البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

النبوّة والولاية تصوّرات على ضوء العرفان الإسلامي

الباحث :  د. رحيم نجاد سليم
اسم المجلة :  مجلة المنهاج
العدد :  43
السنة :  السنة الحادية عشر خريف 1427هجـ 2006 م
تاريخ إضافة البحث :  December / 19 / 2015
عدد زيارات البحث :  3565
النبوّة والولاية
تصوّرات على ضوء العرفان الإسلامي

د. رحيم نجاد سليم (*)

ترجمة: الشيخ مصطفى الربيعي

مدخل
يعتقد العرفاء العظام ـ من منطلق آفاق العرفان القرآني المشرق الأصيل ـ أنّ الحقّ سبحانه وتعالى مستغنٍ بذاته عن العالم والعالمين، ولا تربطه أي رابطة بالأشياء التي تشكّل هذا العالم، وإنما ارتباطه بالعالم، وارتباط العالم به بواسطة الأسماء والصفات.
فالاسم، في عرف العرفاء، هو ذات وحقيقة الوجود مع مظهر من المظاهر، وباعتبار ملاحظته مع صفة من الصفات.
وتقتضي الأسماء الإلهية اللامتناهية أن يكون لكل واحد منها هيئة لتتجلّى رابطة أثر ذلك الاسم في تلك الهيئة والرمزية، والأسماء كلها تحوم حول اسم (الله) الذي هو الاسم الأعظم، وأعظم الأسماء في مقام التجلي؛ لأنّه يتضمن كلّ الأسماء، وخاتم الأنبياء (صلي الله عليه و آله و سلم) هو مظهر ذلك الاسم الأعظم الجامع. إنّ الأسماء الإلهية هي التي تربط بين الأعيان الثابتة وحقيقة الحق.
وأمّا الرابط بين الحق سبحانه وأسمائه، فهو الاسم الأعظم، واسطة اتصال كل اسم بمظهره. فالفيوض والكمالات تصل من اسم (الله) دون سواه. إذن، فالاسم الأعظم يتجلى في جميع الأسماء، إذ إن كل اسم من الأسماء هو عبارة عن ذات المسمى
________________________________________
(*) باحث في العرفان الإسلامي، من إيران.

[الصفحة - 262]


باعتباره صفة من الصفات، مثل العليم باعتبار العلم، والقدير باعتبار القدرة، وعلى هذا سائر الأسماء.
أما (الله) فهو ذات المسمى باعتبار كل الصفات، وهو الاسم الأعظم، ومظهره رسول الله (رضي الله عنهما).
وتعدُّ مرتبة النبوة والولاية من شؤون الأسماء الإلهية، فالنبوة والولاية المطلقة هما مظهر الاسم الأعظم الجامع (الله) السادح للحقيقة المحمدية.
في هذا المقال، نعكس شعاعاً من شمس الحقيقة المحمدية، ما يدعو القلم إلى تزيين هذه الصفات بجمال هذا الشعاع، الذي سيسفر عن هذه الحقيقة؛ وهي أنّ النبي الخاتم (رضي الله عنهما) أكمل الأنبياء (عليهم السلام)، كونه مظهر النبوة المطلقة، وجميع الأنبياء يقتبسون فيض النور وشعاع النبوة من مشكاة نبوته، ويُفاض عليهم بهاء النبوة من بحر نور نبوة خاتم الأنبياء صلوات الله عليه وآله وعليهم أجمعين. وشعاع النبوة والولاية يشرق على كل الأنبياء والأولياء الكمّل (عليهم السلام) من شمس الحقيقة المحمدية العظيمة المشرقة.
مقام الذات
إنّ في عالم الوجود؛ موجود حقيقي واحد لا غير، وهو الوجود الحق، والوجود المطلق. ويشتمل على مراتب كثيرة، وله شؤون ومظاهر ودرجات. فحقيقة الوجود التي هي حقيقة الحق في مرتبة غيب الذات، وفي مقام عدم دلالة تشخيص المقايسة، ولا طريق لأي اعتبار وتقييد لها، كما أنها عارية حتى عن قيد الإطلاق.
في هذا المقام، ليس هو اسماً ولا رسماً، نعم، مقامه ذاتية الشيء وحقيقته، ومرتبة اللاتعيّن وملاحظة الذات بلا أي قيد واعتبار، وباعتبار الغيب فذاتيته الوجوبية الإلهية مجهولة الكنه، وهو مستغرق في كمال عزه، كما أنه مبرّأ عن النعت والصفة في هذا المقام، وذلك لا يتيسر إلاّ منه.
الأسماء والصفات والنسب والإضافات مضمحلة في الذات. وحكم الظهور مستبطن في الاستتار، والواحدية في الأحدية، وكلاهما فانٍ في سطوة الوحدة، ومندمجة فيه لا اسم للعينية والغيرية، والاسم والمظهر، والنعت والصفة، والظهور
________________________________________

[الصفحة - 263]


والخفاء، والكثرة والتفرّد، والوجوب والإمكان، ودليل الظاهرية والباطنية والأولية والآخرية مختفٍ في الحجاب.
لا تخطر الأوهام والتخيلات حول جلالة ذلك المقام، وطيور الإدراكات والأفهام الصافات في جو السماء، هي كسيرة الأجنحة عند ذلك المقام لا ترقى إليه. الألفاظ واللغات تتوقد اشتياقاً في الدلالة على تلك الذات، ولكنّها عاجزة عن ذلك، وألسِنَةُ العبارات ملتهبة اشتعالاً، ولكنّها خرساء في بيان تلك الشخصية والوجود المحض الخالص. وفي هذا الكمال الذاتي غناء مطلق. والمراد من الغناء المطلق هو أنّ شؤون وأحوال واعتبارات الذات مع الأحكام ولوازمها بنحو كلي وإجمالي مندرجة في وحدة الذات: {إِنَّ الله لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (العنكبوت: 5).
يقول الشاعر الإيراني (جامي):
أذيال ترنيمة الحبّ العذري جاءت منزهة
عن الحاجة إلى التدنّس بحفنة من التراب
وحيث إنّ المتجلي والناظر هو ذاته
فلو لم نكن نحن ولا أنت في البين فيا لها من طهارة
إن العقل لحيران ومضطرب، وعاجز عن الإشارة إلى كنه كماله، وأهل الكشف والشهود محجوبون عن إدراك حقيقته، وأهل العلم متحيّرون وعاجزون عن معرفته، فأقصى معرفته هو عدم معرفته، وأوج معرفته هو الحيرة فيه.
يقول جامي أيضاً:
يا مَنْ فيك الظهورات والأسرار، وكلها عدم.
اليقين والظن فيك وهم، وكلها عبث
ولا يمكن إبراز أي علامة عن ذاتك
فحيث أنت هناك فكل علامة عبث
وجاء في ديوان المثنوي (2: 343) للشاعر مولوي جلال الدين الرومي، ما هذه ترجمته:
عدد من الألفاظ والألغاز والمجازات
________________________________________

[الصفحة - 264]


الحرقة أشد الحرقة لأحيى بتلك الصبابات
إشعلْ ناراً من العشق في روحي
وانفي عنك كل الأفكار واحرق العبارات
العارف والعالم والشاعر المعروف عبدالرحمن الجامي رسم بشامّته العرفانية وذوقه الشعري، صورة جميلة عن مقام الذات؛ لتجسيم المعاني وتقريبها إلى الذهن فيقول:
في الأزل حيث كان الوجود معدوماً
في ذلك العدم كان العالم مكتوماً
عن دور الإثنينية كان الوجود بعيداً
والحديث عن (نحن وأنت) كان بعيداً
الوجود مطلق من قيد المظاهر
بنور ذاته أيضاً لنفسه ظاهر
المحبوب شاهد في حَجَلة الغيب
أذياله منزّهة عن تهمة العيب
لم يألف وجهه المرآة
ولم تُسرّح يدٌ زلفه بمشط
ولم تحرك ريحُ الصبا شعرةً من رأسه.
ولم تكتحل عينه أبداً
لم يجاور السنبلُ وردتَه أبدا
ولم تتعلق خضرتُهُ بوردةٍ أبدا
وجهه الصافي من خطٍ وخال
لم تَرَ له أي عين خيال
يعزف لنفسه نغماً يختلب قلبه
يقامر مقامرة العاشق فيخسر مع نفسه
يُعبّر في عرف العرفاء عن مقام الذات بألقاب وعناوين متعددة؛ من قبيل (عنقاء
________________________________________

[الصفحة - 265]


المغرب)، و(غيب الغيوب)، و(غيب الذات)، و(الذات المطلقة والمغربة)، و(مقام لا اسم له ولا رسم له)، و(الذات الغيبية)، و(الغيب المطلق)، وما أجمل ما أنشده الشاعر حافظ (لسان الغيب):
العنقاء لا تُصاد لأحد فاجمع شباكك
لأنّ هناك ريحاً جارفةً للشباك
المظهر الأول (التجلي الإلهي الأحدي الذاتي):
يقول المولوي في ديوان المثنوي (1: 43)، ما هذه ترجمته:
الألغاز كالشفرة الفولاذية في حدّتها
فاهرب إن لم يكن عندك درع يقيك
لا تقترب من الماس بدون وقاء
فالشفرة المشحوذة لا تخجل من القطع.
المظهر الأول هو تجلي وظهور الذات، الذي هو من أجل الذات التي كل الأسماء والصفات مكنونة في ذاته.
ويسمى تميز الذات في كل مرتبة من المراتب بـ (الظهور)، و (التجلي)، و ( التنزل).
وهذا الظهور الأول هو تالي غيب الذات واللاظهور، وشاهد المخدع غيب الذات من تلقائها، قد تجلّت لنفسها.
أول ما تجلى به هو صفة الوحدة، المظهر الأول الذي يظهر من غيب الذات هو الوحدة، التي تكون أصل كل القابليات، وظهورها مساوٍ لخفائها؛ باعتبار أنّ الأحدية والواحدية ترفع الستار عن وجهه.
إذن، لوحدة الحقيقة التي هي عين المظهر الأول هي أساس منشأ الأحدية الواحدية ولها اعتبارات: أحدها: سقوط كل الاعتبارات، وبهذا اللحاظ تسمى الذات (أحد)، ومتعلقه بواطن الذات وإطلاقها وأزليتها، وعلى هذا فنسبة اسم (الأحد) إلى السلبية أولى من نسبته إلى الثبوت والإيجاب.
والأُخرى: ثبوت الاعتبارات اللامتناهية لها، وفي اندراجها فيها، تكون في أول
________________________________________

[الصفحة - 266]


رتبة الذات، ويسمون الذات بهذا الاعتبار (واحد)، ومتعلق هذا الاعتبار هو ظهور الذات ووجودها وأبديتها. إذن، المظهر الأول، هو ظهور ليس إلاّ، وهو ظهور الذات وتجليها نفسها؛ حيث إنّ كل الأسماء والصفات مستبطنة في الذات، وبهذا الظهور تمتاز الذات عن مرتبة اللاظهور وغيب الغيوب.
الأحدية والواحدية ظهوران ذاتيان، ينشآن من وحدة الذات، التي هي أصل اُصول القابليات.
يُعبّر العرفاء وأهل الكشف والشهود عن مرتبة الظهور الأول، والأحدية الذاتية بألقاب وعناوين مختلفة، من قبيل (مقام جمع الجمع)، (أصل الجمع)، (حقيقة الحقائق). (برزخ البرازخ الأكبر)، (محتد الظهورات)، (الحقيقة المحمدية)، (الطامة الكبرى)، (مقام أو أدنى)، (الأُفق الأعلى).
إنّ الحق تعالى هو ذاته شاهد على ذاته في هذه المرتبة، ويشاهد كمالات ذاته ـ تبعاً لشهود ذاته ـ مع الشهود الأحدي الجمعي البسيط المبرّأ من كثرة المظاهر، وتعدد مفاهيم الأسماء والصفات، وهذا هو العلم العنائي الذاتي قبل الإيجاد؛ لأنّ كل الوجودات الممكنة هي آثار وأفعال ذات الحق المقدسة، فإن تلك الذات المبرّأة من كل عيب ونقص، هي المفيضة على جميع عوالم الوجود الممكنة، وهي عين القدرة، وصرف سائر الكمالات، فكماله لا يغاير ذاته، ولا يعتري تلك الذات المقدسة أي نقص أو احتجاب أو أن يشوبها غبار في الحدّ والماهية.
علمه في ذاته، وذاته مصادق قدرته، فالعلم في القدرة، وقدراته هي عين علمه بذاته.
وحيث إنّ مناط العلم هو الشهود، وليس للمادة شهود، ومناط العلم هو التجرد من المادة، والمجرد من جميع النواحي هو الحق تعالى، وحيث إنّه واجد لكل مراتب التجرد؛ ففي مرتبة ذاته لا يوجد عاقل إلاّ هو، وهو عاقل بذاته.
ويتفرع على شهود الذات وكمالاتها، هو أنّه عالم وشاهد لكل ما يصدر عن ذاته المقدسة على سبيل الشرح والتفصيل، وفي عين وحدة وبساطة تلك الذات المنزهة.
________________________________________

[الصفحة - 267]


وهذا العلم من حيث الوجود هو عين ذات الحق وكمال ذلك الجمال المطلق؛ فالعلم الإجمالي في عين الكشف التفصيلي.
إذن، فالمظهر الأول ومقام الأحدية؛ هو تجلي ذات الحق لذاته، وكل الحقائق والتعددات مضمحلة ومستهلكة في هذا المقام. إنّ حقيقة الحق تعالى تشاهد كل تلك الحقائق بنحو التعدد في الوحدة، وتسمى هذه المرتبة من العلم بـ (الشهود المفصل في المجمل)؛ يعني علم اجمالي في عين الكشف التفصيلي.
هذا المقام، هو مقام العلم الأحدي الذاتي الجمعي القضائي، الذي يتجلى بوحدته الحقة الحقيقية العقل البسيط الإجمالي القرآني للحق تعالى بالنسبة إلى كل الحقائق الإلهية، والأسماء والصفات ومظاهرها الإمكانية، ولطائفها الأكوانية.
الإجمال: هو بمعنى البساطة والوحدة في المقام الشامخ والأعلى؛ والتفصيل: إنما هو في المقامات النازلة الدانية، وهذا الإجمال يعدّ عين التفصيل. فالحق تعالى عالم بكل الكليات والجزئيات، بنحو كلي وبنحوٍ جزئي. إذن، فالعلم البسيط الإجمالي في عين الكشف التفصيلي.
يرى كُلُ محققٍ ذي نظر ثاقب، وصاحب بصيرة أنّ اسم الله الأعظم وتجلياته وظهوراته تنشأ من الأحدية الذاتية، والأحدية الذاتية هي منشأ ظهور مرتبة الإنسان الكامل، وهو خاتم الأنبياء وأوصيائه ـ صلوات الله تعالى عليهم ـ ، ولا يتمتع أي واحد من الأنبياء بهذا المنصب؛ لأنّ سائر الأنبياء مظاهر تجليات الأسماء والصفات.
فمقام النبي الخاتم والأوصياء (عليهم السلام) هو مقام الولاية المطلقة المحيطة بكل الأشياء، وهي أقوى وأكمل من كل موجودات عالم الإمكان، الإبداعية منها أو التكوينية، النزولية أو الصعودية.
إنّ ذاته المقدسة تتجلى في مرتبة كل حقائق الوجودات، وموجودات عالم الإمكان، والحقيقة المحمدية هي المظهر الجامع لاسم الله، فكل مراتب الموجودات التي هي مظاهر الأسماء الإلهية، هي مظهر الحقيقة المحمدية، والحقيقة المحمدية هي المظهر الحقيقي لـ (الأحد) الذي هو ظهور كل الخيرات والبركات، وأساس منشأ تحقق عوالم الجبروت والملكوت وعالم الشهادة.
________________________________________

[الصفحة - 268]


المظهر الثاني (حضرة الواحدية):
إنّ المظهر الثاني بعد المظهر الأول والذي يُعدُّ المرتبة الثانية للذات، هو تجلي الحق تعالى بالفيض الأقدس، وبهذا التجلي تظهر الأعيان الثابتة والحقائق العلمية من الخفاء المطلق والكنز المخفي إلى مقام التقدير والتفصيل العلمي، يعني الظهور ـ من (حضرة الأحدية) ومقام الذات ـ في الحضرة الواحدية ومقام الجلاء، وإيجاد التميز العلمي لا العيني.
نعم، يتجلى الحق بالفيض الاقدس فتحصل الأعيان الثابتة واستعداداتها الأصلية في علم الحق.
إنّ (الحضرة الواحدية)؛ هي التجلي العلمي للحق تعالى، والذي يعبّر عنه بـ (الفيض الأقدس)؛ وهو ظهور الحق لنفسه في (الحضرة العلمية) بصورة الأعيان وقابلياتها واستعداداتها.
فالأعيان الثابتة لا وجود علمي وعيني لها في مقام الأحدية قبل الفيض الأقدس، وبتجلي الفيض الأقدس يصبح لها وجود علمي.
تظهر في هذه المرتبة مفاهيم الأسماء والصفات ولطائفها المسماة بالماهيات والأعيان الثابتة، والحق تعالى يشاهد ذاته بصور أسمائه وصفاته بالشهود العلمي القدري التفصيلي الإحاطي بكل شيء، ويسمى هذا الشهود بـ (الشهود المفصل في المفصل). وتفترق الأسماء والصفات في هذه المرتبة عن بعضها الآخر، وكذلك لوازمها ولطائفها ـ التي هي الأعيان الثابتة ـ تتميز بعضها عن البعض الآخر بالتمايز العلمي.
والمظهر الثاني هو مظهر الذات في رداء كل الأسماء والصفات، وظهور كل موجود بالتفصيل في مقام الواحدية. ومع الالتفات إلى أنّ الحق تعالى هو كل الجمال وجمال الكل، وعين العلم بذاته؛ فبالعلم الحضوري الإشراقي بذاته تكون كل أوصاف حسنه حاضرة عنده، فهو شاهد لجماله. وعلى هذا، فالحسن الكامل والجمال التام حاضر عنده.
وحضور الحسن الكامل يبعث على الابتهاج الكامل؛ الذي هو منشأ العشق
________________________________________

[الصفحة - 269]


الكامل، بل هو عين العشق؛ لأنّ حقيقة العشق هي الابتهاج الكامل؛ لحضور الحسن الكامل والشهود الكامل للحسن. إنّ المبدأ الأعلى والحق عزّ وجلّ مبتهج بالذات، فالعاشق والمعشوق والمحب والمحبوب هو ذاته. وهذا العشق والحب التام الكامل والابتهاج بالذات، يستلزم الحبّ والعشق لكمالات وشؤون وآثار الذات.
يشاهد الحق تعالى بالعلم الذاتي الأحدي، في الكمال الذاتي الإطلاقي، كمالاً مستبطناً آخر وهو الكمال الأسمائي.
وطبقاً للحديث القدسي «كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن اُعرف فخلقت الخلق لكي اُعرف».
وحيث إنّ صاحب هذا الجمال المطلق المخفي أحبّ أن يُعرف، فينبعث حبُّ آخر بين هذين الكمالين الذاتي والأسمائي في الحضرة الأحدية الذات الرقيقة العشقية، ويحصل تجلٍّ حبّي يصل أثره إلى الحقائق والشؤون والكمالات والآثار المستترة والمكنونة في بطون وغيب الذات، فيكون باعثاً على طلب الخروج من ظل الخفاء إلى عرصة الظهور، مما شاهدته الذات القدسية للحق تعالى. إذن، فذات الباري تتجلى بكل شؤونه وأسمائه وصفاته وحقائقه الفاعلية الإلهية، وبتمام مظاهرها ولطائفها التي هي الأعيان الثابتة التي لها قابلية التجلّي، وتظهر الحقائق واللطائف المذكورة بالفيض الأقدس في الحضرة الواحدية؛ فتتمتع بالتميز والتفصيل المفهومي والكثرة العلمية، ويعبّرُ عن ذلك بـ (حبّ الذات)، و (حب معروفية الأسماء والصفات).
فالشيخ الرئيس أبو علي بن سينا في كتاب الشفاء في مبحث الإرادة من قسم الإلهيات، بعد أن يشرع في إثبات الإرادة في الحق، وأنّ إرادة الحق ابتهاج بالذات، وابتهاج بنظام الوجود، يعبّر هذا التعبير الجميل الرائع، وهو: «أنّه تعالى أعظم عاشق، وأعظم معشوق».
ولصدر المتألهين بيان فلسفي وعرفاني، وهو: الوجود عين العشق، والماهيات ظهورات للعشق، وكل موجود عاشق وعشق، وكل عشق وجود وموجود. غاية الأمر أنّ العشق في الذات الأحدية التي هي كل الوجود، هو العشق الكامل الأكمل بجماله الأتم الأحسن، وعشقه لآثاره ومخلوقاته هو شعاع من عشقه لذاته، وتابع لحبّه الذاتي لحسنه الأتم.
________________________________________

[الصفحة - 270]


وكما أنّه (الحق تعالى) هو الوجود المطلق، فكذلك هو العاشق والعشق والمعشوق المطلق، والحسن المطلق، والحياة المطلقة. إذن، فالحق تعالى هو العشق الأكمل، وأعلى درجات الحسن والجمال اللامتناهي، ولا جميل على الإطلاق إلاّ الحق تعالى، وكل ما يتجلّى من جمال وكمال في جميع المراتب، إنّما هو شعاع من جماله وكماله؛ فإنّه هو الذي يشرق في جميع مراتب الوجود ثم يتجلى الحسن والعشق والحياة في مراتب الوجود بحسب الأشرف فالأشرف، فكلما كان الوجود أكمل يكون التجلي أكثر.
ويطلق على الحضرة الواحدية والمظهر الثاني في عرف العرفاء اسم: (حضرة الأسماء والصفات)، (اللاهوت)، (العلم التفصيلي)، (نشأة الأعيان الثابتة)، (مقام الجمع)، (مقام قاب قوسين)، (الحقيقة المحمدية البيضاء)، (مرتبة الأُلوهية)، (عالم المعاني)، (مقام الارتسام)، (العلم الأزلي)، (المرتبة الثانية) و (مرتبة الإمكان).
ويُعبّر عن تلك الرقّة العشقية الحبّية بـ (المشيئة الذاتية)، وعن الفيض والتجلي المنبعث منها بـ (الفيض الأقدس)، وإنما سُمي (الفيض الأقدس)؛ لأنّه أقدس من أن يغاير المفيض.
التجلي الإيجادي (الفيض المقدس)
الفيض المقدس هو التجلي الإيجادي للحق تعالى، وبهذا التجلي الذي هو تجلٍّ شهودي وجودي، تخرج الأشياء من العلم إلى العين ومقام الاستجلاء، وتتحقق استعدادات الأعيان الثابتة بحسب ما تقتضيه، ويشرق نور الوجود على قوالب قوابل الممكنات، وتنفى ظلمة العدم العيني عن الأعيان الثابتة، ويتجلى الحق تعالى بصور أسمائه وصفاته تجلٍّ عيني خارجي، وفي مقام ظهوره بالفيض المقدس ينصبّ النور على سماوات الأرواح وأراضي الأشباح، وإفاضة هذا الفيض الإلهي النوري على قوالب الماهيات يكون بحسب قابليات الأعيان الثابتة؛ إذ إنّ العطيات تكون بحسب القابليات، فكل شيء يحصل له الوجود بحسب استعداده، (أُعطي لكل أحدٍ ما يليق به).
________________________________________

[الصفحة - 271]


في موطن العلم الربوبي، يطلب كل واحدٍ من الأعيان الثابتة الوجود العيني بلسان الاستعداد؛ ليظهر من خفاء العلم ومكمن الجلاء إلى منصة الظهور والاستجلاء، فالحق تعالى يتجلى بالفيض المقدس، وتبعاً لهذا التجلي والظهور تخرج الماهيات وحقائق الأشياء من العلم إلى العين، ويحصل لها الظهور والاستجلاء؛ وتظهر بوجودها الخاص الخارجي، الذي هو مظهر أحكامها وآثارها.
الفيض المقدس؛ هو ذات الفيض والربط، وليس المفاض والمرتبط به، فهو بنفس ذاته مجعول والأشياء مجعولة بجعله؛ كما ورد في الحديث الشريف: «خلق الله الأشياء بالمشيئة، والمشيئة بنفسها)، فالفيض الأقدس، هو سرّ منشأ ظهور الأسماء في الأعيان، ومبدأ ظهور الأسماء في صور ومظاهر الأعيان الثابتة؛ فإنّه بواسطة ذلك يصل الفيض ـ الذي هو من باطن ذات الحق ـ من الأسماء إلى الأعيان. إنّ الفيض الأقدس، هو روح وباطن الفيض المقدس، والفيض المقدس هو مظهر الفيض الأقدس؛ لأنّ الظهور الخارجي للأعيان بعد الظهور العلمي لها، ومن هنا يصح ما قيل من أنّ عطاء الحق تعالى لا يتوقف على قابلية القابل، بل هو جواد محض ووهاب مطلق. وبالفيض المقدس تكشف الحقائق الإمكانية والشؤون الإلهية والمكنونات الأسمائية النقاب عن وجهها.
إنّ المراد من الاسم في اصطلاح أهل المعرفة، هو الذات مع مظهر من مظاهر الذات الأحدية التي لها نسبة خاصة مع كل صورة ومظهر من الصور العلمية، وتسمى ـ هذه النسب ـ بـ (النسب الأسمائية)، فإنّ كل نسبة ومظهر هي صفة، ولذات الحق من كل صفة اسم؛ ولهذا قيل: (الاسم عين المسمى). وفي اصطلاح العرفاء: الاسم هو ذات المسمى، باعتبار صفة من الصفات؛ سوءً كانت صفة وجودية مثل العليم الذي هو الذات مع صفة العلم، أو صفة سلبية مثل قدوس الذي هو الذات مع صفة القدس؛ يعني المنزه من العيب.
ثمّ إنّ كل واحد من الأسماء والصفات يقتضي مظهراً خاصاً به، إذن فالمظاهر تحصل تبعاً للأسماء والصفات، ويصطلح العرفاء على المظاهر ـ سواءً كانت كلية أو جزئية ـ بـ (الأعيان الثابتة)، وأمّا الفلاسفة فيطلقون على كلياتها اسم (الماهيات)، وعلى
________________________________________

[الصفحة - 272]


جزئياتها (الذاتيات).
فالحضرة العلمية هي حضرة الأعيان الثابتة التي هي مظاهر الأسماء والصفات. ومن هنا، فالأعيان هي بمثابة الأبدان للأسماء والصفات، باعتبار أنّها صور الأسماء الإلهية، والأسماء والصفات بمنزلة الأرواح لها، فكما أنّ البدن قائم بالروح، فكذلك كل الموجودات ـ أيضاً ـ قائمة بالأسماء الإلهية، والأسماء هي حقيقة كل الأشياء، وكذلك الأعيان الخارجية بمثابة أبدان الأعيان الثابتة، والأعيان الثابتة روحها. إذن، كل الأسماء هي مظاهر الذات، وكل الأشياء مظاهر الأسماء.
ويطلق على (الفيض المقدس) في عرف العرفاء (الحقيقة المحمدية)، (النفس الرحمانية)، (الحياة السارية في الدراري والذراري)، (الرحمة العامة الامتنانية الوجوبية)، ( كلمة كن الوجودية)، (المشيئة السارية)، (الرحمة الواسعة)، (الحق المخلوق به)، (الوجود المنبسط)، (المشيئة الفعلية)، (مرتبة الاستجلاء)، (الهباء المنثور)، (الرق المنشور)، ( والصبح إذا تنفس).
الحقيقة المحمدية، الصادر الأول، الفيض المقدس
يعتقد العرفاء العرشيون، ومعلمو الكشف والشهود وجمع من الفلاسفة العظام، أنّ الصادر الأول من الحق تعالى هو الحقيقة المحمدية والنور المبين الأحمدي الذي يرجع بنحوٍ ما إلى (الفيض المقدس). والوجود المنبسط الذي بصدوره يصدر كل معلول، ويظهر كلُ مستورٍ، ويُطلق عليه ( الوجود المطلق)، (الرحمة الواسعة لكل شيء). فظهور مراتب الموجودات وكشف الستار عنها هو من مراتب تجلياته وفيوضاته، ومن هنا قال سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} .
وبتعبير آخر: الحقيقة المحمدية التي هي الصورة الوجودية للقلم الأعلى، وصورة معلومية الذات بالظهور الأول لها المحاذاة التامة والتقابل الكامل مع شمس الذات الأحدية، وتستفيض النور وسائر الكمالات الوجودية من شمس الذات الأحدية، بلا أي واسطة، وأمّا الحقائق والأعيان الأُخرى التي هي في ظلمات العدم، فمنها ـ أي من الحقيقة المحمدية ـ تقتبس نور الوجود وأشعة الفعلية والظهور.
________________________________________

[الصفحة - 273]


إنّ الحقيقة المحمدية هي أصل حقيقة الوجود، وعين كل شاهد، ونفس كل مشهود، أول أوائل الموجودات، وأحكم الدلائل على وجود الذات، مبدأ الأنوار المجردة الأزلية، ومنتهى معارج كمالها، كما أنّها مبدأ المبادئ، وغاية الغايات؛ حيث إنّ كل نشأة من النشآت متعينة بمظهر خاص، ومثل إلهي أعلى.
الإنسان الكامل المكمل المحمدي، هو جامع الجوامع، قال (رضي الله عنهما): «أوتيت جوامع الكلم»، فهو المرآة التامة لكل الأسماء الحسنى والصفات العالية، أشعة شمس الحقيقة، الوجود المنبسط الذي يزيل ظلمة العدم عن الماهيات والأعيان الثابتة، ويطهرها من لوث العدم.
إنّ أولّ تجليات الحق تعالى، والوجود العام المنبسط كان في موطنين؛ العلم والعين، والفيض الأقدس والمقدس؛ فإنّه بالفيض الأقدس تخرج الأسماء والصفات والأعيان الثابتة من (مقام الهاهوت) ومقام الأحدية والمظهر الأول ـ الذي هو مقام الكنز المخفي والاختفاء الكامل ـ إلى (مقام اللاهوت) والاحدية والجلاء، وبالفيض المقدس تخرج الأعيان من مكمن الخفاء والموطن العلمي إلى الظهور العيني الخارجي والاستجلاء.
إنّ الحقيقة المحمدية هي أعظم المعلومات المتعلقة، وأشرف الموجودات الممكنة العلمية والعينية، من حيث الصورة والمعنى والمرتبة والمقام، والكتاب الكريم المنزل عليه ـ القرآن الكريم ـ وهو أعظم الكتب السماوية وأشرفها.
ويُعبّر عن ذلك الوجود المقدس تارة بـ (النور)، كما قال (رضي الله عنهما): «أول ما خلق الله تعالى نوري»، وتارةً بـ (العقل)، «أول ما خلق الله العقل»، وثالثةً بـ ( القلم) واربعةً بـ (اللوح)، كما يعبر عنه ـ أيضاً ـ بـ (اُم الكتاب)، و (الكتاب المبين)، و( التعين الأول) و(الروح الأعظم)، و(حقيقة الحقائق)، و(الشخصية الحقيقية)، و(الإنسان الكلي)، و(قطب الأقطاب)، و(صورة الحق)، و(ظل الله)، و(المرآة الحقيقية)، و(المظهر الأعظم)، و(الخليفة) وأمثال ذلك.
وحيث إنّ الحق تعالى تجلى من ذاته لذاته، فقد شاهد كُلّ أسمائه وصفاته في ذاته، وأراد أن تبقى كل أسمائه وصفاته منظورة في حقيقة تكون كالمرآة، لذا أوجد
________________________________________

[الصفحة - 274]


الحقيقة المحمدية، التي هي الإنسان الكامل في ساحة علمه، ونظر إليها بعين اللطف، وأشهدها على حقائق العلم بطريق الإجمال، و ـ أيضاً ـ في مقام العين الذي هو عالم الشهود وأعطاه وجوداً مفصلاً من حقائق العالم له ولمن يتبعه في الوجود. إذن، فوجود محمد (رضي الله عنهما) المظهر الأول الذي هو الإنسان الكامل أصبح كإنسان العين في جملة الأعيان الثابتة، فإن الجميع يشاهد به، وهو سبب وجود الكل، فالحقيقة المقدسة المحمدية هي مظهر الله، وتجلي هذا الاسم العظيم الأعظم، ومرآة هذا المقام الأتم.
إن لشخصية الرسول الأكرم حيثيتان توأمان: حيثية النبوة (التبليغ)، وحيثية الولاية ( الاتصال بالحقيقة الإلهية)، فالحقيقة المحمدية هي الولاية المطلقة الإلهية التي ظهرت بأوصاف كمالها ونعوت جمالها.
والولاية صفة إلهية، وشأن من الشؤون الذاتية التي تقتضي الظهور (وهو الولي الحميد)، وحكمها ظاهر في جميع الأشياء، سواءً الواجبة أو الممكنة، وهي ملازمة للوجود وتدور مداره، وهذه الصفة عامة بالنسبة لما سوى الله، وصورة شاملة للجميع ما سوى الله، وليست هي إلاّ المظهر الثابت المحمدي، فصورة ذلك الاسم هي الحقيقة المحمدية التي هي صورة اسم الله الجامع.
فاسم الولي هو باطن اسم الله. إذن، فالولاية هي باطن الأُلوهية السر المستتر، فإن الأُلوهية باطن الحقيقة المحمدية، والولاية باطن الحقيقة المحدية، وهذه الحقيقة هي ظاهر وصورة الولاية، فإنّ الظاهر عين الباطن والباطن عين الظاهر.
الولي والنبي يتحدان في مقام (لي مع الله)، فالولي غير النبيّ. وأنوار الولاية وكمالها مأخوذة من النبيّ، فأنّه وإن كان مبدأ نبوة النبيّ، هي الولاية، أي ولايته هو نفسه، فإنّ ولاية النبي أفضل من نبوته، إلاّ أنّ مبدأ ولاية الولي غير النبي، هي النبوة.
والنسبة بين النبي والولي هي عموم وخصوص مطلق. فإن كل نبي لا بد أن يكون وليّاً، وليس كل ولي لا بد أن يكون نبيّاً، مثل أولياء اُمة محمد (رضي الله عنهما) فإنّ لهم الولاية ولكن بدون نبوة، ومبدأ ولايتهم هي النبوة، فتعدُّ النبوة واسطة وبرزخ بين الولاية والرسالة؛ لأنّ النبوة هي إخبار عن الحقائق الإلهية؛ يعني معرفة الذات والصفات والأسماء والأحكام الإلهية وهذا الإخبار على نوعين؛ أحدهما: الإخبار عن معرفة
________________________________________

[الصفحة - 275]


الذات والصفات والأسماء، وهذا مختص بالولاية، سواءً كان من النبي أو الولي.
والنوع الآخر: هو الإخبار الذي يكون توأماً مع تبليغ الأحكام الشرعية، والتأديب بالأخلاق، والقيام بالسياسة، ويطلق على هذا النوع (النبوة التشريعية)، وعلى الأول (النبوة التعريفية).
فالنبوّة التشريعية خُتمت برسالة محمد (رضي الله عنهما)، والولاية أعمّ من النبوة والرسالة، والنبوة أعمّ من الرسالة وأخص من الولاية، والولاية فلك محيط عام، وإخبارها عام ولا ينقطع أبداً. وأما نبوّة التشريع والرسالة التي هي حيثية خُلقية، فأنها تنقطع، وعندها يتحقق تداوم النبوة في الولاية.
إنّ شمس الولاية الكلية تبقى مشرقة، وتشتمل على الولاية العامة والخاصة والمطلقة والمقيدة للأئمة الأطهار (عليهم السلام)، من الإمام عليّ (عليه السلام) إلى الإمام المهدي (عليه السلام) الذي هو خاتم الولاية.
الولاية من الصفات الكلية الإلهية، ومظهر (كلمة الله العليا)، ولا تنتهي أبداً، مع أن نبوة التشريع منقطعة، وواجب نبي الإسلام (رضي الله عنهما) هو تأسيس الدين والتبليغ وإرشاد النّاس إلى الله سبحانه، ومقام الولاية هو المظهر الكامل لها. فالأئمة الاثنا عشر خلفاء نبيّ الإسلام، مهمتهم وواجبهم هو تكميل رسالة التوحيد للبشر، وتفسير القانون السماوي ـ القرآن ـ وحفظه من الأغراض والمقاصد الفاسدة، فأنه وبعد رحيل خاتم الأنبياء (رضي الله عنهما) الذي هو (القوة المؤسسة والمقننة)، فالبشرية بحاجة أكبر إلى قوة الولاية التي هي (القوة المبقية).
وكما قال الشاعر جلال الدين المولوي:
إذن في كـل زمـان ولـيٌّ قائـم والامتحان إلى يوم القيامة دائـم
* * *
________________________________________

[الصفحة - 276]
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف