البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

August / 7 / 2017  |  1013حالة الحذر مع ايران

إيلي جيرانماييه - Ellie Geranmayeh فورين أفيرز - Foreign Affairs 20 نيسان 2017 - 20 April 2017
حالة الحذر مع ايران

التحرير: كعادتها تقدم إيلي جيرانماييه مقاربة أوروبية موضوعية لما يمكن أن ينتج من التصعيد الأميركي ضد إيران من إدارة ترامب. لا تتجه حسابات الربح والخسارة لمصلحة أميركا بل المتضرر الأساسي هو الضحايا المدنيّون، هذا فضلا عن أن الخيارات الأميركية محدودة لأن وضع إيران اليوم أفضل مما كان عليه أيام أوباما.


بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تفترض الولايات المتحدة اتخاذ موقف مواجهة علنية مع إيران. لكن كيفية تحول الموقف إلى سياسة يعتمد على قضيتين أساسيتين. الأول كيفية تعامل ترامب مع الاتفاق النووي الذي وقعه سلفه باراك أوباما مع إيران في عام 2015. والثاني مدى محاولة إدارة ترامب إضعاف موقف إيران في الشرق الأوسط.

مؤخراً، أوحى البيت الأبيض بأنه يسعى إلى اتباع رؤية أكثر صلابة من تلك المقاربة التي انتهجتها إدارة أوباما فيما يتعلق بتطبيق الصفقة النووية، بناءً على احترام الصفقة وتقيد أكثر ببنودها. ولكن في مجالات أخرى، بدت إدارة ترامب في صدد اتباع خط اكثر عدائية اتجاه إيران. ففي 19 نيسان، قال وزير الخارجية تيلرسون إن «أفعال إيران الاستفزازية تهدد الولايات المتحدة والمنطقة والعالم» وقطع وعداً بأن تنتج المراجعة المستمرة للسياسة الأميركية تجاه إيران موقفاً جديداً يواجه «التحديات التي تشكلها إيران بوضوح وإقناع».

مع إنهاء البيت الأبيض المراجعة تلك، سوف يقدم المسؤولون الأميركيون رؤى مختلفة حول كيفية التعامل مع البلاد وسيسعى حلفاء أميركا في الشرق الأوسط إلى شد توجهات أميركا نحو مصالحهم. وفيما يدرس ترامب أيّاً من تلك التوجهات سيتبع، يجب عليه أن يبقي في الحسبان أن مقاربة أكثر عدائية ستكون حُبلى بالمخاطر الحقيقية- ليس أقله وقوف طهران وواشنطن في مسار يوصل إلى مواجهة من شأنها أن تشعل الصراعات في واحدة من أكثر مناطق العالم لهيباً.

خيارات ترامب

ثمة رؤيتان شاملتان حول كيفية رفع مستوى سياسات أميركا التصعيدية تجاه إيران. بعض مستشاري ترامب، بقيادة شخصيات عسكرية مع خبرة شاملة في التعامل مع الشرق الأوسط، مثل وزير الدفاع جايمس ماتيس، يُبدون دعمهم علناً لخيار تقويض الحرس الثوري- رؤية ترسمها خبرة الجيش الأميركي في التعامل مع الحرس الثوري في لبنان والعراق. هذا المعسكر يدرس خيارات يمكن أن تأمر على سبيل المثال البحارة الأميركيين باعتلاء السفن الإيرانية المشتبه بأنها تنقل الأسلحة في المياه الدولية. ويضغط عدد من المسؤولين والمحللين على الإدارة لفرض عقوبات على الحرس الثوري باعتباره منظمة إرهابية أجنبية، وفي آذار الفائت، قُدم مشروع إلى مجلس الشيوخ ينادي بفرض عقوبات ذات علاقة بالإرهاب والامور الأخرى على إيران. بعض المسؤولين الأمنيين يقولون إن العقوبات على الحرس الثوري ستحفز المليشيات المدعومة من إيران على مهاجمة القوات الأميركية في العراق فيما توفر فوائد قليلة لمصلحة الولايات المتحدة.

الخيار الآخر أمام إدارة ترامب تصعيد إجراءاتها  السرية ضد إيران. على سبيل المثال، يمكن للولايات المتحدة أن تقدم مزيداً من المساعدة للحلفاء الإقليميين، مثل السعودية والإمارات، على الصعيدين العسكري والمالي لاستهداف الجماعات التي تدعمها إيران في المنطقة، مثل حزب الله والحوثيين في اليمن. وحدها، خطوات كهذه تساعد الولايات المتحدة على تفادي المواجهة المباشرة مع إيران في المدى المنظور. لكنها مشوبة بسلسلة من المخاطر المبنية على تبادل الاشتباك ما من شأنه أن يُقيد إيران والولايات المتحدة في دائرة تصعيدية، كما حصل في العراق في العقد الأول من هذا القرن، حينما هاجمت المليشيات المدعومة من إيران مراراً وتكراراً القوات الأميركية.

أي من هذه الخيارات لا يختلف كثيراً عن تلك التي كانت متوافرة أمام أوباما وبوش. الاختلاف أن موقف إيران الإقليمي أصبح أقوى اليوم مما كان خلال فترة رئاسة كل من الرئيسين، والفضل في ذلك جزئياً يعود إلى إسقاط صدام حسين، عدو إيران في العراق والاندفاعة التي حازتها إيران في سوريا بعد التدخل الروسي في الحرب الأهلية المندلعة في البلاد. بالنتيجة، إيران تتميز بوضع أفضل لتعريض القوات الأميركية وتلك التابعة للحلفاء في أفغانستان وسوريا والعراق واليمن للخطر.

لجعل الأمور ميسّرة أكثر، سوف يكون على إدارة ترامب إيجاد حل لكيفية تحقيق التوازن بين مقاربة أكثر عدائية تجاه إيران وخططها لمحاربة الجماعات الإرهابية في المنطقة- أولوية تشارك فيها إيران. على سبيل المثال، في العراق تحارب القوات الأميركية والإيرانية على حد سواء داعش تحت ترتيب الأمر الواقع الذي أبقى تلك القوات لغاية الآن بعيدة عن الاشتباك عن طريق الخطأ فيما بينها. فإن ارتفعت حرارة التوترات بين واشنطن وإيران، فسيكون الحفاظ على هذا النوع من عدم الاشتباك أكثر صعوبة.

اختيار الموقف

في الوقت نفسه الذي يتعرض فيه البيت الأبيض للضغط من معسكرات عدة في واشنطن، كان عليه أيضاً التعامل مع مصالح شركائه في الشرق الأوسط. مسؤولون من إسرائيل والإمارات والسعودية يحثون إدارة ترامب على الحد من تواصلها الاقتصادي والدبلوماسي مع إيران (برغم اعتراف السعودية هي الأخرى بأن الولايات المتحدة يجب أن تتبنى الاتفاق النووي عام 2015). أوائل هذا العام، كان مسؤولون من تلك البلدان إضافة إلى آخرين من الأردن ومصر يناقشون رفع مستوى تعاونهم الاستخباري والعسكري مع الولايات المتحدة في محاولة لقطع الطريق على النفوذ الإقليمي لإيران.

أما بخصوص المصالح الخاصة بتلك البلدان، فإسرائيل هي الأكثر اهتماماً بتأمين دعم واشنطن ضد ما تعتبره تهديدات تشكلها إيران وحزب الله في مرتفعات الجولان. في غضون ذلك، تسعى السعودية والإمارات إلى مزيد من الدعم العسكري الأميركي لحربهما ضد الحوثيين في اليمن. ومنذ أن اعتلى ترامب منصبه، تزيد الولايات المتحدة بشكل دراماتيكي من غاراتها الجوية ضد المقاتلين المرتبطين بالقاعدة في ذاك البلد. ويبدو ان واشنطن الآن في صدد توسيع مشاركتها في الحرب الأهلية اليمنية، بما يتماشى مع رغبات الدول الخليجية- تغيير لُمس من خلال إعلان وزارة الخارجية في الشهر الفائت بأنها تدعم رفع القيود التي وضعتها إدارة أوباما على بيع أنظمة الاستهداف الدقيق للسعودية. وهذا السبيل الأقل كلفة نسبياً أمام إدارة ترامب لدعم حلفائه العرب والدلالة على موقف أكثر حدة تجاه إيران، بما يتناغم مع نداء السعودية بأنه يجب أن يُوضَع حد للنفوذ الإيراني في اليمن.

مع سعي الدول الخليجية علناً لجذب الولايات المتحدة إلى جانبها في العداوة مع إيران، فهي مع إسرائيل تضغط على روسيا من أجل إعادة درس علاقاتها العسكرية التي طورتها مع طهران في سوريا ومن أجل تقويض الحرس الثوري في الحرب الأهلية السورية. لغاية الآن لا يوجد أسباب كثيرة تدفع روسيا إلى الإذعان. كانت الغارات الجوية الأميركية الأخيرة ضد سوريا وإبقاء العقوبات الأميركية على روسيا قد أضرت جدياً باحتمال إعادة التقارب بين موسكو وواشنطن، تقارب قد تكون إيران فيه الخاسر المحتمل. أكثر من ذلك، تبرهن القوات البرية المدعومة من إيران أنها شريك فعال لروسيا في سوريا: وموسكو ستكسب القليل إن قطعت علاقتها بهم.

وجهة النظر من إيران

يبدو ان القيادة الإيرانية تنتظر لترى ماهية التغيرات في موقف أميركا في الأشهر القادمة قبل أن تتبنى السياسة الخارجية الخاصة بها. وأوحى مسؤولون إيرانيون رفيعو المستوى أن إدارة ترامب ستتجنب الاشتباكات الخارجية المكلفة التي تحرف الموارد الأميركية عن الأولويات المحلية، مثل الأمن في الداخل ومكافحة الإرهاب. ويبدو أن الغارات الأميركية الأخيرة في سوريا واستخدام الولايات المتحدة قاذفاتها التقليدية الأكبر لاستهداف المسلحين في أفغانستان يتناقض مع هذه الرؤية. لكن تلك الأعمال لها كلفة بسيطة نسبياً عند إيران، وبرغم أنها أدانتها، لم تقم بشيء رداً عليها. وعلى الرغم من أن المخاوف الأولية عند المسؤولين الإيرانيين بأن إدارة ترامب ستكون قادرة على دق الإسفين بين إيران وروسيا قد خبت، هذا لا يلغي احتمال أن يكون هناك ترتيب روسي أميركي نهائي على حساب إيران.

ما هو واضح لكثيرين في طهران أن احتمال بقاء الخمود مسيطراً على العلاقة مع الولايات المتحدة قد ضعف بعد تولي ترامب للرئاسة. وفي حال سلكت العلاقات الثنائية انعطافةً أكثر حدة نحو الأسوأ ولم تعد الصفقة النووية سارية المفعول، فإيران مستعدة للجوء إلى خطط طارئة كانت قد وضعتها إبان رئاسة أوباما، من شأنها أن تؤدي على سبيل المثال إلى تصعيد العمل في تخصيب اليورانيوم وبرامجها الصاروخية البالستية. ولكن لغاية الآن، تسعى إيران بجد من أجل الأولويات نفسها ذات العلاقة بالاتفاق النووي ومصالحها الإقليمية التي سعت إليها في العام الماضي: ويكون ذلك من خلال المضي في التزاماتها ذات العلاقة بالصفقة النووية، وتأمين حدودها مع العراق عبر احتواء خطر داعش وأن يكون لها اليد العليا في الصراع السوري.

فلندع أصحاب الرؤوس الباردة يظهرون

مع تدهور العلاقة بين إيران والولايات المتحدة، سيكون من الضروري أن تقوم الصين وروسيا والبلدان الأوروبية بتشجيع أصحاب الرؤوس الباردة في طهران وواشنطن على أن يحتلوا المشهد. المسؤولون في أوروبا خصوصاً يجب أن يحموا العلاقات السياسية والاقتصادية التي يبرمونها مع إيران منذ الصفقة النووية. وبفعلهم ذلك سيكون من الأفضل لهم المساعدة في تخفيض مستوى التوترات المستقبلية بين إيران والولايات المتحدة، وإعادة تذكير شركائهم الأميركيين بأن القيادة في إيران ليست وحدة متراصة، ولا ترزخ تحت تأثير حصري للحرس الثوري.

في الوقت عينه، يجب أن يكون المسؤولون الأميركيون واقعيين بشأن ما يمكن أن يحققوه وسط هذه الفوضى الحالية في الشرق الأوسط. وستكون السياسة الأميركية فعالة أكثر إذا ما أخذت بالحسبان بشكل براغماتي قوة إيران ومفهومها لتهديدات جيرانها. فحين يجري على سبيل المثال التفكير بكيفية مقاربة برنامج إيران للصواريخ البالستية يجب أن تأخذ واشنطن بعين الاعتبار القدرات المتطورة لجيران إيران، ولا سيما إسرائيل وباكستان والسعودية وتركيا. وحين يجري البحث في كيفية التعاطي مع علاقات إيران المتنامية مع المليشيات الإقليمية، يجدر على الولايات المتحدة أن تملأ فراغات السلطة التي سمحت لتلك الجماعات بسدّها، ناهيك عن التكتيكات المسلحة التي تسمح بتفاقم انهيار الدولة وتوسيع مجال مناورة تلك الجماعات.

كان أول اختراق حقيقي أولي للولايات المتحدة مع إيران- الصفقة النووية- نتاج دبلوماسية متعددة الجوانب وتسوية متبادلة. وسيكون السعي لعزل إيران من خلال استراتيجية عسكرية بشكل أساسي أمراً عقيماً. أسوأ من ذلك، سيشكل ذلك تصعيداً خطراً- والضحايا الأساسيون للعنف الذي يمكن أن يليه هم مدنيو تلك المناطق في الشرق الأوسط الذي تمزقه الحرب أصلاً.

----------------------------

إيلي جيرانماييه : باحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف