مناهج العلوم الاسلامية - اسس المعرفة الدينية وقضايا العلوم الاسلامية - (الجزء الاول)

مناهج العلوم الاسلامية - اسس المعرفة الدينية وقضايا العلوم الاسلامية - (الجزء الاول)

تأليف :

مجموعة باحثين

 

فهرس المحتويات :

الفصل الأوّل: المعرفة الدينيّة وأسئلتها الكبرى

الدين والمعرفة الدينيّة

الوحي باعتباره مصدرًا من مصادر المعرفة

حدود المعرفة الدينيّة وَتوقّعات الإنسان من الدين

الثابت والمتغيّر في المعرفة الدينيّة

الفصل الثاني:  مبادئ العلوم الإسلاميّة وقضاياها

العلوم الإسلاميّة: مبادئها وتصنيفها

مسارات العلوم الإسلاميّة في ضوء المنهج التاريخيّ

مبادئ البحث في العلوم الإسلاميّة ومجالاته وآفاقه

التكامل المعرفي في العلوم الإسلاميّة

أسلمة العلوم بين المؤيّدين والمعارضين

إشكاليّة المنهج والمنهجيّة في العلوم الإسلاميّة

 

مقدمة المركز

الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين، وبعد...

المنهج لغةً: النهج والمنهج والمنهاج، وجمعه مناهج، الطريق الواضح[1]، ونهج لي الأمر: أوضحه[2]. واستخدم في القرآن الكريم بهذا المعنى، قال تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ (المائدة: 48). والنهج يعني الطريق الواضح، وأنهج الطريق أي استبان وصار نهجاً واضحاً بيّناً، ونهجت الطريق إذا أبنته وأوضحته...[3].

وهو الطريق المؤدّي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامّة، تُهيمن على سير العقل وتحدّد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معلومة[4].

فالمنهج هو مجموعة القواعد والأساليب والأدوات العامّة التي تشكّل خارطة الطريق الواجب على الباحث الالتزام بها، والسير عليها في دراسته للموضوع ومعالجته للمشكلة البحثيّة، من أجل التوصّل إلى النتائج والأجوبة المطلوبة، وإيجاد الحلول المناسبة لها.

ومن الواضح لدى الباحث وجود نوع من الترابط بين تطوّر الحركة المعرفيّة والإنتاج المعرفي في جميع العلوم وبين دقّة مناهجها، وعلميّتها وتطوّرها، إذ لن تُكتب الحياة لعلمٍ لا يستند إلى منهج ينسجم مع خصوصيات وطبيعة هذا العلم. ولهذا يرجع الفضل في الكثير من التطوّرات الحاصلة في شتى العلوم لدور المناهج في البحث وتطوير هذه الأخيرة مع زيادة مجال معرفة الإنسان.

وهذا ما يُبرّر الاهتمام العلمي والبحثي الواسع والمستمر بقضيّة المناهج، فإنّ المناهج كأسلوب علميّ حظيت بالكثير من الدراسات والاهتمامات الأكاديميّة لدرجة أنّ بعض الجامعات جعلت من علم المناهج اختصاصًا مستقلًّا؛ لأنّ العلم عمليّة منهجيّة.

ولهذا ينبغي التعامل مع المناهج على أنّها «ضرورة من ضرورات الحياة، تحافظ بها الإنسانيّة على أن تبقى وتتطوّر، ومن ثم فهي محكومة بالفلسفات الاجتماعيّة ومظاهر الحياة العديدة للجماعة التي تعيش فيها، وبالتراث الثقافي الذي خلَّفته الأجيال في أمة من الأمم»[5]، ولهذا اعتبرت المناهج التربويّة عاملاً من أقوى العوامل على تحقيق آمال الشعوب ورقي المجتمعات، بتنمية وتطوير قدرات أفرادها وتوجيهها وتعليمها.

«وهو ما جعل الفلاسفة والعلماء التربويين والاجتماعيين والسيكولوجيين [وغيرهم من العلماء] يُكرّسون جهودهم لتهذيب الفكر التربوي وتطويره وصوغه في المناهج المناسبة»[6].

بناءً عليه، كانت الحاجة إلى دراسة المناهج ضرورة من ضرورات الحركة المعرفيّة، فهي التي ترسم للعلوم مسارها السليم المتوازن، وتحدّد لها معالم طريقها. وذلك في ظلّ ما أفرزته تجارب الفكر المعاصر في حقل المناهج، ما أدّى عن عمد أو عن خلل وتقصير إلى الوقوع في الكثير من المشكلات، ونقاط الفراغ التي لم تُملأ إلى الآن، بل ثبت بالدليل الواضح عدم صلاحيّة الكثير من المناهج لإثراء المسيرة الإنسانيّة بما ينسجم وفطرة الإنسان وتطلّعه نحو الكمال، واكتسابه لمنظومة القيم التي تضمن تربية الإنسان الصالح، والفاعل إيجاباً في تطوّر الحياة الإنسانيّة ورقيّ كيانها الاجتماعي. خصوصاً إذا ما كانت تلك المناهج قائمة على مفاهيم فلسفيّة غربيّة مبتنية على أساس النظرة القاصرة إلى الدين، والفهم الخاطىء لمكانة الإنسان وفلسفة وجوده.

ففي واقعنا الإسلامي، اختلفت الأفكار والرؤى والتوجّهات في هذا المضمار، فمنها ما اعتمد على الدراسات الغربيّة النظريّة والميدانيّة، دون بذل جهد للبحث عن منهج يعتمد على الأسس والمفاهيم والقيم الإسلاميّة. ومنها ما هذّب وشذّب لكي يرتدي مظهراً شرقياً وإسلامياً، دون الرجوع إلى أهل الاختصاص في العلوم الإسلاميّة، ومنها ما زاوج بين الدراسات الغربية والدراسات الشرقية -النظرية والميدانية- بما يلائم النظرة الشرقيّة للحياة والمجتمع.
وهذا ما يجعل من مشروع مناهج العلوم بشكل عام، ومناهج العلوم الإسلاميّة بشكل خاص، ضرورة معرفيّة وحاجة بحثيّة من حاجات المكتبة الإسلاميّة. ولهذه الغاية أطلق المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجيّة مشروعه البحثي هذا، والذي تناول بالبحث التفصيلي دراسة مناهج هذه العلوم مع كلّ المبادىء والمقدّمات والقضايا النظريّة المرتبطة بها؛ ابتداءً من تنقيح مفهوم العلوم الإسلاميّة، وتصنيفها، وموقعها من خارطة المعرفة البشريّة وعلاقتها بالعلوم الأخرى، وبحث مفهوم المعرفة الدينيّة وسماتها وخصائصها، ودراسة مبادئ البحث في العلوم الإسلاميّة، وقضاياها، والتحدّيات التي تواجهها، والمناهج الأساسيّة والفرعيّة التي يمكن الاستفادة منها. وصولاً إلى توصيف المناهج والمنهجيّات المعتمدة في العلوم الدينيّة، والكشف عن مناحي الارتقاء التي شهدتها هذه العلوم، وعن وجوه التكامل المعرفي بين العلوم الدينيّة في علاقتها بعضها ببعض، وطبيعة العلاقات بين العلوم الدينيّة وبين كلٍّ من العلوم الإنسانيّة، والعلوم التجريبيّة... وغيرها من القضايا الحيوية التي تم تفصيلها في مقدمة هذا الكتاب.

نقدّم أسمى آيات الشكر والثناء لجميع الباحثين ولمدير المشروع في المركز الشيخ الأسعد بن علي قيدارة، ولكلّ من ساهم في إخراجه إلى النور من محرّرين ومصحّحين وفنيين... الذين ساهموا في هذا العمل العلمي المهم والحسّاس في هذه المرحلة المليئة بالتحدّيات المعرفيّة والحضاريّة.

 

والحمد لله رب العالمين

المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية

 

--------------------------------

[1] الفراهيدي، الخليل بن أحمد: كتاب العين، ج 3، ص 392.

[2] ابن فارس، أحمد: معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون  ج 5، ص 361.

[3] الجوهري، اسماعيل بن حماد: الصحاح ، تحقيق: مادة نهج.

[4] بدوي، د.عبد الرحمان : مناهج البحث العلمي، ص 5.

[5]  قورة، حسين سليمان: الأصول التربوية في بناء المناهج، ص23.

[6] م.ن، ص24.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف