فيزيائي وفلكي هولندي ولد في مدينة لاهاي Hague. نشأ في وسط عائلي متميز ثري ومثقف. فوالده دبلوماسي يقرض الشعر، ويهتم بالرياضيات، وكانت له صلات مع الفيلسوف ديكارت وغيره من الطبقة المثقفة الراقية.
درس كريستيان الحقوق ثم الرياضيات. وكان باكورة أعماله مذكرة في الهندسة نشرت سنة 1651، ولفتت انتباه ديكارت. واتجه بعدئذ إلى الفيزياء، ودرس البصريات. وفي عام 1655 سافر إلى فرنسا إذ نال دكتوراه في الحقوق. ولدى عودته إلى هولندا صنع بمساعدة أخيه الأكبر عدسات للنظارات، وبدأ أولى أرصاده الفلكية. وفي عام 1657 ابتكر الميقاتية ذات الرقاص، واعتمد على فكرة رد الفعل المعاكس بابتكاره أداة (لها شكل المرساة) تحافظ على حـركتها. فكانت هذه الميقاتية - مع كرّاس كان قـد نشره قبل عام حـول قضية مستجدة أثارت جـدلاً في الاحتمالات - هي سبب شهرته الشعبية (لأن أوربا كانت آنذاك بحاجة لساعة تسهل على الملاحين تعيين خط طول المكان الذي وصلوا إليه في حركة أساطيلهم الاستعمارية عبر البحار، فاقترح هويغنز أيضاً استخدام ساعة تعمل وفق اهتزازات نابض حلزوني).
ولم تمض سوى ست سنوات بعد ذلك حتى قُبل عضواً في الجمعية الملكية في لندن، فقد استطاع قبلها أن يتعرف بمقرابه شكل حلقات زحل، واكتشف أيضاً سادس أقماره (تيتان)، فضلاً عن دوران المريخ والبقع القاتمة على المشتري، واستعمل أداة (ميكرومتر) لقياس قطر نجم. وهو أول من بيَّن أن النجوم هي شموس قد يكون لها كواكب فيها أحياء.
وبعد ذلك بثلاث سنوات (أي عام 1666) استقر في باريس، ومنح عضوية أكاديمية العلوم الفرنسية، وخصص له الملك لويس الرابع عشر - بناء على نصيحة من مستشاره كولبير Colbert (مؤسس الأكاديمية الفعلي وباني اقتصاد فرنسا) - نفقة قيمة. وهكذا تفرغ للبحث العلمي، وفُتحت أمامه أبواب الطبقة المميزة من مثقفي فرنسا ورجالاتها.
كان أهم حدث في أثناء إقامته في باريس كتاباً نشره عام 1673 حول الاهتزاز والميقاتية تحت عنوان Horologium Oscillatorium. ففي هذا الكتاب أسّس هويغنز نظرية ناشر منحن ومنشوره؛ أي المحل الهندسي لمراكز تقوسه (فقد أظهرت هذه الدراسة فكرة انحناء منحن أو تقوسه ونصف قطر انحنائه، ومهدت للهندسة التفاضلية). ويعدّ هويغنز مؤسس نظرية الاهتزازات في الفيزياء، فقد درس فكرة النواس البسيط، ووضع معادلة حركته، وبيَّن أن زمن دورته شبه ثابت.
لم يكن هويغنز رياضياً بمستوى نيوتن، ولكنه كان من الرواد الأوائل في الرياضيات والفيزياء. فقد كان فيزيائياً متميزاً تجلت عبقريته في البصريات وفي الميكانيك؛ إذ شارك لايبنتز في نظرية القوى الحية (التي تحولت إلى فكرة الطاقة الحركية)، ويعزى إليه مفهوم القوة النابذة وكذلك مفهوم عزم العطالة واكتشاف ظاهرة التجاوب، واشتهر في البصريات بفرضيته عن حقيقة سير الضوء؛ فقد قال: إن الضوء ينتقل على شكل موجات يرسلها الجسم المضيء. وهذا بخلاف ما قال به نيوتن من أن الضوء هو جسيمات يصدرها المضيء. وهكذا استطاع هويغنز أن يفسر بفرضيته هذه الظواهر والخواص الضوئية المعروفة في ذلك الحين جميعها والتي لم تستطع فرضية نيوتن تفسيرها. ويُذكر منها تفسيره ظاهرةَ الانكسار، وتقتضي فرضيته أن يكون سير الضوء في وسط كثيف أبطأ من سيره في وسط مخلخل، وهذا يتعارض مع فرضية نيوتن التي تقتضي أن يكون الضوء أسرع في الوسط الكثيف. وقد ثبتت فرضية هويغنز مع الفارق أن موجات الضوء عرضانية وليست طولانية كما قال هويغنز.
أقام هويغنز في فرنسا حتى عام 1681. ولكن المضايقات التي راح يتعرض لها معتنقو المذهب البروتستنتي في فرنسا (وهويغنز منهم) أرغمته أخيراً على العودة إلى هولندا. ولم ينشر كتابه «في الضوء» وكذلك كتابه «في الثقالة» إلا عام 1690. وتميزت السنوات الخمس الأخيرة من حياته باعتلال صحته وبشعور متزايد بالوحدة والكآبة، وتوفي في مدينة لاهاي.
-"الموسوعة العربية"