البحث في...
الإسم
الإسم اللاتيني
البلد
التاريخ
القرن
الدين
التخصص
السيرة
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة
ريسكه

ريسكه

الإسم اللاتيني :  JOHANN JAKOB REISKE
البلد :  ألمانيا
التاريخ :  1716م - 1774م
القرن :  18
الدين : 
التخصص : 

 مستشرق ألماني من الرعيل الأول وعالم باليونانيات.

ولد في 25 ديسمبر 1716 في اتسوربك Zorbick (بنواحي هلّه Halle)؛ وتوفي في 14 أغسطس 1774 في ليبتسك. وكان أبوه دباغاً. وتوفي وهو صغير فأودع في ملجأ للأيتام في مدينة هلّه. وأتقن اليونانية واللاتينية وهو في المدارس الابتدائية والثانوية.

وعلى حد تعبيره، شعر «برغبة قوية مُلِحة» في تعلّم العربية لما كان في ربيع 1733 في مدينة ليپتسك يتلقى العلم في جامعتها. وبدون أية مساعدة من أحد، وإنما اعتمادا ًعلى موهبته لتحصيل اللغات الأجنبية، استطاع إتقان النحو العربي؛ وحرم نفسه من الضروريات ـ وهو لم يتقاضَ من أهله طوال سنوات دراسته الخمس غير مائتي تالر ـ من أجل اقتناء الكتب العربية التي كان في متناوله اقتناؤها. وفي 1735 بدأ في قراءة كتاب «عجائب المقدور في وقائع تيمور» لابن عربشاه، وهو مسجوع كله، وتبعاً لذلك صعبٌ في القراءة. ولما وجد أن طبعة جوليوس لهذا الكتاب كثيرة التحريف، سافر في شتاء 1735 إلى درسدن ليقابل ريبش Seebisch أمين المكتبة، فعرف منه أن لديه مراجعة لهذا الكتاب على مخطوطين موجودين في المكتبة الوطنية بباريس، فأخذ ريسكه في نسخ هذه النسخة المراجعة.

واطلع على كل الكتب العربية المطبوعة حتى 1736. وعثر في مكتبة ليپتسك على مخطوط لـ «رسالة هرمس في معاذلة النفس» (راجع نشرتنا لها في كتابنا: «الأفلاطونية المحدثة عن العرب»، ط1، القاهرة 1955؛ ط2، الكويت 1976)، فقام بترجمتها إلى اللاتينية، ترجمة قال عنها فليشر في 1870: «إنه لا يكاد يوجد شاب في العشرين من عمره، تزوّد بأفضل تعليم وبأنجح الأدوات، يمكنه أن يقوم بترجمة أفضل من هذه»ز وتمنى لو «تجنب الأخطاء التي وقع فيها ريسكه، ولا أتطلع إلى فضل أكثر من هذا». (من مقدمة لنشرته وترجمته الألمانية لرسالة هرمس في معاذلة النفس، ليپتسك 1870 ص 6 من المقدمة).

والآن وقد استوعب تحصيل كل المطبوعات العربية، راح يبحث في المخطوطات. فالتمس في 1836 من يوهان كرستوف فولف Wolf (1683 ـ 1739)، مصنف كتاب «المكتبة العبرية» Bibliotheca Hebraica أن يعيره مخطوط «مقامات» الحيري الذي كان في مجموعة مخطوطاته. فأرسله إليه؛ وقام ريسكه في سنة 1737 بنشر المقامة السادسة والعشرين في نصها العربي مع ترجمة لاتينية، لكنه قال عن عمله هذا بأنه «تجربة تلميذ بائسة» («وصف حياته» ص 14).

وكلما أمعن في دراسة الكتب العربية ازداد بالعربية ولوعاً. وأدرك أنه لن يشبع هذا الولوع إلا إذا اطلع على مخطوطات مكتبة ليدن الغنية. فقرر ـ رغم ضيق ذات يده ـ السفر إلى هولندة. فبدأ السفر إليها في مايو 1738، فوصل أولاً إلى هامبورج، حيث أحسن استقباله فولف، وعرّفه إلى ريماروس Reimarus. وأعطاه توصية لعالم الفيلولوجيا الكلاسيكية (اليونانية واللاتينية) في أمستردام: بدورفيل d'Orville. فلما وصل إلى أمستردام والتقى بدروفيل، وأراد أن يعينه مساعداً له Amanuensis بمرتب لا بأس كان ريسكه أحوج ما يكون إليه، لكنه رفض هذا العَرْض لأنه سيصرفه عن الدراسات العربية إلى الدراسات الكلاسيكية، ولم يكن همّه إلٌا العربية وحدها آنذاك، ورغم ذلك اهتم به دورفيل، وعهد إليه بقراءة تجارب الطبع، وشغله بأعمال أدبية مختلفة مثل الترجمة اللاتينية لبعض النصوص. وكفل دورفيل لريسكه المعاش في السنوات الأخيرة من إقامته في هولندة.

ووصل إلى ليدن في 6 يونيو 1738، فزار على الفور اسخولتنز Schultens الذي أبلغه أنه لا توجد منح دراسة للطلاب الأجانب، وأن عطلة الصيف على الأبواب. لكن ما زاد ألمه هو أنه لم يسمح له بالتردد على المكتبة ـ ومن أجلها جاء إلى هولندة ـ لأن التردد على المكتبة في مقابل مبلغ من المال لم يكن في مستطاع ريسكة دفعه! وأنقذه من هذه الضائقة الفظيعة أحد الناشرين وهو يوهان لوزاك Johann Luzac، بناء على توصية من اسخولتنز ـ بأن استخدمه ليعمل مصححاً لتجارب الطبع في مقابل أن يكفل له المسكن والمأكل. وفي الوقت نفسه كان يعطي دروساً خصوصية في اليونانية وفي المحادثة باللاتينية للطلاب الهولنديين. وبهذا استطاع أن يوفر لنفسه بعض المال الذي يستعين به على قضاء سائر حاجاته.

ولما استؤنفت المحاضرات في خريف 1738 في جامعة ليدن، حضر محاضرات اسخولتنز، واستطاع، عن طريق اسخولتنز، أن يطلع على مخطوطات مكتبة جامعة ليدن، وهي التي من أجلها قام بسفرته الطويلة هذه. وقد وجهه اسخولتنز إلى العناية بالشعر العربي. فنسخ لنفسه في 1739 قصائد لجرير، و «لامية العرب للشنفرى، وديوان طهمان، وفي السنوات التالية نسخ «الحماسة» للبحتري. لكن عنايته الرئيسية اتجهت إلى «المعلقات»، فاطلع عليها في المخطوطين رقمي 292 و 629 من مخطوطات مجوعة فارنر في ليدن، بشرحي التبريزي وأبي جعفر النحّاس. وتوفر على دراسة معلقة طرفة بن العبد، وأعدها للنشر وفرغ من ذلك 1740، وظهرت في 1742 بعنوان: «معلقة طرفة بشرح النحّاس»، بحسب مخطوطات ليدن العربية نشرها وترجمها إلى «اللاتينية» وشرحها يوهان ياكوب ـ وفي مواجهة ترجمة لاتينية، وتحتها شرح أبي جعفر النحاس. أما التعليقات فتتناول سير أفكار الشاعر، وتشرح الموضوعات المفردة مع مقارنتها بما يرد في سائر المعلقات، وفي ديوان الهذليين، وفي الحماستين (لأبي تمام وللبحتري)، وفي شعر المتنبي وأبي العلاء المعري وسائر الشعراء. وقد توسع في هذه المقارنات بما يدل على علم غزير بالشعر العربي كله. وفي مقدمة النشرة وصف المخطوطين، وتكلم عن الشروح على المعلقات وذكر مختلف الأسماء التي سميت بها «المعلقات»، وأعطى بياناً موجزاً عن مضمون كل واحدة منها وعن حياة ناظمها، وفي نهاية المقدمة يستعرض بالتفصيل حياة طرفة بن العبد. ويقدم جدول أنساب يوضح علاقات النسب بين طرفة وسائر الشعراء الجاهليين.

وكانت نشرة ريسكه هذه لمعلقة طرفة فتحاً جديداً عظيماً في ميدان الدراسات العربية. ولم يشأ ريسكه أن يشغل نفسه بدراسة اللغات السامية الأخرى، رغم نصيحة اسخولتنز بذلك، لأنه كان مقتنعاً بأنه لا فائدة ترجى منها بالنسبة إلى دراسة اللغة العربية. وأدرك عبث الألاعيب الاشتقاقية، وتصيد المعاني الأساسية الوهمية للجذور السامية. وقال بصراحة: «لو شاء المرء النهوض بالعربية، فينبغي عليه ألا يتناولها تناول اللاهوتي» («وصف حياته» ص 31). وربأ بنفسه أن يصنع صنيع أستاذه اسخولتنز الذي كان يتهرب من الصعوبات في النصوص العربية، وإذا وجد كلمات لا يفهمها فإنه كان يحذفها في صمت أو يغيرها اعتباطاً.

وعُهد إليه بترتيب المخطوطات في مكتبة جامعة ليدن. فهيأ له ذلك فرصة ممتازة لتحقيق أمانيه في الإفادة من مخطوطاتها. فقام ينسخ لنفسه المؤلفات المخطوطة التي تهمه: «المعارف» لابن قتيبة، تاريخ أبي الفدا و «البلدان» لأبي الفدا، وتاريخ حمزة الأصفهاني، ومقتطفات من «عيون الأنباء في طبقات الأطباء» لابن أبي أصيبعة، وكثيراً غيرها.

وحاول أستاذه اسخولتنزه أن يصرفه عن الدراسات العربية، حينما أراغ ريسكه أن يختم دراساته في جامعة ليدن بالحصول على الدكتوراه من كلية الآداب، لأن اسخولتنز كان يريد إعداد ابنه، يوهان ياكوب اسخولتنز، ليخلفه في منصبه أستاذاً لكرسي اللغة العربية في جامعة ليدن. وبيّن لتلميذه ريسكه إظلام الموقف أمامه، وأقنعه بالتحول إلى دراسة الطب. فاضطر ريسكه إلى العدول عن الحصول على الشهادة الجامعية في الدراسات العربية والتحول إلى الطب. واستطاع أن يحصل على الدكتوراه في الطب في مايو 1746 برسالة جمع فيها ملاحظات طبية واردة لدى الأطباء العرب في كتبهم.

وبدأ رحلة العودة إلى وطنه في 10 يونيو 1746، ووصل إلى ليپتسك في مستهل شهر يوليو. ولما كان لم يستقر بعد على اتخاذ الطب مهنة عملية، كان عليه أن يكسب قوته من مثل ما كان يتكسب به قوته في أثناء إقامته في هولندة، أعني: تصحيح تجارب الطبع، إعطاء دروس خصوصية، وترجمات إلى اللاتينية، وما أشبه ذلك.

وواصل في الوقت نفسه دراساته العربية. فقام في أغسطس 1747 بترجمة مقدمة كتاب «تقويم التواريخ» لحاجي خليفة وهذا الكتاب مؤلف من مقدمة (بالتركية) عن التاريخ الإسلامي، ومن سرد للسنوات من لدن بدء الخليقة حتى 1058 هـ مع ذلك لأهم ما وقع فيها من أحداث. ولم تطبع هذه الترجمة إلا في 1766، حين قام بطبعها أحد تلاميذه وهو J.B. Koehler كضميمة لكتابه Abulfeda Tabula Syriae (ص 215 ـ 240) وقد أضاف ريسكه بعض الإضافات إلى هذه الطبعة. وفي مقدمة ريسكه لترجمته يرفض الوصف: «شرقي» لأنه غير دقيق، ويستبدل به: محمدي، أو إسلامي، لأن الأمر يتعلق بتاريخ المسلمين ليس فقط في الشرق، بل وأيضاً في المغرب وفي أوروبا.

وفي هذه المقدمة يقدم ريسكه نظرة واسعة عن تاريخ الإسلام. إنه يرى أن ظهور (النبي) محمد وانتصار دينه هما من أحداث التاريخ التي لا يستطيع العقل الإنسان إدراك مداها، ويرى في ذلك برهاناً على تدبير قوة إلهية قديرة. كذلك يرى في تولي الأمويين للخلافة وفي المحن التي توالت على أنصار عليّ تدبيراً إلهياً. وهو يعتنق التشيع الوارد في المصادر المتأخرة التي استند إليها: إذ يرى أن علياً بن أبي طالب هو الأحق بالخلافة بعد النبي مباشرة، وأنه حرم من حقه في الوراثة للخلافة طوال ما يقرب من 24 سنة بسبب من المؤامرات ضدّه. ويرى أن عليٌّا هو أحسن أمير عرفه العالم الإسلامي، وأنه كان شجاعاً وعادلاً، لكنه أخفق لسوء حظه ولكراهية (السيدة) عائشة له وهي السيدة الطموح للسلطة والمجد. وفي صراع علي مع معاوية يرى ريسكه نموذجاً لانتصار المكر على القوة، وللشرّ على الحق. بل يمضي إلى أبعد من هذا فيقارن عليّاً بماركس أورليوس الفيلسوف الإمبراطور الروماني. وأوغل في هذا الاتجاه، اتجاه وضع مقارنات بين أشخاص وأحداث التاريخ الإسلامي، وبين أشخاص وأحداث تاريخ أوروبا ابتغاء أن يبيٌن أنه جرى على مسرح الأحداث في الشرق الإسلامي ما يساوي في سمّوه ومجده ما جرى من أحداث في أوروبا.

وحوالي الوقت نفسه كتب ريسكه De Principibus Muhammedanis Literarum Laude Claris.

ومنحه بلاط درسدن لقب أستاذ، ومعاشاً مقداره مائة تالر في السنة. لكن هذا المبلغ، على ضآلته، لم يكن يدفع له بانتظام، بل وتوقف نهائياً بعد 1755. ولهذا ظلت أحواله المعاشية سيئة. ذلك أن اللاهوتيين يبغضونه أشد البغض، لأنه مجّد الإسلام، ولم يرافئهم على أكاذيبهم واتهاماتهم الدينية للنبي محمد وللإسلام بعامة. وفي ذلك يقول فوك: «لقد كان متهماً عند اللاهوتيين بأنه حر التفكير، ولم يسايرهم في إدعائهم أن محمداً كان نبياً زائفاً وغشاشاً، وأن ديانته خرافات مضحكة، ولم يشأ، أن يقسّم تاريخ العالم إلى نصفين: نصف مقدس، ونصف دنيوي Profane، بل وضع العالم الإسلامي في قلب التاريخ العالمي. وفوق ذلك كان يعبّر عن آرائه هذه بصراحة تامة دون أن يحفل بما عسى أن يترتب عليها من نتائج. فجلب هذا عليه الكساد» (فوك: «الدراسات العربية في أوروبا» ص 117، ليپتسك، 1955).

حاربه اللاهوتيون إذن، وحاربه أيضاً أستاذه السابق اسخولتنز. ذلك أن اسخولتنز نشر طبعة جديدة من كتاب إربنيوس في النحو العربي، وأضاف إليه مختارات من «الحماسة». وقدم لها بمقدمة حاول فيها أن يفنّد آراء لشراح التوراة اليهود وخلفائهم من المسيحيين الذين ادعوا أن العبرية لغة مقدسة. كذلك نشر اسخولتنز في نفس السنة ترجمة لسفر «الأمثال» المنسوب إلى سليمان مع شرح استخدم فيه منهج الاشتقاق بدون تحفظ ولا احتياط. فكتب ريسكه نقداً لهذين الكتابين، ظهر الأول في ديسمبر 1748 والثاني في يناير 1749 في مجلة Nova Arta Eruditorum التي كان يشرف عليها منكن Menken. وقد استاء الخولتنز من هذا النقد، وخصوصاً لأن ريسكه قال إنه كان من الأفضل لو كان أحد آخر غير اسخولتنز قد تولى هذا العمل. فرد اسخولتنز على نقد تلميذه هذا برسالتين بعث بهما إلى منكن، فنشرهما. وأعاد اسخولتنز طبعهما في ليدن 1749 في كتاب من 140 صفحة. وفي هاتين الرسالتين العنيفتين جرّ اسخولتنز النزاع إلى ميدان شخصي، وكال الشتائم والإهانات لتلميذه السابق. فكان لهذا تأثير ليس فقط على عامة القراء، بل وأيضاً على أساتذة الجامعات الذين لا يفهمون شيئاً في موضوع النقاش بينهما. لهذا لم تدعه أية جامعة ألمانية ـ أو غير ألمانية، ليكون أستاذاً فيها.

وحاول پوپوفتش Popowitsch توظيف ريسكه لدى سفير النمسا في استانبول، فون اشفاختهيم Schwachtheim. لكن هذا المشروع أخفق، لأن ريسكه، وهو بروتستنتي، رفض أن يتحول إلى الكاثوليكية، والنمسا الكاثوليكية كانت تحرص على أن يكون موظفو سفارتها على المذهب الكاثوليكي.

ولما ساءت أحواله كل السوء بعد انقطاع صرف المعاش الذي كانت تصرفه له حكومة درسدن، وذلك في 1755، توجه ريسكه عند نهاية 1756 إلى زميله السابق في الدراسة، يوهان دافيد ميخائيلس (1717 ـ 1791) أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة جيتنجن؛ وعرض عليه ـ في رسالة إليه ـ سوء أحواله وطلب مساعدته، وأفهمه أن حكومة ساكس لا بد ستفعل شيئاً من أجله لو أنه تلقى ـ ولو مظهرياً وشكلياً ـ دعوة إلى جامعة جيتنجن. وقال لمخائيلس إنه ما منعه، أي ريسكه، من الإنتاج في الدراسات العربية أكثر مما فعل إلاّ فقره وسوء أحواله المالية. ولو تحسنت أحواله، لنشر كتباً عربية أكثر، وخصوصاً معجماً. وكانت الرسالة شخصية تماماً. لكن ميخائيلس، بدافع من الحسد، أبلغ الرسالة إلى الوزير فون مونشهاوزن Münchhausen مشفوعة بتعليق ضد ريسكه، وأوقف السير في إجراءات النظر في طلب ريسكه.

وهكذا تحطم أمل ريسكه في الحصول على وظيفة أستاذ بإحدى الجامعات الألمانية. وكان عليه أن يقبل وظيفة في مدرسة ثانوية، فصار ناظراً لمدرسة نقولاي في 1758.

لكن حدث في 1756 لما كلفه المشرف على متحف النقود في درسدن بوصف النقود العربية، أن لفت إليه انتباه الوزير الكونت فاكربرت Graf Wackerbart، ووعده بإزالة ما عسى أن يثيره رجال الدين ضد تعيينه ناظراً لمدرسة نقولاي Nicolaischule من اعتراضات.

ومنذ تعيينه في هذا المنصب في 1758، تحسنت أحواله المالية، بعد أعوام طويلة من المتاعب والصعاب. وما كان منصبه يترك له من فراغ، كان يعكف فيه على دراساته في الأدب العربي والأدب اليوناني.

ولنذكر هنا ما قام به من الأعمال في الأدب اليوناني:

أ ـ نشر نشرة علمية محققة الكتب التالية:

1 ـ «الاحتفالات» De Cermoniis تأليف قنطنطينوس بورفيروجنيتوس Porphyrogennetus (بالاشتراك مع Leich، ليپتسك 1751 ـ 1754، في مجلدين؛ وقد أكمل هذا الكتاب في «مجموعة كتاب تاريخ بيزنطة»،بون 1829 ـ 1830، في جزءين).

2 ـ «المختارات» تأليف قفالوس Kephalos (ليپتسك 1754).

3 ـ «ديوان شعر ثيوكريتوس» (ليپتسك، 1765 ـ 1766، في جزءين).

4 ـ «الخطباء اليونانيون» (ليپتسك، 1770 ـ 1775، في 12 مجلداً).

5 ـ «مؤلفات فلوطرخس» (ليپتسك، 1774 ـ 1772 في 12 مجلداً).

6 ـ «مؤلفات ديونسيوس الهاليكرناسي (ليپتسك، 1774 ـ 177، في 6 مجلدات).

7 ـ «خطب ديون الذهبي الفم» (ليپتسك 1784 ـ 1798، في مجلدين).

8 ـ «خطب ليبانيوس Libanius (التنبورج 1791 ـ 1797، في 4 مجلدات).

9 ـ «تنبيهات إلى المؤلفين اليونانيين» (ليپتسك 1757 ـ 1766، في 5 مجلدات).

ب ـ وترجم من اليونانية إلى الألمانية:

10 ـ خطب ديموستانس واسخينس، في 5 مجلدات، لمجو Lemgo 1764 ـ 1769.

11 ـ خطب ثيوكيديدس، ليپتسك، 1761.

كما ترجم Chariton تأليف دورفيل d'Orville إلى اللاتينية.

وهذه النشرات والترجمات تدل على ما قام به ريسكه من أعمال عظيمة في ميدان الدراسات اليونانية.

ويبدو أنه كان يود أن يقوم بمثلها في ميدان الدراسات العربية، لولا أن حال دون ذلك عدم رواج المنشورات العربية وعدم وجود من يتولى نشرها على حسابه من الناشرين أو أرباب النعم العلمية. إن ريسكه ـ الذي وجد الناشرين للنصوص اليونانية يتهافتون عليه، لم يجد ناشراً واحداً يقبل أن ينشر له كتبه في ميدان الدراسات العربية. فاضطر أن ينشر ما نشر من ذلك على نفقاته الخاصة، وهو الفقير الخاوي من المال كما شاهدناه من ظروف حياته!

فنشر الجزء الأول من ترجمته اللاتينية لتاريخ أبي الفدا في 1754، لكنه لم يستطع أن يبيع منه إلا قرابة ثلاثين نسخة أو أقل، لهذا اضطر إلى أن يقف طبع باقي الأجزاء. وإنما تم طبع باقي أجزاء ترجمته على يدي أدلر Adler، في خمسة أجزاء، في كوبنهاجن 1789 ـ 1794 تحت عنوان annales Moslemici.

ومن ثم اقتصر على نشر نصوص صغيرة:

1 ـ فنشر «رسالة ابن زيدون إلى ابن عبدوس»: النص العربي مع ترجمة لاتينية:

Abi'l Walidi Ibn Zeiduni Risalet seu Epistolium Arabice et Latine Cum Notulis Edidit J.J. Reiske. Lipsiae 1755.

وحقق فقرات من شرح ابن نباتة على رسالة ابن زيدون وترجمه إلى اللاتينية مع تعليقات. وقد سلمه إلى الأستاذ J.F. Hirt الأستاذ في جامعة يينا، فنشره هذا في كتابه، Institutiones Arabicae Linguae 1770, p. 516 – 536. وأعيد طبع نشرة ريسكه في 1770.

2 ـ وترجم إلى الألمانية «لامية العجم» للطغرائي، في 1756.

3 ـ ونشر في 1765 كنماذج للشعر العربي بعض أبيات في الغزل ومرثيتين كاملتين للمتنبي: النص العربي، مع ترجمة ألمانية وتعليقات (ليپتسك، 1765).

وقد أهدى هذه المجموعة الشعرية إلى زوجته: أرنستين كرستين Ernestine Christine بنت مولر Müller، التي ولدت في 2 أبريل 1735 في كمبرج Kemberg وتوفيت في كمبرج في 27 يوليو 1798. وقد اقترن بها ريسكه في 1764، وهو في الثامنة والأربعين من عمره بينما كانت في التاسعة والعشرين، وكانت له خير عون في حياته، ثم خير وفية لذكراه بعد وفاته في 14 أغسطس 1774.

إذ بعد وفاة زوجها سلّمت ما خلفه من أوراق إلى الشاعر الألماني العظيم لسنج Lessing الذي كان يقدر ريسكه في حياته. فحافظ عليها لسنج إلى أن اقتناها فون زوم Suhm أحد أمناء قصر ملك الدانيمرك، وبعد وفاته اقتنتها مكتبة كوپنهاجن.

وكان ريسكه قد كتب ترجمة ذاتية لنفسه، فنشرتها زوجته بعد وفاته، وأضافت إليها ضميمة بقلمها (من ص 137 إلى ص 151)؛ وكان رسكه قد كتب هذه الترجمة الذاتية في 1770: وعنوان هذه النشرة هو D.Johann Jacob Reiskens von ihm Selbst – Au- fgesetzte Lebensbeschreibung (Leipzig, 1783)، وتقع الترجمة الذاتية من ص 1 إلى ص 136، ويتلوها الضميمة التي كتبتها زوجته (ص 137 ـ 151)، وثبت بما خلفه من أوراق مخطوطة (ص 152 ـ 177) وثبت بمؤلفاته المطبوعة (ص 178 ـ 1822) ويتلو ذلك ـ وهو الجزء الأكبر من الكتاب (من ص 183 إلى ص 816) ـ رسائله مع العلماء. وقد نشر R. Foerster في 1897 رسائل ريسكه ضمن مجموعة «أعمال القسم الفيلولوجي التاريخي في أكاديمية العلوم في ساكس، المجلد 16 (مع ملحق في المجلد 34، رقم 24، 1917).

كذلك نشرت زوجته بعد وفاته بحثاً كتبه ريسكه 1749 وفيه اقترح عدة تصحيحات لنص «سفر أيوب» و «أمثال» سليمان، ومعه المحاضرة الافتتاحية التي ألقاها في 21 أغسطس 1748، وذلك في كتاب بعنوان Joannis Jacobi Reiske Coniecturae in Jobum et Proverbia Salomonis cum eusdem Oratione de Studio Arabicae Linguae. Lipsiae 1779.

وكتبت دفاعاً عن زوجها ضد هجمات «ميخائيلس» (نشر في ليپتسك 1786).

وكانت قد تعلمت اليونانية على يدي زوجها وأتقنتها إلى درجة أنها قامت بترجمة الكثير من النصوص اليونانية وأصدرتها في ثلاثة كتب هي: «هيلاّس» Hellas (في جزءين) «ميتاو» Mitau 1778؛ «في الأخلاق» Zur Moral (ليپتسك، 1782)؛ «لأهل الجمال من الألمان» Für Deutsche Schönen (ليبتسك 1786).

وكان ريسكه قد بعث برسائل إلى مستشار القصر رشتر Richter المشرف على متحف النقود في درسندن، فقام J.G. Eichhorn في 1781 بنشر هذه الرسائل، تحت عنوان: «رسائل عن النقود العربية» Breife über das Arabische Arepertorium für Biblische und Morgenländische Literatur, IX, 197 ff; X, 165 ff; XI, 1 ff..

المصدر: موسوعة المستشرقين للدكتور عبد الرحمن بديوي، 1992

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف