البحث في...
الإسم
الإسم اللاتيني
البلد
التاريخ
القرن
الدين
التخصص
السيرة
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة
كاترمير ( اتيين )

كاترمير ( اتيين )

الإسم اللاتيني :  ETIENNE QUATREMERE
البلد :  فرنسا
التاريخ :  1782م - 1857م
القرن :  18 - 19
الدين : 
التخصص :  التاريخ الاسلامي والمخطوطات العربية

كارتمير مستشرق فرنسي عني بالتاريخ الإسلامي، كما اهتم بنشر العديد من المخطوطات العربية. وكان يتقن اليونانية، كما أتقن معظم اللغات السامية.

ولد في باريس في 12 يوليو 1782 من أسرة توارثت التجارة في الأقمشة الصوفية، وفي الوقت نفسه برز فيها في ميدان العلم نخبة ممتازة. كان جده تاجر أقمشة صوفية، كما كان أسلافه، وقد أنعم عليه بالنبالة لويس السادس عشر، مع استثناء هو أن يحق لأحد أبنائه أن يواصل التجارة دون أن يكون في ذلك مساس بنبالته. وكانت جدته لأمّه نموذجاً للتقوى المسيحية، وقد كتب سيرة حياتها السيد لابا Dom Labat. وقد اشتهر في الآداب والعلوم من الأسرة ثلاثة صاروا أعضاء في «معهد فرنسا» Institut de France هم: كاترمير دي كنسي Quincy، وكاترمير رواسي Roissy، وكاترمير ديجونفال Disjonval. والأسرة توارثت النزعة الجنسينية في الدين، فاتسمت بالجد وقوة الإيمان.

لكن أباه كان مع ذلك، إلى تدينه المتين، متفتحاً للأفكار الجديدة في قرن التنوير، القرن الثامن عشر، وكان من أوائل الموظفين البلديين الذين انتخبوا في 1789، غبّ قيام الثورة الفرنسية. وفي السنوات الأولى التي تلت قيام هذه الثورة، وهي سنوات عصيبة انتشر فيها البؤس والشقاء والفقر بين الفرنسيين، حاول هذا الأب التخفيف عن ويلات من نكبوا بها، فكان يفيض عليهم بالإحسان، وكما هو الشأن في أوقات الثورات، يزداد الارتياب والاتهام للناس لأي عمل كريم يصدر عنهم. فاتهمه الحاقدون ـ وما احفل عهود الثورات بهذا الصنف من الناس! ـ بأن لديه ثروة أكبر مما كان يظن به. فوشوا به إلى الجلادين من رجال الثورة الفرنسية في عهد الإرهاب، وقدم إلى محكمة الثورة، فحكمت عليه في 21 يونيو 1794 بالإعدام بدعوى الافتقار إلى الوطنية وبدعوى التعصب الديني! وكانت قاعة الجلسة قد غصّت بالمساكين الذين كان يتصدق عليهم ويساعدهم. فلما نطق «القاضي» ـ إن جاز أن يسمى جلادو المحاكم الثورية «قضاة»! ـ بالحكم حدثت ضجة استنكار من هؤلاء الحاضرين. فوقف رئيس الجلسة وأعلن أنه لما كان كاترمير لا همّ له إلا إلهه، وليس الثوريين، فإنه يستحق الموت «لأنه أهان الشعب بإحسانه وصدقاته!» وهكذا كان ينطق رجال الثورة الفرنسية، وما شاكلها من ثورات!.

وقد كان لهذه الفعلة النكراء تأثير عميق مدمّر في نفس الطفل أتيين، مما ملاه اكتئاباً وشكّاً في طبائع الناس، وحرصاً على تكريس نفسه للعلم. وكان نبوغه قد ظهر مبكراً جداً، إذ كان يعرف القراءة وهو في سن الثالثة. ولما بلغ الخامسة كان قد اطلع على الكثير من المؤلفات. واستمر، بعد مصرع أبيه الفاجع هذا، في دراسته. فبعد أن أتم مرحلة الدراسة الثانوية، بدأ في دراسة العلوم، خصوصاً علم النبات، وعلم المعادن، والرياضيات. وفكر في الالتحاق بمدرسة الهندسة، وكانت قد أنشئت منذ قليل.

لكن ميوله الحقيقية ما لبثت أن تكشَّفت، فبدأ في دراسة اللغات الشرقية، وبدأ منها بالعبرية، ومنها انتقل إلى اللغة العربية، فتابع دروس سلفستر دي ساسي في الكوليج دي فرانس Collège de France.

وعين في قسم المخطوطات بالمكتبة الأهلية بباريس حيناً من الزمان، ثم ترك هذه الوظيفة ليصبح أستاذاً للغة والآداب اليونانية في كلية الآداب بجامعة روان Rouen (بشمالي فرنسا).

وعاد إلى باريس 1811، وبقي فيها حتى نهاية حياته.

وفي 1815 ـ وكان قد نشر عدة مؤلفات أكسبته شهرة واسعة ـ انتخب عضواً في أكاديمية «النقوش والآداب».

وفي 1819 عيّن أستاذاً في الكوليج دي فرانس، في كرسيّ اللغة العبرية والسريانية والكلدانية.

وفي 1832 خلف الأستاذ شيزي Chèzy في كرسي اللغة الفارسية بمدرسة اللغات الشرقية ـ الحيّة بباريس، إلى جانب كونه أستاذاً في الكوليج دي فرانس، التي ظل فيها حتى آخر عمره.

وتوفي في أكتوبر 1857 في باريس.

وكانت باكورة إنتاجه في الدراسات الشرقية بحث بعنوان: «أبحاث نقدية وتاريخية عن اللغة والآداب في مصر»، نشره في 1808. وقد أثبت في هذه الأبحاث أن لغة مصر القديمة يجب أن يبحث عنها في اللغة القبطية. وكان هذا افتراضاً سبقه إليه جابلونسكي Jablonski لكن دون دليل، فجاء كاترمير وقدم البراهين القاطعة على صحّة هذا الفرض. وكان بحث كاترمير هذا نقطة انطلاق للأبحاث التي ادت بعد سنوات قليلة ـ إلى حل مشكلة الكتابة الهيروغليفية. بيد أنه توقف عند هذه الخطوة الأولى، ولم يرَ أن من الممكن السير في هذا الطريق إلى أبعد من ذلك، حتى إنه لم يؤمن أبداً بما اكتشف شامبليون Champollion بعد ذلك من فك رموز الكتابة الهيروغليفية ـ استناداً إلى نقوش حجر رشيد ـ وما كتبه في ذلك الموضوع في ثلاثة كتب ظهرت بين 1821 و 1828.

ومنذ أن عيّن أستاذاً «للغة العبرية والسريانية والكلدانية» في الكوليج دي فرانس ـ وقد ظل يشغل هذا الكرسي قرابة أربعين عاماً ـ عني بالدراسات المتعلقة بالعهد القديم من الكتاب المقدس. بيد أن إيمانه القوي قد حال بينه وبين متابعة الثورة الهائلة التي أحدثتها المدارس اللاهوتية البروتستنية في ألمانيا في هذا الميدان. وكما قال رينان: «لقد أراد كاترمير أن يكون لاهوتياً، ولاهوتياً ذا نزعة عقلية، لكنه لم يُرضِ بهذا أحداً. لقد كان يقترب أحياناً من المدرسة التي تسمى في ميدان التفسير، باسم المدرسة العقلية Rationaliste، وهي تنزع إلى أن تجد للوقائع التي تقدم على أنها خارقة ـ تجد لها تفسيرات تاريخية. إنه لم ينكر المعجزات، بيد أنه لم يردَّ منها إلا أقل مقدار ممكن. وحين يلتقي بمعجزة «صعبة الإنجاز»، على حد تعبيره الساذج، فإنه كان يسعى إلى التخفيف منها أو إلى تفسيرها بعمليات طبيعية وسوء فهم. وقد اقتاده هذا إلى تدقيقات قليلة الجدوى بالنسبة إلى الفيلولوجيا. فهو مثلاً، كان يميز بين المعجزات التي لا تقتضي إلا انتهاكاً للقوانين السارية على سطح كوكبنا (الأرض)، وبين المعجزات التي تقتضي وفقاً للنظام الشمسي كله، مثل معجزة يوشع. وعلى الرغم من أن القدرة الإلهية عظيمة جداً، فإنه اعتقد أنه يخفف عنها بإعفائها من مثل هذا الجهد. لهذا لم يقرّ بأن الشمس أو الأرض قد توقفتا على صوت يوشع، وإنما اعتقد أن غيمة محملة بالحجارة مرت أمام الشمس فجعلتها تُظلّم لحظة من الوقت. ولما كانت الغيمة قد أفرغت حمولتها فوق الكنعانيين، فقد عادت الشمس إلى الظهور، وكما اننا في وطيس المعركة لا نشعر بمرور الزمن بدقة، فإن أصحاب يوشع اعتقدوا أن النهار قد استطال لمصلحتهم. وقد بدا لكاترمير أن غيمة محملة بالحجارة هي معجزة أقل من عدم القبول من وقف حركات السماء. (رينان: «مسائل معاصرة» في مجموع مؤلفاته جـ 1 ص 131).

وفي ميدان اللغة الفينيقية، يرج إلى كاترمير الفضل في اكتشاف الشكل الدقيق للاسم الموصول في اللغة الفينيقية. وقد تأيد اكتشافه هذا عند قراءة النقوش الطويلة التي اكتشفت بعد ذلك في مارسيليا (فرنسا)، وصَيْدا (لبنان).

وفي ميدان الدراسات الآرامية، كان كاترمير أول من أبرز أهمية كتاب «الفلاحة النبطية» وهو كتاب سرياني الأصل لم يبق منه إلاّ ترجمته العربية التي تمت في القرن الثالث الهجري. وقد بيّن كاترمير أن هذا الكتاب هو كتاب في الفلاحة ألّف في بلاد بابل في عهد نبوخذ نصر. وقد توالت الأبحاث بع ذلك حول هذا الكتاب، نظراً لشدة الخلاف بين الباحثين في تحديد زمن تأليفه، حتى إن اشفولسون ـ وهو من كبار الباحثين في الصابئة، زعم أن هذا الكتاب ألّف قبل ميلاد المسيح بعدة آلاف من السنين، والبحث الذي نشره كاترمير في هذا الكتاب عنوانه: «رسالة عن الأنباط Mèmoire sur les Nabatèens».

أما في ميدان الدراسات العربية والإسلامية فله اليد الطولى:

1 ـ فقد نشر القسم الثاني من كتاب «السلوك لمعرفة دول الملوك» للمقريزي (باريس، 1837 ـ 1845) في مجلدين، مع ترجمة إلى الفرنسية وتعليقاته لغوية، وتاريخية، وجغرافية، ومقدمة فيها ترجمة حياة المقريزي. وكان يود إخراج مجلد ثالث (راجع Journal des Savants يونيو 1856 ص 324).

2 ـ وفكر في ترجمة «خطط» المقريزي إلى اللغة الفرنسية، وقام فعلاً بترجمة قسم كبير منها.

3 ـ ونشر الجزء الأول من تاريخ مغول فارس، تأليف رشيد الدين، مع ترجمة فرنسية وتعليقات وفيرة، 1836.

4 ـ وكتب عدة مقالات عن: عبد الله بن الزبير، والأمويين، والعباسيين، والفاطميين، وكذلك عن كتاب «الأمثال» للميداني، وكتاب «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني وعن حياة المسعودي ومؤلفاته.

5 ـ وأهم من هذا كله نشرته المحققة النقدية لـ «مقدمة» ابن خلدون في ثلاثة مجلدات، في باريس 1858، أولاً ضمن مجموعة:

Notices et Extraits des manuscrits de la Bibliothèque Impèriale. Acadèmie des Inscriptions et Belles – Lettres.

التي تنشرها «أكاديمية النقوش والآداب» (معهد فرنسا» في باريس، وذلك في المجلدات أرقام 16، 17، 18. ثم طبعت منها طبعة على حدة في ثلاثة أجزاء.

وقد اعتمد في نشرته هذه على أربع نسخ، أثبت فروقها في الهامش. ولم يزودها بتعليقات، لأنه ترك ذلك للترجمة التي كان في عزمه القيام بها، لولا ان حالت المنية بينه وبين ذلك.

ولا تزال نشرته هذه لـ «مقدمة» ابن خلدون هي النشرة العلمية النقدية الوحيدة حتى يومنا هذا.

ومن الأعمال الأخرى التي اشتغل فيها دون أن يتمها محاولة عمل معجم عربي. وقد ظل منذ مطلع شبابه يجمع المواد الوفيرة. وكان كما قال سلفستر دي ساسي «الإنسان الوحيد القادر على تأليف معجم عربي». ولكن كاترمير لم يجمع هذه المواد في كتاب، فبقيت غير منشورة بيد أنه كان بين الحين والحين يستغلها في تعليقاته على هوامش الكتب التي حققها أو ألفها.

وفي الوقت نفسه كان يجمع مواد لعمل قاموس للغة القبطية، وقاموس للغة السريانية، وقاموس للغة التركية الشرقية، بل ويظن رينان (الكتاب نفسه جـ1 ص 135) أنه كان يجمع مواد لقاموس فارسي وآخر أرمني أيضاً.

وكل هذه المواد قد اقتنتها المكتبة الملكية (آنذاك) في ميونيخ (ألمانيا). لكننا لا نعلم شيئاً عما إذا كان أحد قد نشر منها شيئاً أو استغلّها.

وكان كاترمير يواظب على الكتابة في «جريدة العلماء» Journal des Savants وهي مجلة ممتازة من الناحية العلمية، وكانت خصوصاً في عهد دونو Daunou وسلفستر دي ساسي «الصدى الأمين الكامل للتأليف العلمي في أوروبا» (رينان، الموضع نفسه، ص 135). فكان يكتب نقداً مفصّلاً للمؤلفات التي تظهر في ميدان الدراسات الشرقية، على غرار ما كان يفعل سلفه العظيم سلفستر دي ساسي. ويقول رينان عن نقده هذا إنه «لم يكن مترفقاً إلا نادراً، وكان أحياناً مشوباً بتحيّز يؤسف له؛ لكن كانت له على الأقل ميزة أنه كان نقداً جاداً ومعمقاً». (الموضع نفسه).

المصدر: موسوعة المستشرقين للدكتور عبد الرحمن بديوي، 1992

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف