مصدرية القرآن عند المستشرق تيسدال قراءة نقدية في المنهج والفكر

مصدرية القرآن عند المستشرق تيسدال قراءة نقدية في المنهج والفكر

تأليف :

د. محمود كيشانه

 

فهرس المحتويات :

الباب الأوّل

المستشرق تيسدال فكرًا ومنهجًا  وموقفه من تدوين القرآن

الفصل الأوّل: الأسس الفكريّة والمنهجيّة عند تيسدال

الفصل الثّاني: موقف تيسدال من نزول القرآن وجمعه وتدوينه

الباب الثاني

دعوى المصدريّة الجاهليّة  والصّابئيّة

الفصل الأوّل: دعوى التأثّر بالمعتقدات العربيّة القديمة

الفصل الثّاني: دعوى اقتباس العادات العربيّة القديمة

الفصل الثّالث: دعوى اقتباس القرآن من الشّعر الجاهلي

الفصل الرّابع: دعوى التّأثّر بالصّابئيّة

الباب الثالث

دعوى الاقتباس من الرّوايات اليهوديّة الرّسميّة

الفصل الأوّل: دعوى المداهنة واقتباس شعائر الحج

الفصل الثّاني: دعاوى تيسدال حول قصّة قابيل وهابيل

الفصل الثّالث: دعاوى تيسدال حول قصّة نجاة سيّدنا إبراهيمA

الفصل الرّابع: دعوى اقتباس قصّة سليمان مع ملكة سبأ

الفصل الخامس: دعوى اقتباس قصّة هاروت وماروت

الباب الرابع

دعوى الاقتباس من الأساطير اليهوديّة

الفصل الأوّل: دعوى اقتباس ملامح من حياة بني إسرائيل

الفصل الثّاني: دعاوى حول بعض العقائد الإسلاميّة

الفصل الثّالث: دعاوى حول بعض الشّعائر والطّقوس

الفصل الرّابع: دعاوى حول ألفاظ القرآن وأمّيّة الرّسول

 

مقدمة المركز

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى أهل بيته الطّاهرين(عليهم السلام)، وصحبه المنتجبين، وبعد

لقد أكثر المستشرقون على اختلاف مشاربهم، ومدارسهم، وغاياتهم من الحديث في مصدريّة القرآن الكريم، ولهذه الغاية أفرطوا في أفكارهم السّلبيّة، والإشكاليّة اتّجاه الإسلام، والقرآن الكريم، والوحي، والنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وتنوّعت الدّعاوى المرتبطة بالمصدريّة، وتوزّعت بين القول بالمصدريّة الجاهليّة والصّابئيّة، ودعاوى الاقتباس من الرّوايات اليهوديّة الرّسميّة، من الأساطير اليهوديّة. ولم يقتصر الأمر على المستشرق سان كلير تيسدال في التّركيز على نفي المصدريّة الإلهيّة للقرآن، والادّعاء ببشريّة مصدره. فهذا المستشرق اليهودي المجري «جولد تسيهر»، زعم أنّ الوحي ينبع من ذات محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، ما يعني أنّه ينكر الوحي، والنبوّة، واعتبار القرآن الكريم كتابًا من عنديات النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد صدّر جولد تسيهر ﻛﺘﺎﺑﻪ مذاهب التفسير اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺘﻌﺮﻳﻒ ﻟﻠﻘﺮآن الكريم واﻟّﺬي ﻗﺎل ﻓﻴﻪ: «ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﻛﺘﺎب ﺗﺸﺮﻳﻌﻲ -اﻋﱰﻓﺖ ﺑﻪ ﻃﺎﺋﻔﺔ دﻳﻨﻴّﺔ اﻋﱰافًا عقديًّا ﻋﻠﻰ أﻧّﻪ نصّ ﻣﻨـﺰل، أو موﺣﻰ ﺑﻪ-... [فيه] من الاضطراب، وعدم الثّبات كما نجد في القرآن». وﰲ ﻛﺘﺎب العقيدة واﻟﺸّﺮﻳﻌﺔ ﰲ اﻹﺳﻼم يعرّف اﻟﻘﺮآن بقوله: «القرآن هو الأساس الأوّل للدّيّن الإسلامي، وهو كتابه المقدّس، ودستوره الموحى به، وهو في مجموعه مزيجًا من الطّوابع المختلفة اختلافًا جوهريًّا، والّتي طَبَعت كلا العصرَين الأوّلين من عهد طفولة الإسلام». واعتبر غيره من المستشرقين أنّ القرآن الكريم فيه اضطراب، وعدم ثبات، وأنّه مزيج مختلط من الثّقافات المتعدّدة، وليس من عند الله.

وتبرز أهمّيّة دراسة ما طرحه تيسدال في كونه يلقي الضّوء على واحدة من القراءات الّتي تفتقر إلى الإنصاف في تعاملها مع القرآن الكريم، والّتي تتبنّى قاعدة الهجوم من أجل محاولة الادّعاء ببشريّة القرآن. وفي محاولة الكشف عن الأسس الفكريّة، والمنهجيّة الّتي يتمثّلها سان كلير تيسدال في قراءاته للقرآن، ومواقفه منه، مع الوقوف على مدى موضوعيّة هذا الأسس من عدمها. حيث يُعالج المستشرقون النّصّ القرآني وفقًا لمعايير علوم الدّيانات العامّة، ووفقًا لعلوم التّاريخ، فنصّ القرآن في رأي المستشرقين ليس إلّا وثيقة تاريخيّة ثمينة، باعتباره مبدءًا أساسًا في إيمان المسلمين وعقيدتهم، وهذا ما ينبغي على الباحثين المسلمين مراعاته عند القراءة في دراسات المستشرقين، أو مناقشتهم حتّى لا يحصل الخلل في الفهم والنّتائج.

 ختامًا يُعالج هذا الكتاب أطروحة سانت كلير تيسدال حول العديد من القضايا الخاصّة بالقرآن الكريم، ولا سيّما ما يتعلّق بمصدريّة القرآن، وقد أجاد الباحث في استقصاء أفكاره، وعرضها، ومناقشتها، وتفنيدها، بالاستناد على منهجيّة علميّة مركّزة ودقيقة. نقدّم للباحث العزيز كلّ الشّكر، والتّقدير، والامتنان، والدّعاء بالتّوفيق الدّائم، آملين أن يكون هذا الكتاب نافعاً للباحثين والمفكّرين والعلماء.

 

مقدمة المؤلف

يعدّ المستشرق سان كلير تيسدال من المستشرقين الّذين اتّخذوا منهجيّة، ومواقف مختلفة عن تلك الّتي اتّخذها عدد من المستشرقين المنصفين كموريس بوكاي، وغيره من المستشرقين، هذه المنهجيّة عمدت إلى محاولة التّركيز على نفي المصدريّة الإلهيّة للقرآن، والادّعاء ببشريّة مصدره. وهي الفريّة الّتي وجب علينا أن نقف عندها طويلًا، ومحاولة الرّدّ عليها وفق أسس علميّة، وعقليّة، ودينيّة؛ لأنّها تحاول أن تنسف الأساس الّذي قام عليها الإسلام، وهو القرآن، والقدح في الشّخصيّة الّتي أُنزل عليها هذا القرآن، وهو النّبي محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن ثمّ فإنّ الوقوف على آراء تيسدال، وهدمها وفق هذه الأسس هو الغاية الرّئيسة من وراء هذا الكتاب.

ولا نشكّ في أنّ موقف تيسدال هنا هو موقف الكمّ الأكبر من المستشرقين من دراسي القرآن الكريم والمهتّمّين به، وهي نظرة تعصبيّة بالأساس ذات أبعاد عقديّة في التّحليل الأخير، وهذه النّظرة تقوم على الشّكّ في القرآن لمجرد الشّكّ، ثمّ محاولة تقديم أدلّة واهية على شكّهم هذا، وهي في الحقيقة مجرّد خواطر لا تستقيم أمام النّقد العلمي، والمنهجي لها، بل إنّها تحوي أدلّة تهافتها داخل ثناياها.

وتهدف هذه الدّراسة إلى بيان موقف المستشرق سان كلير تيسدال من قضيّة أصالة القرآن من ناحية نزوله، وجمعه، وتدوينه، وموقفه من صحّة وقائع النّزول، والجمع والتّدوين، وقضيّة الأجواء المحيطة بالنّص القرآني. طبعًا إلى جانب قضيّة ادّعاء سان كلير تيسدال ببشريّة النّصّ القرآني، فهذه الدّراسة ترى من واجبها الرّدّ على ما ذهب إليه هذا المستشرق من القول بتأثيرات المعتقدات، والشّعائر العربيّة القديمة في القرآن الكريم، أو القول بتأثير الأفكار، والممارسات الصّابئيّة، واليهوديّة فيه.

بخاصّة وأنّنا لم نقف على دراسة سابقة تتناول أفكار سان كلير تيسدال بين دفّتي كتاب عارضة لموقفه من القرآن، أو ناقدة له، باستثناء بعض المقالات، أو البحوث المقتضبة هنا أو هناك، والّتي لم تنظر لموقف الرّجل الكلّي بكلّ تفصيلاته، وجزئيّاته، فهناك من يشير في مقال إلى شخصيّة المستشرق ومؤلّفاته، وهناك من يشير في آخر إلى الكتاب على أنّه فتح علمي، وعقلي في الدّراسات المقارنة، وهناك من أشار في مقال، أو بحث إلى خطورة الكتاب، والأفكار المضلّلة الّتي يقوم عليه، عارضًا لبعض النّقود على بعض تلك الأفكار. أمّا أن نجد دراسة مطوّلة، أو كتابًا يتناول فكر الرّجل، ونقده النّقد الدّيني، والمعرفي فلا سبيل إلى ذلك.

بناءً على ذلك فإنَّ المنهج المتَّبع في الدّراسة هو المنهج التّحليليّ النّقديّ، الّذي يقوم على تحليل الشُّبَه الّتي سيقت بهذا الصّدد في إطار استقصائي، ثمّ نردفها بالردِّ في إطار من المنهج النّقديّ الّذي لا يُعنى بغلبة الخصم، وإنِّما يُعنى بالإقناع، والعمل على الوصول إلى الحقيقة الّتي تستند إلى بعدين رئيسين: معرفيّ ودينيّ.

 

db_query Class Error : PDO / There is a problem : SQLSTATE[HY000]: General error: 1364 Field 'other_id_for_me' doesn't have a default value