولجة مهمة مجابهة التطرف، وسلسلة العقوبات  المعتمدة حالياً والتي لا نهاية لها ، دون أن ننسى الظروف الكامنة والملحة التي لا تنفك تغذي التطرف داخل البلاد. من جانبي، أجد نفسي مرتابة بشأن الإدعاءات التي تقدمها باكستان زاعمةً أنها لن تتأخر عن التعامل مع «الميليشيات الخيرة» بمجرد أن تنتهي من مسألة «الميليشيات الشريرة»، إذ إن المشاكل التي تطرحها الميليشيات الشريرة لن تنتهي أبدًا وفي هذه الأثناء، لن تنفك «الميليشيات الخيرة» تتنامى من حيث القوة إلى أن يصبح من الصعب على المؤسسة الأمنية الباكستانية أن تواجهها. ومن خلال تسليط الضوء على هذا الوضع آمل أن أساعد الولايات المتحدة في إيجاد الحلول المثلى التي تمكنها من التعامل مع التحديات التي تنتظرها.

 

زلماي خليل زاد [2]

Zalmay Khalilzad

حضرة الرئيس، حضرات أعضاء اللجنة:

أود أن أشكركم على هذه الفرصة التي منحتمونيها، من أجل أن أعرض أمامكم تقييمي الخاص ونصيحتي بشأن الملف الباكستاني. والدعم الذي تقدمه باكستان لقوى الإرهاب والتطرف، إذ لا شك في أن حلفاء باكستان هؤلاء يشكلون التهديد الصارخ في وجه التحالف والقوى الأفغانية والمدنيين.

مما لا شك فيه، أن السياسة التي تعتمدها باكستان إنما تشكل السبب الرئيسي وراء الصراع الذي لا يزال دائرًا على أرض أفغانستان.

وبصورة أشمل، أقول إن ما تستخدمه باكستان من حلفاء لها في مقلب التطرف والإرهاب ـ إضافة إلى ما يشكله من تهديد على الهند ـ إنما يؤدي الدور الكبير في المساهمة فيما يطرحه التطرف الإسلامي من تهديد على العالم أجمع، إنها حقيقة لا بدّ لنا من أن نعترف بها إذا ما أردنا حقًا أن ننجح في هزيمة الإرهاب والتطرف حول العالم أجمع.

الخلفية

منذ إطاحة نظام طالبان على أثر أحداث 11 أيلول وباكستان تضطلع  بلعب الدور المزدوج، وهو دور غادر ومحفوف بالمخاطر، فهي لا تتأخر عن أن تظهر نفسها على أنها شريكة للولايات المتحدة، ومع ذلك فإنها في الوقت عينه تقدم الدعم لحركة طالبان وشبكة حقاني المرتبطة بتنظيم القاعدة.  ومنذ عام 2005، فإن حركة طالبان وشبكة حقاني كليتهما استطاعتا أن تعيدا تنظيم نفسيهما في باكستان، حتى إنهما قادتا عصيانًا مدمرًا في وجه القوات الأمريكية والأفغانية.

والضعف الذي تعانيه سلطات الحكومة في أفغانستان قد أدّى دورًا في عدم تمكن كابول من الوقوف في وجه هذا التمرد والتصدي له. ولكن فوق كل شيء لا يمكن أن نعزو هذه المرونة التي تواجَه بها حركة طالبان  إلا إلى القرار الإستراتيجي الذي اتخذته قوات الجيش والاستخبارات الباكستانية والقاضي بتقديم الملاذ الآمن والدعم  لهذه الجماعات.

أهداف باكستان

من جانبها فإن باكستان تنظر إلى حركة طالبان باعتبارها حليفًا فاعلاً بالنسبة إليها يساعدها في أن تضمن السيطرة الباكستانية على أفغانستان.إضافةٍ إلى ذلك، فإن إسلام آباد تعتقد بأن إطالة عمر الحرب في أفغانستان إنما سيقود الولايات المتحدة إلى الانسحاب في نهاية المطاف، وهو ما من شأنه أن يحدث تغييرًا لميزان القوى في وجه الحكومة الحالية وذلك لمصلحة حلفائها.وفي نهاية المطاف، فإن باكستان تسعى جاهدة لإطاحة الحكومة الحالية في أفغانستان لأنها لا تتجاوب معها.

السياسة المعلنة والسياسة الفعلية

مما لا شك فيه هو أن باكستان تدرك تمام الإدراك حجم المخاطر التي تحفل بها هذه اللعبة المزدوجة التي تلعبها، ولكنها ترى بأن هذا الخطر أمر واقع لا بدّ منه. فالقادة الباكستانيون من جانبهم يحاججون بالقول إنه بأمكانهم الاستمرار في الحصول على المساعدة الأمريكية وبالتالي تجنب العزلة الدولية حتى ولو أنهم قدموا الدعم لطالبان وشبكة حقاني، فهم لم يروا  من واشنطن إلا القليل وهذا لا يدفعهم إلى الاختيار الحاسم بين المساندة الأمريكية أو دعمهم لهذه الحركة.

لا يمكننا أبدًا أن ننكر أن ما من بلد في العالم لا تختلف سياسته المعلنة عن سياسته الفعلية، إلا أنه وفي حالة باكستان فإن الهوة بين الاثنتين باتت عميقة جدًا، إذ إنه حتى وقت ليس ببعيد كان القادة في باكستان ينكرون تمامًا أي وجود لحركة طالبان داخل حدود بلدهم!

يبدو أن قادة باكستان يظنون أن بإمكانهم أن يتحاذقوا علينا وأن يتخطونا، فهم ضليعون في إبداء خطوات تكتيكية تجعلهم يظهرون بمظهر المساعد لنا، وهم يعتقدون وفقًا لحساباتهم بأنه سيصعّب الأمر على الولايات المتحدة فيستعصي عليها اتخاذ موقف حازم منها.

علمًا بأن خبرتي في هذا المجال كبيرة جدًا، حيث إنني دونت في دراستي التي نشرت مؤخرًا تحت عنوان The Envoy الكمين، ما تقدم به الرئيس من طلب إلي في عام 2005 لزيارة الديكتاتور الحاكم في باكستان الجنرال برويز مشرف. وأن أتطرق في الحديث معه إلى الملاذات الآمنة التي يوفرها لطالبان. آنذاك، وعندما سألت الجنرال مشرف لماذا تقدِم باكستان على رعاية طالبان، ما كان منه إلا أن أنكر أي وجود لحركة طالبان في باكستان، حتى إنّه رفض الإقرار بأنّ كبار القيادات داخل الحركة كانوا يقيمون في مدينة كويتا أو الاعتراف بأن مجلس الشورى التابع للحركة والمكلّف بأمور الحكم بها يحمل اسم عاصمة بلوشستان. عوضًا عن ذلك، فإن مشرف لم يتراجع عن موقفه المصرّ على أن أزوده باسماء قيادات حركة طالبان الموجدين داخل أفغانستان، إلى جانب أرقام هواتفهم. وبعد سنوات مضت، وحين لم يعد برويز مشرف على رأس بلده، راح يتبجح أمام العالم علنًا كيف أن بلاده هي من تدعم هذه الجماعة المتطرفة.

التوصيات

في الحادي والعشرين من شهر آيار لقي زعيم حركة طالبان الملا أخطر منصور مصرعه خلال قصف جوي قادته القوات الأمريكية، وهو الأمر الذي يشكل فرصة ذهبية أمام الولايات المتحدة لمواجهة باكستان، فمن جانبها تستطيع أن تفرض على إسلام آباد الاختيار ما بين حلٍ من اثنين: إما المساعدة الأمريكية والدعم الدولي وإما الاستمرار في علاقاتها مع شبكة حقاني وحركة طالبان التي لا مجال للتفاهم معها.ومع ذلك، فإن السعي وراء نتيجة حاسمة مع باكستان وسياستها التي تتبعها يفترض على الولايات المتحدة أن تصعّد من الضغوط على إسلام آباد، وإلا فإن الفرصة ستضيع من بين أيدينا.

أما من جانب إسلام آباد، وفي سبيل قطع العلاقات التي تربطها بشبكة حقاني وحركة طالبان، لا بدّ للقادة في باكستان من أن يدركوا  أن استمرار الدعم الذي يقدمونه لهذا التمرد الدائر إنما سيكون ثمنه باهظًا وعواقبه وخيمة.

وفي هذا المجال لا شك في أن استمرار العمليات العسكرية الجوية من أجل استهداف القادة في صفوف شبكة حقاني وحركة طالبان العدوانية من شأنه أن يوصل هذه الرسالة، يجب ألّا يغيب عن بالنا أن القصف الجوي وحده لن يكون كافيًا من دون ممارسة الضغوط السياسية والمالية اللازمة.

أما من الناحية المادية، فلطالما كانت باكستان المستفيد الأكبر من الدعم الدولي ـ ولا سيما في ما يخص الدعم التمويلي من قوات التحالف والمساعدة الثنائية والمساعدة المتعددة الأطراف من جانب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وإضافة إلى قطع المساعدة، يتوجب على واشنطن أن توجه التحذيرات الشديدة إلى باكستان وتنذرها بأننا لن نتأخر عن تصعيد هذه العقوبات المالية ـ  كتلك التي كانت مفروضة في ما مضى على إيران ـ ما لم تبذل جهدها في تمهيد الطريق أمام البدء بمفاوضات المصالحة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان.

وفي خطوة ابتدائية لا بدّ منها، يمكن للولايات المتحدة أن تفرض حظراً مادياً وجوياً على كبار المسؤولين الباكستانيين ممن يُعرف عنهم تورطهم في هذا التمرد، إلى جانب تجميد الأرصدة الموجودة في البنوك الأمريكية التي تعود إلى الكيانات الباكستانية ـ  إن كانت المؤسسات العسكرية أو الشركات التجارية ـ المتورطة في تمويل هذه الحركة.

ومن الناحية السياسية، لا يمكن أبدًا لباكستان أن تكون عضوًا حسن النية في المجتمع الدولي ما دامت وكالاتها ومؤسستها العسكرية تتصرف بسوء نية تجاه أفغانستان.

إشارةً إلى أن الولايات المتحدة تصنف باكستان حاليًا باعتبارها «حليفًا كبيرًا من الحلفاء غير المنتمين إلى حلف شمال الأطلسي». وهنا لا بدّ لنا من أن نقول إن هذا التصنيف في غير محله أبداً، إذ أن السياسة الحالية التي تتبناها باكستان، والمواقف التي تتخذها، كفيلان بأن تضمها وزارة الخارجية إلى لائحة الدول الراعية للإرهاب.

والجدير بالذكر هو أن الأمم المتحدة تشكل المكان الأمثل لرفع الشكوى أمامها في ما يخص الاعتداءات الباكستانية على أفغانستان. وفي سبيل حشد الدعم الدولي من أجل ضمان الخروج بقرار من مجلس الأمن برعاية من الولايات المتحدة وأفغانستان يدين باكستان، لا بدّ للولايات المتحدة  من أن ترفع السرية عن المعلومات التي تشير إلى دعم الباكستان للتمرد واتجارها بالمخدرات وأن تنشر هذه المعلومات على أوسع نطاق.

إضافةً إلى أن من شأن التحرك من جانب مجلس الأمن أن يمكّن الولايات المتحدة من أن تسأل الصين، وهي واحدة من حلفاء باكستان الأوفى، ما إذا كانت تريد أن تجد نفسها متورطة مع كوريا شمالية أخرى ـ أي دولة مشرذمة ومعزولة تعيش على نفقة بكين.

 

بيل روجيو [3]

Bill Roggio

حضرة الرئيس بو، حضرة الرئيس سالمون، حضرة العضوين الأعليين كيتينغ وشيرمان، حضرات أعضاء اللجنتين، لمن دواعي سروري أن أقبل دعوتكم إلى هنا اليوم من أجل الحديث بشأن باكستان ودعمها للمجموعات الإرهابية التي لطالما هددت أمن الولايات المتحدة وحلفائها.

إن علامات الاستفهام التي تطرحها اللجنة حول ما إذا كانت باكستان صديقة أو عدوة في الصراع ضد الإرهاب، لهي محقة تمام الحق. قد لا نستطيع أن ننكر أن المسؤولين الباكستانيين أقدموا على مساندة الولايات المتحدة في خلال تعقبها لرموز كبيرة  كانت على رأس تنظيم القاعدة في ذلك الحين، إلا أن ذلك لا ينفي أن الإستراتيجية العامة التي تنتهجها باكستان تظل مناصرة للجهاديين، وبالتالي فإن هذا الموقف يؤدي إلى تصنيفها ضمن فئة الأعداء. لا ننكر أن باكستان تحارب بعض مجموعات الإرهابيين داخل حدودها، إلا أنها لا تفعل ذلك إلا لأن هذه المجموعات تهدد كيانها بشكل مباشر.

إن باكستان تدعم وبصورة عمياء سلسلة من المجموعات الإرهابية المنتشرة في أرجاء باكستان وأفغانستان والهند من أجل تعزيز أهدافها في المنطقة، إذ لا يخفى على أحد أن باكستان تساند هذه المجموعات المتحالفة بدورها مع مجموعات أخرى أكثر إرهابية. ولا تتوانى عن تقديم الدعم حتى لتلك التي تحارب الدولة الباكستانية نفسها. أضافة إلى أن الكثير من المجموعات الإرهابية التي تقدم لها باكستان الرعاية وتحتضنها، متحالفة مع تنظيم القاعدة.

 أمثل أمامكم اليوم، لأسلط الضوء على ست من أكبر المجموعات التي تتلقى الرعاية المباشرة من المؤسسات الرسمية الباكستانية أو تحظى بغض الطرف عن نشاطاتها، وهذه المجموعات هي: حركة طالبان الأفغانية والمجموعات التابعة لها، شبكة حقاني؛ جماعة الملا نظير؛ عسكر طيبة؛ حركة المجاهدين؛ جيش محمد. إن السلطات الباكستانية لا تتوانى أبدًا عن استخدام كلٍ من هذه المجموعات باعتبارها أداة تحركها وفق مصالح سياستها الخارجية، وبدون أدنى شك لا ينحصر الدعم الباكستاني بهذه اللائحة؛ بل هي مجرد اسماء بارزة من ضمن غيرها.

ما تفعله باكستان هو أنها تستخدم هذه المجموعات الست وغيرها من المجموعات باعتبارها ثقلاً في وجه ما يراه صناع القرار في باكستان على أنه التهديد الأكبر على البلاد: بكلمة أخرى، الهند. ولكن هذا لا ينفي أن الأيديولوجيا الجهادية سبق وانتشرت في جميع أزقة باكستان نتيجة للسياسات التي تبنتها النخبة العسكرية في البلاد. وبالتالي يجب علينا ألّا نقلل من شأن ما تتلقاه هذه المجموعات من دعم لأسباب أيديولوجية.[4]

إن باكستان، الدولة التي يبلغ تعداد سكانها 182 مليون نسمة، لا تملك لنفسها من القوة البشرية ما يسمح لها التصدي للهند التي يبلغ تعداد سكانها 1,25 مليار نسمة. كما لا يخفى أن الهند والباكستان في حالة حرب ضمنية منذ تاريخ انقسامهما في عام 1947، إضافة إلى أن هذين البلدان خاضا حروبا طاحنة في أعوام 1947 و1965 و1971 و1999، علماً أن باكستان كانت هي البادئ في كلٍ من هذه الحروب التي كانت تنتهي بهزيمتها في كل مرة. وعليه فإن صناع القرار الاستراتيجيين في باكستان وجدوا أنه في سبيل التصدي للهند لا بد من اللجوء إلى الوسائل غير التقليدية، بما في ذلك مساندة الجماعات الجهادية.

العمق الإستراتيجي

وبما أن باكستان أدركت عدم مقدرتها على تحقيق النصر على الهند في ساحات القتال التقليدية، أيقنت أيضًا أنه لا بدّ من تعويض هذا النقص، فما كان منها إلا أن أوجدت صيغة من «العمق الإستراتيجي» تتناسب مع تطلعاتها وزرعتها في أفغانستان.[5] وكانت باكستان قد قدمتت السند لبعض الجماعات المنتشرة في أفغانستان لتمنع الهند من أن يكون لها أي تأثير فيي محيطها، ولكي يؤمن هذا البلد مجالاً للتراجع في حال الغزو الهندي.

تجدر الإشارة إلى أن باكستان كانت قد استثمرت مجهوداتها في الفوضى التي حكمت أفغانستان إثر الانسحاب السوفييتي، ووضعت نصب عينيها إحدى الجماعات التي تستطيع أن تكون في خدمة أهدافها. فبالتزامن مع بروز حركة طالبان التي كان على رأسها آنذاك الملا عمر في بدايات التسعينيات، وجد ضباط الجيش والمخابرات الباكستانيين الموكلون مهمة زرع العمق الإستراتيجي أنفسهم أمام الشريك الأمثل: فهم كانوا أمام حركة جهادية سياسية ذات نفوذ ما انفكت آنذاك تحصد الشعبية في جميع أرجاء البلاد، إلى جانب كونها قادرة على تقبّل التعزيزات العسكرية. فما كان من باكستان إلا أن سارعت إلى تأمين الدعم العسكري والمادي لحركة الملا عمر التي استطاعت أن تنجح في تأسيس إمارة طالبان الإسلامية في عام 1996 وأن تفرض سيطرتها على ما يوازي 90 % من مساحة البلاد حتى تاريخ الغزو الأمريكي الذي جاء في عام 2001.

وإلى جانب ضمان قيام حكومة موالية لها في أفغانستان، لم تتردد باكستان في استخدام البلاد باعتبارها أرضاً خصبة للتدريبات العسكرية وتجنيد المقاتلين من أجل إنشاء عدد من الجماعات الجهادية  تكون مهمتها المحاربة داخل منطقة كشمير التي تحتلها الهند.

طالبان الخيرة وطالبان الشريرة

أما من أجل تسويغ ما كانت تقدمه باكستان من دعم للجماعات الجهادية، فإن النخبة داخل هذا البلد حاولت أن تخلق فرقًا بين ما اصطلح على تسميته «طالبان الخيرة» و»طالبان الشريرة». بكل بساطة، فإن ما كان يسمى بـ»طالبان الخيرة» هي عبارة عن مجموعات كانت تدعم الأهداف التي تصب في مصلحة السياسة الخارجية الباكستانية من دون أن تشكل أي تهديد على الدولة أو أن تلوح بالحرب داخل حدود هذه الأخيرة. وبالتالي، فإن «طالبان الخيرة» وغيرها من الجماعات التي تشبهها كانت تحظى بالقبول من جانب المؤسسات الرسمية الباكستانية، بما فيها حركة طالبان الأفغانية؛ شبكة حقاني؛ جماعة الملا نظير؛ عسكر طيبة؛ حركة المجاهدين؛ جيش محمد. لا حاجة للتذكير بأنّ هذه المجموعات كانت قد قامت بالعديد من العمليات الإرهابية الصارخة في المنطقة، إلى جانب تحملها المسؤولية المباشرة عن وفاة الألاف من الجنود والمدنيين الأمريكيين، ومع ذلك فإن السلطات الباكستانية لم توقف دعمها لها.

أما «طالبان الشريرة» فهي عبارة عن أي مجموعة جهادية تتجرأ على الوقوف في وجه الدولة الباكستانية وتتحدى أفضليتها، وتحت هذه الخانة تندرج حركة طالبان في باكستان والحزب الإسلامي التركستاني والحركة الإسلامية في أوزبكستان التي جرى إضعافها لاحقًا. علماً أن الجيش الباكستاني كان يلاحق هذه الجماعات داخل المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الإتحادية وفي أقليم خيبر بختونخوا، وقد نجح في عدة أماكن. ولكن يبقى أنه وفي أثناء استهداف هذه المجموعات، كان الجيش يتحاشى ملاحقة بعضهم على شاكلة شبكة حقاني التي كانت تؤمن الدعم والمأوى لـ«طالبان الشريرة».

إلا أنه ومن جانبها، فإن السلطات الباكستانية لا تنفك تنكر سعيها وراء سياسة العمق الإستراتيجي والتفريق بين «طالبان الخيرة» و«طالبان الشريرة»، أو في بعض الأحيان كانت تعلن نيتها التوقف بعدئذ عن التفريق بين هاتين الفئتين.[6] ولكن هذه الإدعاءات تظل خاطئة، وهذا ما يبدو جليًاا في الدعم المستمر الذي تقدمه باكستان لهذه المجموعات التي أتينا آنفًا على ذكرها، إلى جانبب غيرها، دون أن ننسى عدم استعدادها لتطويق أي من قادة هذه الجماعات حتى أعضائها الرئيسيين.

طالبان الأفغانية

 ثمة الكثير من المستندات التي توثق الدعم الكبير الذي تقدمه باكستان لحركة طالبان الأفغانية، فهي لم تتوقف في أعوام التسعينيات عن تقديم المساعدة من أجل تأسيس هذه الحركة التي لا تزال تدعمها حتى يومنا هذا. فالمشهور عن حامد غول، الرئيس السابق لمديرية الاستخبارات الداخلية ـ وهي وكالة الاستخبارات العسكرية الباكستانية التي اضطلعت بتطوير سياسة العمق الإستراتيجي وزرعها ـ تسميته بـ«أبي طالبان»، وذلك بسبب الدور الذي لعبه في توجيه الدعم صوب طالبان، (كما تشتهر هذه الشخصية باسم «عراب الإرهاب» بسبب دعمه للمجموعات الجهادية في مختلف أرجاء العالم.[7]) وعلى الرغم من ذلك فإن لقب «أبي طالبان» لم يكن يومًا حكرًا على غول؛ إذإنّه كان يُطلق أيضًا على مولانا سامي الحق، مدير مدرسة دار العلوم الحقانية،[8] وهي مدرسة أصولية كانت تنخرط بصورة دائمة في تلقين الألاف من المجندينن  الجدد في صفوف طالبان.

حتى الآن، لا يزال التمرد الذي يدور في أفغانستان مشتعلاً على نيران يوقدها الجيش والمخابرات انطلاقًا من باكستان، فمجلس شورى كويتا التابع لطالبان، وهو المجلس المكلّف اتخاذ القرارات العليا، يتخذ من المدينة الباكستانية التي تحمل الاسم ذاته مقرًا له، إلى جانب مقرات أخرى في مدن أخرى. إضافة إلى أن القياديات العسكرية الإقليمية الأربعة التابعة لطالبان قد سميت تيمنًا بالمدن الباكستانية (كويتا، بيشاور، ميرامشاه، جيردي جانغال).[9]

ولطالما اتخذت القيادات الكبيرة داخل طالبان من المناطق الباكستانية مقرًا لها، وبالطبع كان ذلك على مرأى ومسمع من سلطات الجيش والإستخبارات المحلية، في حين أن أول أميرين توليا رأس حركة طالبان توفيا في أثناء وجودهما في باكستان؛ إذ إنّ الملا عمر، مؤسس الحركة وأميرها الأول، توفي في أحد المستشفيات الباكستانية بالقرب من كويتا في شهر نيسان من عام 2003، أما خلفه، الملا منصور، فقد لقي مصرعه على يد القوات الأمريكية أثناء حملة جوية على بلوشستان قبل شهرين من اليوم. إشارةً إلى أن هذين الشخصين إلى جانب غيرهما من قيادات الصف الأول والثاني والثالث داخل الحركة لطالما مارسوا نشاطهم داخل باكستان من دون أيّ عواقب تذكر.

والأهم هو أن المنطقة الحدودية التي تجمع باكستان مع أفغانستان تلعب دور الشريان الحيوي بالنسبة إلى حركة طالبان.ففي حين أن جميع الأراضي الباكستانية تعتبر مسرحًا سهلاً بالنسبة إلى الجهاديين،  يبقى إقليميا خيبر باختونخوا وبلوشستان يزدحمان بمراكز التجنيد ومخيمات التدريب التابعة للحركة، والمنازل الآمنة التي تأوي قياداتها والقنوات المالية التي تؤمن لها الدعم. أضف إلى أن القادة العسكريين داخل طالبان يعترفون جهرًا وعلانية، أن الاستخبارات الباكستانية تزودهم بالسلاح وتؤمن لهم مراكز ومخيمات التدريب الآمنة داخل الحدود الباكستانية.[10]

وفي هذه الأثناء تستمر المدارس الأصولية المنتشرة في مختلف أرجاء البلاد، بتلقين الشباب الباكستاني العقيدة الجهادية. ومن ثم ترسلهم إلى ساحات القتال إلى جانب طالبان وغيرها من الجماعات الحليفة.

شبكة حقاني

شبكة حقاني هي شبكة أدرجتها الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الأجنبية الإرهابية بسبب دعمها لتنظيم القاعدة وغيرها من المجموعات الإرهابية، علماً أن هذه الشبكة هي جزء لا يتجرأ من حركة طالبان، إذ إنّ مؤسسها جلال الدين حقاني هو عضو في مجلس شورى كويتا، في حين أن ابنه هو واحد من الأميرين المبعوثين لدى الملا هبة الله، القائد الجديد على رأس حركة طالبان. علمًا بأن ثلاثة عشر اسما من كبار القيادات ضمن شبكة حقاني كانت الولايات المتحدة قد أدرجتهم على لائحة كبار الإرهابيين العالميين، حيث إنّ غالبية هذه الأسماء، ومن ضمنها سراج الدين، مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالقاعدة. إضافة إلى أن العديد من قيادات القاعدة ممن لقوا حتفهم على يد القوات الأمريكية في خلال عمليات محاربة الإرهاب كانوا مختبئين لدى شبكة حقاني.

 إشارةً إلى عددٍ من الهجمات الدموية التي نفذتها الشبكة داخل أفغانستان جرى ربطها مباشرة بباكستان، فعلى سبيل المثال، في عام 2011، خطط المدبرون داخل شبكة حقاني، بمن فيهم بدر الدين حقاني، لاعتداء على فندق في كابول من داخل باكستان، وفق ما أوردت مديرية الأمن الوطني الأفغانية.[11] كما شهد العام نفسه هجومًا مماثلاً وقع في مدينة جلال أباد.

أما على الأراضي الباكستانية، فإن شبكة حقاني تتمركز في الشمال من وزيرستان، من دون أن تتخلى عن وجودها في أوساط المناطق القبلية على سبيل كورام، علمًا بأن الشبكة تدير مدرسة منبع العلوم السيئة السمعة في ميرامشاه في الشمال من وزيرستان.

وعلى الرغم من الصلة العلنية التي تربط شبكة حقاني بتنظيم القاعدة، إلا أن هذه الجماعة تظل ذات مكانة خاصة لدى القوات العسكرية والمخابراتية الباكستانية، إذ إنّه عندما تقوم قوات الجيش الباكستاني بالعمليات داخل المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية، فإنها تحيّد عن قصدٍ منها معاقل شبكة حقاني. وفي حين أن كبار القيادات الباكستانية يصرون على عدم استثناء هؤلاء من القصف إلا أننا لا نلاحظ مصرع حتى على الأقل اعتقال أي قائد من قيادات لا الصف الأول ولا الثاني حتى الثالث في خلال العمليات العسكرية الباكستانية داخل المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية منذ عام 2008 حتى يومنا هذا.

جماعة الملا نظير

جماعة الملا نظير هي عبارة عن مجموعة باكستانية منبثقة عن حركة طالبان تنشط أعمالها على وجه الخصوص في الجنوب من وزيرستان. لم تتأخر الحكومة الأمريكية في إدراج هذه الجماعة على لائحة المنظمات الإرهابية العالمية في عام 2013، إذ إنّ الحكومة تقول عنها إنّها كانت مسؤولة عن «إدارة مخيمات التدريب ونشر منفذي الهجمات الانتحارية وتأمين الملاذ الآمن لمقاتلي تنظيم القاعدة والإضطلاع بالعمليات العابرة للحدود داخل أفغانستان ضد الولايات المتحدة وحلفائها.»[12] إضافة إلى أن القائد الحالي لهذه الجماعة بهاوال خان[13] ونائبهه القائد الفرعي مالانغ[14] قد أدرجتهما الولايات المتحدة على لائحة كبار الإرهابيين العالميين.

أما قائد الجماعة السابق، الملا نظير، الذي لقي مصرعه في  إحدى الهجمات الأمريكية الجوية فقد كان يعرّف عن نفسه بصفته قائد تنظيم القاعدة، وكان يقول إنّه كان يتشارك مع الجماعة رؤيتها التي تتبناها بشأن الجهاد في العالم.[15] أضف إلى ذلك أن العديد من قادة تنظيم القاعدةة كانوا قد لقوا مصرعهم بينما كانوا مختبئين لدى جماعة الملا نظير،[16] إضافة إلى أنّ الجيشش الباكستاني لم يتوان عن تزويد جماعة الملا نظير بالدعم المباشر خلال تصادمها وجهًا لوجه معع أعضاء من الحركة الإسلامية في أوزبكستان .[17]

وعلى الرغم من الصلات الوثيقة والمباشرة التي تجمع ما بين جماعة الملا نظير وتنظيم القاعدة إلا أن السلطات الباكستانية لم تغيّر نظرتها إلى هذه الجماعة باعتبارها حليفة لها في المناطق القبلية. وعلى شاكلة شبكة حقاني، فإن جماعة الملا نظير لم تكن تـُمس بسوء في أثناء إطلاق الجيش الباكستاني للعمليات العسكرية التي كان يستهدف من خلالها حركة طالبان في باكستان.

عسكر طيبة

ربما يكون عسكر طيبة خير مثال على الدعم الذي تؤمنه السلطات الباكستانية للجماعات الجهادية، وهو جماعة كانت الولايات المتحدة قد أدرجتها على لائحة المنظمات الأجنبية الإرهابية. أما تأسيسها فقد جاء على يد زعيمها حافظ سعيد، إلى جانب كل من أسامة بن لادن وعبد الله عزام، عراب الجهاد في العالم. أما من جانبه، فإن أسامة بن لادن فكان قد ساعد عسكر طيبة في تأسيس معسكرات التدريب داخل أفغانستان وفي أقليمي كونار وباكتيا بالتحديد،[18] حيث إنّهاا لا تزال ناشطة في هذه المناطق حتى يومنا الحالي. علمًا بأن عسكر طيبة تتشارك مع القاعدةة هدفها الساعي إلى إنشاء دولة إسلامية في جنوب آسيا، على أن تنتشر لاحقًا أبعد من ذلك.

والجدير ذكره هو أن عسكر طيبة ينشط جهرًا وعلانية في باكستان، حيث يمتلك العديد من المكاتب في مختلف أرجاء البلاد. علمًا بأن مقره الرئيسي مركز طيبة القائم في مريدكي بالقرب من لاهور هو عبارة عن مجمع واسع يستخدم من أجل تلقين جهاديي المستقبل قبل أن يُرسلوا ليخضعوا للتدريب العسكري. ومن جهتها، فإن الحكومة الإقليمية في بنجاب كانت قد مولت مركز طيبة في الماضي.[19]

وقد استخدمت هذه البنية التحتية الإرهابية من أجل التخطيط للهجمات الإرهابية الفادحة في كل من الهند وأفغانستان، و آخر الهجمات التي قادتها كانت في مدينة مومباي الهندية، عندما انتشر فريق من منفذي العمليات الانتحارية في مختلف أنحاء المدينة واستهدفوا العديد من الأماكن، بما في ذلك مسرح ومحطة قطار وفنادق ومركز تابع لليهود، ما أدى إلى مصرع 164 شخصًا. علمًا أن هذا الهجوم دام ثلاثة أيام، حيث استطاعت المخابرات الهندية أن تتعقب اتصالات هاتفية تمكنت من خلالها أن تربط المخططين بباكستان  أثناء تنفيذ الهجوم. ومن جانبهم فإن المدبرين كانوا يوجهون المنفذين نحو استهداف غير المسلمين والقضاء عليهم، غالبًا بصورة شنيعة وفي الكثير من الأحيان كانت تعلو أصواتهم ضحكًا عند تنفيذ توجيهاتهم. على أثر الهجوم، أصدرت الشرطة الدولية مذكرات توقيف بحق ضابطين اثنين من كبار ضباط الجيش الباكستاني إلى جانب رائد متقاعد.[20]

وعلى الرغم من العلاقات التي تجمع ما بين عسكر طيبة وتنظيم القاعدة في السر وفي العلن وعلى الرغم من الحملة الإرهابية التي شنتها في الهند وفي أفغانستان، فإن الحكومة الباكستانية ترفض رفضًا قاطعًا أن تضيّق الخناق على هذه الجماعة، فمجمعها في مريدكي وغيره من المراكز المنتشرة على طول البلاد لا تزال تعمل بينما قاداتها يعملون بلا حسيب ولا رقيب في طول البلاد وعرضها. أما حافظ سعيد فيحظى بحماية خاصة من المسؤولين الباكستانيين الذي يرفضون محاسبته وغيره من قيادات عسكر طيبة أمام القضاء بسبب أفعالهم، إذ إنّ أحدًا من أعضاء عسكر طيبة ممن قاموا بهجمات مومباي لم يخضع للمحاكمة.

حركة «المجاهدين»

حركة «المجاهدون» هي حركة أخرى من الحركات الجهادية التي تتخذ من باكستان مقرًا لها، والتي كانت الولايات المتحدة قد أدرجتها على لائحة المنظمات الأجنبية الإرهابية، حتى إنّ أمير هذه الجماعة، المدعو فضل الرحمن خليل هو الآخر أدرجته الولايات المتحدة على اللائحة المخصصة لكبار الإرهابيين العالميين.[21]

علمًا أنه في تحديث أجرته الولايات المتحدة على إدراج حركة المجاهدين على لائحة الإرهاب أشارت الأولى إلى أن هذه الأخيرة «تنشط في باكستان وتنخرط في نشاطات إرهابية داخل إقليم كشمير وفي كل من الهند وأفغانستان» وإلى أنها «إضافة إلى ذلك، تدير مخيمات تدريب مخصصة لإعداد الإرهابيين في الشرق من أفغانستان.»[22]

وفضل الرحمن خليل، تمامًا كما حافظ سعيد، ما هو إلا صناعة داخلية باكستانية، ففي عام 2011 أشارت معلومات إلى أنه كان يعيش بمطلق الحرية بالقرب من العاصمة إسلام آباد.[23] علماًً أن فضل الرحمن خليل هو واحد من الجهاديين الذين لجأ أسامة بن لادن إليهم طالبًا النصح قبلل أن يصدر فتواه الشهيرة التي أعلن من خلالها الحرب على الولايات المتحدة في عام 1998، فخليل كان أحد الموقعين على هذه الفتوى. وتجدر الإشارة إلى أنه لطالما جرى تقفي أثر مراسلات تربط ما بين أسامة بن لادن وحركة المجاهدين، التي من الممكن أن تكون قد لعبت الدور الكبير في شبكة الدعم القوية التي كانت تتحلى بها القاعدة داخل باكستان.[24] إضافة إلى ذلك، فإنن حركة المجاهدين لعبت دور المنظمة التي تغذى عليها تنظيم القاعدة خلال إنشاء فرعه الإقليميي الذي أعلنه منذ وقت غير بعيد، تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة الهندية، والذي أُسِّس رسميًا في شهر أيلول من عام 2014. أما عاصم عمر، وهو أمير هذا التنظيم الوليد فما هو إلا عضو سابق في حركة المجاهدين.[25]

إشارةً إلى أن خليل كان قد قام «بنقل المقاتلين إلى كل من الهند وأفغانستان والصومال والشيشان والبوسنه، إلى جانب كونه محل ثقة أسامة بن لادن، كما أمضى  بعض الوقت مع العقل المدبر وراء هجمات 11 أيلول، خالد الشيخ محمد»، وفق ما أوردته الأسوشيتد برس في عام 2011.[26] وتستطرد الوكالة بالقول إنّ «السلطات الباكستانية على إطلاع كامل بشأن الأماكنن التي يكون فيها خليل وتنقلاته، ولكنها لم تحرك ساكنًا وتركته على سجيته، تمامًا كما كانتت تتساهل مع غيره من عناصر الميليشيات في كشمير والتي كانت تحظى بالغطاء المباشر من قوات الجيش ووكالة استخباراته التي كانت تستفيد منهم في وجه الهند».

تمامًا كما عسكر طيبة، فإن باكستان لم تحرك ساكنًا ولم تبدِ نية في التضييق على حركة المجاهدين ولا على نشاطاتها في أفغانستان ولا حتى في كشمير.

جيش محمد

لم تتأخر الولايات المتحدة في إدراج اسم جيش محمد على لائحة المنظمات الأجنبية الإرهابية، إلى جانب إدراج اسم قائدها مسعود أزهر على اللائحة المخصصة لكبار الإرهابيين العالميين، بسبب ما ينخرط فيه الاثنان من علاقات وطيدة مع تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الجهادية.

مرة أخرى، وكسابقيه، عسكر طيبة وحركة المجاهدين، فإن جيش محمد يحصل على الدعم المباشر من الجيش الباكستاني والاستخبارات المحلية، وذلك لأنه يجاهر بالعداء للهند ويلوح براية الجهاد في أفغانستان. في عام 2010، عندما أدرجت الولايات المتحدة مسعود أزهر على لائحة الإرهاب، أشارت وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن «ملصقات التجنيد التي ينشرها جيش محمد في باكستان تتضمن دعوى من أزهر شخصيًا يطلب فيها من المتطوعين الانضمام إلى القتال في أفغانستان في وجه القوى الغربية».[27]

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن جيش محمد كان قد تورط إلى جانب عسكر طيبة في الهجوم الذي وقع بتاريخ 13 كانون الأول من عام 2001 الذي استهدف آنذاك مبنى البرلمان الهندي الكائن في نيودلهي، حيث أشارت أصابع الاتهام إلى وقوف كلا التنظيمين وراء هذا الاعتداء. عدا عن أن الشيخ أحمد سعيد عمر، وهو الشريك المقرب من مسعود أزهر، كان يقف وراء اختطاف المراسل في صحيفة وال ستريت جورنال، دانيال بيرل[28]، الذي جرى في وقت لاحق قطع رأسه.

وفي آخر المستجدات، استطاعت السلطات الهندية في شهر كانون الثاني من عام 2016 أن تربط جيش محمد بالاعتداء على قاعدة باثانكوت الجوية في الهند.[29] تمامًا كما غيره منن الإعتداءات، فإن السلطات الهندية استطاعت أن ترصد اتصالات هاتفية أجراها أحد المدبرين منن باكستان ليرشد الفريق الذي نفذ الهجوم في أثناء عملية التنفيذ.[30]

وعلى الرغم من النشاطات الإرهابية التي يضطلع بها جيش محمد فإن السلطات الباكستانية لم تأخد  أيّ خطوة في وجه هذه الجماعة، ومن جانبها فإن الهند لطالما تقدمت بطلبات تدعو إلى ترحيل مسعود أزهر، ولكنها كلها ذهبت أدراج الرياح.[31]

الفشل في التحرك

مما لا شك فيه هو أن ما تبديه السلطات الباكستانية من تساهل في تعاملها مع الجماعات الجهادية ليس خافيًا أبدًا عن أعين الحكومة الأمريكية، ففي التقارير الذي أصدرته وزارة الخارجية بشأن الإرهاب في عام 2015، أبدت هذه الأخيرة استنكارًا شديد اللهجة تجاه فشل السلطات الباكستانية في خفر الجماعات الجهادية في المنطقة.[32]

وبالتفاصيل فإن التقرير يشير إلى أن «باكستان لم تأخذ أيّ خطوة فعلية للوقوف في وجه طالبان الأفغانية أو شبكة حقاني، ولم تسع ولو جزئيًا إلى الحد من قدرتهما على تهديد المصالح الأمريكية في أفغانستان».

وتستطرد الوزارة بالقول: «كما أن باكستان لم تأخذ ما يكفي من الإجراءات التي تسمح بالوقوف في وجه الجماعات التي تنصب نشاطاتها على الخارج، على سبيل عسكر طيبة أو جيش محمد، اللتين لا تزالان منخرطتين في نشاطات العمل والتدريب والتنظيم وجمع التبرعات داخل باكستان». إضافة إلى ذلك، فإن وزارة الخارجية أتت على ذكر أن هذه الجماعات تقوم بجمع التبرعات علنًا من دون أيّ عواقب  تذكر وأن حافظ سعيد «كان قد ظهر في العلن في العديد من المناسبات المتكررة من أجل دعم أهداف منظمته»، من دون أن تتحرك  القوات الباكستانية قيد أنملة من أجل اعتقاله.[33]

من جانبها، فإن وزارة الخارجية لم تتقدم بأي تبرير يعلل ما تبديه السلطات الباكستانية من رفض تجاه تضييق الخناق على هذه الجماعات الإرهابية المنتشرة على أراضيها، ولكن مما لا شك فيه هو أن كل من الجيش والحكومة في هذا البلد يعتبران أن المنظمات الجهادية هي قيمة استراتيجية بين أيديهما، إذ إن بعض من الجهاديين هم أشقاء لهم في الأيديولوجيا المتبناة.

------------------------------------

[1]- أستاذة مساعدة ،الجامعة الأمريكية، لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب12 تموز 2016.

[2]- السفير الأمريكي الأسبق إلى العراق وأفغانستان والأمم المتحدة؛ مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب: اللجنة الفرعية المتعلقة بالإرهاب والحد من انتشار الأسلحة والتجارة 12 تموز 2016 .

[3]- كبير المحررين، لونغ وور جورنال،مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات

[4]-  حميدة غفور. (26 آب 2013). Zia ul-Haq’s legacy in Pakistan ‘enduring and toxic’ (إرث ضياء الحق في باكستان «طويل الأمد وسام»). Thestar.com مستخرج من

https://www.thestar.com/news/world/2013/08/26/zia_ulhaqs_legacy_in_pakistan_enduring_and_toxic.html

[5]- ويليام دالريمبل. (25 حزيران 2013). A Deadly Triangle (مثلث الموت). ذا بروكينغ إيساي. مستخرج من

 http://www.brookings.edu/research/essays/2013/deadly-triangle-afghanistan-pakistanindia-c

[6]-  شاهد، كنوار خلسون (19 كانون الثاني 2015). Pakistan: No more “Good Taliban” (باكستان: لا «طالبان الخيرة» بعد اليوم). ذا ديبلومات. مستخرج من:

 http://thediplomat.com/2015/01/pakistan-no-more-good-taliban.

[7]-  ريدل،بروس. (20 آب 2015). Terrors godfather (عراب الإرهاب). بوكينغز. مستخرج من:

 http://www.brookings.edu/research/opinions/2015/08/20-terrors-godfather-hamid-gul-riedel

[8] - علي، امتياز. (23 آيار 2007). The Father of the Taliban: An interview with Maulana Sami-ul-Haq (أبو طالبان: مقابلة مع مولانا سامي الحق). مؤسسة جايمستاون. مستخرج من:

 http://www.jamestown.org/programs/tm/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=4180&tx_ttnews%5BbackPid%5D=26&cHash=2feb32fe98a6250c9fa2ab6610564cec#.V36AaJMrJZg

[9]-  روجيو، بيل. (23 شباط 2010). The Afghan Taliban’s top leaders (القيادات العليا في طالبان الأفغانية). ذا لونغ وور جورنال. مستخرج من:

 http://www.longwarjournal.org/archives/2010/02/the_talibans_top_lea.php

[10]- وكالات؟ (27 تشرين الأول 2011). ISI arming and training us, claim “Taliban commanders”. (المخابرات الباكستانية تسلحنا وتدربنا، قادة طالبان يعلنون. ذي اكسبرس تريبيون. مستخرج من:

 http://tribune.com.pk/story/283051/isi-arming-and-trainingus-claim-taliban-commanders/

[11]-  جوسلين، طوماس وروجيو، بيل. (3 أيلول 2011).

 Haqqani Network directed Kabul hotel assault by phone from Pakistan

(شبكة حقاني تدير اعتداء على فندق في كابول عبر الهاتف من باكستان). ذا لونغ وور جورنال. مستخرج من:

 http://www.longwarjournal.org/archives/2011/09/haqqani_network_dire.php

[12]- وزارة الخارجية الأمريكية. (26 شباط 2013). Terrorist Designations of the Commander Nazir Group and Malang Wazir (ادراج قيادات جماعة نظير ومالانغ وزير على لائحة الإرهاب). مستخرج من:

 http://www.state.gov/r/pa/prs/ps/2013/02/205195.htm

[13]- وزارة الخارجية الأمريكية. (6 آب 2013). Terrorist Designation of Bahawal Khan (إدراج بهاوال خان على لائحة الإرهاب). مستخرج من:

 http://www.state.gov/r/pa/prs/ps/2013/08/212730.htm

[14]- وزارة الخارجية الأمريكية. (26 شباط 2013). Terrorist Designations of the Commander Nazir Group and Malang Wazir (ادراج قيادات جماعة نظير ومالانغ وزير على لائحة الإرهاب). مستخرج من:

 http://www.state.gov/r/pa/prs/ps/2013/02/205195.htm

[15]- شهزاد، سيد سليم. (5 آيار 2011). Taliban and al-Qaeda: Friends in arms. (طالبان والقاعدة: أصدقاء السلاح). آسيا تايمز. مستخرج من:

 http://www.atimes.com/atimes/South_Asia/ME05Df02.html

[16]- روجيو، بيل. (4 آيار 2011). ‘Good’ Pakistani Taliban leader Nazir affirms membership in al

Qaeda. (قائد طالبان «الخيرة» الباكستانية الملا نظير يؤكد عضويته في تنظيم القاعدة. لونخ وور جورنال. مستخرج من:

 http://www.longwarjournal.org/archives/2011/05/good_pakistani_taliban_leader_nazir_admits_membership_in_al_qaeda.php

[17]-  عباس، حسن. (14 آيار 2007).

 South Waziristan’s Maulvi Nazir: The New Face of the Taliban.

 (الملا نظير المقيم في جنوب وزيرستان: وجه طالبان الجديد).  مؤسسة جايمستاون. مستخرج من:

 http://www.jamestown.org/single/?no_cache=1&tx_ttnews%5Btt_news%5D=4147#.V36bd5MrJBw

[18]-  تيليس، آشلي جي. (11 آذار 2010).

 Bad Company – Lashkar-e-Tayyiba and the growing ambition of Islamist militancy in Pakistan.

 (سوء الصُدف – عسكر طيبة والطموح المتنامي للميليشيات الإسلامية في باكستان). كارنيج اندوومنت. مستخرج من: http://carnegieendowment.org/files/0311_testimony_tellis.pdf

[19]-  روول، انيمش. (27 حزيران 2013).

 Punjab Government Financing Front Group for Lashkar-etaiba Terrorists.

 (حكومة بنجاب تمول الجماعة الإرهابية الشهيرة عسكر طيبة). مؤسسة جايمستاون. مستخرج من:

 http://www.jamestown.org/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=41078&no_cache=1#.V360HpMrJBw

[20]-  نيلسون، دين وسوامي، برافين. (8 تشرين الأول 2010).

 Interpol issues Pakistan army arrest warrants over Mumbai attacks.

(الشرطة الدولية تصدر مذكرات التوقيف بحق شخصيات من الجيش الباكستاني على خلفية هجمات بومباي). ذا تلغراف. مستخرج من:

 http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/asia/pakistan/8050866/Interpol-issues-Pakistanarmy-arrest-warrants-over-Mumbai-attacks.html

[21]-  Treasury Department Targets Senior Official and Support Networks of Two Pakistan-based Terrorist Groups. (وزارة الخزانة الأمريكية تستهدف قائدًا رفيع المستوى وشبكات دعم لمجموعتين إرهابيتين مقيمتين في باكستان). (30 أيلول 2014). وزارة الخزانة الأمريكية. مستخرج من:

 https://www.treasury.gov/press-center/press-releases/Pages/jl2653.aspx

[22]-  روجيو، بيل. (8 آب 2014).

 Harkat-ul-Mujahideen ‘operates terrorist training camps in eastern Afghanistan’.

 (حركة المجاهدون «تدير مخيمات لتدريب الإرهابيين في الشرق من أفغانستان). لونغ وور جورنال. مستخرج من:

  http://www.longwarjournal.org/archives/2014/08/harakat-ul-mujahidee.php.

[23]- (أحد القادة الإرهابيين يعيش بحرية بالقرب من العاصمة الباكستانبة). (16 حزيران 2011).

 Terror leader lives freely near Pakistani capital.

 داون. مستخرج من:

 http://www.dawn.com/news/636965/terror-leader-lives-freely-near-pakistani-capital

[24]-  غال، كارلوتا، زبير شاه، بير، شميت، إيريك. (23 حزيران 2011).

 Seized Phone Offers Clues to Bin Laden’s Pakistani Links.

(تعقب اتصال هاتفي يشير إلى ارتباطات لابن لادن في باكستان). ذا نيويورك تايمز. مستخرج من:

 http://www.nytimes.com/2011/06/24/world/asia/24pakistan.html.

راجع أيضًا: جوسلين، طوماس. (24 حزيران 2011).

 Bin Laden’s courier tied to Pakistani-backed terror group.

(بريد ابن لادن  يشير إلى الاتباطه بمجموعة إرهابية تحظى بالدعم الباكستاني). ذا لونغ وور جورنال. مستخرج من:

  http://www.longwarjournal.org/archives/2011/06/nyt_bin_ladens_couri.php

[25]-  وزارة الخارجية الأمريكية. (30 حزيران 2016). State Department Terrorist Designations

(لائحة الإرهاب الصادرة عن وزارة الخارجية). مستخرج من:

 http://www.state.gov/r/pa/prs/ps/2016/06/259219.htm

[26]- (أحد القادة الإرهابيين يعيش بحرية بالقرب من العاصمة الباكستانبة). (16 حزيران 2011). داون.

 Terror leader lives freely near Pakistani capital. مستخرج من:

 http://www.dawn.com/news/636965/terror-leader-lives-freely-near-pakistani-capital

[27]-  روجيو، بيل. (4 تشرين الثاني 2010). ذا لونغ وور جورنال. مستخرج من:

 http://www.longwarjournal.org/archives/2010/11/us_treasury_sanction_1.php.

[28]-  Suspected Mastermind of Pearl Kidnapping Arrested. (توقيف المشتبه فيه في التخطيط لخطف بيرل). (12 شباط 2002). سي أن أن. مستخرج من:

 http://transcripts.cnn.com/TRANSCRIPTS/0202/12/bn.02.html

[29]-  روجيو، بيل. (2 كانون الثاني 2016). Jaish-e-Mohammed suspected in assault on Indian airbase (الإشتباه باضطلاع جيش محمد بالهجوم على القاعدة الجوية الهندية). ذا لونغ وور جورنال. مستخرج من:

http://www.longwarjournal.org/archives/2016/01/jaishe-mohammed-suspected-in-assault-on-indian-airbase.php.

[30]-  تيواري، ديبتيمان. (10 كانون الثاني 2016). Pathankot: For 20 hours, terrorists hid in elephant grass

 (باثانكوت: الإرهابيون اختبؤوا على مدى 20 ساعة داخل العشب المخصص للفيلة). ذا انديان اكسبرس. مستخرج من:

 http://indianexpress.com/article/india/india-newsindia/pathankot-for-20-hours-terrorists-hid-in-elephant-grass/

[31]-  اكسبرس نيوز سيرفيس. (9 نيسان 2016). India to send fresh request to UN against Masood Azhar

 (الهند تتقدم بطلب جديد أمام الأمم المتحدة ضد مسعود أزهر). ذا انديان اكسبرس. مستخرج من:

 http://indianexpress.com/article/india/india-newsindia/india-to-send-fresh-request-to-un-against-masood-azhar/

[32]-  Country Reports on Terrorism 2015 )التقارير الوطنية بشان الارهاب لعام 2015. (2 حزيران 2015). منشورات وزارة الخارجية الأمريكية. مستخرج من:

 http://www.longwarjournal.org/wpcontent/uploads/2016/06/2016-State-Department-Country-Report-on-Terrorism.pdf.

[33]-  راجيون بيل. (3 حزيران 2016).

 ‘Pakistan did not take substantial action against Afghan Taliban’ or Haqqani Network: State Department.

 (وزارة الخارجية تعلن: «باكستان لم تأخذ خطوات جدية في وجه طالبان الأفغانية أو شبكة حقاني»). ذا لونغ وور جورنال. مستخرج من:

 http://www.longwarjournal.org/archives/2016/06/pakistan-did-not-take-substantialactionagainst-the-afghan-taliban-or-haqqani-network-state-department.php.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف